حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الله مشغولاً برفع الدرجات وخفضها لأجل الاختبار - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: الله مشغولاً برفع الدرجات وخفضها لأجل الاختبار (/showthread.php?tid=7966) |
الله مشغولاً برفع الدرجات وخفضها لأجل الاختبار - arfan - 11-20-2007 جاء في آخر سورة الأنعام قوله : ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم ) (4) وفي تفسير الزمحشري ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات) في الشرف وفي الرزق ( ليبلوكم فيما آتاكم) من نعمة المال والجاه , كيف تشكرون تلك النعمة وكيف يصنع الشريف بالوضيع والحر بالعبد والغني بالفقير (5) ومعنى ليبلوكم ليجركم ويختبركم يتحير الإنسان إذا تلا هذه الآية من القرآن , فما يدري أهو يتلو كلام الله الذي أحاط علماً بكل ما كان وما يكون والذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , أم هو يتلو كلام رجل من كبار الناس وأغنيائهم قد أنعمم على قسم من عبيده بعض النعم وترك القسم الأكثر منهم محرومين ليختبرهم كيف يشكرون النعمة ( إن هذا هو بالنظر إلى تفسير( الزمخشري) ولنفرض أن هذا الكلام صادر من هذا الذي ذكرناه من أغنياء الناس , فقال له : يا هذا إنك قد أنعمت على بعض عبيدك وتركت الآخرين في دركة سفلى من الحرمان , وأنت تريد بها أن تختبرهم فتعرف الشاكرين منهم وغير الشاكرين , فكيف يصح هذا منك , لأنك إذا أردت اختبارهم فما عليك إلا أن تساوي بينهم في العطاء وبعد ذلك يتبين لك الشاكر منهم وغير الشاكر , فتزيد من شكر منهم عطاء بعد عطاء وتحرم من لم يشكر , أماأنك تعطي بعضهم وتريد بذلك اختبارهم أجمعين فليس من العدل ولا من الإنصاف ويجوز أن يقال : إن الذين أعطاهم يختبر شكرهم والذين حرمهم يختبر صبرهم , فيقال في الجواب : إن بين من يعطى لاختبار شكره وحرم لاختبار صبره بوناً بعيداً , وكيف يستوي في التكليف من تعطيه وتكلفه الشكر ومن تحرمه وتكلفه الصبر , فهذا أيضاً ليس من العدل ولا من الإنصاف إن الناس في كل زمان ومكان أربع طبقات , الطبقة العليا والوسطى والدنيا والسفلى , فأما الطبقة العليا فهم الأغنياء المثرون أهل القناطير المقنطرة والقصور المشيدة والجنان المثمرة والمزارع المستغلة وغير ذلك من الأملاك والعقار, وهؤلاء يؤلفون الأقلية من الناس , وأما الطبقة الوسطى وهؤلاء أكثر من الطبقة العليا , فهم الذين لا يكونون في ضنك العيش بل يعيشون في رفاه نسبي وينالون في عيشهم من حاجيات الحياة وكمالياتها على اختلاف الدرجات , وأما الطبقة الدنيا وهؤلاء أكثر من الطبقة الوسطى فهم الذين يكدحون لعيشهم فلا ينالون منه إلا الرمق فتراهم من عيشهم بين جوع وشبع وبين عري وكساء , وأهل هذه الطبقة كلهم درجة واحدة ولا يصح اعتبارهم درجات لأنهم كلهم سواسية في المعيشة الضنك بلا تفاوت , وإن كان بينهم شيء من التفاوت فهو زهيد لا يستحق أن يعتبر في تقدير الدرجات وأما الطبقة السفلى وهؤلاء قليلون فهم الذين يحول عجزهم دون كسبهم فتضطرهم الحاجة إلى تكفف الناس هؤلاء هم الناس وهذه طبقاتهم في العيش , فنحن منذ قامت الدنيا إلى يومنا هذا نرى الفقراء في بؤس وشقاء وهم مع ذلك أفضل الناس أخلاقاً وأصدقهم بالله إيماناً وأكثرهم له طاعة , وإذا هم هاجروا الشر وارتكبوا الجنايات فإنما يحملهم على ذلك فقرهم وعوزهم وهم يؤلفون الأكثرية المطلقة من الناس , وإلى جنبهم الأغنياء وهم قليلون يتنعمون في بلهنية من العيش الرغيد , وتراهم على ما هم في من خفض ورخاء عتاة عصاة متمردين جائرين وبالفقراء ساخرين ولهم مسخرين , فترة الفقراء يكدون ويكدحون وهؤلاء بكدهم يتنعمون , وقد قلت في قصيدة : أرى كل ذي فقر لدى كل ذي غنى أجيراً له مستخدماً في عقاره ولم يعطه إلا اليسير وإنمـــــــــــــا على كده قامت صروح يساره أفليس من العجيب بعد هذا كله أن نرى خالق الكائنات الأعظم , علام الغيوب وكشاف الكروب , مشغولاً برفع بعضهم على بعض درجات في الرزق لماذا ؟ ليختبرهم أيهم يشكر نعم الله , فسبحان من لا فرق عنده بين الشاكر والكافر إن كنت تعجب لله من أن تراه مشغولاً برفع الدرجات وخفضها لأجل الاختبار, فإليك ما هو أعجب من ذلك , فإنه لأجل الاختبار قد خلق السماوات والأرض أيضاً , فقال في سورة هود : ( وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) (1) قال الومخشري في تفسير ليبلوكم : متعلق بخلق , أي خلقهن لحكمة بالغة وهي أن تجعلها مساكن لعباده وينعم عليهم فيها بفنون النعم ويكلفهم الطاعات واجتناب المعاصي , فمن شكر وأطاع أثابه , ومن كفر وعصى عاقبه ثم قال ليبلوكم وهو يريد ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم كيف تعلمون (2) إن الزمخشري في عبارته الأخيرة هذه أراد تأويل " ليبلوكم " إلى معنى يليق بذات الله أكثر من الاختبار, ولكنه بهذا التأويل لم يبلغ ما أراد , إذ كما أن الاختبار لا يليق بذات الله الذي هو علام الغيوب , كذلك لا يليق بذاته ولا بعظمته أن تكون الغاية القصوى من خلق السموات والأرض ثواب الشاكر وعقاب الكافر , ولكن الزمخشري , عفا الله عنه , كغيره من المفسرين لا يحاول في التفسير أن يبلغ شيئاً من الحقيقة, وإنما هو يحاول سد الثغرة ووقع الخرق ليس إلا أما الحقيقة فهي كما قلنا سابقاً إن الدين وهو إيمان بالغيب لا يخاطب الناس إلا كما تخاطب الأم الحنون ولدها الصغير إذا أرادت أن تأمره بما يصلحه أو تنهاه عما يفسده , وكذلك صاحب الدعوة الإسلامية فإنه إنما يريد من قومه الإيمان وترك الكفر والعصيان , فلا يستغرب منه أن يقول لهم : إن كل شيء في الدنيا إنما خلق لأجل هذه الغاية ولا ريب أن الإيمان بكون الكائنات كلها خلقت لاختبار الناس ومعرفة مطيعهم وعاصيهم ليس بأغرب ولا أعجب من الإيمان بالبعث والنشور وبالجنة ونعيمها والنار وجحيمها , وغير ذلك من الأمور الغيبية ومن هذا القبيل ما جاء في سورة المائدة من قوله : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم ) (3) قال الزمخشري في تفسير هذه الآية : ( لجعلكم أمة واحدة ) أي جماعة متفقة على شريعة واحدة أو ذوي أمة واحدة أي دين واحد لا اختلاف فيه ( وهذا على أن الأمة بمعنى الدين ) " ولكن " أراد " ليبلوكم فيما أتاكم " من الشرائع المختلفة هل تعلمون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات أم تتبعون الشبه وتفرطون في العمل (4) ويفهم في تفسير الزمخشري هذا أن الذي يريد الله أن يختبره منهم هم عملهم بالشرائع المختلفة معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات وهذا الذي يريد الله اختبارهم فيه لم يقطع قط لا في الغابر ولا في الحاضر من الزمان , بل الواقع من عهد نوح إلى يومنا هذا هو أن كل شريعة يكفرون من خالفها ويعادونه , فماذا يريد الله أن يختبره بعد هذا الواقع المستمر على الدهر , فلو أن الله جعلهم أمة واحدة متفقة ولو أن على المفر لكان خيراً لهم من أن يجعلهم مختلفين في الشرائع متعادين لأجلها ليختبرهم إن كل دين يقول بالكفر لمن خلقه , وأهل كل دين يعادون من خالف دينهم كما تثبته الوقائع التاريخية والمعاملات اليومية في كل مكان , وإن ادعى النصارى أن دينهم يأمرهم بحب عدوهم فتلك دعوى مجردة يكذبها الواقع ويخالفها العيان ولو أن أهل الدين اكتفوا باعتقاد أن من خالفهم كافر فحسب لهان الخطب , ولكنهم يعادونه أيضاً بأفانين العداوات كما قال المعري : إن الشرائع ألقت بيننا إحناً وعلمتنا أفانين العداوات فاختيار مثل هذا وتأميل الخير منه غير معقول يتبع (1) الكشاف , تفسير الآية 30 من سورة الأنبياء –(2) الكشاف , تفسير الآية 30 من سورة الأنبياء –(3) سورة الأنبياء , الآية : 30- (4) سورة الأنبياء , الآية : 30 – (1) سورة هود , الآية : 7 – (2) سورة الرحمن , الآية : 15 – (3) سورة الحجر , الآية : 27 – (4) الكشاف , تفسير الآية 27 من سورة الحجر – (5) انظر سورة البقر’ , الآية : 30 – (6) سورة البقر’ , الآية : 34 – (7) سورة الكهف , الآية : 50 – (1) سورة الصافات , الآية : 158 – (2) الكشاف , تفسير الآية 158 من سورة الصافات – (3) سورة النحل , الآية : 15 – (4) الكشاف , تفسير الآية 15 من سورة النحل _ (5) سورة النبأ الآيتان , 6-7 (1) سور آل عمران , الآية : 191- (2) سورة الروم , الآية : 8 – (3) سورة الأعراف , الآية 176 – (4) سورة الأنعام , الآية : 165 – (5) الكشاف , تفسير الآية : 165 من سورة الأنعام – (1) سورة هود , الآية : 7 – (2) الكشاف , تفسير الآية 7 من سورة هود – (3) سورة المائدة , الآية : 48 – (4) تفسير الكشاف , تفسير الآية : 48 من سورة المائدة 0 * من كتاب الشخصية المحمدية للكاتب والشاعر العراقي – معروف الرصافي 0 |