نادي الفكر العربي
إعادة تشكيل الشرق الأدنى - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: إعادة تشكيل الشرق الأدنى (/showthread.php?tid=8088)

الصفحات: 1 2


إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-12-2007

في نشرة اللوموند ديبلوماتيك لهذا الشهر ملف كبير ومهم عن إعادة تشكيل الشرق الأدنى، سأنقل لكم مقالات هذا الملف تباعاً، وأبدأ بهذا المقال المهم لرئيس التحرير "آلان غريش".
(f)



من الفوضى العراقية إلى التصعيد ضد إيران
آلان غريش


الإعلان بأن "الحرب العالمية الثالثة" قد بدأت، شيء، والتعرّف على "هتلر جديد" شيء آخر. فمنذ 11 أيلول/سبتمبر، حدّد الرئيس جورج بوش لأعداءه بالترتيب التالي: تنظيم القاعدة، "محور الشرّ"، انتشار أسلحة الدمار الشامل، الفاشية الإسلامية، وأحياناً مزيجاً من هذه الوصفات كلها. واليوم باتت إيران تلعب دور "الشرّير" النجم، مجسّداً بالرئيس محمد أحمدي نجاد وتصريحاته الاستفزازية.

يوضّح مساعد وزيرة الخارجية الأميركية [1]، نيكولاس بيرنز، الأمر قائلاً في هذا الخصوص: "مشكلتنا مع الحكومة الإيرانية لا تعني إيران وحدها، بل ما يقوم به هذا البلد في الشرق الأوسط الكبير. هذه المنطقة تعدّ الشغل الشاغل للإدارة والكونغرس (...) وعلينا إدراج إيران في إطار ما نقوم به في الشرق الأوسط والعالم. نعتبر إذاً إيران تحدياً لجيلنا. وهي ليست بالتحدّي المرحلي أو العابر، بل ستكون في صلب سياستنا الخارجية في 2010 و2012 وربما 2020".

فهل تمثّل إيران فعلاً، بالرغم من كونها إحدى الدول الرئيسية المصدّرة للنفط، هذا الأفعوان الخرافي الشاحب الذي تهاجمه واشنطن؟ [2]. بالطبع، لقد ارتفعت نفقاتها العسكرية ارتفاعاً كبيراً منذ بداية هذا العقد، لكن جيشها لا يزال ناقص التجهيز. وإذا كان تفكّك العراق قد ضاعف من الوزن النسبي لإيران، فعلى من تقع المسؤولية؟ إن وجود جهازٍ دينيّ شيعيّ "عابر للبلدان" قد يكون بمحلّ امتيازاً (فبعض الشيعة العراقيين أو اللبنانيين يتبعون أحد آيات الله الإيرانيين) أو أيضاً نقطة ضعف (حيث العكس صحيح، إذ إن العديد من الشيعة الإيرانيين "يقلّدون" أحد آيات الله من العراقيين أو اللبنانيين)؛ أضِف إلى ذلك أن رجال الدين الشيعة منقسمين حول المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه السلطة الراهنة في إيران، أي ولاية الفقيه، الذي يمنح السلطة المطلقة لمرشد الثورة (بالأمس آية الله الخميني، واليوم آية الله خامنئي). وحتّى إذا تجاوزنا هذا البعد الديني، فان الانقسام في المشهد السياسي الإيراني ليس عامل قوة.

السلاح النووي الإيراني؟

وماذا عن السلاح النووي؟ منذ مطلع التسعينيات، أشارت تقاريرٌ عدّة إلى احتمال حصول إيران على القنبلة الذريّة في غضون سنتين أو ثلاثة [3]. وهذه التوقعات تلقى تكذيباً مستمراً، لكنها تعود للبروز من جديد: فالإعلان نفسه تكرّر في أعوام 1991 و1995 و2000، ولا يزال صالحاً حتى يومنا هذا. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذريّة قد كرّرت مراراً أنّه، وبالرغم من محاولات طهران التهرّب من بعض أعمال الرقابة، فلا شيء يبرهن على وجود برنامجٍ عسكريّ إيراني.

ولنفترض أن هذا البلد سيتزوّد غداً بالسلاح النووي، فماذا سيحصل؟ على هذا السؤال، أجاب الرئيس جاك شيراك، في كانون الثاني/يناير 2000، باستنتاجٍ يفترض أن يثير بعض السجال والتوضيح المرتبِك من قبل قصر الإليزيه: "على من ستلقي إيران هذه القنبلة؟ على إسرائيل؟ لن تجتاز 200 متر في الجو قبل أن تتعرض طهران للتدمير الكامل (...) فإذا ما امتلكت إيران قنبلة ذريّة، وأطلقتها، فإنها ستدمَّر مباشرةً قبل أن تغادر السماء الإيرانية. وسيكون هناك، لا محال، تدابير ثأرية وإكراهية. هذا ما يقوم عليه نظام الردع النووي" [4]. وفي المقابل، وكما أشار الرئيس الفرنسي، فإن امتلاك إيران السلاح النووي سيسرّع من انتشار هذه الأسلحة في المنطقة. فدول مجلس التعاون الخليجي [5] ومصر قد سبق وأعلنت عن نيّتها في تطوير الطاقة الذريّة لأغراضٍ سلمية. ويجب أن تبقى الأولوية لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، شرط أن يشمل ذلك، بالطبع، جميع البلدان، بما فيها إسرائيل التي كانت أول من أدخل السلاح النووي إلى هذه المنطقة.

لكن نظرةً مانويةً تسيطر على الولايات المتحدة. فالسلطة الإيرانية، كما في الأمس نظام الرئيس عبد الناصر أو صدام حسين، توصف باللاعقلانية: فمبدأ الردع قد لا يكون فعالاً مع الرئيس محمود أحمدي نجاد. هكذا سمعنا الأستاذ الجامعي برنارد لويس، الضمانة "الاستشراقية" للتدخل الأميركي في العراق، يعلن بكل جديّة أن طهران تستعد لإطلاق قنبلة ذريّة (لا تملكها!) على إسرائيل في 22 آب/أغسطس 2006 لأن هذا اليوم هو، في التقويم الاسلامي، هو ذكرى الإسراء والمعراج، عندما انتقل النبي محمد إلى القدس ومنها إلى السماء. وفي اعتقاد الرئيس الإيراني أن نهاية العالم هذه ستسرّع في مجيء المهدي المنتظر [6]. فكتب لويس: "قد يكون هذا التاريخ مناسباً للتدمير "القيامي" (الأبوكاليبتي) لدولة إسرائيل، وللعالم إذا كان الأمر ضرورياً. إنّه احتمالٌ بعيدٌ أن يكون السيد أحمدي نجاد يخطّط فعلاً لهذه الكوارث في 22 آب/أغسطس. لكن من الحكمة التفكير في هذه الفرضية" [7]. هذا النوع من الهذيان شائع في واشنطن حيث العدائية لإيران متأصّلة منذ قيام الثورة الإسلامية.

هل من منطق للسياسات الأمريكية؟

يترجَم هذا الرهاب بخطاب عدائي متصاعد في البيت الأبيض، ولكن أيضاً لدى أغلب المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية، من جمهوريين أو ديمقراطيين [8]، تجاه إيران المتّهمة بالوقوف وراء "التخريب" في العراق، كما في أفغانستان. نظرة قد تبنّاها وزير الخارجية الفرنسية، برنار كوشنير عندما قال أن إيران تقوم بـ"كل شيء" في العراق لتحويل أرضه ملعباً "مثالياً" [9] لممارساتها. فباريس باتت تتميّز عن نظيراتها الأوروبية بمواقفها المتطرّفة المطالبة بالمزيد من العقوبات بحقّ طهران، خلف واشنطن، في اللحظة الذي يمكن للجميع إدراك مدى فشل الحرب الأميركية على الإرهاب.

وفي إطار استراتجيتها المعتمدة، كثّفت واشنطن من مساعدتها "للأقليات" من الأكراد والعرب والأذريين والبلوش [10]. فهل يمتد التقسيم العراقي إلى إيران؟ لكن هذه السياسة تتسبّب بتناقضات عجيبة. ففي حين يُدرَج حزب العمال الكردستاني التركي على لائحة المنظمات الإرهابية، تقوم بعثةٌ من حزب "الحياة الحرّة في كردستان" -وهو منظمة شقيقة لحزب العمال الكردستاني في إيران- بزيارة واشنطن في آب/أغسطس 2007، بقيادة رئيسها رحمان حاج أحمدي [11].

وليست هذه هي المفارقة الوحيدة في الاستراتجية المناهضة لإيران التي تسعى واشنطن للعمل بها عن طريق إنشاء جبهة مشتركة تضمّ بلدان الخليج المعتدلة ومصر والأردن وإسرائيل، والمفترَض أن يساعد في تعزيزها مؤتمر أنابوليس للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهكذا، كثّفت واشنطن، مباشرةً أو بصورةٍ غير مباشرة، مساعدتها للجماعات الأصولية السنيّة، ومنهم متطرّفون مقرّبون من تنظيم القاعدة، لمواجهة الشيعة [12]. ففي نيسان/أبريل 2007، وفي حديثٍ لمحطة "الجزيرة"، اتّهم الأمير حسن (شقيق الملك الأردني الراحل) أحد المسؤولين الرسميين السعوديين (فُهِمَ لاحقاً أنّه بندر بن عبد العزيز، مسؤول مجلس الأمن القومي السعودي والقريب من المسؤولين الأميركيين) بتمويل المنظمات السنيّة المتطرّفة. وقد قامت السلطات الأردنية بوضع يدها على الشريط.

قبل عامٍ على الانتخابات الرئاسية الأميركية، وستة عشر شهراً على انتهاء ولاية الرئيس بوش، قد ينزع هذا الأخير للهروب إلى الأمام عن طريق عمليّةٍ عسكريّة ضد إيران تمحو فشله في العراق. وفي خريف العام 2006، وبعد أربعة أعوامٍ أمضاها في واشنطن سفيراً لإسرائيل، أجاب داني أيالون على أمكانيّة أن يتّخذ رئيسٌ فاقد الشعبيّة قرارأً من هذا النوع بالقول: "نعم، قد يفعلها. عليكم التعرّف على الرجل. أنا أملُك الامتياز أنّني اعتبر نفسي صديقاً شخصياً له. ومن يعرفه يُدرِك أنّه صاحب تصميم، متأكدٌ من التفوّق الأخلاقيّ للديمقراطيات على الديكتاتوريات(...) إن آيات الله زائد القنبلة الذريّة هما مزيجٌ لا يُحتمل ويهدّد الأمن العالمي، لذا لن يسمح بحدوثه" [13].





[1] http://bostonreview.net/BR32.3/burn...

[2] إقرأ: سيليج هاريسون: "الموتورون يحضّرون الحرب على إيران"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تشرين الأوّل/أكتوبر 2007، http://www.mondiploar.com/article.p...

[3] “ Quand l’Iran aura-t-il la bombe nucléaire ”, blog Nouvelles d’Orient, 4 septembre 2006, http://blog.mondediplo.net/2006-09-...

[4] Site du Nouvel Observateur, 1er février 2007, http://tempsreel.nouvelobs.com/actu...

[5] السعودية، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، عمان، قطر.

[6] في المعتقد الشيعي "غيّب" آخر الأئمة عام 874. أي انسحب من العالم لكنه بقي حياً. وسيظهر في نهاية الزمان ليقيم حكم العدالة والحقيقة على الأرض.

[7] Bernard Lewis, “ Does Iran have something in store ? ”, The Wall Street Journal, 8 août 2006. إقرأ أيضاً: آلان غريش: "برنار لويس و"جينة الإسلام""، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، آب/أغسطس 2005 http://www.mondiploar.com/article.p...

[8] “ Consensus américain sur l’Irak et l’Iran ”, blog Nouvelles d’Orient, 30 septembre 2007. http://blog.mondediplo.net/2007-09-...

[9] AFP, 4 octobre 2007.

[10] “ Tempêtes sur l’Iran ”, Manière de voir, n° 93, avril-mai 2007. http://www.monde-diplomatique.fr/mav/93/

[11] The Washington Times, 4 août 2007.

[12] إقرأ: آلان غريش: "الشيعة، العدوّ الجديد"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تموز/يوليو 2007، http://www.mondiploar.com/article10...

[13] Entretien avec Maariv, Tel-Aviv, 19 novembre 2006.



إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-12-2007


حدودٌ خرّبتها الحرب الأميركية
آلان غريش


يشكّل التهديد بتدخّلٍ عسكريّ تركيّ ضد مقاتلي حزب العمّال الكردستاني PKK الذين لجؤوا إلى العراق آخر مرحلة في صعود التوتّر في الشرق الأدنى. فمن أفغانستان إلى الصومال، مروراً بالعراق ولبنان، لقد غيّرت "الحرب ضد الإرهاب" التي أطلقها الرئيس جورج والكر بوش هذه المنطقة برمّتها في الأعماق. ولكن ليس كما حلم به مخططو واشنطن الاستراتيجيون. فما يشكّل اليوم خصوصيّةً في "الشرق الأوسط الكبير" هو إضعاف هياكل الدول، وتكاثر النزاعات، والتدخّل المتزايد للقوّات العسكريّة الغربيّة، ودور المجموعات المقاتلة. ورغم التحضير لاجتماع أنابوليس (في الولايات المتحدة) حول السلام الإسرائيلي الفلسطيني، ما زال هذا الملف في طريق مسدود، لمدى وضوح انحياز الإدارة الأمريكية، ولمدى رسوخ التصلّب الإسرائيلي. أمّا الانقاسامات بين فتح وحماس فهي لا تساعد في البحث عن حلّ.


"قبل عشرة أعوام، كانت أوروبا هي محور السياسة الخارجية الأميركية. وهكذا كانت الأمور، منذ نيسان/أبريل 1917، عندما أرسل وودرو ويلسون مليون رجل إلى الجبهة الغربيّة، وصولاً إلى تدخّل الرئيس (وليم) كلينتون في كوسوفو في العام 1999. وخلال جزءٍ كبير من القرن العشرين، كانت أوروبا هي محطّ اهتمامنا الأوّل والحيويّ. (...) الآن، كلّ شيء تغيّر. (...) وسيشغل الشرق الأدنى، عند الرئيس (جورج و.) بوش ووزيرة الخارجية (كوندوليزا) رايس، وسيحتلّ لدى من سيخلفونهما، المكان الذي كانت تشغله أوروبا عند مختلف الإدارات خلال القرن العشرين". هذا ما صرّح به في 11 نيسان/أبريل 2007 السيّد نيكولاس بورنز، نائب وزيرة الخارجية الأميركية [1].

وكما ردّده مراراً الرئيس بوش، "ما يرتسم من خلال الشرق الأوسط الكبير هو أكثر من نزاعٍ عسكريّ. إنها الحرب الأيديولوجية المصيريّة لزمننا هذا. فمن جهة، هنالك من يؤمنون بالحرّية والاعتدال؛ ومن الجهة الأخرى، المتطرّفون الذين يقتلون الأبرياء والذين يعلِنون عن نيّتهم بالقضاء على نمط عيشنا [2]".

هكذا منذ 11 أيلول/سبتمبر، أصبح "الشرق الأوسط الكبير" - وهي منطقة غير واضحة المعالم، تمتدّ من باكستان إلى المغرب مروراً بالقرن الإفريقيّ- المنطقة الأساسيّة لانتشار القوّة الأميركية وحلبة المواجهة الأساسيّة، لا بل حتى الوحيدة، لما يصفه البيت الأبيض بالصراع العالميّ. ونظراً إلى مصادرها النفطيّة، وموقعها الاستراتيجيّ ووجود إسرائيل، فكثيراً ما وردت المنطقة ضمن أولويّات الولايات المتحدة، خاصّةً منذ العام 1956 والضمور التدريجيّ لنفوذ فرنسا والمملكة المتّحدة. فوفق شرح فيليب دروز- فينسان في تحليلٍ حذِق لـ"اللحظة الأميركية" في الشرق الأوسط، باتت هذه المنطقة تشغل مكان أميركا اللاتينية في كونها "حديقة خلفيّة مباشرة [3]" للولايات المتحدة؛ مع منحى إضافيّ، لم يسبق لأميركا الجنوبية أن شهدته من قبل، وهو أن تكون حلبة صراع حيويّة لحرب عالميّة ثالثة.

وبحكم ذلك لقد تغيّر المشهد. لا شكّ أنّ ذلك كان هدفاً استراتجيّياً للبنتاغون وللمحافظين الجدد، لكن قد تراودنا شكوك في أن تكون النتائج مطابقة لأحلامهم في إعادة قولبة المنطقة لإحكام هيمنتهم عليها على نحوٍ طويل الأمد - كما فعل القادة الفرنسيّون والبريطانيّون بعد الحرب العالمية الأولى.

تورّطٌ مباشر للجيوش الغربيّة في أفغانستان والعراق ولبنان

لقد تحوّل هذا "الشرق الأوسط الكبير" إلى "منطقة حروبٍ مفرِطة"، تتميّز بعدد نزاعاتها الدامية وتزامنها - وأيضاً بالتورّط المباشر للجيوش الغربيّة. فأفغانستان تغوص في الفوضى، في حين تغوص في وحولها الجيوش الأميركيّة وجيوش منظمة حلف شمال الأطلسي. ويشهد العراق، في الوقت نفسه، مقاومةً لاحتلالٍ خارجيّ ومواجهات طائفيّة وإثنيّة أوقعت مئات الآلاف من الضحايا - أكثر من الإبادة الجماعيّة في رواندا، وفق بعض المراقبين- فتحت جراحات سيكون من الصعب أن تلتئم.

لبنان دخل في حربٍ أهليّةٍ صامتة، بين حكومة السيّد فؤاد السنيورة والمعارضة المجتمعة حول حزب الله والتيار الوطني الحرّ بقيادة الجنرال ميشيل عون؛ ويمكن للمواجهة مع إسرائيل أن تستأنف في أيّة لحظة، بالرغم من وجود فرقٍ عسكريةٍ كبيرة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان. وفي فلسطين، سرّعت حركة الاستيطان والقمع، ليس فقط تجزئة الأرض، بل أيضاً تفكّك المجتمع والتداعي الذي ربما لا عودة عنه للحركة الوطنيّة. ومنذ التدخّل الإثيوبيّ، في كانون الأول/ديسمبر 2006، بدعمٍ من واشنطن، اكتسبت الصومال المكانة المشبوهة عندما اعتُبرت "الجبهة الجديدة للحرب على الإرهاب". ويمكننا أيضاً ذكر دارفور والنزاعات في باكستان و"التهديد الإرهابيّ" في المغرب العربيّ أو احتمال تصادمٍ جديد بين سورية وإسرائيل.

من الآن فصاعداً، باتت هذه الصراعات، التي لكلٍّ منها تاريخٌ خاصّ وأسبابٌ محلّية، مندرجةً ضمن رؤيةٍ أميركيّة تُكسبها "معنىً ما". ففي أيام الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة (على غرار الاتّحاد السوفيتي) تنظر إلى كلّ أزمةٍ من خلال منظور المواجهة بين الشرق والغرب. وهكذا، لم تكن نيكاراغوا في السبعينيات والثمانينيات حلبة صراع للجبهة الساندينيّة ضدّ ديكتاتوريّة عنيفة، من أجل بناء مجتمعٍ أكثر عدالةّ، بل بلدٌ من المُحتمَل أن يميل لجهة إمبراطوريّة الشرّ [4]، أي الاتّحاد السوفيتي - وهو تفسيرٌ دفع ثمنه الشعب النكاراغوي عشرة أعوامٍ من الحروب والدمار. وفيما يخصّ واشنطن، لم يعد هنالك من مشكلة فلسطينيّة أو أزمة دولة في الصومال أو عدم توازن طائفيّ في لبنان، بل مواجهة عالميّة بين الخير والشرّ. وفي المقابل، يغذّي هذا الخطاب خطاب تنظيم القاعدة حول حربٍ تتجدّد باستمرار ضدّ "الصليبيّين واليهود".

في النهاية، تحوّلت هذه الثنائية التبسيطية، جزئياً، إلى نبوءةٍ تحقّق ذاتها؛ تتلاعب فيها الفعاليات المحليّة بهدف تعزيز مواقعها. ومثال الصومال يوضّح الأمور بهذا الصدد [5]: إذ أنّ الحكومة الفيدرالية الانتقالية الصومالية، المؤلّفة من قادة حرب فاسدين وغير قديرين، قد "باعت" إلى البيت الأبيض فكرة أن البلد تحوّل إلى حقلٍٍ ينشط فيه "الإرهاب الدولي". لذا شجّعت واشنطن التدخّل العسكري لأديس أبابا للتخلّص من المحاكم الإسلامية التي استولت على مقديشو قبلها بستّة أشهر. وهكذا أُهمِلَت الديناميّات الداخلية لمصلحة تحاليل شموليّة. لذا فإن هذا الاجتياح لبلدٍ مسلم من قبل أثيوبيا، وهي بلدٌ مسيحيّ، سيعطي المصداقية لأكثر المجموعات الإسلاميّة تطرّفاً [6].

مثالٌ آخر، هو لبنان، الدولة الهشّة التي ترتكز على سيمياء طائفيّة دقيقة. تصعّب الحكومتان الأميركية والفرنسية، بدعمهما الحاسم معسكراً ونصف البلد ضدّ النصف الآخر، الوصول إلى أيّ حلٍّ محلّي. ولم يعد البلد سوى حلبة صراع بين الغرب وحلفائه من جهة، وإيران وسورية من جهة أخرى - وقد تبدو أيّة تسوية، علماً أنها ضرورية، "انتصاراً للشرّ".

إن تعدّدت الحروب، فإن هنالك ألف رابطٍ يُحاك فيما بينها. أسلحةٌ، رجال، تقنيّات، تعبر الحدود التي أصبحت مخروقة أكثر فأكثر، أحياناً مع مرور مئات آلاف اللاجئين الذين دفعت بهم ضراوة الحروب إلى المنفى. وهكذا، بدأت تنتشر في أفغانستان، منذ سنتيْن، أشكال للمواجهة أبصرت النور في العراق، خاصّة العمليّات الانتحارية (وهي لم تكن معروفة أثناء الاحتلال السوفيتي) -ونجد الأساليب نفسها في الجزائر اليوم- أو استخدام القنابل المحليّة الصنع (improvised explosive devices, IED) التي تستهدف ناقلات الجند.

في مخيّم نهر البارد، في لبنان، مئات المحاربين، من بينهم العديد من الأجانب، تدرّبوا في العراق، صمدوا أمام الجيش اللّبناني لأكثر من ثلاثة أشهر. هكذا، آلاف المقاتلين العرب، والباكستانيّين، والقادمين من آسيا الوسطى، الذين تدرّبوا في العراق، بدؤوا يتوّزعون هنا وهناك - فلنذكّر بأنّه، بعد الحرب ضدّ السوفيت في أفغانستان، التحق محاربون آخرون، تدرّبوا على أيدي المخابرات الأميركية والباكستانية، بالمجموعات الإرهابيّة في مصر والجزائر أو سواها، وكوّنوا العديد الأكبر لتنظيم القاعدة. ومن جهة أخرى، غذّت هذه الحروب عمليّات تهريب مربحة: إذ أنّ مئات الأسلحة التي أُعطيَت للقوى الأمنيّة العراقية، باتت الآن بحوزة مجرِمين في تركيا [7]...

مناطق كاملة تفلت وحدها، مغذيّة طموحات استقلاليّة أخرى

ضمن هذا الإطار، تشهد دول المنطقة، التي أضعفتها عقودٌ من الديكتاتوريّة والفساد، على تقلّصٍ لدور الدولة. بل في بعض الحالات اختفت الدولة بكلّ بساطة، كما في أفغانستان. وفي العراق، لم يأتِ التقهقر الحاليّ نتيجة الحرب فقط، بل أيضاً نتيجة نحو ثلاثة عشر عاماً من الحصار (2003-1990) أفرغت الدولة من فحواها. هذه هي الفترة التي بدأ يتعزّز خلالها التأثير السلفيّ في البلد، خاصّةً من خلال الطرقات السرّية مع الأردن التي كان يُنقل عليها، إضافة إلى الطعام والأدوية، الأسلحة والأفكار المتطرّفة [8]. ولا يمكن لأيّة دولة مجاورة -لا السعودية ولا إيران ولا تركيا ولا سورية- ألاّ تكترث لعدم استقرار على حدودها: لذا، تتدخّل كلّ منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، دفاعاً عن مصالحها الخاصّة. ففي لبنان، لم تفلح محاولات إعادة بناء سلطة مركزيّة. وفي فلسطين، السلطة مستمرّة فقط بفضل مساعدات عسكريّة واقتصادية أجنبيّة ودعم الحكومة الإسرائيليّة. أراضٍ بأكملها، من كردستان الإيرانيّة إلى غزّة، تفلت وحدها مغذّيةً طموحاتٍ استقلالية أخرى، من أكراد تركيا إلى بالوش إيران وباكستان.

لم يسبِق للدور الذي تقوم به المجموعات المسلّحة أن كان بهذه الأهمّية، وهو ما يزيد تعقيد أيّة مفاوضات. ففي أفغانستان، كما في العراق أو الصومال، هذه المجموعات هي التي تدير الدفّة. في لبنان، حزب الله؛ وفي غزّة، حماس هي المسيطرة. وقد برهنت هذه المنظّمات عن فعّالية خطيرة. فها هي، في العراق، تفشّل أعظم جيشٍ غربيّ، وفي أفغانستان تعجز فرق شمال الأطلسي عن القضاء عليها. وفي لبنان، لم يقم حزب الله فقط بمقاومة الاعتداء الإسرائيليّ مدّة ثلاثة وثلاثين يوماً، بل غيّر قواعد اللّعبة: فللمرّة الأولى منذ فترة 1948-1949، أُرغم قسمٌ كبيرٌ من سكان إسرائيل على مغادرة منازله.

"جيل ثالث" من المجاهدين الإسلاميين يظهر اليوم في فلسطين وحتى حركة حماس، المحصورة داخل غزّة، أصبحت قادرة على ضرب مدينةٍ إسرائيليّة كسديروت [9]. فاستخدام أسلحة بدائيّة لكن فعّالة وقابلة للاستبدال بسهولة (قنابل محليّة الصنع، صواريخ قسّام، أسلحة مضادّة للدروع، الخ.)، يرسم حدود القوّة الأميركيّة والإسرائيليّة. ويضع زييف شيف، كاتب الافتتاحيات العسكريّ، الذي اختفى مؤخّراً، من صحيفة هَآرتز الإسرائيلية، محصّلةً واقعيّة: "حتى ولو صرّحنا عشرات المرّة بأنّ حماس تتعرّض للضغط العسكري وبأنها تريد وقف إطلاق النار، فذلك لن يلغي حقيقة انهزام إسرائيل فعلياً في معركة سديروت. (...) فقد اختبرت إسرائيل في سديروت شيئاً لم تشهده أبداً منذ حرب الاستقلال، وربّما إطلاقاً: إذ توصّل العدوّ إلى إسكات مدينة بأكملها وأوقف فيها أيّة حياة طبيعيّة [10]".

الطريق المسدود سياسياً في فلسطين، وتفكّك الدول، والتدخّلات العسكريّة المتعاقبة للولايات المتّحدة، تمهّد لشعورٍ باليأس الانتحاري وتقدّم حججاً للمزايدة المتطرّفة من قبل تنظيم القاعدة. فعقب خطف صحافيّين في غزّة من قناة "فوكس نيوز" الأميركية، على يد مجموعةٍ لا تزال مجهولة الهويّة، نشرت صحيفة "الوطن" السعوديّة، في 31 آب/أغسطس 2006، مقالاً حول "الجيل الثالث" من المجاهدين الإسلاميّين الذي بدأ يظهر في فلسطين والذي أصبح ينتقض حماس وحركة الجهاد الإسلاميّ. ويخصّه الكاتب بالميّزات التالية: لا يتمتّع بقاعدةٍ شعبيّةٍ واسعة؛ يرفض أيّة تسوية؛ لا يشعر بأنه مرتبط بقوانين اللّعبة السياسيّة؛ ولا يستهدف فقط الإسرائيليّين؛ إذ لا تقتصر مطالباته على فلسطين. إنّ قدرة المجموعات، التي تدّعي انتماءها إلى القاعدة، على التوسّع داخل العراق وأفغانستان والتفرّق في المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان والتمركز في المغرب أو الصومال، تؤكّد على التأثير الذي تمارسه عقيدة متطرّفة في وقت تتشقّق فيه الحدود الإقليميّة.

فالقوميّة التي قولبت المنطقة منذ الحرب العالميّة الأولى، أصبحت عرضةً للانتقاد بفعل انبعاث الهويّات الإثنيّة-الدينيّة – وهو انبعاثٌ تشجّعه واشنطن، عن غير وعي أو نتيجة تخطيطٍ مسبق. فالجنرال ديفيد بتراوس، القائد الحاليّ للجيوش الأميركية في العراق، كان على رأس الفرقة 101 المحمولة جوّاً التي سيطرت على الموصل في العام 2003. إحدى أولى قراراته كانت بإنشاء مجلسٍ مُنتَخَبٍ بالاقتراع، لتمثيل المدينة: هكذا وُضِعَت صناديق منفصلة للأكراد والعرب والتركمان والمسيحيّين، الخ. لقد اختفى "العراقيّون".

تقليص المنطقة إلى مجرد فسيفساء من "الأقليّات"، بات يسيطر على السياسة الأميركيّة بمجملها؛ وهو يدفع كلّ واحدٍ إلى التماهي مع طائفته، على حساب أيّ انتماءٍ وطنيّ (أو آخر [11])، ويقوّض سيادة الدول ويُفضي إلى صراعات لا نهاية لها: في العراق اليوم، في سورية أو إيران غداً؟ كما يشجّع على جميع أنواع التدخّلات الأجنبيّة، الإقليميّة والدوليّة، التي يتلاعب كلٌّ منها بالأطراف المحلّية، لما فيه خدمة مصالحها الخاصّة. وقد أدّت إسرائيل في الواقع، منذ الثمانينيات، دوراً أساسياً في بلورة هذه الإستراتيجيّة [12].

خلال الولاية الأولى للرئيس بوش، لم يتردّد المحافظون الجدد في اعتماد إستراتيجيّة "الفوضى الخلاّقة" في الشرق الأدنى [13]. وفي حين كان لبنان ينهار تحت قذائف الطيران الإسرائيليّ، خلال حرب صيف 2006، كانت للسيّدة كوندوليزا رايس الجرأة لتصرّح بأنّ "ما نراه هنا، هي عذابات ولادة شرق أوسطٍ جديد، ومهما فعلنا، يجب أن نكون متأكّدين بأننا نعمل لنمشي قدماً باتجاه هذا الشرق الأوسط الجديد، وليس للعودة إلى الشرق الأوسط القديم". إن كانت الصلافة في تصريحٍ كهذا قد أثار، في تلك الفترة، بعض الانتقادات القاسية، فقد كانت وزيرة الخارجية الأميركية على حقّ، بمعنىً ما: ما يولد أمام أعيننا، منذ 11 أيلول/سبتمبر، هو "شرق أوسطٍ جديد" بحقّ، وهو إضافة إلى أنّه لا يشبه أبداً ما تصوّره المسؤولون الأميركيّون، أصبح عامل عدم استقرار هام وطويل الأمد للسياسة العالميّة برمّتها.





[1] http://bostonreview.net/BR32.3/burn...

[2] خطاب حول وضع الاتّحاد، 11 كانون الثاني/يناير 2007.

[3] Philippe Droz-Vincent, Vertiges de la puissance. Le « moment américain » au Moyen-Orient, La Découverte, 2007. إقرأ السرد ص 28.

[4] في الثامن من آذار/مارس 1983، في خطاب في أورلاندو (فلوريدا)، تحدّث رونالد ريغان لأوّل مرّة عن "إمبراطوريّة الشرّ". وهو يتوجّه إلى الجمعيّة الوطنيّة للإنجيليين، حذّرهم من محاولة "عدم الحكم لأيٍّ من الفريقيْن، وتجاهل وقائع التاريخ والميول العدائيّة لإمبراطوريّة الشرّ، من طريق وصف سباق التسلّح بسوء تفاهم".

[5] إقرأ مقالاتنا السابقة: جيرار برونييه: "علاقات خطيرة ترعاها واشنطن في الصومال"، أيلول/سبتمبر 2006، http://www.mondiploar.com/article65... ، رولان مارشال: "جبهة جديدة ضد الإرهاب في الصومال"، شباط/فبراير 2007، http://www.mondiploar.com/article.p... ، "ماذا بعد الاجتياح الإثيوبي: عراق على الطريقة الإفريقيّة"، آيار/مايو 2007، http://www.mondiploar.com/article.p...

[6] Roland Marchal, « Somalie : un nouveau front antiterroriste ? », Les Etudes du CERI, n° 135, juin 2007, Centre d’études et de recherches internationales, Paris.

[7] « U. S. guns sent to Iraq used for crimes in Turkey », International Herald Tribune, 31/8/2007.

[8] Vali Nasr, The Shia revival. How conflict within Islam will shape the Future, Norton, New York, 2006, pp. 230-231.

[9] في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قُذِف صاروخ من نوع كاتيوشا، من غزّة باتجاه إٍسرائيل. وهو صاروخٌ مرماه أبعد وأكثر دقّة من صاروخ القسّام.

[10] « An Israeli defeat in Sderot », Haaretz, Tel-Aviv, 8/6/2007.

[11] تضمّنت العديد من الكونفديراليّات القبليّة عشائر سنّية وشيعيّة. وقد تغلّب الانتماء إلى تلك الكونفديراليّات على الانتماء إلى السنّية أو الشيعيّة.

[12] Cédérom des archives du Monde diplomatique, l’article de Georges Corm, « La balkanisation du Proche-Orient », janvier 1983.

[13] إقرأ: وليد شرارة: "الفوضى البنّاءة"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تموز/يوليو 2005، http://www.mondiploar.com/article18...




إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-12-2007

نقاط علام



القاعدة. بالرغم من كونها تركيبة سديمية لا تملك مركزاً محدداً - يعتقد أن مسؤوليها الرئيسيين ومنهم أسامة بن لادن موجودون على الحدود بين أفغانستان وباكستان- فقد انتشرت هذه المنظمة في بلدان أخرى، لاسيما في العراق، منذ الاجتياح الأميركي. وهناك مجموعات تدّعي الانتماء إلى القاعدة تنشط في شمال إفريقيا ولبنان وغزّة، وهي نافذة في باكستان وأفغانستان. وللقاعدة مناضلين في الخليج، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية.

وزيرستان. تمثّل المقاطعتان الباكستانيتان في الشمال والجنوب معاقل للباكستانيين من حركة طالبان وقاعدة خلفية للمتمرّدين الأفغان. وقد جرى في 2005-2006 توقيع اتفاق بين إسلام أباد والمسؤولين الإسلاميين المحليّين، من أجل "تحييد" هذه المنطقة. لكن الهجوم على "المسجد الأحمر" في إسلام أباد خلال شهر تموز/يوليو 2007 جدّد النزاع بين الجيش والجماعات الإسلامية.

كردستان العراق. هذه المنطقة التي تتمتع عملياً بالحكم الذاتي منذ العام 1991، متحرّرة من سلطة بغداد. ويشرف عليها الحزبان الكرديان الرئيسيان: الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني. وقد تحوّلت ملجأً للعديد من المجموعات المعارضة التركية والإيرانية، لاسيّما حزب العمال الكردستاني التركي، والحزب من أجل حياة حرة الإيراني، المرتبط بحزب العمال. وقد تدخلت كل من طهران وأنقره مراراً وشنّت هجمات عسكرية ضد قواعد المتمردين.

لبنان. يُفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية قبل 24 تشرين الثاني/نوفمبر، موعد انتهاء ولاية الرئيس أميل لحود،. وتقوم مواجهة بين الحكومة (برئاسة السيد فؤاد السنيورة) والمعارضة (التي تضم حزب الله والتيار الوطني الحرّ، الحزب الماروني الرئيسي)، ويمكن أن تصل الأمور معها إلى انتخاب رئيسين. قوات الطوارئ المعزّزة في الجنوب منذ حرب 2006 تضمّ أكثر من 13 ألف جندي، نصفهم من الأوروبيين.

غزة. تحت سيطرة حركة حماس منذ حزيران/يونيو 2007، وهي تعاني حصاراً إسرائيلياً وتشهد العديد من عمليات التوغّل. تُطلق منها بانتظام صواريخ على مدينة سديروت من قبل مجموعات فلسطينية.

سيناء. شهدت شبه الجزيرة المصرية عدة اعتداءات. والبدو فيها يحاولون التخلّص من سيطرة القاهرة المتهمة بالنزعة الاستعمارية. وهي منطقة عبور غير شرعي للبضائع، خصوصاً نحو إسرائيل وغزّة. وقد تكثّف هذا التهريب (الأسلحة والسجائر والأغذية، الخ) منذ الحصار المفروض على غزّة.

الصومال. لم يعد هناك من وجود لدولة في الصومال منذ التسعينيات، وقد أعلن الشمال استقلاله، عام 1991، تحت مسمّى "أرض الصومال". تصاعدت المعارك عام 2006 بين أمراء الحرب واتّحاد المحاكم الإسلامية التي استولت على مقديشو لتطردها منها القوات الإثيوبية المدعومة من واشنطن. منذ ذلك الوقت، تطوّر مقاومة مسلحة ضد "أثيوبيا المسيحيّة".

السودان. أوقع النزاع في دارفور مئات الآلاف من الضحايا وتسبّب في تشريد أعدادٍ كبيرة (لاسيّما في تشاد وإفريقيا الوسطى). تنتشر فيها قوّة تابعة للاتحاد الإفريقي، ويفترض دعمها من قبل كتائبٍ جديدة تابعة للأمم المتحدة. وستنتشر قوات أوروبية في تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى خلال الأسابيع المقبلة. وهناك خطر في استئناف جديد للنزاع في جنوب السودان المجمّد منذ الاتفاقيات الموقّعة عام 2003 (بعد 21 عام من الحرب): فالتنظيمات الجنوبية قرّرت تعليق مشاركتها في حكومة الاتّحاد الوطني. وسيصار إلى إجراء استفتاء حول الحكم الذاتي في الجنوب خلال العام 2011.




إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-12-2007

يتبع بقية المقالات غداً، لما تخلصوا من المقالين أعلاه:)

(f)


إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-12-2007

هزيمة مزدوجة لفتح وحماس في فلسطين

مروان بشارة *

نظرة على ما آلت اليه الانقسامات الفلسطينية بقلم الباحث مروان بشارة.


لم يكن الفلسطينيون يوماً على هذه الحال من الانقسام والضعف كما هم عليه منذ المواجهات بين الأخوة خلال الصيف الماضي في غزّة. إذ تدكّ نزاعاتهم الداخلية في التضامن الدولي مع قضيّتهم، فتحدّ من الضغوط على المحتلّ الإسرائيلي لتحوّل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى برميل بارودٍ قابل للانفجار في أي وقت.

هكذا تتّهم حماس منظمة فتح بأنها تآمرت على حكومتها، وأحياناً بالتواطؤ مع إسرائيل. وفتح، من جهتها، تعترِض على عجز الحزب الإسلامي عن ممارسة الحكم بفعاليّة وتستنكر "الاعتداء" الذي مارسته حماس، في حزيران/يونيو 2007، ضد الرئاسة وضد الدستور. أما المستقلّين فيكيلون الانتقادات للحركتين معاً، لأنهما وضعتا مصالحهما الفئوية فوق المصلحة الوطنية.

بعد وقتٍ قصير على توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، كنت شاهداً على اتّهامات متبادلة خلال طاولةٍ مستديرةٍ حول مستقبل فلسطين، شارك فيها عددٌ من قياديي ومناضلي الانتفاضة. وقد فوجئتُ بأن المجابهة الكلامية قد حلّت محلّ الروح الرفاقية والوحدة التي كانت سائدة في الساعات الأولى، ما إن أعلن مضيفونا بأن الجنود الإسرائيليين قد انسحبوا من قاعدتهم وأنّهم قد رفعوا حظر التجوّل في الليلة نفسها. وهدّد مسؤولو فتح كلّ من يعيق محاولتهم لتحويل العملية السلمية، بالرغم من النقائص التي يقرّون بها، إلى آليّةٍ لبناء الدولة. وعبّر ممثلو حماس، من جهتهم، عن شكوكهم وريبتهم إزاء المسار الدبلوماسي غير العادل، والذي لم يكن واعداً من الأساس بآمالٍ كبيرة.

وبالرغم من أنّ كلا هذه الحجج تتضمّن جزءاً من الحقيقة، فإن حماس وفتح كانتا أولاً، كسائر الشعب الفلسطيني، ضحايا اتفاقٍ يَعِدُهما بالحرية والوحدة، لكنه أنتج اليأس والانقسام عن طريق سجنهم ضمن سياسةٍ محصّلتها صفر: إذ أن نجاح فريقٍ سيعني فشل الفريق الآخر.

هكذا أوجدت اتفاقيات أوسلو "سلام الهيمنة" [1] الذي يمنح الامتيازات للإسرائيليين ويخضع الفلسطينيين للتمييز، عاى نحوٍ يغذّي عدم الاستقرار والاضطرابات. وينجُم هذا الوضع عن تطوّرين متناقضين: فالانتفاضة التي قامت عام 1987 قد أقنعت غالبية الإسرائيليين بعدم جدوى استيعاب أو ضمّ الأراضي المحتلّة؛ والانتصاريّة الأميركية-الإسرائيلية بعد نهاية الحرب الباردة وحرب الخليج الأولى عام 1991، قد برهنت عن عجز منظمة التحرير الفلسطينية في تحقيق أهدافها من خلال المجابهة.

فخلافاً لسلامٍ قائمٍ على ميزان القوى (كما حصل بين إسرائيل ومصر مثلاً) أو ناتجٍ عن استسلامٍ كامل (اليابان أمام الولايات المتحدة)، يعكس السلام الإسرائيلي-الفلسطيني التفوّق الاستراتيجي الإسرائيلي وحدوده، أي عجزه عن فرض إرادته على الفلسطينيين.

فبدل الوصول إلى حلٍّ شامل، فرضت إسرائيل مراحل انتقالية تسمح لها بفرض إيقاع التقدّم وفق معاهدات توقّع على مراحل وتطبّق على درجات. ويتوقّف كل اختراقٍ على قدرة فتح على ضمان أمن إسرائيل بقمع "المتطرفين"، الإسلاميين أو العلمانيين.

تحوّل "سلام الشجعان" إلى سلامٍ بين الأقوياء والمتهوّرين

هكذا وقّع الفلسطينيون سبع اتفاقيات انتقالية من هذا القبيل، وهي أدّت بالرغم من الترحيب الدولي بإبرامها إلى تقليص أراضيهم وحريّتهم. وشيئاً فشيئاً، تحوّل "سلام الشجعان" إلى سلامٍ بين المقتدرين والمتهوّرين.

وهكذا أفضت أوسلو إلى توازنٍ هشّ يتميّز بعدم الاستقرار والعنف المتواتر مع الاحتلال. كما أدّت إلى عدم استقرارٍ داخليّ لدى الجهة المهيمنة، إسرائيل، كما في الجانب الأضعف، الفلسطينيين.

كان من شأن المجزرة التي ارتكبها المستوطن المتطرّف باروخ غولدشتاين في الخليل بتاريخ 25 شباط/فبراير 1994، مُوقِعاً 29 قتيلاً و129 جريحاً فلسطينياً أن دفعت بحماس إلى ارتكاب العديد من العمليات الانتحارية [2] التي أفقدت سلطة كلٍّ من ياسر عرفات وإسحق رابين توازنهما. ومع ذلك، فإنّ رفض هذا الأخير المواجهة مع المستوطنين لم تمنع إيغال عمير من اغتياله بعد أقلّ من عامين، كي تشهد إسرائيل ست حكومات في اثنتي عشر عاماً. وشرعيّة عرفات بدورها باتت على المحكّ، إذ أدّت محاولاته تهميش حماس إلى إضعافه، كما تزعزعت سلطته بسبب امتناعه عن مواجهة حماس بصورة مباشرة.

ويبيّن كل من إيديث زرتال وأكيفا إلدار في كتابهما "صاحب الأرض" [3] Lord of the Land العلاقة بين الأفعال الإسرائيلية والردود الفلسطينية. فخلافاً للاعتقاد الشائع، جاءت غالبية العمليات الانتحارية كردّ فعلٍ على عمليات اغتيال ارتكبها الجيش الإسرائيلي، غالباً في فترات بدا فيها أن الفلسطينيين يستسلمون أو يحترمون التهدئة التي فرضوها على أنفسهم. ففي 31 تموز/يوليو 2001، مثلاً، أدّى اغتيال مسؤولَين من حماس في نابلس إلى إنهاء وقف إطلاق النار الذي كانت الحركة قد أعلنته قبل شهرين؛ وهو ما أدّى إلى الاعتداء الرهيب على مطعم للبيتزا في القدس أوقع 15 قتيلاً في 9 آب/أغسطس. كذلك، وقبل هدنةٍ معلنةٍ من طرفٍ واحد في 23 تموز/يوليو 2002، تعرّض حيٌّ مزدحمٌ بالسكان في غزة إلى قصفٍ قُتِلَ فيه أحد قادة حماس، صلاح شحادة، ومعه خمسة عشر مدنياً من بينهم إحدى عشر طفلاً؛ فتلت ذلك عملية انتحارية في 4 حزيران/يونيو. وأخيراً، في 10 حزيران/يونيو 2003، جُرِحَ أحد كبار مسؤولي حماس، عبد العزيز الرنتيسي خلال محاولة لاغتياله أسفرت عن سقوط أربعة مدنيين فلسطينيين؛ وهو ما تسبّب في الاعتداء على باصٍ في القدس قضى فيه 16 شخصاً نحبهم (وقد تمّ قتل الرنتيسي بعد ذلك في نيسان/إبريل 2004).

وقد غذّت هذه الدائرة المفرَغة الاتهام القائل بأن فتح تقوم بالمهام القذرة لصالح إسرائيل، وساهمت في شعبية حماس كناطق باسم المهمّشين والمنسيين؛ لاسيّما وأن ممارسات الاحتلال الجائرة والمستمرّة وعمليات الإقفال وتزايد المستوطنات - التي تضاعف عددها بين 1993 و1999 - كانت تبرّر رفض عملية السلام وتُفقِد فتح مصداقيّتها.

بالطبع، لم تتوصّل كل من تل أبيب وواشنطن، خلال قمة كامب ديفيد في تموز/يوليو 2000، إلى إلزام منظمة التحرير بالتخلّي عن حقّ الفلسطينيين بأرضهم وبالقدس وبعودة اللاجئين، وهذا ما رمّم شرعية عرفات كقائدٍ قادرٍ على مقاومة الضغوط الإسرائيلية-الأميركية. لكن العقوبات التي فرضاها لاحقاً، بعد انطلاق الانتفاضة الثانية، قضت على قدرته على الحكم، في ظروفٍ لم تعطِ فيها فتح ولا حماس اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر الاهتمامَ الكافي، من حيث نتائجها على السياسات الأميركية في الشرق الأوسط.

هكذا جرّد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك السلطة الفلسطينية برئاسة عرفات من أهليّتها لأنّها ليست، في نظره، "شريكاً في السلام". أما خلفه أرييل شارون، فتحجّج باعتداءات نيويورك وواشنطن ليحاصر طوال سنوات مركز قيادة عرفات في رام الله مُطلقاً ما أسماه الباحث باروخ كيمرلينغ، المُتوفى مؤخراً، عملية "اغتيالٍ سياسي"، أي تدميرٌ منهجيّ لبنية السلطة التحتية، السياسية والأمنية [4].

ولما كانت الأوضاع قد أفلتت من أي رقابة، اضطرت واشنطن للقبول بتأليف لجنةٍ دوليّة يرأسها عضو مجلس الشيوخ السابق جورج ميتشل. وقد خلصت اللجنة إلى التأكيد بأن الاستيطان اليهودي يولّد انعدام الاستقرار، فطالبت بتجميده كلياً - بما فيه "النمو الطبيعي" الذي يطالب به الإسرائيليون للمستوطنات القائمة.

وقد مورس ضغطٌ إضافيّ على الولايات المتحدة بسبب غياب أي مبادرة إسرائيلية أو أميركية، وإعلان مبادرة عربية مشتركة للسلام في ربيع العام 2002 تَعِد إسرائيل بتطبيعٍ كاملٍ مقابل انسحاب كاملٍ من الأراضي المحتلّة. وهكذا أبصرت النورَ "اللجنةُ الرباعية" المؤلّفة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي وروسيا، ومهمّتها التجاوب مع المتطلبات الدولية لحلّ النزاع.

لكن دور هذه اللجنة وتأثيرها قد انحصرا، في الواقع، في تقديم "خريطة طريق" من أجل السلام في الشرق الأوسط، قام الأميركيون ببلورتها. والتي تحوّلت للحال إلى عقبةٍ جديدة ٍأمام السلام: فالرئيس بوش كلّف بتنفيذها صديقه أرييل شارون الذي كان يطالب بمزيدٍ من القمع ضد "الإرهابيين" دون أي تنازلٍ في المقابل. وبصورةٍ عامة، انطوت "الرباعية" تحت القيادة الأميركية منهيةً بذلك دور الأمم المتحدة، كما أقرّ به مندوبها السيد ألفارو دي سوتو [5].

وبالرغم من الإفلاس والفساد، اختارت فتح وغالبية الفلسطينيين، عند وفاة عرفات، في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، رئيساً عليهم محمود عباس، المرشّح المفضّل لدى الولايات المتحدة. لكن الإذلال الذي تعرّض له من إسرائيل غير المبالية بالإصلاحات والانفتاح الذي عبّر عنه الرئيس الجديد، قد برهنت أن العقبة أمام السلام كان شارون وليس عرفات.

هكذا دفعت عجرفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفلسطينيين، بعد عامٍ، في كانون الثاني/يناير 2006، إلى إعطاء أغلبيّة الأصوات الانتخابية لحماس داخل المجلس التشريعي. فسارعت كل من إسرائيل والولايات المتحدة إلى إيصال رسالة مفادها أنّهما لن يعترفا بالخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني ولن يعترفا بالحكومة الجديدة. وقد أدّى الحصار الإسرائيلي والعقوبات الغربيّة إلى شلّ الاقتصاد ومفاقمة التوتر السياسي بين حزبٍ إسلامي يرغب في الحكم، وحركة علمانية وُجدت تقليدياً في السلطة، وهي متلهّفة للعودة إليها.

ومن ثمّ جاء الجواب على المأزق الفلسطيني من مكان غير متوقّع على الإطلاق: السجون الإسرائيلية. حيث اتفّق مسؤولا فتح وحماس المعتقلان، مروان البرغوتي وعبد الخالق النتشة على ما أُسمي "وثيقة المعتقلين" لتأسيس التعاون بين الحركتين. وبعد تردّد، وافقت الحركتان على اتفاقيّة مكّة في أيار/مايو 2007، الهادفة إلى إيجاد الظروف الملائمة لتأليف حكومة وحدةٍ وطنيّة وإدخال الإصلاحات على منظمة التحرير الفلسطينية كي تتمكّن حركة حماس من الدخول إليها.

لم تعمّر حكومة الوحدة طويلاً، بسبب العقوبات الغربية، وأدّى انهيارها إلى مواجهات مسلّحة جديدة انتهت إلى سيطرة حماس على قطاع غزة. واستغلّت فتح تجاوزات منافستها وأخطاءها كي تمكّن سيطرتها على الضفة الغربيّة وتدعّم السلطة الفلسطينية بمساعدة إسرائيل والدول الغربية.

ويمكن مقارنة اليأس أمام هذه المعارك العبثية بين الأخوة بالعنف الذي يجري في السجون، حيث يتناحر الفريقان على الحيّز الخاص بهما تحت أنظار السجّان الراضي. فإسرائيل تعتبر، في الواقع، أن جلّ ما يمكن لحماس وفتح، المنقسمتين سياسياً، فعله هو السيطرة على زنزاناتهما داخل سجنهما.

هكذا ألَّفت حماس المنتصرة، الواثقة والطامحة، حكومتها الخاصة دون أن تتحرّر من مسارٍ طالما ناهضته. فتبعت خطى فتح وراحت تفقد مصداقيّتها بعد أن باتت رهينة خطاب متناقض: فهي من جهة، وإرضاء للمانحين الدوليين، تعمل لإرساء "حسن الإدارة"... تحت الاحتلال؛ وهي من جهةٍ أخرى، واستمالةً للجماهير المتطرّفة، تستعيد شعارات الحركات التقليدية والإسلامية. وزيادةً في البلبلة وسط هذا الاستقطاب الثنائي، حوّلت ديناميّة عملية السلام نجاحات حماس إلى نقمة، وخسارة فتح إلى نعمة.

وبعد أن أرغمت حماس المستوطنين والجنود الإسرائيليين على مغادرة قطاع غزّة، حوّلت إسرائيل بقعة الأرض المفقِرة هذه إلى سجنٍ كبير. وبعد عام، في 25 كانون الثاني/يناير 2006، أدّى الفوز الانتخابي الإسلامي إلى أسوأ العقوبات الدولية ضد الفلسطينيين. وقد نجح الجناح العسكري في حماس باختطاف أحد الجنود الإسرائيليين، فأدّت العملية التي كانت تهدف - بحسب من قاموا بها - إلى تحرير نساءٍ وأطفالٍ معتقلين في إسرائيل، إلى اعتقال ثلث النوّاب والوزراء. وبعد مرور عامٍ ونصف العام، ما زالوا جميعهم قابعين في السجون الإسرائيلية دون أدنى اعتراضٍ دولي.

إرضاء المانحين الدوليّين، واستمالة الجماهير التي تتجذّر

وفيما يخصّ فتح، تسبّبت لها خسارتها في صناديق الاقتراع والشوارع، بالمدائح، في الخارج على الأقل، وبالدعم كقوّةٍ معتدلة مطلوبٌ تحرير الأموال العائدة إليها، وكذلك مساجينها. وبات محمود عباس الذي كان يعاني الضعف والتجاهل والازدراء رجل دولةٍ صاحب مصداقيّة وشجاعة في نظر واشنطن وتل أبيب. وها هو يرتفع إلى مرتبة شريكٍ في السلام، جاهزٍ للموافقة على التضحيّات الضرورية لهذا السلام، في ما يتجاوز ما تمّ التوقيع عليه في أوسلو.

وإذا كان "مؤتمر السلام" المزمع عقده من قبل الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر سيُفضي إلى إعلان مبادئٍ عامة، أي إلى أوسلو ثانية، تحت ستار الحرب على الإرهاب وبروحيّة "خريطة الطريق" المجهَضة، فإن الهوّة ستتّسع بين فتح وحماس مع ما يترتب على ذلك من نتائجٍ على الفلسطينيين الذين سيكونون أكبر الخاسرين من هذه العملية.





* أستاذٌ مشارك في الجامعة الأميركية في باريس، من مؤلّفاته: Palestine/Israel: la paix ou l’apartheid, La Decouverte, Paris, 2002.





[1] مفهوم "سلام الهيمنة" يعود إلى ريمون آرون Paix et guerre entre les nations, Calmann-Lévy, Paris, 2004), ومن بعده إلى غلين روبنسون, “ The Peace of the Powerful ”, in Roane Carey (ed), The New Intifadah. Resisting Israel’s Apartheid, Verso, New-York, 2001.

[2] www.counterpunch.org/niva08272003.html

[3] Idith Zertal et Akiva Eldar, Lord of the Land. The war for israel’s settlements in the occupied territories 1967-2007, Nation Books, New York, 2007.

[4] Baruch Kimmerling : Politicide. Les Guerres d’Ariel Sharon contre les Palestiniens, Agnès Vienot, Paris, 2003.

[5] The Guardian, Londres, 13/6/2007.


إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-13-2007


سياسة إسرائيلية رهينة الجنرالات
أمنون كابيليوك*

أمنون كابيليوك والسيطرة التقليدية لخريجي المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية في الدولة العبرية.


لقد أدّى الفشل الذريع في حرب لبنان الثانية (صيف 2006) إلى انهيارٍ مشهود في هيبة الجيش الإسرائيلي، مشابهٍ لما أحدثته حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973. فالجيش الذي طالما كان منبعاً للعزّة الوطنية تكلّله انتصاراته على أعدائه العرب، بات هدفاً لجميع الانتقادات. والفشل الذي لقيه في لبنان جنودٌ قيل أنهم لا يُهزَمون، في مواجهة بضعة آلافٍ من مقاتلي حزب الله غير النظاميين، قد تسبّب في رفضٍ شعبيّ للقيادة العليا. وقد فضحت صحيفيّة معاريف اليوميّة للعموم تقريراً سريّاً يشير إلى "أنّ الشعب (الإسرائيلي) والجنود ليست لديهم أيّ ثقة في تساحال"، وعنونت صفحتها الأولى قي 12 تشرين الأوّل/أكتوبر: "أزمة ثقة". وحسب الصحيفة، فقط 25% من الاحتياط يثقون بالقيادة العسكريّة.

فالجيش الذي غالباً ما أوكلت إليه مهام الشرطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يكن مستعداً للحرب، ورئيس الأركان، دان حالوتس، الذي كان موعوداً برئاسة الوزراء، قد تعرّض للانتقادات واضطر لتقديم استقالته.

وبالطبع، فإلى جانب الجنرالات والكولونيلات الذين قادوا هذا النزاع المرتجَل الذي تقرّر إثر ساعتين من المشاورات الهاتفية، نجِد مسؤولين مدنييّن رفيعَي المستوى: رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس. لكن هذان قد ادّعيا أمام لجنة التحقيق، المعروفة باسم لجنة فينوغراد، بأن القرارات الأساسية اتّخذها الجنرالات وأنهما اكتفيا بالموافقة على هذا الخيار.

خلال العقود الثلاثة الأول من وجود إسرائيل، وفي حين كانت السلطة بين أيدي حزب العمّال، كانت قيادة الجيش تنتمي عموماً لهذا الحزب. وبعد فوز اليمين القومي الموحّد بقيادة مناحيم بيغن عام 1977، بدأ جنرالات مقرّبون من هذا اليمين القوميّ باحتلال مواقعٍ في الدوائر العليا للجيش، إلى جانب ضباط منبثقين من الأوساط الدينية القومية: والاتجاهان القريبان إيديولوجياً قد تعاونا بشكلٍ وثيق في توسيع الاستيطان ضمن الأراضي المحتلة. وسيزداد مع الوقت تقدّم أنصار الأحزاب الدينية داخل الجيش ليرتدي اليوم 40 في المئة من الضبّاط الجدد "الكبا"، أي "القبّعة" اليهوديّة التقليدية. [1].

وقد وجد اليمين حلفاءً له داخل قيادة الأركان وقيادات المناطق في غزّة والضفة الغربية، الذين يتمتعون بحريّة مطلقة على الأرض حيث يفرضون قانونهم، لاسيّما في ما يتعلّق بالمستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبموافقة رئيس الوزراء أو بدونها، ومنذ سنوات، تصطفّ الوحدات دائماً أو تقريباً خلف وجهة نظر المستوطنين في وجه الفلسطينيين الذين انتزعت منهم أراضيهم.

هكذا، يصادر الجيش أراضٍ عربية "لأسبابٍ أمنية" ويغضّ النظر عن انتشار المستوطنات "العشوائيّة"، أي المشيّدة دون "إذن" - ولو إنها جميعاّ غير شرعيّة في نظر القانون الدولي. بالطبع، وعند أيّ لقاءٍ مع المسؤولين الأجانب، يعلن أحد الوزراء الإسرائيليين أن بلاده ستخفّف من الحواجز على الطرقات التي تجعل الحياة اليومية مستحيلة في الضفة الغربية ومنطقة القدس الكبرى [2]؛ وهو ما يمنع من وصول السكان إلى أعمالهم، والطلاّب من الالتحاق بجامعاتهم، والمرضى والنساء الحبالى من بلوغ المستشفيات... لكن تقرير للأمم المتحدة يكشف بأن عدد الحواجز قد بلغ 572 أي بزيادة 52 في المئة مقارنةً بالحواجز الـ 376 التي كانت قائمة في آب/أغسطس 2005 [3].

وما يزال الجيش يبني في كل مكان طرقات لتعزيز التمييز العنصري (الأبارتايد) بالمعنى الحرفي للكلمة: فهي مخصّصةٌ للمستوطنين الإسرائيليين وممنوعةٌ على الفلسطينيين. أما من جهة جدار "الفصل"، فإنه يتحدّى القرارات، ولو المتواضعة، التي أصدرتها المحكمة العليا الإسرائيلية. ففي الوقت الذي قرّرت فيه هذه الأخيرة، بعد مشاورات طويلة، تعديل مسار الجدار إلى جنوب جبل الخليل، فقد شيّد الجيش جداراً صغيراً إضافياً وفق الترسيم الأصلي الذي رفضته المحكمة. وكما يوضح السيد هاغاي ألون، أحد مستشاري وزير الدفاع: "يتصرّف الجيش بقطيعة مع سياسة الحكومة، ويعمل كأنّه جيش المستوطنين. هكذا كانت تجري الأمور على الدوام، حتى عندما كان الجنرال حالوتس قائداً للأركان" [4].

وسواء أكانوا من القوميين المتطرّفين أم النصف ليبراليين، فإن الجنرالات يتفقون على ضرورة زيادة الموازنات المخصصة لهم. و حتى الجنرال إيهود باراك، وزير الدفاع الحالي - والذي دعا قبل سنوات إلى قيام "جيشٍ صغير ولكن ذكيّ" - فقد بات يطالب اليوم بتأليف لوائين إضافيين في سلاح المشاة. وهو يسعى من هذا المشروع مواجهة ظاهرة تقلق قيادة الأركان: وهي أعداد الشباب المعفيين من الخدمة العسكرية الإلزامية، واحدٌ من أصل أربعة وفق الإحصائيات الأخيرة - ونصفهم من المتديّنين الممارسين الذي يفضّلون المدرسة الحاخامية على الجيش. ويوضح السيّد باراك أن جيش الدفاع الإسرائيلي لن يعود قريباً جيش الشعب بل جيش نصف هذا الشعب... كما يتوافق إنشاء لوائين إضافيين مع تحليلٍ جديد أيضاً: لن تقوم الحروب المستقبليّة على التكنولوجيا فقط، بل على الوجود في أرض المعركة (والعراق مثالٌ على ذلك).

وقد أصدرت لجنة بروديه، على اسم رئيسها، تقريراً في أيار/مايو 2007، تنتقِد فيه الهدر الكبير في مختلف دوائر الدفاع الوطني [5]. لكنها تقرّ، في توصياتها، جميع اقتراحات قيادة الأركان تقريباً، وهي تطلُب ... زيادة في النفقات تبلغ 13 مليار يورو على مدى عشر سنوات؛ يضاف إليها مبلغ 1،4 مليار لتغطية نفقات الحرب الثانية على لبنان. وهكذا أعلن الرئيس جورج بوش في الصيف الماضي عن زيادة في المساعدات العسكرية لإسرائيل: نحو 21 مليار يورو على عشر سنوات تقدّم مباشرة إلى ميزانيّة وزارة الدفاع.

ولطالما كانت صناعات السلاح الإسرائيلية، التي يديرها في الغالب ضبّاطٌ سابقون، مجموعة ضغطٍ قويّة تفرِضُ على السياسيين استراتجيات تحالفيّة مبنية على مبيعات السلاح، من تشيلي أوغستو بينوشيه إلى بورما الديكتاتورية. بيد أن موجة الخصخصة قد أضعفت هذا القطاع الذي يعيش فترةً هي من الأصعب في تاريخه، باستثناء صناعة الطائرات الحربية التي تصدّر أكثر من 80 في المئة من إنتاجها.

وإحدى أكثر الوسائل فعاليةً التي تلجأ إليها المؤسسة العسكرية لفرض وجهة نظرها على الحكم المدني، هي توفير "معلومات سريّة". وهذا ما قامت به لفرض الهجوم على لبنان عام 2006 أو القصف على أحد الأهداف في سورية خلال شهر أيلول/سبتمبر 2007. وقبل أربعين عاماً، وصلت الأزمة إلى حدّ الانقلاب العسكري عندما قدّمت قيادة الأركان إنذاراً أخيراً لرئيس الوزراء ذلك الحين، ليفي أشكول، بغية انتزاع الحرب "الوقائية" ضد مصر برئاسة جمال عبد الناصر [6].

السيد باراك خير مثالٍ على هؤلاء الجنرالات السابقين الكثر الذين انتقلوا بعد تقاعدهم من الجيش إلى السياسة. فـ"الجندي الحائز على أكبر عددٍ من الأوسمة في تاريخ إسرائيل" كان قد اعترض، بصفته رئيساً للأركان، على اتفاقيات أوسلو الأولى (أيلول/سبتمبر 1993)؛ وعندما عيّن وزيراً للداخلية، صوّت ضد اتفاقات أوسلو الثانية (أيلول/سبتمبر 1995) والتي لحظت انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية الكبرى. فهو يتحدّث عن السلام مع العرب لكنّه يعبّر في الوقت نفسه عن ازدرائه لهم معلناً أن ثقافتهم تقوم على "الكذب والرياء". فإسرائيل تمثّل، في نظره "فيلاّ وسط الأدغال"... وهو يحمِل مسؤولية تاريخية في فشل قمة كامب ديفيد (2000)، إلى درجة أن أنصار السلام نعتوه بصفة "مجرم السلام". وقد بات معروفاً أن "الاقتراحات السخيّة" المزعومة التي قدّمها لعرفات والتي رفضها هذا الأخير، لم تكن في الواقع سوى خدعة [7].

السيّد باراك هو أيضاً من أعطى موافقته للزيارة الاستفزازية التي قام بها أرييل شارون إلى حرم المسجد الأقصى في القدس، في نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2000، والتي كانت في أساس انطلاق الانتفاضة الثانية. وعن المفاوضات الحالية بين إيهود أولمرت ومحمود عبّاس، هو يقول إنها "غير مفيدة"، وأنّه ليست هناك "أي فرصة للتوصّل إلى حلّ مع الفلسطينيين، وأنه لا يمكن التفريق بين فتح وحماس" [8].

الجنرالات ليسوا جميعاً من "الأشرار"، كما إن جميع السياسيين ليسوا من "الأخيار". وهكذا قام السيد آمي أيالون جنرال البحرية، وهو من الحمائم المعروفين، مع السيد سريّ نُسَيْبَه، رئيس جامعة القدس (الفلسطينية)، بتأسيس حركةٍ من أجل السلام، عبر مبادرة "صوت الشعب"، تدعو الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التعايش ضمن دولتين على طول حدود العام 1967. وكان السيد إيالون هذه السنة مرشحاً لقيادة حزب العمال، لكنه خسر بفارقٍ بسيط بسبب أصوات المناضلين الحزبيين ... العرب. وبالطبع كان هؤلاء قد تلقّوا وعوداً سخية من الجنرال فؤاد بن أليعازر، اليهوديّ العراقي الذي يتكلم العربية، والذي تكفّل باستمالة أصوات قرى بأكملها لمصلحة السيد باراك، الذي بدوره، بعد أن أصبح مليونيراً خلال سنوات، قد "اشترى" بدوره العديد من أصوات هؤلاء الناخبين العرب [9].

يترك العسكريون أحياناً للسياسيين مهمة الدفاع عن المواقف المتطرفة. وهكذا أعلن مؤخراً السيد إيفت ليبرمان، رئيس حزب اليهود من أصل روسي، "إسرائيل بيتنا"، ووزير القضايا الاستراتجية الذي اشتهر بتهديده لمصر بقصف سدّ أسوان [10]: "خلال المواجهة المقبلة مع حزب الله، يجب تدمير سورية: قصف مصافيها وبناها التحتية ومطاراتها والقصر الرئاسي والوزارات. يجب كسر إرادتها للقتال، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة مع ألمانيا" [11]. أحياناً، يفضّل القوميون من أصحاب الرتب العسكرية الاختباء وراء القوميين بدون رتب.





* صحافيّ، القدس. مؤلّف سيرة "عرفات الذي لا يُقهر"، فايار، باريس، 2004.





[1] Maariv, Tel-Aviv, 26/8/2007

[2] راجع فيليب ريكاسيفيش ودومينيك فيدال: "كيف تصادر إسرائيل القدس الشرقيّة"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، شباط/فبراير 2007، http://www.mondiploar.com/article.p... والخارطة http://www.monde-diplomatique.fr/ca...

[3] Haaretz, Tel-Aviv, 21/9/2007.

[4] Haaretz, 21/5/2007.

[5] الملحق الاقتصادي لصحيفة Yediot Aharonot, Tel-Aviv, 1/6/2007

[6] إقرأ ملفّ "النكسة حرب 1967" في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، حزيران/يونيو 2007، http://www.mondiploar.com/rubrique1...

[7] “ L’indépendance palestinienne au forceps ”, Le Monde diplomatique, septembre 2000 وآلان غريش: "الوجه الحقيقي لإيهود باراك"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تموز/يوليو 2002، http://www.mondiploar.com/july02/ar...

[8] Yediot Aharonot, 10/8/2007

[9] Haaretz, 5/5/2007

[10] www.monde-diplomatique.fr/carnet/20...

[11] Yediot Aharonot, 17/8/2007.




إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-13-2007


في كواليس اجتماع أنابوليس
دومينيك فيدال

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، العائدة من الشرق الأوسط، في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2007: "بصراحة، لقد حان الوقت لإقامة دولةٍ فلسطينية". وبرأيها إن الرئيس بوش سيجد في ذلك "واحدة من أهم أولويّات إدارته خلال ما تبقى من مدّة رئاسته" [1]. من هنا ضرورة تنظيم لقاء أنابوليس (ماريلاند) مبدئياً في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

ولكنّ ما تعلنه واشنطن اختراقاً نحو السلام قد يثير في الواقع توتّرات جديدة. لخمسة أسباب: • الأولى تتعلّق بطبيعة هذا المؤتمر. فالدعوة، في تموز/يوليو، إلى "مؤتمرٍ دوليّ" (أي في المصطلح الدبلوماسي: بإشراف الأمم المتحدة وانطلاقاً من قراراتها) قد تحوّلت إلى "اجتماعٍ" تعدّ له وتؤطّره الولايات المتحدة وحدها. • جدول أعماله يكتنفه الغموض. فبنظر الرئيس الفلسطيني محمود عباس يجب معالجة مسائل الحدود والقدس واللاجئين والاستيطان؛ في حين تكّرر السيدة رايس أن الوثيقة "لا تحتاج لأن تكون مفصّلة كي توحي بالجديّة". وهو رجع الصدى لقول رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بأن إعلاناً مشتركاَ "لم يكن مرّةً الشرط المسبق لانعقاد أيّ قمّة". • أضف إلى ذلك أن وزيرة الخارجية ليست "متأكدة من أنّنا بحاجة إلى أجندة تقول أن علينا إنهاء هذه المسألة في هذا التاريخ بالذات". وهل يجب التذكير بأنّ البيت الأبيض توقّع ولادة الدولة الفلسطينية في العام 2005؟ • في الواقع، كل شيء يتوقّف على رغبة إسرائيل. فإذا أشارت هذه الأخيرة يوماً إلى احتمال نقل بعض الأحياء العربية في القدس إلى السيادة الفلسطينية، تسارع في اليوم التالي إلى مصادرة أراضٍ جديدة لربط القدس بمستوطنة معال أموديم الضخمة. وفي خضم المفاوضات، يتم إعلان غزة "كياناً معادياً" وتهدّد بحصارٍ شامل. ثم تعِد برفع أربعين حاجزاً في الضفة الغربية بعد أن تكون قد أضافت، وفق مكتب الأمم المتحدة هناك،... أربعين حاجزاً خلال شهرين. • كيف نتخيّل، أخيراً، بأن يتمكّن السيد أولمرت الذي أضعفه الفشل في لبنان والفضائح المتكرّرة، على تقديم "التنازلات" الضرورية؟ أما عباس فشرعيّته مطعونٌ بها بسبب تحدّي حماس لسلطته.

في المختصر، من المحتمل أن تشبه "آلية السلام" في أنابوليس الآليات الأخرى التي شهد الشرق الأوسط فشلها في غياب التزامٍ وتصميمٍ من المجتمع الدولي على فرض احترام إرادته: فإسرائيل لن تفي بالتعهدات التي ستقطعها ولن تمارس الولايات المتحدة الضغط عليها من أجل ذلك. فالإدارة الأميركية ترغب خصوصاً في عقد تحالفٍ للمعتدلين السنّة ضد إيران الشيعية التي ما زال البعض في أوساط هذه الإدارة يحلم بالاعتداء عليها. فالحراك الدبلوماسي الراهن لا ينبئ من ثَمَّ بعملية سلام، لا يتوقّعه رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي قبل ... "عشرين أو ثلاثين عام".





[1] المقتطفات في النصّ مأخوذة من برقيات لوكالة الأنباء الفرنسيّة في 15/10 و16/7 و14/10 و22 و23/9 2007.


إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-13-2007

داخل معسكرات حزب العمال الكردستاني
اوليفيه بيو*


التوتر في كردستان العراق على أوجه، حيث يهدّد الجيش التركي بالتدخّل تدخّلاً واسعاً لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. إنها بؤرة إضافية لبثّ الاضطراب في منطقة ممزّقة. لكن من هم هؤلاء الرجال والنساء المستعدين للموت تحقيقاً للحلم القديم في انبعاثٍ كرديّ؟


إفريز من الخشب يختفي وراء شبكات التمويه الكاكية اللون. بنادق كالاشنيكوف معلّقة بإهمال. تحت هذا السقف المرتجَل، يقدّم الطعام: شاي وخضار ولحم وفواكه... استقبال ترحيب بعد رحلةٍ دامت عشر ساعات من أربيل، عاصمة الإقليم الذي تديره الحكومة الكردية لشمال العراق. يومٌ بأكمله أمضيناه تحت قيظ هذا الصيف الحار. عددٌ لا ينتهي من الطرقات المتداخلة وصولاً إلى هذه المنطقة القاحلة والجبلية، عند أقصى شمال العراق، على طول الحدود مع تركيا وإيران. في الطريق، بعد صلاح الدين وراوندوز بمسافة كبيرة، اختفت حواجز الجيش التابعة للحكومة الكردية العراقية. ومع الدخول إلى هذه المنطقة الفاصلة بطول 350 كلم، على الحدود مع تركيا، تختلف البزّات: فالسيطرة هي هنا لقوات حزب العمال الكردستاني.

هذا الانكفاء الاستراتيجي لمتمرّدي القضية الكردية (البشمرغة) ليس حديث العهد. فمنذ 1984، وفي حين كان الانفصاليون من حزب العمال الكردستاني يخوضون نزاعاً مسلحاً ضد الدولة التركية، أُرسل المناضلون إلى هنا من باب الاحتياط. فأقيمت معسكرات في الجبال، وشارك في تنظيم هذه القواعد الخلفية مسؤولون في الحزب كان العديد من بينهم قد تلقّى تدريبات في المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، إلى جانب كوادر ياسر عرفات. لكن الاشتباكات كانت تدور في هذه الأثناء في الجانب الآخر من الحدود، في المناطق الكردية الواقعة إلى الجنوب الشرقي من تركيا. خلال الثمانينيات والتسعينيات، وحدهم المناضلون المكشوفون انسحبوا إلى الأراضي العراقية. ذلك أنّه كان لكردستان العراق وظيفة أخرى: الإعداد العسكري والسياسي للكوادر التي ستعود إلى تركيا من أجل الكفاح المسلّح في سبيل استقلال كردستان الأناضوليّة.

اختلفت المعطيات في عام 1993 مع وفاة الرئيس التركي تورغوت أوزال، الذي كان مؤيداً لتشريع حزب العمال الكردستاني. عندها انهار أيّ أملٍ في حلٍّ يجري التفاوض عليه مع حكومة أنقره. وبعد عام، رُفعت الحصانة البرلمانية عن النواب الفائزين على لائحة الحزب الكردي الأول (حزب العمل الشعبي). وفي شباط/فبراير 1999، جرى اعتقال رئيس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، وسجنه في جزيرة إمرالي التركية [1]. ومنذ الأشهر الأولى لاعتقاله، أطلق نداءً لوضع حدٍّ للكفاح المسلّح بهدف إعطاء الفرصة للـ"تحوّل الديمقراطي" في تركيا والتفاوض حول حلّ "المسألة الكردية" مع سلطات أنقره.

دُعي مقاتلو حزب العمّال للالتحاق مع أسلحتهم بالمناطق الجبلية العراقية. في العام 2002، غيّر الحزب اسمه ليصبح "المؤتمر من أجل الحرية والديمقراطية في كردستان" kadek. كما جرى التخلي عن الإشارة إلى الماركسية اللينينية كمزيجٍ بين صراع الطبقات والنزعة القومية [2]. وفي إشارة إلى هذا التطوّر الشرعانيّ، حصل الحزب المناصر للقضيّة الكردية (الحزب "من أجل تركيا ديمقراطية") الذي تأسس عام 2005 والذي يرفض وصف حزب العمال الكردستاني على أنّه "إرهابيّ"، على عشرين مقعداً في برلمان أنقره في تموز/يوليو 2007. ومن جهة أخرى، أُبقيَ ما يقارب الـ 3500 عنصر من البشمرغة التابعين لحزب العمال الكردستاني في وضع احتياطي داخل القواعد الخلفية في شمال العراق، في حين بقي في السريّة ألفا مقاتل داخل الأراضي التركية.

منذ شباط/فبراير، حشد الأتراك آلاف الجنود على الحدود

آب/أغسطس 2007. من بين العشرة مقاتلين الذين يستقبلوننا في جبال زغاروس، يبرز رجل خمسيني، نحيل الوجه وشعره كستنائي فاتح، يتميّز بالمظهر العسكري للمناضلين القدامى. لكنه لا يعرّف عن نفسه. "ما رأيك بالجزائر؟ بالاستقلاليين الكورسيكيين؟ بغيفارا؟". الأسئلة تتلاحق. وها هو يقرّ بأنه أمضى 25 عاماً داخل السجون التركية، وقرأ الكثير من الكتب هناك. ثم أُطلق سراحه مع كثيرين في مطلع العام 2000، فأسرع للالتحاق بالمتمرّدين. نتحدث عن بلزاك ولينين... وبالطبع عن أوجلان، "رئيس" الأكراد. فجأة ينهض محدثنا. سيارة تتجه نحونا، يترجّل منها خمسة أشخاص. بينهم الأكبر سناً، مورات كارايلان، رئيس "مؤتمر شعب كردستان"، الهيئة القيادية في الحزب.

وجوده هنا محفوف بالمخاطر. الجميع يدركون ذلك. وإذ إن عمليات القصف الإيرانية متكرّرة [3] سيُضطرّ المسؤول الكبير إلى الإكثار من التحرّك. تُسحَب بطاريات هواتفنا، ويُصادر حاسوبنا مؤقّتاً. تجري المقابلة في غرفةٍ مجهّزةٍ لهذا الغرض. سجادة على الأرض، نوافذ مسدودة، وعلى الجدران صور شهداء الحزب ومعها بالطبع صورة للسيد أوجلان. وفيما كان السيد مورات كارايلان يستعد للإجابة على أسئلتنا، التحق به الاختصاصي في الأدب الفرنسي والماركسي، بوزان (لن يعطي اسمه)، نائب رئيس حزب "مؤتمر شعب كردستان"، وهو نفسه الذي حاول أن يوحي لنا بأنّه مناضلٌ عاديّ في حزب العمال الكردستاني.

بالطبع، لا يعرف رئيس حزب "مؤتمر شعب كردستان" الكثير عن الغيوم التي ستتراكم في سماء المنطقة التي يسيطر عليها رجاله. اتفاقٌ بين أنقره وبغداد للقضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني "الإرهابية" [4]؛ تصاعد اللهجة العسكرية لدى السلطات التركية؛ تصويت البرلمان التركي بالسماح للجيش التوغّل في شمال العراق. لكن الأمور كانت قد اتضحت في شهر آب/أغسطس هذا. فيوضح لنا السيد مورات كارايلان: "منذ شباط/فبراير، يحشد الأتراك ألوف الجنود على الحدود، والمواجهة حول الانتخابات التشريعية في تركيا (تموز/يوليو 2007) قد دفعت الجيش إلى المزايدة القومية. وقد علمنا بمداولات تجري بين أنقره وبغداد وواشنطن. آمل فقط أن يعرف حزب العدالة والتنمية (الحاكم في تركيا) كيف يتلقّف الفرصة التي يوفّرها له نوابنا الجدُد من أجل الوصول إلى حلٍّ ديمقراطي وتفاوضي حول المسألة الكردية".

حول ماذا ستدور المفاوضات؟ هل سيتمسك حزب العمال الكردستاني بمطلبه القديم لقيام دولة واحدة موحّدة لأكراد تركيا والعراق وإيران وسورية؟ ويجيب المسؤول: "هذا مطلبٌ في صلب برنامجنا على الدوام، لكنّه بعيد المنال. في الواقع، والأتراك يعرفون ذلك، نحن مستعدّون للتفاوض حول حكمٍ ذاتيّ مناطقي على غرار قطلونية Catalonia الإسبانية ضمن حدود تركيا. إنها اليد الممدودة".

كردستان العراق حيث التجأ مقاتلو حزب العمال الكردستاني هو إقليمٌ تحت إشراف الحزب الديمقراطي الكردي والاتحاد الوطني الكردي، اللذان وقّعا اتفاقاً في العام 2002. وتتمتّع هذه المنطقة بحكمٍ ذاتيّ واسع داخل العراق، والحزبان الكرديان متحالفان مع الولايات المتحدة. جميع هذه المعايير الإقليمية لا تخفى على السيد كارايلان. بدءاً بالخيارات السياسية للـ"أشقّاء" الأكراد العراقيين. ويعلّق قائلاً: "سبق لحكومة أربيل أن شاركت في حربين ضدّنا إلى جانب الأتراك، فوقَعنا بين فكّي كماشة في التسعينيات. وآمل أن لا ترتكب الخطأ نفسه في المستقبل. لكن الماضي علّمنا ألاّ نتّكل إلاّ على أنفسنا. يبقى أن المسألة الكردية هي نقطة مركزيّة في المسار الديمقراطي للمنطقة. ففي العراق، اتخذ الأميركيون القرار الصحيح عام 1991 بدعم مطلب الحكم الذاتيّ الكردي. وإذا أرادوا المضيّ قدماً، لاسيما من حيث إحلال الديمقراطية في المجتمع التركي، عليهم التطلّع إلى ما هو أبعد من العراق". وأنا أنظر إلى المسؤول في حزب "مؤتمر شعب كردستان" أحسست بالشكّ ينتابه. وماذا إذا لم يكن أحد، في النهاية، بحاجة إلى حزب العمال الكردستاني...؟

طوال عدة أيام، قمنا بزيارة "مراكز" البشمرغة في الجبال. ومنها معسكر للفتيات في القطاع النسائي لجيش التحرير، YJA-Star، والتي تشكّلنَ نسبة 40 في المئة من القوات المقاتلة. ترتفع قاعدتهم على علو ألفي متر، وهي مموّهة جيداً بين الأشجار والصخور في جوار مرتفعٍ يرسم الحدود التركية. هاتنّ المناضلات صغيرات السنّ والكثيرات منهن يأتين من تركيا في حين ولدت الأُخريات في سورية أو إيران أو العراق. أسكه، 21 عاماً، من مواليد قرية جنوبي أزمير، تخوض النضال منذ سنّ الرابعة عشرة. تسرّ لنا قائلةً: "كان أهلي ملتزمون في الحزب، وحملت المشعل بدوري منذ الثانوية. مع الاقتناع بأن تحرير الشعب الكردي يمرّ أيضاً بالنضال ضد العلاقات الإقطاعية المفروضة على النساء".

تأميناً للغذاء، يقوم المقاتلون في هذه المنطقة بالسهر على بعض المزروعات. نبع ماءٍ يسيل على بعد خطوات. مرّة في الأسبوع، يأتي الدعم اللوجستي -وتنظيمه يبقى "سريّاً"- بالأرزّ واللحم والسجائر والبطاريات، الخ. لكن أيضاً بالصحف وتصريحات الرئيس أوجلان، المنقولة خطياً أو عبر محاميه، أحد الأشخاص القلائل الذين يسمح لهم بمقابلته في سجنه فوق الجزيرة. أما لمتابعة الأخبار اليومية، فجهاز الراديو الصغير يسمح للمجموعة بالمحافظة على التواصل مع العالم الخارجي، لاسيّما من خلال "هيئة الإذاعة البريطانية، البي. بي. سي.. وتتناقش المناضلات دورياً حول "المواضيع السياسية والاجتماعية" وفق جدولٍ محدّدٍ سابقاً. وتؤكد رئيسة الشعبة 35، كبيرة السنّ في المعسكر: "هكذا نستمر في التعلّم من بعضنا البعض".

إلى جانبها تقف حورين، القادمة من حلب للمشاركة في الكفاح المسلّح: "الضغط قاسٍ أيضاً في سورية على الأكراد. وعندما اقترحت عليّ الشعبة المحلية لحزب العمال الكردستاني القدوم إلى هنا، وافقت دون تردد". أمنيتها: هي العودة إلى سورية "لمتابعة النضال السياسي". وإذا نجح حزب العمال في التوصّل إلى الحكم الذاتي بفضل التفاوض مع الحكومة التركية؟ "سيكون أمراً طيباً، كما في العراق. لكن النضال سيستمر إلى حين الوصول إلى كردستان الكبرى التي وعد بها الحلفاء عام 1920" [5].

نعود إلى المعسكر الأساسي، حيث نمضي الليل. عند أسفل الصخور المرتسمة أشكالها العملاقة خلف الخيمة الرئيسية، يتابع المناضلون باهتمام ودهشة شاشة تلفزيونية غير متوقّعة هنا. على بعد أمتار، يكشف السرّ وجود صحن أبيض لاقط للأقمار الصناعية. فيلم "الزوار، الجزء الثاني les Visiteurs II" بدبلجة تركية! ترتسم وجوه المقاتلين على الضوء المتبدّل للصور المتلاحقة والتي تغصّ أحياناً بسبب الالتقاط العسير للبث. صورة بالأسود والأبيض إلى جانب طاولات الطعام الخشبية: إنّه وجه أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني.

"إذا اختارت أنقرة الحرب المفتوحة، سينهض كل الشعب معنا"

الساعة الخامسة فجراً. المجموعة تقف أمام رئيسها. عشرة منهم سيجلبون الحطب. تسلّقٌ قاسٍ ومرهق لساعة كاملة. من أجل إشعال النار لصنع الشاي التقليدي. الترويقة. القائد ينضمّ إلينا. شابٌ في الثلاثين من العمر، مقطّب الوجه، قاسي الملامح، يجرّ رجله ليمشي. يسارع إلى القول: "أصبت في اشتباك مع الجيش التركي". ولد في ديار بكر، العاصمة التاريخية لـ"كردستان الشمال"، يدعى أحمد، التحق بحزب العمال الكردستاني في سن الرابعة عشرة. "كان القمع التركي قاسياً جداً في منطقتي: تدمير آلاف القرى وتهجير مئات آلاف الأشخاص قسراً. كان هذا في التسعينيات. أنا هنا منذ عامين. خيارنا يحتاج إلى شخصيّة قوية والكثير من التضحية. نجاور الموت كل يوم بسبب القذائف التركية والصواريخ الإيرانية. لكن إذا لم نناضل من أجل الشعب الكردي، فمن سيقوم بالمهمة؟"

بين أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، توتر الوضع في كردستان، وحصلت عدة اشتباكات بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني. هنا أتذكر كلمات مورات كارايلان: "منذ سنوات توقفنا عن التوغّل في الأراضي التركية ولا نقوم سوى بالردّ على هجمات الجيش التركي. لكن إذا اختارت غداّ تركيا الحرب المفتوحة، فسنعرف كيف نردّ. وسينهض معنا الشعب الكردي بأكمله".





* صحافيّ





[1] Michel Verrier, “ En Turquie, procès au peuple kurde ”, Le Monde diplomatique, juin 1999.

[2] إقرأ: ميشي فيرييه": مشاهد من الوضع الكرديّ عشية الحرب"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تشربن الأول/أكتوبر 2003، http://www.mondiploar.com/oct02/art...

[3] مقاتلون أكراد إيرانيون أيضاً وجدوا لأنفسهم ملجأ في المنطقة .

[4] حزب العمال الكردستاني مُدرَج منذ العام 1997 على لائحة المنظمات "الإرهابية" التي أصدرتها الولايات المتحدة. والاتحاد الأوروبي بدوره اعتمد التصنيف نفسه في العام 2002.

[5] مع نهاية الحرب العالمية الأولى، طرح الحلفاء المنتصرون إقامة دولة كردية أثناء معاهدة سيفر (1920). لكن بعد ثلاثة أعوام، جرى في مؤتمر لوزان (1923) تقسيم منطقة كردستان بين أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسورية.




إعادة تشكيل الشرق الأدنى - ابن سوريا - 11-13-2007

انتهى الملف
أتمنى لكم قراءة ممتعة :duh:

(f)


إعادة تشكيل الشرق الأدنى - أبو إبراهيم - 11-13-2007

لم أنته بعد من قراءة كل المقالات، ولكن لفتت نظري هذه العبارة : "، ورئيس الأركان، دان حالوتس، الذي كان موعوداً برئاسة الوزراء، قد تعرّض للانتقادات واضطر لتقديم استقالته" في المقال السادس....
جميل أن يقدم أحدهم استقالته عندما يتعرض لهزيمة صغيرة كانت أم كبيرة...... لا أن يتشبث بالمنصب بعد سبع عشرة هزيمة....

:D