حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
تبطيل باطل الأباطيل.. ردا على رجاء النقاش - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79) +---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25) +---- الموضوع: تبطيل باطل الأباطيل.. ردا على رجاء النقاش (/showthread.php?tid=8207) |
تبطيل باطل الأباطيل.. ردا على رجاء النقاش - Gkhawam - 11-05-2007 تبطيل باطل الأباطيل.. ردا على رجاء النقاش د. كامل النجار تحت عنوان "باطل الأباطيل" كتب الكاتب الشهير رجاء النقاش مقالاً في جريدة "الوطن" القطرية نقلته صحيفة إيلاف الإلكترونية في عددها الصادر يوم السبت 3 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007 في قسم "جريدة الجرائد". وكما يقول المثل العربي "لكل جوادٍ كبوة، ولكل سيفٍ نبوة" وأعتقد أن السيد رجاء قد نبا في هذا المقال. بدأ السيد رجاء مقاله بالآتي: " في الحلقة الأخيرة من برنامج «الاتجاه المعاكس» الذي يقدمه المذيع اللامع الدكتور فيصل القاسم قال أحد المشاركين في البرنامج ولا أذكر اسمه الآن إن عرب الجزيرة أو البدو كما سماهم قد فتحوا الشام ومصر بالقوة وأنهم قضوا على حضارتين كبيرتين لهما تاريخ عريق هما حضارة مصر وحضارة الشام ومنذ ذلك الغزو العربي للبلدين لم تقم للحضارة فيهما قائمة من أي نوع" انتهى. ويبدو من صيغة المقال أن السيد رجاء يعترض على هذا الكلام الذي لا أرى أي سبب وجيه للاعتراض عليه. فليس هناك أي خلاف تاريخي في أن الشام فُتح عنوةً، واعتقد مصر كذلك، رغم اختلاف أقلية من كتب التاريخ الإسلامي. ولا خلاف كذلك أن الذين فتحوا البلدين كانوا أعراباً أي "بدو" لأن جميع سكان الحجاز وتهامة ونجد كانوا من البدو ماعدا قريتي مكة ويثرب والطائف. وكونهم "فتحوا" البلدين، فهذا تلقائياً يعني أنهم استعملوا القوة والعنف في ذلك. وكون أن البدو قضوا على حضارتين من أقدم حضارات الإنسان، فلا أعتقد أن هناك خلافاً على ذلك أيضاً، ثم تعثّر السيد رجاء بعد كبوته الأولى، فقال "وقد تحسر المتحدث حسرة شديدة على ما اصاب حضارة مصر والشام من انهيار شديد على يد العرب وخرج من ذلك كله بأن الفتح العربي للشام ومصر كان اشبه بصفحة سوداء من صحف التاريخ وكانت هذه الصفحة هي من صفحات التخريب لا من صفحات البناء والتعمير ولم يقل لنا المتحدث ربما لأنه لا يعرف - أنه لم تكن في مصر ولا في الشمال حضارة من أي نوع عند الفتح العربي" انتهى. وأرجو أن يسامحني السيد رجاء في الاختلاف معه، وربما كان المتحدث مخطئاً عندما قال "أشبه بصفحة سوداء من صحف التاريخ"، فأن فتح مصر كان فعلاً صفحة سوداء، وليس شبه سوداء، والدليل على ذلك ماثلٌ الآن أمام أعيننا، فمصر التي عرفت الحضارة قبل كثير من بلاد العالم القديم، تُصنّف الآن مع دول العالم الثالث المتخلفة والفقيرة والتي تدوس على كرامة الإنسان، خاصةً غير المسلم، بالأحذية. ولا أعرف كيف يجرؤ السيد رجاء النقاش على أن يقول " ولم يقل لنا المتحدث ربما لأنه لا يعرف - أنه لم تكن في مصر ولا في الشمال حضارة من أي نوع عند الفتح العربي" انتهى. فإذا كان السيد رجاء يقصد ب "الشمال" منطقة سوريا والهلال الخصيب عامةً، فقد أخطأ الرأي. فمدينة دمشق هي أقدم مدينة عرفت الإسكان البشري غير المنقطع منذ الألفية العاشرة قبل الميلاد. وقد أثبتت حفريات تل الرماد هذا. وقد سكنها الآراميون وأقاموا بها قنوات الري من نهر بردى، وكان بعضها أنفاقاً تحت الأرض،. والمدينة كانت محطة القوافل من الصين، وقد تعاقب على حكمها الآشوريون والكلندانيون والفرس إلى أن احتلها الإسكندر الأكبر عام 333 ق.م ثم الرومان في عام 64 ميلادية. وقد عرفت المدينة الحضارة الهلنستية لمدة عشرة قرون. وقد جمعت هذه الحضارة عصارة الحضارات الإغريقية والرومانية والفارسية. فلا بد أن يعترف السيد رجاء النقاش أن الحضارة التي تمتعت بها دمشق في تلك الحقبة قبل وبعد الميلاد كانت عصارة الحضارات المعروفة للجنس البشري وقتها. أما مصر فحضارتها لا تحتاج إلى شهادة مني أو من السيد رجاء النقاش. فمصر التي عرفت الكتابة وبناء الأهرامات وصناعة القوارب وقنوات الري والشادوف وعرف أطباؤها فتح جمجمة الرأس لإزالة النزيف وعرف كهنتها سر التحنيط، غنية عن الشهادات. ومن أغرب الأشياء أن يقول كاتب مثل رجاء النقاش " وأنا أحمد الله أن أصبح في بلادنا من الجرأة وحرية التفكير والتعبير ما جعل مثل هذا المتحدث يظهر بيننا ويعبر عن أفكاره على شاشة قناة فضائية ناجحة يستمع اليها الملايين في العالم كله وذلك دون أن يتعرض هذا المتحدث للعقاب من أي نوع بل كل ما هنالك أن آخرين يحق لهم أن يردوا عليه ويتصدوا له ويظهروا ما في كلامه من خطأ لا يقره التاريخ لأن كلامه هو «باطل الأباطيل» انتهى. وهنا سوف أتصدى أنا لأرد على السيد رجاء وأظهر ما في كلامه من خطأ. وهذه الفقرة التي كتبها السيد رجاء في حد ذاتها تُثبت ما ذهب إليه المتحدث في الحلقة التلفزيونية. فلولا الفتوحات الإسلامية لكانت مصر والسودان والبحرين وقطر وعُمان دولاً مسيحية لا تعرف طاعة الإمام من طاعة الله، وتوريث الحكم وكتم أنفاس العباد باسم الله. فإذا أمعن السيد رجاء النظر في جميع دول العالم يجد أنها جميعاً، حتى الدول الإفريقية غير الإسلامية، قد أصبحت الآن دولاً ديمقراطية (إذا استثنينا زمبابوي في إفريقيا والصين وكوريا الشمالية في آسية). ودول أمريكا الجنوبية كلها الآن أصبحت ديقراطية وتترأس حكومات دولتين منها نساء. فإذا كان السيد رجاء يعتبر أن عدم تعرض المتحدث إلى العقاب لأنه تجرأ وانتقد العرب شيئٌ يحمد الله عليه، فهنئياً للسيد رجاء عروبته. وفي اعتداءٍ صارخ على التاريخ يقول السيد رجاء " والحقيقة أن كلام المتحدث التليفزيوني فيه أخطاء لا يقرها التاريخ وأول هذه الاخطاء ان فتح العرب لمصر والشام لم ينتج على الاطلاق عن حرب بين العرب من جانب وبين أهل مصر وأهل الشام من جانب آخر فلا المصريون ولا أهل الشام اشتركوا مطلقا في الحرب ضد الفتح العربي للبلدين بل كانت الحرب تدور بين الجيوش العربية وبين الجيوش الرومانية فقد كانت مصر والشام خاضعتين للحكم الروماني منذ حوالي ستمائة سنة سابقة على الغزو العربي ولم يكن مسموحا مطلقا لأهل مصر ولا لأهل الشام ان يكونوا جنودا في جيوش الرومان" انتهى وسوف أترك الشام جانباً واتحدث عن مصر، بل سوف أترك المؤرخين يتحدثوا عن فتح مصر. يقول المبرد (ثم ان عمراً سار إلى الإسكندرية وكان مَنْ بين الإسكندرية والفسطاط من الروم والقبط قد تجمعوا له وقالوا: نغزوه قبل أنْ يغزونا ويروم الإسكندرية فالتقوا واقتتلوا فهزمهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وسار حتى بلغ الإسكندرية، فوجد أهلها معدِّين لقتاله، فأرسل المقوقس إلى عمرو يسأله الهدنة إلى مدة فلم يجبه الى ذلك، وقال: " لقد لقينا ملككم الأكبر هرقل، فكان منه ما بلغكم، فقال المقوقس لأصحابه: صَدَق، فنحن أولى.بالإذعان. فأغلظوا له في القول، وامتنعوا، فقاتلهم المسلمون وحصروهم ثلاثة أشهر، وفتحها عَمْرو عنوة، وغنم ما فيها وجعلهم ذمة وقيل: إن المقوقس صالح عَمْراً على اثني عشر ألف دينار على أنْ يخرج من الاسكندرية من أراد الخروج ويقيم من أراد القيام، وجعل فيها عَمْرو جنداً. ولما فُتحت مصر غزوا النوبة فرجع المسلمون بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم فسموهم "رماة الحدق ") (الكامل في التاريخ، ج2، ص 408). أما ابن جرير الطبري فيقول (أن عمر رضي الله عنه حين فرغ من الشام كلها كتب إلى عمرو بن العاص أن يسير إلى مصر في جنده فخرج حتى فتح باب اليون في سنة عشرين. قال وقد اختلف في فتح الإسكندرية فبعض الناس يزعم أنها فتحت في سنة خمس وعشرين وعلى سنتين من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وعليها عمرو بن العاص، حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال وحدثني القاسم بن قزمان رجل من أهل مصر عن زياد بن جزء الزبيدي أنه حدثه أنه كان في جند عمرو بن العاص حين افتتح مصر والإسكندرية قال افتتحنا الإسكندرية في خلافة عمر بن الخطاب في سنة إحدى وعشرين أو سنة اثنتين وعشرين قال لما افتتحنا باب اليون تدنينا قرى الريف فيما بيننا وبين الإسكندرية قرية فقرية حتى انتهينا إلى بلهيب قرية من قرى الريف يقال لها قرية الريش وقد بلغت سبايانا المدينة ومكة واليمن) (تاريخ الطبري، ج2، ص 512). ويستمر الطبري فيقول (لما التقى عمرو والمقوقس بعين شمس واقتتلت خيلاهما جعل المسلمون يجولون بعد البعد فدمرهم عمرو فقال رجل من أهل اليمن إنا لم نخلق من حجارة ولا حديد فقال اسكت فإنما أنت كلب قال فأنت أمير الكلاب قال فلما جعل ذلك يتواصل نادى عمرو أين أصحاب رسول الله فحضر من شهدها من أصحاب رسول الله فقال تقدموا فبكم ينصر الله المسلمين فتقدموا وفيهم يومئذ أبو بردة وأبو برزة وناهدهم الناس يتبعون الصحابة ففتح الله على المسلمين وظفروا أحسن الظفر وافتتحت مصر في ربيع الأول سنة ست عشرة) (ص 516). أما عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي فيقول (سنة سبع وعشرين فيها ركب معاوية في البرح لغزو قبرس وعُزل عمرو بن العاص بعبد الله بن سعد بن أبي سرح وسبب العزل أنه غزا الإسكندرية ظانا نقض العهد فقتل وسبى ولم يصح عند عثمان نقضهم للعهد فأمر برد السبى وعزله فاعتزل عمرو في ناحية فلسطين وكان ذلك بدء المخالفة. وغزا عبد الله بن سعيد اقليم إفريقية وافتتحها وأصاب الراجل الف دينار والفارس ثلاثة آلاف وقتل ملكهم) (تاريخ دمشق/ ج1، ص 36). وأظن هذه الكتب تثبت أن مصر فُتحت عنوة، كما فُتح شمال إفريقية كله، وسبى البدو أهلها (ولم يسبوا الرومان) وبعثوا بهم إلى الأمصار. وقد قاتل أهل مصر (القبط) في جميع المعارك. وأرجو أن يوضح لنا السيد رجاء الذي قال إن أهل مصر لم يكن مسموحاً لهم الالتحاق بالجيش الروماني، هل أقباط مصر مسموح لهم الآن بالوصول إلى الرتب العليا في الجيش المصري العربي؟ ألا يفتي فقهاء الإسلام بأن غير المسلم لا يجوز له أن يدافع عن بلاد المسلمين؟ ثم ينتقل بنا السيد رجاء إلى اعتناق المصريين الإسلام بالدعوة الحسنة، فيقول " وأعود الى الدليل الذي اشرت اليه والذي يكشف أن العرب قد عاملوا المصريين معاملة كريمة جدا وهم لم يهدموا بيتا ولم يذبحوا الآلاف كما يتم الافتراء عليهم الآن هذا الدليل «العقلي» هو أن المصريين لم يبدأوا في اعتناق الإسلام الا بعد حوالي مائة سنة من الفتح العربي وهذا الدليل له معنيان واضحان تمام الوضوح: المعنى الأول هو أن العرب لم يفرضوا على المصريين ترك عقيدتهم غير الإسلامية وتركوهم أحرارا في دينهم، والمعنى الثاني أن المصريين حين بدأوا يدخلون الإسلام بهدوء وبدون أي تسرع كانوا في نفس الوقت قد اقتنعوا بأن العرب هم قوم وعلى خلق كريم، وهم يتعاملون مع الناس باحترام ولا يفكرون في إلحاق الأذى بأحد في نفسه أو أهله أو ماله" انتهى. ولنا هنا أن نسأل السيد رجاء: إذا كان المسلمون العرب قوماً ذوى خلق كريم ولا يفكرون بإلحاق الأذى بأحد، لماذا ساروا بالمئات إلى المدينة وحاصروا الخليفة عثمان وقتلوه؟ وإذا كان المسلمون لم يغزوا مصر ليجبروا أهلها على اعتناق الإسلام، ومصر لم تهاجم المسلمين في عقر دارهم، لماذا أمر عمر بن الخطاب بغزو مصر؟ والجواب أن المسلمين أرادوا الاستيطان بمصر بدل صحرائهم الجرداء، وأردوا كذلك نهب خيرات المصريين. والدليل على ذلك أن الخراج الذي فرضه عمرو بن العاص على المصريين قد أرهقهم (وكان خراج مصر في أيام عمر ستة وتسعين ألف ألف دينار فجباها عبد اللّه بن الحبحاب في أيام بني أمية ألفي ألف وسبع مائة ألف وثلاثة وعشرين ألفأ وثمانمائة وسبع دنانير وحمل منها عيسى بن موسى في أيام بني العباس ألفي ألف ومائة ألف وثمانين ألف دينار) (المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج4، ص 136). وهذه الضرائب المرهقة هي التي جعلت المصريين في نهاية المطاف يعتنقوا الإسلام ليتخلصوا منها وكذلك لينالوا حظاً عند السلطان. يقول ابن خلدون(واختط عمرو بن العاص الفسطاط بموضع خيامة التي كان يحاصر منها مصر. فنزل بها المسلمون وهجروا المدينة التي كان بها المقوقس، إلى أنّ خَرَبت. وكان في خرابها ومهلك المقوقس انقراض أمرهم. وبقي أعقابهم إلى هذا الزمان يستعملهم أهل الدول الإسلامية في حسابات الخراج، وجبايات الأموال لقيامهم عليها، وغنائهم فيها، وكفايتهم في ضبطها وتنميتها. وقد يهاجر بعضهم إلى الإسلام فترتفع رتبتهم عند السلطان في الوظائف المالية التي أعلاها في الديار المصرية رتبة الوزارة، فيقلدونهم إياها ليحصل لهم بذلك قرب من السلطان، وحظ عظيم في الدولة وبسطة يد في الجاه، تعدّدت منهم في ذلك رجال، وتعينت لهم بيوت، قَصَرَ السلطان نظره على الاختيار منها لهذا العهد. وعامتهم يقيم على دين النصرانية الذي كانوا عليه لهذا العهد، وأكثرهم بنواحي الصعيد وسائر الأعمال، متحرفون بالفلح والله غالب على أمره) (تاريخ ابن خلدون، ج2، ص 92). فأهل مصر في الشمال دخلوا في الإسلام للهروب من الخراج، وبقى أهل الجنوب في فلاحتهم ودفع الجزية التي أرهقتهم وثاروا عدة مرات بسببها. ويقول ابن هشام في السيرة النبوية (وقد ترك عروةُ المدينةَ ورحل إلى مصرَ وأقَام بها سبعَ سنين، ذكر البلاذُرِي عن عروة قوله: " أقمت بمصر سبع سنين، وتزوجت بها، فرأيت أهلَها مجاهيدَ، قد حُمل عليهم فوقَ طاقتهم) (ج1، ص 37). ويستمر السيد رجاء فيقول " مصر لم تخسر دورها الحضاري بسبب العرب، بل بسبب الاستعمار الطويل الذي تحكم فيها منذ سنة خمسمائة قبل الميلاد حتى منتصف القرن العشرين، أما فترة الحكم العربي فلم تطل، وسرعان ما حل محل العرب أتراك وفرس وغير ذلك من ملوك الاستبداد التي عانت منه مصر، فهل يمكن لبلد خضع للاستعمار طيلة هذه المدة أن ينهض ويتحضر؟" وغريب أن يعترف السيد رجاء بأن مصر كانت ذات حضارة، بعد أن أنكرها، منذ زمن طويل قبل الميلاد وخسرتها ليس بسبب الغزو العربي وإنما بسبب الاستعمار الذي بدأ عام خمسمائة قبل الميلاد. ولكن السيد رجاء قد حاول هنا أن يقلب الأمور رأساًُ على عقب. فالاستعمار الروماني علّم مصر بناء المكتبات وصناعة الكتب وجمعها، كما علمها بعض أنواع الهندسة المعمارية. والاستعمار النابليوني فتح لمصر باب الحضارة على مصراعيه. إنما أغلق ذلك الباب وأدى إلى تخلف مصر المسلمون وشيوخ الإسلام الذين شغلوا أنفسهم وغيرهم بفقه الحيض والاستحاضة ومحاربة الشياطين التي أدخلها لها نابليون في شكل المراصد الجوية وأدوات الطباعة. واختتم السيد رجاء مقاله بالآتي "أحب أن أختم حديثي بهذه العبارات الجميلة جدا والتي نقلها الأستاذ أحمد حسين في كتابه «نصف قرن مع العروبة ـ قضية في فلسطين» على لسان عميد أدباء فلسطين محمد إسعاف النشاشيبي حيث يقول: في هذه الحجرة قال لنا شاب مصري إن مصر قد ابتلعت الفرس والرومان والعرب، وصحيح ان مصر قد ابتعلت الفرس والرومان ولكنها لم تبتلع العرب، هناك في انجلترا جاء الأنجلو واختلطوا بالسكان، فكان هذا المزيج المتفوق وهم «الانجليز» الأنجلو ساكسون وكذلك أنتم أيها المصريون، إنكم لستم بمصريين، ولستم بعرب، إنكم عرب مصريون، فكونوا لنا في المشرق ما كانه «الأنجلو ساكسون» في انجلترا." انتهى. وفي الحقيقة فإن الفرس والرومان كانوا مستعمرين رجعوا إلى بلادهم أما العرب فكان استعمارهم استعماراً إستيطانياً على حساب المصريين. فقد انتقلت قبائل عربية بكاملها واستقرت بمصر وما زال جزء كبير منها يحافظ على عروبته في جنوب مصر. حتى أسماء القبائل ما زالت عربية بحته. والثقافة العربية الإسلامية لم تتفاعل مع الثقافة المصرية بل ازاحتها عن الساحة واحتلت مكانها. أما في إنكلترا فلم يأت الساكسون ويختلطوا بالسكان، كما ذكر الأستاذ أحمد حسين في كتابه. فإنكلترا في ذلك الوقت عندما غادرها الرومان في عام 410 ميلادية، كانت عبارة عن ثلاثة أقطار منفصلة: اسكتلندا في الشمال، وويلز في الغرب وإنكلترا في بقية الجزيرة. ولأن إنكلترا كانت ضعيفة بدون الحماية الرومانية فقد غزاها الساكسون من شمال غرب ألمانيا، أي المنطقة التي كانت تُعرف باسم ساكسوني Saxony واستقروا في جنوب الجزيرة، وأتى الأنجلز Angles من منطقة الحدود بين ألمانيا والدنمارك واستقروا في أواسط إنكلترا. وبقي الأسكتلنديون وويلز مستقلين. ومع مرور الزمن اختلط الساكسون مع الأنجلز واندمجوا وتفاعلوا مع بعض في زمان غابر عندما كان الإنسان بدائياً والقوميات لم تتمكن منه. ورغم أن سكان إنكلترا الأصليين قد تزاوجوا مع الرومان واعتمدوا عليهم فقد كانوا أقلية غير قادرة على حماية نفسها وانصهرت في الغزاة الجدد. وأغلب القوميات الأوربية اختلطوا في الماضي السحيق بغيرهم عندما بدأت الهجرة من إيران الحالية إلى الهند وإلى أوربا وتكوّن منها الجنس الآري المنتشر في جميع أوربا. أما العرب في مصر فقد اختطوا لأنفسهم مساراً مغايراً لما فعلته الشعوب الهندوإيرانية. كامل النجار |