حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78)
+--- الموضوع: اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي (/showthread.php?tid=8656)



اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - يجعله عامر - 10-09-2007

قرأت هذا المقال وأعجبني أن كاتبه وهو مسيحي صاحب جهد طيب في تاريخ اللغة العربية ومحاولة تسهيلها للطلاب وصياغتها في رونق أدبي سلس يستجلب الكثيرين ممن تنافروا عنها
فأردت أن أشارك به هنا علّ أحد يستفيد منه ، خاصة وأن في المقال مناقشات لآراء العلامه نولدكه في وقت مبكر في العصر الحديث الامر الذي يسترعي الانتباه
خاصة وأن الحديث عن نولدكه عاد هذي الايام على إثر ترجمة كتابه الموسوعي عن تاريخ القران .. اترككم الان مع المقال
وسأحاول موافاتكم بترجمة كاتبه مع تتمته في وقت لاحق ، طاب وقتكم جميعا

اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي في موطن العربية المضرية ونسبتها إلى أخواتها من اللغات السامية


أيها السادة والسيدات : اللغة العربية فرع من أرومة تعرف بالأرومة السامية ومن فروع هذه الأرومة اللغات الآتية وهي : البابلية القديمة وتعرف بالأشورية أيضًا ، والأرامية ( وهي السريانية ) والعبرانية الفينيقية ، والحميرية ، والحبشية أو الأثيوبية . إلا أن العربية من بين هذه الفروع هي أمدها أغصانًا وأملاها جذمًا وأورفها ظلاًّ وأنضرها أوراقًا وأطيبها ثمرًا يانعًا شهيًّا . وعلماء اللغات الغربيون يقولون : إن أرومة هذه الدوحة السامية انشعب منها فرعان اثنان فرع شمالي وفيه اللغة البابلية القديمة ، والأرامية والعبرانية الفينيقية ، وفرع جنوبي وفيه العربية المضرية والسبئية والسقطرية والمهرية والأثيوبية ( أو الحبشية ) .
وصحح العلامة أرثر نولدكي على ما في دائرة المعارف البريطانية الأخيرة سنة 1911 هذا التقسيم فجعل اللغة البابلية القديمة فرعًا مستقلاًّ بنفسه وجعل الفرع الثاني ينشعب إلى جذمين شمالي وجنوبي وجعل في الشمالي الأرامية ، والعبرانية الفينيقية ، وجعل في الجنوبي العربية المضرية ، والسبئية ، والسقطرية ، والحبشية أو الأثيوبية . هذا ما يراه العلماء الغربيون في تقسيم اللغات السامية وتفرعاتها عن الأم التي نشأت منها . ولهم في موطن هذه الأم السامية الأصلي آراء ثلاثة الأول أن موطنها أفريقيا ، والثاني أنه العراق وما يجاور الخليج الفارسي من أعلاه إلى اليمين والشمال ، والثالث أنه شبه جزيرة العرب , أما الرأي الثاني فرأي العلامة الأستاذ جويدي صاحب المحاضرات المشهورة في الجامعة المصرية في العام الفائت , وأما الرأي الأول فالظاهر من كلام العلامة نولدكي أنه من القائلين به أو الذاهبين إليه , وأما الثالث فيقول فيه هذا العلامة : إنه مما ذهب إليه فريق من العلماء الباحثين ولكنه لا يسمي أحدًا من الذين يقولون به , ومع أنه يقول في هذا الرأي : إن عليه مسحة من القبول وفي الظواهر ما يعضده ، يعود فيعطف على مقاله هذا ما يُشْتَمُّ منه تضعيفه والجرح فيه . راجع مقالة هذا العلامة النفيسة المدرجة في المجلد الرابع والعشرين من دائرة المعارف البريطانية الطبعة الأخيرة سنة 1911 وجه 620 إلى 630 .
*** عود إلى تفريع اللغات السامية قلنا : إن علماء الغربيين يفرعون الدوحة السامية العظمى إلى فرعين كبيرين شمالي وجنوبي ويشعبون من الفرع الشمالي البابلية القديمة والأرامية والعبرانية الفينيقية ، ومن الجنوبي العربية العدنانية المُضرية والسبئية والمهرية والسقطرية ( نسبة إلى مهرة وجزيرة سقطرة ) والإثيوبية ويندرج تحت الإثيوبية الحبشية والأمهرية . وقد ذكرنا أيضًا تصحيح العلامة نولدكي لهذا التفريع أي أنه جعل البابلية القديمة فرعًا مستقلاً بذاته وجعل ما سواها من بقية اللغات السامية في الفرع الثاني وشعب من هذا الفرع شعبتين أو جذمين شمالي وجنوبي على ما مر بنا .
ولم أر سندًا لما ذكره هذا العلامة إلا ما بين اللغات من التقارب والمشابهات في الألفاظ المفردة والاشتقاقات الصرفية وما يلحق ذلك من التراكيب وأدوات المعاني ولا سيما أدوات وطرق التعريف والتنكير ، وقد أغفل الوجه التاريخي تمام الإغفال . والذي يظهر لي أن إغفال الوجهة التاريخية نقص في البحث وأنه لو تُنبه إليها وأضيفت مآخذها إلى مآخذ الأبحاث اللغوية الصرفة لكان فيما يستنتج من مجموع وجهتي البحث ما يضعف آراء القوم في التقسيم والتفريع ويضعف أيضًا تصحيح العلامة نولدكي .
وعندي أنه لو أضفنا إلى ما نعرفه من التشابه والتقارب بين الألفاظ والمشتقات وضروب التراكيب النحوية والإضافية وطرق التعريف والتنكير ما نعرفه من النقول التاريخية والتقاليد العمومية المتعارفة لأدى بنا ذلك إلى التقسيم الآتي وهو أن الدوحة السامية العظمى تنقسم إلى فرعين كبيرين هما الفرع القحطاني والفرع العادي ، وأن الفرع الأول أي القحطاني تشعب منه الأرامية والحميرية والحبشية ، وأن الثاني أي العادي انشعب منه البابلية القديمة والعبرانية الفينيقية والعربية العدنانية المضرية . وأما السبئية التي يشير إليها العلامة نولدكي فإن كان يراد بها لغة بلاد سبأ أي البلاد التي عاصمتها مأرب ذات السد المشهور ، فالتاريخ يعارض قول هذا العلامة وينافيه ؛ لأنه يشير إشارة لا تقوى على معارضتها ( إلى ) أن لغة هذه البلاد كانت منذ الجيل الأول للمسيح لحد هذه الساعة لغة عربية مُضَرية وسنقيم الدليل على ذلك . وعليه فالأرجح أن هذه اللغة السبئية التي يقولها هذا العلامة إنما هي الحميرية القحطانية يخالطها شيء من العربية المضرية بما يتخيل معه أنها شعبة من الجذم العربي العادي . وأما لغة مهرة وسقطرة فخليط من الحميرية والحبشية ولا يبعد أن يكون بين ألفظاها بقية كبيرة من اللغة السبئية العادية العدنانية التي زعمها العلامة نولدكي قسيمة للعربية وما هي قسيمة لها وإنما هي لهجة أو لغة من لغاتها على الأرجح .
***مهد اللغة السامية أو وطنها الأصلي قبل إقامة الدليل التاريخي على ما ذكرناه في شأن لغة سبأ أي أنها لغة ولهجة من لهجات العربية وبعبارة أخرى أن أهل بلاد سبأ كانوا يتكلمون العربية المضرية من ( زمن ) سيل العرِم إلى الآن . وقبل أن أذكر الدليل في إثبات أن فرعي الأمِّ السامية هما القحطانية والعادية ومنهما تفرعت بقية اللغات السامية الأخرى لا بد لي من الرجوع إلى الكلام عن موطن اللغة السامية الأصلي ومهدها الذي ربيت فيه فأقول : وجدنا اللغات السامية في البلدان الآتية : 1- في شمالي أفريقيا على شواطئ المتوسط من الشام شرقًا حتى تصل إلى بوغاز جبل طارق و الأتلانتيكي غربًا ويشتمل ذلك على برقة و طرابلس الغرب و تونس و الجزائر وبلاد مراكش . 2- في مصر وما يليها جنوبًا من بلاد الإثيوبيين أو ممالك الحبشة . 3- في جزيرة العرب وما والاها من فلسطين و سوريا حتى تصل آسيا الصغرى . 4- في بادية الشام و العراق من رأس الخليج الفارسي جنوبًا حتى تصل المُوصل و ديار بكر شمالاً ، وليس في التاريخ ولا في الآثار ولا في التقاليد المتناقلة ما يشير أدنى إشارة إلى أنها كانت في غير هذه البلدان . هذه هي البلدان التي عاشت فيها الأمم التي تكلمت اللغات السامية لم يعرف عنها قط أنها كانت في غيرها من البلاد اللهم إلا حيث كانت المستعمرات الفينيقية لكنها لم تثبت هناك ، بل انقرضت حالاً عند انقراض المستعمرين وتغلب من حواليهم من الأمم عليهم ، ولا شك أن مهد السامية لم يتجاوز البلدان التي ذكرناها ولا بد أن يكون في إحداها ، وعلى هذا أجمع أرباب البحث من علماء اللغات والتاريخ قديمًا وحديثًا على ما أعلم وهو ظاهر قول العلامة نولدكي أيضًا . قلنا فيما مر : إن هنالك آراء ثلاثة في موطن السامية ، الأول أنه أفريقيا والثاني أنه جزيرة العرب والثالث أنه العراق أو إقليم بابل وما يليه من بلاد الآشوريين . فلننظر في كل من هذه الآراء واحدًا واحدًا ولا شك أن الرأي الذي تتوفر فيه الأدلة التاريخية والعقلية هو أولى من صاحبيه بالقبول ، دعونا ننظر أولاً إلى بلدان شمالي أفريقيا ونسأل تقاليد أهلها عن أهلها من أين جاءوا ؟ إن البربر وأعني بهم سكان شمالي أفريقيا من الذين كانوا يتكلمون باللغة السامية ولا يزالون يتكلمون بها إلى الآن يرفضون بتاتًا أن يكون أصلهم من زنوج أفريقيا ، ويصلون أنسابهم بأنساب العرب وأهل اليمن والشام ، والقول المعتبر في ذلك إنما هو قول العلامة ابن خلدون صاحب التاريخ المشهور ، فراجع ما نقله في أنساب البربر - المجلد السادس طبعة بولاق من صفحة 89 إلى 98 . إن الواقف على ما يذكره هذه العلامة في أنساب القوم لا يشك أنهم جاءوا إلى تلك البلاد الواسعة من الشام والبلاد العربية ، ولا أقول : إن البربر استعمروا بلادهم ابتداء لم يكن فيها قبلهم أحد من الأمم ولكني أقول : إن هؤلاء الذين جاءوا البلاد ولغتهم من الدوحة السامية جاءوا من الشام وجزيرة العرب فتغلبوا مع الأيام على أهل البلاد ، وصارت إليهم الدولة والسلطة واختلطوا مع من غلبوهم بالزواج فصاروا من ثمَّ جميعهم ( الغالبون والمغلوبون ) ينتسبون إلى الأمم التي كان منها الغالبون ، لا أستطيع أن أنقل كل ما ذكره العلامة ابن خلدون في أنساب البربر ولكني أنقل ما جاء له في الجزء الثاني من تاريخه ( وجه 51 طبعة بولاق ) قال : قال ابن حزم : هو أفريقش بن قيس بن صيفي أخو الحارث الرائش وهو الذي ذهب بقبائل العرب إلى أفريقيا وبه سُميت وساق إليها البربر من أرض كنعان مر بها عند ما غلبها يوشع وقتلهم فاحتمل الغل منهم فساقهم إلى أفريقيا فأنزلهم بها - ولما رجع من غزو المغرب ترك هنالك من قبائل حمير صنهاجة و كتامة فهم إلى الآن بها وليسوا من نسب البربر ، قاله الطبري و الجرجاني والمسعودي و ابن الكلبي و السهيلي وجميع النسابين . انتهى النقل ، ويظهر من هذا الذي نقلناه ومن كثير أمثاله أن التبابعة أجلوا غير مرة العرب وأهل كنعان إلى بلاد المغرب وأقاموا مهاجرًا فيها لقبائلهم من سبأ وحمير . ولا أحتاج أن أذكر جاليات الصيدونيين والصوريين إلى تلك البلاد فإن الحالية منهم التي استعمرت قرطاجنة ومن ثم صار لها الغلب على كل شمالي أفريقيا سنينًا طويلة هي أشهر من أن تذكر ، وكادت دولتهم هناك أن يكون لها الغلب على أشهر الممالك المعروفة حينئذ لو لم تسبقها رومية العظمى إلى ذلك ، وبناء على هذا جميعه أعيد ما قلته من أن التقاليد والتواريخ كلها تشير إلى جهة واحدة وهي أن الأمم السامية هم دخلاء على شمالي أفريقيا وقد جاءوا إلى هناك من الشام وجزيرة العرب ، فليس شمالي أفريقيا إذن موطنًا للسامية ولا يعقل أن يكون هناك أيضًا . فرغنا الآن من الكلام عن شمالي أفريقيا ، بقي علينا مصر والحبشة , أما مصر فلم أسمع عمن ذهب إلى أنها موطن السامية الأصلي وهذا مما يغنيني على الإطالة وإقامة الدليل على أمر يُنازع فيه ، ومع ذلك أقول : إن الأثري والمؤرخ الشهير العلامة رولسن يرجح أن التمدن المصري القديم ليس أصليًّا فيها إنما جاءها عن العراق وبلاد العرب ، ومن المشهور في الآثار والتواريخ العربية أن دولة الرعاة في مصر وكانت سامية جاءتها من البلاد العربية ، بقي علينا بلاد الحبش - وعامة المحققين وعلماء اللغة لا يشكون في أن الحبشة هؤلاء أعني الذين يتكلمون بهذه اللغة السامية هاجروا إليها من البلاد العربية ، ومثل ذلك أقول في الأمهريين إن لم يكن قد قيل فيهم ذلك من قبل ، والفرق بينهم وبين الحبشة أن الحبشة نزحوا جماعة كبيرة ، وأما أولئك فكانوا قلائل في العدد وباختلاطهم مع الزنوج غلبت عليهم وعلى لغتهم ملامح هؤلاء وألفاظ لغتهم وكثير من عباراتها وتراكيبها ولكن لم تقو لغتهم الزنجية على إزالة الأصل السامي فبقي من آثاره ما يدل عليه بعد التنقيب وإمعان الروية ، وأرى أن العقل لا يستطيع الحكم بأن هؤلاء الساميين بقوا ما بقوا في أفريقيا وكانوا ما كانوا ثم خرجوا عن بَكرة أبيهم من موطنهم الأصلي في بلاد الزنوج ولم يتركوا أثرًا هناك يدل عليهم أصلاً ، إن هذا الرأي لا يُقبل إلا مع البرهان الراجح إن لم نقل البرهان القاطع للشك والنافي للاحتمال . بقي علينا بلاد العراق من الخليج الفارسي إلى الموصل وديار بكر - والباحثون على اتفاق بينهم أن الآشوريين جاءوا من بابل وأن لغة الآشوريين ولغة قدماء البابليين واحدة ، والآثار البابلية تقول إن أصحاب آثارها من الذين تكلموا بهذا اللسان السامي لم يكونوا أصليين في البلاد وإنما كان قبلهم قوم على جانب عظيم من التمدن ، وكان لهم لغة لكن من غير الأرومة السامية وعلى جانب من الارتقاء ، فلما تغلب عليهم هؤلاء الساميون أخذوا عنهم الكثير من آدابهم وترجموا لغتهم ومكتوباتهم إلى لغتهم السامية ، والمأخوذ من هذا عقلاً والواجب اعتماده أيضًا أن الساميين أو السامية جاءت إلى العراق وبابل من مكان آخر وكان أهلها غزاة فاتحين ، ولا أقرب إلى العقل من أن يكونوا نزحوا إلى هناك من الجزيرة العربية فإن المشاهد والمعروف في كل العصور التاريخية إلى الآن أن هؤلاء أعني أهل الجزيرة العربية كانوا يهاجرون من سائر أنحائها إلى الشام والعراق يستوطنون هناك تجارًا أو زرّاعين يحرثون الأرض ويربون المواشي وإذا وجدوا نهزة للتغلب والتسلط على مجاوريهم انتهزوها . ***رجوع إلى تقسيم اللغات السامية الأرومة السامية تتشعب إلى فرعين : القحطاني والعادي ظهر لنا مما مرَّ أن البلاد العربية هي موطن السامية والساميين أي المتكلمين بالسامية ( سواء كانوا ساميين أو حاميّين في النسب ) فننظر إلى ما في شبه جزيرة العرب من اللغات فإن كان هناك لغة أو آثار لغة واحدة لا غير فتلك اللغة هي الأرومة السامية الكبرى وإن كان هناك لغتان فاللغتان هما الفرعان اللذان انشعبا من الأرومة الكبرى . إن التقاليد العربية والتواريخ المكتوبة الباقية عندنا إلى اليوم تذكر أن قد كان في شبه جزيرة العرب لغتان هما القحطانية والعادية . وأن القحطانية كانت بين السريانية والعبرانية وهي أميل إلى السريانية كما نرجح . وبيانه - قال المسعودي : وكان الهيثم بن عدي الطائي يقول إسماعيل تكلم بلغة جُرهُم ؛ لأن إسماعيل كان سرياني اللسان على لغة أبيه خليل الرحمن حين أسكنه هو وأمه هاجر بمكة على ما ذكرنا فصاهر جرهم ونشأ على لغتها ونطق بكلامها و نزار تأبى أن يكون إسماعيل نشأ على لغة جُرهُم ويقولون : إن الله عزَّ وجل أعطاه هذه اللغة - إلى أن يقول : ووجدنا ولد قحطان بخلاف لغة ولد نزار بن معد - ويقول : وقد وجدنا ( قحطان ) سرياني اللسان وولده ( يعرب ) بخلاف لسانه . ( راجع المسعودي مجلد أول وجه 192 طبع المطبعة الأزهرية المصرية سنة 1353 ) . وقال العلامة ابن خلدون : وأما جرهم فكانت ديارهم باليمن وكانوا يتكلمون بالعبرانية - وقيل إنما نزلت جرهم الحجاز ثم بنو قطور بن كركر بن عملاق لقحط أصاب اليمن فلم يزالوا بمكة إلى أن كان شأن إسماعيل عليه السلام ونبوته فآمنوا به وقاموا بأمره وورثوا ولاية البيت عنه حتى غلبتهم عليه خزاعة و كنانة فخرجت جرهم من مكة ورجعوا إلى ديارهم باليمن إلى أن هلكوا ( ابن خلدون مجلد ثان وجه 30 طبعة بولاق ) . وقال العلامة ابن هشام إنهم وجدوا في ركن الكعبة كتابًا بالسريانية قرأه لهم رجل يهودي ( راجع سيرة ابن هشام جزء 1 وجه 66 طبعة بولاق ) . يظهر من النقول التي أوردناها أن الإمامين ابن خلدون والمسعودي متفقان على أن جرهم قحطانية وكانت ديارهم اليمن أولاً ( وهذا نص ابن خلدون ) إلا أن الإمام المسعودي يقول : إن لغة جرهم السريانية ، وأما ابن خلدون فيقول : إنها العبرانية ، وأرى أن التوفيق بينهما إذا قلنا : إن القحطانية أقرب إلى السريانية سهل ؛ لأنه يمكننا حمل العبرانية في كلام ابن خلدون على اللغة التي كان يتكلم بها اليهود في أيامه وهي السريانية أو العبرانية البابلية . وإذا كانت القحطانية هي السريانية القديمة أو لغة قريبة منها فيترجح عندنا بل ينبغي أن تكون الحميرية التي خلفت القحطانية ، وبقيت في الجزيرة العربية في اليمن إلى الجيل الثالث بعد الهجرة - على ما نصه العلامة الهمداني [1] قريبة من السريانية أيضًا وأرجح أن قد بقي أثر كبير من هذه الحميرية في مخلاف حضور وحوالي مدينة ظفار إلى اليوم وفي الشحر وسواحل حضرموت أيضًا . قلنا : إن لغات شبه جزيرة العرب لغتان القحطانية الأولى ، وقد خلفتها الحميرية التي بقيت في اليمن إلى الجيل الرابع بعد الهجرة على ما نص العلامة الهمداني كما أشرنا قبيل الآن ، والعادية وهي العربية الأولى ، وأهلها من عاد وثمود وطسم وجديس والعماليق هم العرب العاربة ، وقد انقرضوا على ما يقولون وخلفهم العدنانيون أو النزاريون في أغلب مواطنهم التي كانوا فيها تكلموا بلغتهم . ولغتهم أى العدنانيين هي هذه اللغة العربية المضرية لغة القرآن والحديث والمعلقات وغيرها من الشعر العربي المشهور . ونسبتها إلى العربية الأولى لغة عاد وثمود كنسبة الحميرية إلى القحطانية الأولى على ما أرجح . دعوني أنقل ما ذكره الطبري في هؤلاء العرب العادية وفي لغتهم ومواطنهم وسأختصر في النقل ما استطعت . قال رحمه الله - فعمليق أبو العماليق كلهم أمم تفرقت في البلاد وكان أهل المشرق وأهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم . ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون ، ومنهم كانت الفراعنة بمصر ، وكان أهل البحرين وأهل عمان منهم أمة يسمون جاسم , وكان ساكنو المدينة منهم - وأهل نجد منهم - وأهل تيماء منهم . وكان ملك الحجاز منهم بتيماء واسمه الأرقم وكانوا ساكني نجد مع ذلك - فكانت طنم وعماليق وأميم وجاسم قومًا عربًا لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي - وولد إرم بن سام بن نوح عوض بن إرم و غاثر بن عوص وعاد بن عوص وعبيل بن عوص ، وولد غاثر بن إرم ثمود بن غاثر وجديس بن غاثر وكانوا قومًا عربًا يتكلمون بهذا اللسان المضري ، فكانت العرب تقول لهذه الأمم العرب العاربة ؛ لأنه لسانهم الذي جبلوا عليه ، ويقولون لبني إسماعيل بن إبراهيم العرب المتعربة ؛ لأنهم إنما تكلموا بلسان هذه الأمم حين سكنوا بين أظهرهم , فعاد وثمود والعماليق وأميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب . فكانت عاد بهذا الرمل إلى حضرموت واليمن كله ، وكانت ثمود بالحِجْر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله ، ولحقت جديس بطسم فكانوا معهم باليمامة وما حولها إلى البحرين واسم اليمامة , إذ ذاك جوّ ٌ ، وسكنت جاسم عمان فكانوا بها . ( انظر الطبري مجلد 1 وجه 213 و214 و214 طبع ليبسك ) يظهر مما نقلناه عن هذا المؤرخ الثقة الصلة التامة في اللغة بين هذه القبائل البائدة وأشهرها عاد وبين القبائل العدنانية الباقية إلى اليوم وأشهرها كان بعد قريش قيس و تميم . ويظهر منه أيضًا الصلة بين أهل نجد والحجاز وبين الكنعانيين في الشام فإنهم جميعًا من العمالقة . ومن الصلة بينهم في النسب نستنتج الصلة في اللغة وعليه فتكون العربية والعبرانية من فرع واحد ؛ لأنها أي العبرانية الفينيقية والكنعانية من فرع واحد إن لم يكونا لغة واحدة . ويظهر منه أيضًا البلدان التي احتلتها هذه القبائل ، فإن عادا نزلت الأحقاف إلى حضرموت و اليمن كله ، وثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى ، وطسم وجديس اليمامة وما حولها إلى البحرين ، وجاسم عمان والعمالقة نجدًا والحجاز وتيماء ، فما كان صالحًا للفلح والزرع فلحوه وزرعوه وما كان في طريق التجارة أقاموا فيه محطات لها من خليج فارس شرقًا إلى أيلة وبحر الشام ، غربًا ومن حضرموت واليمن جنوبًا إلى برية الشام وفلسطين شمالاً ، فكانت من ثم مواطنهم لذلك الحين من أحسن النقط التجارية . ولذلك كثر غناهم وعظمت دولتهم وأصبحوا مضرب مثل عند من خلفهم في الغني والقوة والعظمة وتناقلوا عنهم لعظم آثارهم أخبارًا هي أشبه بأخبار القصاص الموضوعة للتسلية والإغراب منها بالإخبار الممكن أن تقع ، فإنهم نسبوا معظمها إلى الجن وتسخير القوات غير المنظورة كما نسبوا مثل ذلك إلى بعلبك وتدمر وبعض آثار بابل وآشور . ........

للمقال تتمة


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - مظفر - 10-14-2007

الحبيب دوما " يجعله عامر" ---أظنّه {الجاحظ}من قال:الكلام على الكلام صعب ..
صراحة ؛أطمئنّ كثيرا إلى ما تختاره،و إن كان اَهتمامي - الفعلي- القول الفلسفي،و أسعى بجدّ إلى توفير بعض "الوسائل" التقنية المساعدة على نقل النّصوص،لعلّني أجد ما يستحقّ القراءة...و مادام المبحث حول اللّغة،أتساءل ؛اللّغة العربية تفاعلت مع المقدّس{القرآن-السنّة}و أوقعت بحكم هذا الترابط العضوي المستحدث بالباحثين في العديد من العوائق،فتأخّر النظر النقدي و الفلسفي نتيجة لذلك!!؟؟ و لأنّ اَطّلاعي - بسيط- وجدت أنّ الاستشراق تمكّن و لعدّة أسباب من طرح رزنامة من الأسئلة حول اللّغة العربية و علومها و علاقاتها بالعلوم الأخرى و تحديدا بالمنطق،،فهل من الممكن توفير بعض الدراسات الاستشراقية أو بعض العناوين لعلّ البعض من الأصدقاء يساعد في وضعها..........و شكرا أبدا..


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - يجعله عامر - 10-14-2007



مظفر يا غالي البحث اعلاه نابع من عقلية هضمت الفكر الاستشراقي الذي كان يصدر انذاك ولا زالت بحوث هذا الرجل وكتبه تحوز اعجاب المستشرقين المضطلعين بالكتابة في مجال اللغة العربية ، لي صديقة اتت من اليابان في زيارة الى مصر خصوصا للبحث عن مثل هذه المؤلفات وجلسنا نتحدث عن هذه الفتره ومن كتب فيها فوجدتها على وعي بمؤلفات لاناس نَدُر ان تجد هنا اهتماما بهم في الفكر العربي
لك مثلا ان تراجع تاريخ القران لنولدكه يستشهد بكتاب عرب معاصرين له اكثر ما نعرف عنهم اليوم حروف الاسامي فحسب
سأضع من أجل عيونك قائمة بمؤلفات هذا الرجل واقتبس من مجلة المنار كلام ( المعجبين به ) .
وسأحاول أن أشير الى الكتب الهامة التي تعنيك

هل يصح ان اضع لك اسماء كتاب اعتنوا باللغة العربية
هناك شخص احبه جدا لانهم قام بتثقيفنا على الطريقة الامريكية في علم اللغة
احمد مختار عمر رحمه الله
كتابه عن المعاجم العربيه رائع جدا
ايضا يتفرد في اللغة العربية بكتابه الأوحد :: علم الدلاله
كما كتب تحت عنوان : اللغة واللون
...
لك ايضا : سعد مصلوح
عبد العزيز حمودة
صلاح فضل
المرحوم لويس عوض
محاضرات براجسشتر
كتاب يوهان فك عن العربيه
وكثير يمكننا ان نتحدث عنه في خلوة او خلوتين
لك تحياتي يا غالي ولا تنسى مطالعة جهود اخونا المغاربه


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - يجعله عامر - 10-14-2007

كتبت لك رد يا مظفر لكن يبدو انه راح مع انقطاع اتصال النت
ساعاود كتابته من اجلك يا غالي (f)


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - مظفر - 10-15-2007

صديقي المتميّز " يجعله عامر":شكرا و ألف تحية ..
أعدتني - مشكورا- إلى جملة من الاشكاليات و القضايا الّتي كانت تُشَـكِّلُ وعيَ جيل كامل،فقد أفقتُ مبكّرا-في أواسط الثمانينات حوالي 1983/1984- و واجهتُ بداية المشاريع الكبرى،مع الطيب تيزيني و حسين مروّة و الجابري و مهدي عامل،ومحمّد أركون،و عبدالله العروي و آخرين..كثر..و لمّا دلفنا مدارج الجامعات لم نجد شيئا،بل كان تخريب الأسئلة و حيث التفتَ وجدتَ يمينا جهولا،إلاّ أنّ للفلسفة فضائلَ و لمفاهيمها شمائلَ و السّائرُ في دروب معانيها عاشق لا يبرأ من عشقه أبدا،فمنحت لمن كان على ودّها قائم،قُــدسيّة الكشف على عطاء الأقدمين،و روعة النّظر في ابداع المتأخّرين،فراوحَ فكرنا واَرتحل بمعية قرّاءَ "ديكارت" و "سبينوزا" و "هيجل"و "ماركس"و"نيتش"ثمّ :فــوكو"و "ديلوز" و"دريدا"و"بلونشو"و "بارت"...و جازت بنا إلى الأدب و السينما،،،...كنّا نسافر مئات الأميال من أجل مجلّة أو كتاب،..كنّا أحرارا ..و الآن...و الآن..
أعود للبدايات و كأنّ الأسئلة لم توضع قبلا،بل،قل؛ما كنّا نبحث عن الأجوبة،لأنّ عقيدتنا في قلب طائر،لا نريد له أرضا،و الهمّ كان "السؤال"ثمّ"السؤال"" فيأتي هذا اليوم فينتصب اللاّمعقول موضع المعقول،و يحرم العقل كنهه و كينونته الّتي هي النّقد و نقد النّقد،،و الآن...و الآن..
أعود لأسئلة اللّغة بلا تقوى،لأنّ محنتها محنتنا،و سياجها سياجنا،لغة محكومة بزمن حضاريّ،يمنع عنها/عنّا الممكن و الولادة،،فهل يسطع العقل- عقلنا- أن يسأل{ نصوص الأصول} عن كيف التكوين و البنية،و عن العلائق بغيرها من النّصوص،..أجل سنسأل أسئلتنا ...


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - عادل نايف البعيني - 10-18-2007

الزميل ( يجعله عامر) (f)( بوجودك)

الزميل مظفر(f)

الموضوع الذي طرحه ابن الجبل ( يجعله عامر) ممتاز وهام جدا وخاصة للمهتمين والباحثين في أصل اللغة وجذورها أشكر لكما إغنائكما للموضوع من خلال الحوار بينكما
لكما كل التحية

محبتي ومودتي(f)


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - يجعله عامر - 10-19-2007

الزميل الكبير : محمد الدرة
الشكر لك يا سيدي أنك تقبلنا هنا في رحابك في ساحة اللغة .
كنت أود ان تعقب ونناقش هنا المقال ونكمل ونضع بقيته ونضع بعضا مما كتبه الرجل ، ونحلل ونقارن ، حتى تثرينا بأفكارك وتعليقاتك
فلك الشكر الدائم
أما الغالي مظفر يا أخي والله دوما تعلمني وتبهج أساريري بكلامك وأفكارك ليكن لنا حوار عما قريب ، دمت بود ونعمه .
تحياتي للجميع


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - عادل نايف البعيني - 11-10-2007

Array
الزميل الكبير : محمد الدرة
الشكر لك يا سيدي أنك تقبلنا هنا في رحابك في ساحة اللغة .
كنت أود ان تعقب ونناقش هنا المقال ونكمل ونضع بقيته ونضع بعضا مما كتبه الرجل ، ونحلل ونقارن ، حتى تثرينا بأفكارك وتعليقاتك
فلك الشكر الدائم
أما الغالي مظفر يا أخي والله دوما تعلمني وتبهج أساريري بكلامك وأفكارك ليكن لنا حوار عما قريب ، دمت بود ونعمه .
تحياتي للجميع
[/quote]

العزيز عامر
لك مني كل الشكر على ما تقدم من مواضيع هامة
والموضوع الذي أنزلت لا أعتقد بأنه يحتمل المناقشة والتحليل والإضافات فهو غني بالمادة التي يطرحها وأظنها صحيحة ولا يحتاج منذا سوى أن يقرؤه المختصون والراغبون بهذه المواضيع
فالمقول يطرح أسسا لهذه اللغات تاريخية ومن لديه الخلفية التاريخية والغوص في لغة الحروف واللغات فهذا مما يسرنا أن يبحث فيه.
مواضيعك عالم قائم بذاته
شكرا لك

محبتي ومودتي


اللغة العربية بحث تاريخي فلسفي - يجعله عامر - 11-12-2007

العزيز محمد الدرة اهتمامك وكلامك الطيب جعلني أتجرأ وأضع لك الجزء الثاني من المقال فتقبل تحياتي
_________________

اللغة العربية ؛ بحث تاريخي فلسفي للأستاذ جبر أفندي ضومط [2]

من هم الأصليون في الجزيرة العربية
القحطانيون [1]
أم العاديون [2] ؟!

هذه المسألة على ما يخيل لي من المسائل الصعبة التي لم يتصد لها أحد بعد فيما أعلم ليزيح عنها الخفاء أو ليقطع فيها الالتباس وكأني بالشائع المتعارف أن العاديين والعمالقة وغيرهن من القبائل العادية هم الأصليون وأن القحطانيين تغلبوا عليهم وحلوا محلهم فانقرض هؤلاء وبقي أولئك .
والذي أراه أن القحطانيين هم قرارة سكان العربية والأصليون في اليمن وجباله وما يليها من المواطن كحضرموت و نجد وأرض البحرين وجنوبي الحجاز مما يتصل باليمن .
وأن العاديين جاءوا إليها متأخرين ، ومع الأيام وبالاستيلاء على طريق التجارة تقوَّوا شيئًا فشيئًا إلى أن دانت لهم العربية كلها وأخضعوا القحطانية لسلطتهم واستمروا على ذلك زمانًا إلى أن أصابت إحدى دولهم جائحة سماوية في الراجح فذلوا وقامت القحطانية تطلب الملك والاستيلاء ورفع سلطة العاديين عنها فتم لها ذلك .
وما زال النزاع بين الفريقين يتجدد من زمن إلى زمن إلى أن قام الفرع الحِميري الظِّفاري فتغلب على البلاد واشتدت وطأته على أهل مأرب فارتحلوا في البلاد فمنهم من قصد نجران ومنهم من أمّ عمان ومنهم من استمرت به رحلته حتى بلغ العراق وهم لخم وغسان ، وأذلوا من بقي في البلاد من العاديين وأشياعهم من العدنانيين في الحجاز ونجد واليمامة وأرض البحرين ذلاًّ شديدًا فاشتدت بسبب ذلك البغضاء بين القحطانيين والعدنانيين حتى ضرب بها المثل واستمر ذلك فيهم إلى أن ظهر الإسلام فأخمد ظهوره شيئًا من تلك الثائرة بما كان له من التأثير في نفوسهم وبما شغلهم به من المغازي والفتوحات وامتداد السلطة والغلب .
على أن تلك العداوة لم تلبث أن عادت إلى شدتها في أيام المروانيين من بني أمية وانتقلت مع القوم حيث انتقلوا .
وبلغ من حدتها في الجيل الرابع للهجرة المبلغ الذي وصفه أبو الطيب المتنبي في إحدى كافورياته حيث يقول في شبيب الخارجي وكان خرج فيمن تبعه من قيس على كافور وحاصر دمشق وكاد يفتحها عنوة .
برغم شبيب فارق السيف كفه وكانا على العلات يصطحبان كأن رقاب الناس قالت لسيفه رفيقك قيسي وأنت يماني والذي يظهر لي أيضًا أن العدنانيين الذين بقيت فيهم اللغة العربية كانوا من العاديين ( إلا من انضم إليهم بأخرة من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل ) ولذلك أذلتهم القحطانية وناصبتهم العداء من حين ظهرت على العاديين أسلافهم في أوائل المسيحية ولم تألُ جَهدًا عن إذلالهم والتحكم فيهم إلى أن عادت لهم الدولة بواسطة قريش وبفضل الإسلام .
فإن لم يكونوا أي العدنانيون من العاديين العمالقة في النسب فلا أقل من أنهم كانوا حلفاءهم ينقلون لهم تجارتهم وبقوا على ذلك أحقابًا متطاولة جعلت لسانهم وعصبيتهم مع لسان العاديين وعصبيتهم أمرًا واحدًا .
أقول هذا وأنا أرجح ما قلته أولاً أي : أن العدنانيين ( معظمهم إن لم يكن كلهم ) عاديون [3] دارًا ولسانًا .
وإقامة الدليل على ذلك خارج عن موضوعي ، ولعلي أعود إليه في فرصة أخرى .
***بيان أن القحطانية أصلية في شبه الجزيرة العربية وأن قرارة دارهم اليمن قلت : إن المسألة صعبة الحل لما في الأخبار المنقول إلينا من التشويش والتضارب وكان يمكنني أن أضرب عنها صفحًا إلا أني لا أرى هيئة من أهل العلم والأدب أرقى من الهيئة التي أمامي الآن تستطيع أن تتبعني في هذه المزالق التاريخية ؛ ولذلك لا أرى بدًّا من الإشارة إلى البراهين التي حملتني على ترجيح ما قلت أي أن القحطانيين هم أصليون في جزيرة العرب وقراراتهم منها اليمن وهم سابقون فيها على العاديين .
وبيانه : ( أولاً ) : إنه لا خلاف أصلاً بين العدنانيين والقحطانيين لا في تاريخ ولا في تقليد أن القحطانية هي العريقة بسكنى اليمن ، وأنها هي التي بقيت في البلاد بعد انقراض الدولة العادية .
وقد أجمع المؤرخون عن آخرهم على تسمية العاديين بالعرب البائدة بعدما نقلوا عنهم ما نقلوه من الغنى والقوة وضخامة الملك .
ولو كانوا عريقين في البلاد كالقحطانيين ولهم مثل ما لهم من العدد والتأصل في السكنى لكان يستحيل انقراضهم حتى لا يبقى من يشار إليه منهم ، فالأقرب إلى المعقول إذن أن المعنيّ بانقراضهم انقراض دولتهم , ولما انقرضت دولتهم وزالت السلطة من أيديهم ظهر بعدهم بالضرورة سكان البلاد الذين كانوا خضعوا لدولتهم وظهورهم معناه خروجهم من ربقة العاديين واسترداد استقلالهم أولاً ثم منازعة العاديين الغلبة والملك في ديارهم التي نزلوها إلى أن تم لهم ذلك وذهبوا بالملك والسيادة من أيديهم جملة , وهذا معنى انقراضهم .
( ثانيًا ) كانت عاد في هذا الرمل من الأحقاف بين عمان واليمن إلى حضرموت فكيف يُعقل أنهم انقرضوا ولغتهم باقية في هذه البلاد لحد هذه الساعة ثم كيف ينقرض أهل اللغة وتبقى اللغة نفسها ؟ إن هذا لغريب وأغرب منه أن يكون العاديون الذين انقرضوا هم أهل البلاد الأصليون والذين قرضوهم من القحطانيين دخلوا عليهم البلاد فاتحين ولهم لغة خاصة بهم ثم بعد أن استمر ملكهم ولغتهم مئات سنين عدنا فرأينا في آخرها أن لغة البلاد حينئذ كانت لغة العاديين الذين انقرضوا لا القحطانيين الذي بقوا .
( ثالثًا ) يكاد يكون كالمجمع عليه أن اليمن دار القحطانية وإليك ما نقل في ذلك : قال الإمام العلامة الطبري : وولد لعابر ابنان أحدهما فالغ ومعناه بالعبرية قاسم وإنما سمي بذلك ؛ لأن الأرض قسمت والألسن تبلبلت في أيامه وسمي الآخر قحطان فولد لقحطان يعرب ويقطان ابنا قحطان بن عامر بن شالح فنزلا أرض اليمن وكان قحطان أول من ملك اليمن ( جزء أول طبع ليبسك وجه 217 ) وقال أيضًا : وجه 222 ولحقت بنو قحطان ابن عامر باليمن فسميت اليمن حيث تيامنوا إليها .
وقال ابن خلدون : فأما عاد فكانت مواطنهم الأولى بأحقاف الرمل بين اليمن وعمان إلى حضرموت .
ويقال : إنهم انتقلوا إلى جزيرة العرب باديةً مخيمين ثم كان لكل فرقة منهم ملوك وآطام وقصور حسبما نذكره إلى أن غلب عليهم بنو يعرب بن قحطان .
( قال ) : وكان أبوهم عاد فيما يقال أول من ملك من العرب وطال عمره وكثر ولده - وعاش ألف سنة ومئتي سنة - وذكر المسعودي أن الذي ملك من بعد عاد و شداد منهم هو الذي سار في الممالك واستولى على كثير من بلاد الشام و الهند والعراق ( الجزء الثاني طبعة بولاق وجه 19 ) وقال أيضًا : وجه 20 ثم ملك لقمان ورهطه من قوم عاد واتصل لهم الملك فيما يقال ألف سنة أو يزيد .
ولم يزل ملكهم متصلاً إلى أن غلبهم عليه يعرب بن قحطان واعتصموا بجبال حضرموت إلى أن انقرضوا .
وقال أيضًا : ( قال ابن سعيد ) - فيما نقله عن كتب التواريخ التي اطلع عليها في خزانة الكتب بدار الخلافة من بغداد - قال : كانت مواطن العمالقة تهامة من أرض الحجاز فنزلوها أيام خروجهم من العراق أمام النماردة من بني حان وجه 27 وقال أيضًا : وأما ( جُرْهم ) فقال ابن سعيد : إنهم أمتان أمة على عهد عاد وأمة من ولد جرهم بن قحطان ولما ملك يعرب بن قحطان اليمن ملك أخوه جرهم الحجاز - وجه 31 .
وظاهر من هذه النقول وغيرها أن القحطانيين أصليون في الجزيرة وقرارتهم منها اليمن ، وأما العاديون وإخوانهم العمالقة فجاءوا على أثر مضايقة الملوك النماردة لهم .
فنزل العاديون أحقاف الرمل بين اليمن وعمان إلى حضرموت و الشحر ونزل بقية إخوانهم من العمالقة و طسم و جديس و جاسم أرض البحرين وعمان ونجد والحجاز إلى تيماء .
ولم يلبثوا مدة بعد دخولهم حتى صار لهم الغلب على كل الجزيرة وشادوا لهم دولة من أعظم وأقوى الدول التي قامت في تلك البلاد ومن ثم غزوا [4] الشام و مصر والهند والعراق ومازال الملك فيهم إلى أن ضعفوا في أواخر دولتهم الثانية فغلبهم على الملك يعرب بن قحطان وأزال سلطتهم عن اليمن .
***نتيجة ما ذكرناه إن المتدبّر ما مرّ بنا ( أن مهد السامية هو جزيرة العرب وأن القحطانيين هم الأصليون في البلاد وقرارتهم اليمن ، وأن العاديين قدموا عليهم من أرض بابل ) يحكم على ما أرجح أن القحطانية الأولى انشعبت إلى فرعين فرع بقي في شبه جزيرة العرب وفرع ذهب شمالاً إلى العراق واستعمر بابل وهناك تأثل هذا الفرع وما زال أهله حتى زاحمهم النماردة أبناء كوش [5] فخرج من هناك آشور وبني نينوى و رحوبوت عير وكالح وراسن بين نينوى وكالح على ما جاء في التاريخ المقدس الإصحاح العاشر من سفر التكوين .
وخرج أيضًا عاد وعماليق وقبائلهما فعادوا إلى العربية بعد زمن طويل ونزلوا بين أظهر القحطانيين وكان قد تحيز لسانهم واستقل كما تحيزت قبائلهم واستقلت عن غيرها أيضًا .
والأرجح أن الذين رحلوا إلى نينوى و كالح كانوا من الحضر أهل المدن والقرى بدليل أنهم بنوا المدن حالاً ، وأما الذين رحلوا إلى الجنوب فكان أكثرهم أهل طعن وخيام وعبارة العلامة ابن خلدون واضحة في ذلك فإنه ذكر أنهم لما زاحمهم بنو حام انتقلوا إلى جزيرة العرب وسكنوها بادية مخيمين .
ويقوي ذلك ما هو متواتر مشهور من سكنى العاديين رمال الأحقاف بين عمان واليمن إلى حضرموت والشحر .
وسكنى بديل و راحل و غفار من العمالقة بنجد وبنو الأرقم منهم بالحجاز إلى تيماء .
وكل هذه البلاد من منازل أهل البادية والغالب على أكثر أهلها الترحل والانتقال كانوا ولا يزالون لحد هذه الساعة .
وأرى أني وصلت على غير قصد مني إلى التقليد المشهور الذي يجعل السريانية أقدم من العربية ؛ لأننا رأينا الدليل التاريخي في جانب أن القحطانية متقدمة على العادية وسابقتها في الزمان .
والقحطانية كما بينا من نص المؤرخين هي السريانية كما أن العادية هي العربية .
***تجريح ما قاله العلامة نولدكي لنرجع الآن إلى ما قاله العلامة نولدكي في شأن لغة سبأ .
قال هذا العلامة : ما يؤخذ منه أن اللغة السبئية هي قسيمة اللغة العربية وأخت لها انشعبتا من الفرع الجنوبي ونسبتها إلى العربية كنسبة الحبشة إليها أي إلى العربية .
وأنا أقول : إن كان يقصد بالسبئية الحميرية فبه لكن تكون السبئية والحبشية شعبتين من القحطانية أو السريانية ؛ لأن القحطانية والسريانية كما بينا بالنص التاريخي هما لغة واحدة أو هما شعبتان من جذم واحد هو القحطانية القديمة .
وإن كان يريد أن السبئية هي لغة أخرى غير الحميرية الظفارية أي لغة الدولة التي قامت قبل التاريخ المسيحي بقليل وتعرف عند القوم الآن بدولة سبأ وريدان وأنها كانت أيضًا لغة بلاد سبأ التي عاصمتها مأرب وفيها السد المشهور فالأستاذ نولدكي وَاهِم والتاريخ يعارض رأيه ؛ لأن لغة أهل هذه البلاد أعني أرض سبأ [6] كانت منذ أوائل التاريخ المسيحي ولا تزال إلى الآن اللغة العربية العادية العدنانية والتاريخ مؤيد ذلك وإليك البيان : جاء في كتاب وصف جزيرة العرب للعلامة الهمداني طبع ليدن وجه 134 إلى 136 قطعة خصها هذا العلامة بوصف لغات أهل الجزيرة العربية في أيامه ( فليطالع هذه القطعة في موضعها من أراد ) والذي يظهر منها أن الحميرية كانت لا تزال لغة حية في كثير من جبال اليمن وإليك ما يقول في لغة بعض تلك البلاد : ( حقل قتاب فإلى ذمار ) الحميرية القحة المتعقدة ( و ظفار مدينة هذا القسم ) .
حراز والأخروج وشم وماضح والأحبوب والجحادب وشرف أقيان والطرف وواضع و المعلل - خليطي من متوسط بين الفصاحة واللكنة وبينها ما هو أدخل في الحميرية المتعقدة لا سيما الحضورية من هذه القبائل - نجديّ بلد همدان البون منه المشرق والخشب - عربي يخلط حميرية - من ذمار إلى صنعاء متوسط - صنعاء في أهلها بقايا من العربية المحضة ونبذ من كلام حِمير - شبام أقيان والمصانع وتخلى حميرية محضة .
والنفيس في هذه القطعة لهذا العلامة أنه فرق بين الحميرية والعربية .
وسمى البلدان التي كان يُتكلم فيها بالعربية أو بالحميرية إلى أيامه .
وأنفس منه أنه بين الفرق بين لغات المتكلمين بالعربية فقال في بعضهم : إنهم فصحاء وفي آخرين : إنهم أفصح وفي آخرين : إن لغتهم متوسطة أو خليطي كما بين الفرق بين لغات المتكلمين بالحميرية فقال عن بعضهم : إنهم غتم وعن آخرين : إن لغتهم حميرية محضة وعن آخرين : إنها حميرية متعقدة وعن آخرين : إنها داخلة في الحميرية المتعقدة أو فيها عسرة من اللسان الحميري .
ثم إليك ما قاله في لغات أهل حضرموت وسبأ قال ما نصه بالحرف الواحد : حضرموت ليسوا بفصحاء وأفصحهم كندة و همدان وبعض الصدف .
سر ومذحج [7] ومأرب وبيحان وحريب ( وهي من بلاد سبأ ) فصحاء ورديء اللغة منهم قليل .
سكن الجوف [8] فصحاء إلا من خلطهم من جيرة لهم تهاميين .
ثم الفصاحة من العرض في وادعة فجنب فيام فزبيد فبني الحارث فما اتصل ببلد شاكر من نجران إلى يام فأرض سنحان فأرض نهد اهـ همداني وجه 134 و135 و35 .
يظهر من شهادة هذا العلامة أن أهل مأرب والجوف ونجران وهي البلاد التي كانت فيها الدولتان السبئية والمعينية كانوا في أيامه أفصح من الكنديين قبيلة امرئ القيس وقبيلة المتنبي أشهر شاعرين قبل الإسلام وبعده .
وكذلك كانوا في صدر الإسلام .
فإن مذحج وبني مرة وطيء والأشعريين أبناء عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ والهمدانيين أبناء مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ كلهم كانوا من فصحاء أهل العربية العدنانية المضرية في صدر الإسلام وقبله ومع أنهم كانوا يدعون أنهم هم والحميريين أبناء عم ؛ ( لأن كهلان بن سبأ وحمير بن سبأ ) لم يكن في لسانهم شيء من الحميرية بل كانوا في فصاحتهم العربية كفصاحة قبيلة امرئ القيس المشهور إن لم يكونوا أفصح منهم .
وإذا نظرنا إليهم أي الكهلانيين من ولد سبأ وممن كان منهم يسكن مأرب والجوف في الجيل الأول للمسيح أو في بدء الجيل الثاني رأيناهم أيضًا عربًا يتكلمون بهذا اللسان العربي .
وبيانه أن الأزد من ولد كهلان ، وكانوا في مأرب فلما اشتدت عليهم وطأة الحميريين ملوك ظفار على الأرجح ارتحلوا من ديارهم جماعات كثيرة فمنهم من وصل العراق ومنهم من وصل الشام ومنهم من وقف بنجران ومنهم بمكة ومنهم بيثرب وهم الطائيون ( وكانوا يسكنون الجوف ) رحلوا أولاً إلى فيدو سميرا ثم احتلوا الجبلين أجا و سلمى وكل هؤلاء كانوا عربًا ومن الفصحاء الذين ترتضى فصاحتهم في العربية لم يسمع ولم يعرف أصلاً عن ملوك الحيرة من المناذرة ولا عن ملوك الشام من الغساسنة ولا عن الأوس و الخزرج من أهل المدينة ولا عن الطائيين في جبليهم ( وهؤلاء هم الذين ارتحلوا من أرض سبأ قبل سيل العرم أو بعده بقليل ) إنهم تكلموا غير هذا اللسان العربي المضري .
ولو كانت لغتهم الحميرية ( أو السبئية ) لاستحال أن تنقرض فلا يبقى لها أثر في مدى أربعة قرون كما لم تنقرض الحميرية من ظفار ولا من بلاد صنعاء في مدى أربعة قرون مع أنهم كانوا في ملكة المضريين ودولتهم الغالبة القاهرة بعزها وعز الإسلام ، وقد أسلم القوم عن آخرهم منذ بدء الإسلام .
***ماذا نصدق إذًا التاريخ والعقل أم الآثار التي وجدها القوم مؤخرًا في مأرب والجوف ونجران الجواب : أولى بنا أن نصدق التاريخ والعقل من غير أن نجرح في صدق الآثار وذلك بأن نقول : إن دلالة الآثار مغلوط في تأويلها ويمكننا أن نأولها بما يوافق التاريخ والعقل - وبيانه أن الآثار التي اكتشفها القوم ( العلامة إدوارد غلارز ويوسف هاليفي ويوليوس أوتين وتومس أرنو وآخرون ) على ما نقله العلامة زيدان في كتابه النفيس ( العرب قبل الإسلام ) هي آثار واقعية لا نشك بها .
ولا يُشك أيضًا أنها من آثار الدولة الحميرية الظفارية التي استولت على بلاد سبأ في الجيل الأول قبل المسيح .
نسلم بكل ذلك .
ولكنا نقول : إن هذه الدولة كان حكمها في بلاد سبأ حكم دولة الأتراك الأخيرة في اليمن فإنا لا نعدم آثارًا ونقوشًا كثيرة في صنعاء وغيرها من مدن اليمن مكتوبة باللغة التركية ، وكما لا يصدق الاستدلال بمثل هذا الآثار على أن لغة اليمن هي اللغة التركية كذلك لا يصدق الاستدلال بهذا القدر الذي وجده القوم من النقوش على أن لغة بلاد سبأ أعني بلاد مأرب والجوف كانت لغة حميرية .
وهذا التلميح يرى منه العارف المتدبر ما يغنيني عن إطالة الشرح والإسهاب فإن مقالتي والغرض منها لا يحتملان من إطالة الشرح فوق ما أطلته .
ولكني أرجح أن المستقبل سيكشف لنا آثارًا غير التي اكتشفت لحد الآن وتكون دلالتها وفقًا لما نظنه وفوق كل ذي علم عليم .
***في سبب غنى اللغة العربية واتساع دائرة ألفاظها وعباراتها( واقتدارها على التعبيرات الفلسفية والاجتماعية وما إلى ذلك )( مما قامت به سائر أخواتها ولا تقل فيه عن أعظم وأشهر لغات العالم سواها ) إن العلامة نولدكي يعجب باتساع قاموس هذه اللغة الشريفة ، ويذهب إلى أن ذلك مقتبس عن الآرامية بما كان لأهلها من مخالطتهم الآراميين بالتجارة والجوار .
والذي حمل العلامة المُومأ إليه على هذا التعليل هو على الراجح ما كان يظنه أن اللغة العربية هي لغة القبائل العدنانية في الحجاز ونجد فاستبعد من ثم أن يكون لمثل هؤلاء القوم الذين غلبت عليهم البداوة مثل هذه اللغة الواسعة .
أما وقد تبين لنا أن هذه اللغة كانت لغة الدولة العادية ودولة غلبت على البلاد العربية كلها وامتدت سلطتها إلى الشام ومصر وأفريقيا ودامت سيدة التجارة على ما نظن ما يزيد على ألف وخمسمائة سنة أولاً تحت اسم الدولة العادية وعلى نحو من ثمانمائة سنة تحت اسم الدولة السبئية [9] فلا داعي لمثل تعليل العلامة نولدكي .
وما زال العاديون ومن خلفهم باسم السبئيين أرباب تجارة وزراعة حتى بعد أن غلب عليهم الغِفاريون بمئات من السنين ، وسدُّهم شاهد يؤيد ما ذكرنا .
إن الأمة التي بنت مثل سد مأرب وقصر غمدان وغير هذين من السدود والقصور والمصانع ، ووصلت من الغِنى إلى الدرجة التي ضُربت بها الأمثال لا يستبعد أن تكون لغتها في الغنى والاتساع كاللغة العربية .
والمرجح عندي أنه لم يقم في سوريا ومصر والعراق دولة أعظم غِنى وتجارة من الدولة العادية في عمان وحضرموت واليمن , ولم يقتصر العاديون على التجارة - والتجارة لوحدها من أكبر الأسباب لارتقاء لغة الأمة واتساع دائرة ألفاظها وتراكيبها - بل كان لهم في الزراعة شأن لم يبلغ البابليون ما هو أعظم منه على خصب بلادهم ، وإن فيها النهرين العظيمين الفرات و الدجلة فإنهم بنوا سد مأرب وثمانين سدًّا غيره في يحضب العلو .
وبالربوة الخضراء من أرض يحضب ثمانون سدًّا تقلس الماء سائلاً [10] وسد مأرب هو إحدى أعاجيب الدنيا ، وكان لهم عن يمينه وشماله الجنتان اللتان ما زال صدى ذكرهما يتردد في أودية التاريخ مئات سنين بعد خرابهما .
ولعلي لا أكون مبالغًا إذا قلت : إن نسبة سد أسوان على ضخامته في عصرنا الحاضر إلى سد مأرب هي كنسبة الصبي الصغير إلى الرجل الكبير ، وأما قصورهم وهياكلهم التي بنوها فمنهما قصر غمدان .
وقد بقي هذا القصر والهيكل قائمًا إلى خلافة عثمان بن عفان وكان من الفخامة والضخامة على ما يضارع أعظم القصور البابلية .
وإليكم ما جاء في وصفه نقلاً عن ياقوت الحموي .
قال ما نصه : - فقال ( ليشرح ) : ابنوا القصر في هذا المكان فبُني هناك على أربعة أوجه وجه أبيض ووجه أحمر ووجه أصفر ووجه أخضر .
وبنى في داخله قصرًا على سبعة سقوف بين كل سقفين منها أربعون ذراعًا .
وكان ظله إذا طلعت الشمس يُرى على عينان [11] وبينهما ثلاثة أميال .
وجعل في أعلاه مجلسًا بناه بالرخام ، وجعل سقفه رخامة واحدة وصير على كل ركن من أركانه تمثال أسد من شبه كأعظم ما يكون من الأسود .
فكانت الريح إذا هبت إلى ناحية تمثال من تلك التماثيل دخلت من مؤخره وخرجت من فيه فيسمع له زئير كزئير السباع .
وكان يأمر بالمصابيح فتُسرج في ذلك البيت ليلاً فكان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق فإذا أشرف عليه الإنسان من بعض الطرق ظنه برقًا أو مطرًا ولا يعلم أن ذلك ضوء المصابيح اهـ .
وقد نقل ياقوت هذا الوصف عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي ولا يبعد أن يكون هشام هذا قد أخذ ما نقل عنه من الوصف عمن شاهدوا القصر قبل أن هُدم بأمر الخليفة عثمان .
ويوافق هذا الوصف المنثور ما جاء منظومًا عن ذي جدَن الهمداني قال : دعيني لا أبا لك لن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي وهذا المال ينفد كل يوم لنزل الضيف أو صلة الحقوق وغمدان الذي حدثت عنه بناه مشيدًا في رأس نيق بمرمرة وأعلاه رخام تحامٌ لا يغيب بالشقوق مصابيح السليط يلُحن فيه إذا يمسي كتوماض البروق فأضحى بعد جِِدَّته رمادًا وغيَّر حسنه لهب الحريق والظاهر مما قاله هذا الشاعر في بيته الأخير أن آثار هذا القصر كانت ظاهرة في أيامه ، وكان يظهر عليها أثر النار ؛ لأنهم استخدموها في هدمه على ما يرجح .
وقد ذكر الهمداني عدة محافد وقصور في كتابه وصف جزيرة العرب ، وإليك ما قال : - ونذكر الآن المشهور منها ذكرًا مرسلاً فأولها وأقدمها غمدان ثم تلفم .
وناعط .
وصرواح .
وسلحين بمأرب .
وظفار وهكر .
وضهر .
وشبام .
وغيمان .
وبينون وريام وبراقش .
ومعين .
وروثان .
وإرياب .
وهند وهنيدة .
وعمران والنجير بحضرموت اهـ 203 .
والأرجح عندي أن معظم هذه الآثار كان في أيام الدولة العادية والسبئية الأولى دون الحميرية ، فإن هذه كانت دولة ظلم وبغي أكثر مما كانت دولة تجارة وزراعة أو دولة عدل وأمن .
فإن في زمانها خرب السد المشهور وأقفرت الجنتان في أرض سبأ وفي أيامه كانت ملوك حمير تسطو على الأعراض وتحرق المخالفين في الدين وتذل الكهلانيين والعدنانيين وتسومهم كل نوع من الخسف فاضطروا إلى مهاجرة أوطانهم مرة وإلى الاستنجاد بالحبشة مرة أخرى ومازال سوء الحال والتدبير وشدة الظلم مرافقًا هذه الدولة حتى انقرضت ولم تطل أيامها كثيرًا .
ولعل الأحباش كانوا خيرًا منها للبلاد .
فاتني أن أذكر أن هذه الدولة أعني العادية أولاً والسبئية ثانيًا اعتنت بالتعدين كما اعتنت بالتجارة والزراعة والصناعة ولا تزال آثار عشرات من معادن الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والحجارة الكريمة في اليمن ونجد والحجاز وعلى جانب أفريقيا المقابل شاهدة على ما كان لهذه الدولة والأمة من الاقتدار والهمة والنشاط .
وأرجح أن المستقبل سيرينا من آثارهم التي لا تزال تحت الردم والرمال ما يزيد عن آثار إخوانهم الكنعانيين والفينيقيين .
قلت وأعيد القول : إن أمة كهذه الأمة وشعبًا كهذا الشعب الذي من بقاياه العرب العدنانية في نجد والحجاز والكهلانية في أرض سبأ وحضرموت وعمان حري بأن يكون له لغة كاللغة العربية سيدة اللغات السامية .
ولعلها سيدة اللغات القديمة كلها فقد ماتت تلك وبقيت هذه وستبقى بَعْدُ أجيالاً لا يعلمها إلا الله مهما عورضت واضطهدت أو صودرت واتهمت .
أرى أني استوفيت كل ما في وسعكم من الإصغاء فلا يليق بي من ثم أن أحملكم فوق ما حملتم فدعوني أختم بذكر خلاصة ما أراني وصلت إليه بالمسلك التاريخي الذي سلكته في شأن الأرومة السامية ونسبة اللغات المعروفة منها بعضها إلى بعض فأقول : ( 1 ) إن اللغة السامية كان مهدها في البلاد العربية والأرجح أن قراراتها كانت بلاد اليمن وما إليها من السروات .
( 2 ) انشعب منها فرع إلى بلاد بابل وبقي فرع في قرارته الأولى وهم القحطانية الأولى .
ثم الفرع الذي اتجه شمالاً إلى العراق انشعب منه شعبتان شعبة تسكن المدن وأخرى تسكن البدو .
( 3 ) مازال هذان الفرعان متجاورين إلى أيام دولة النماردة [*] فضيقت هذه الدولة عليهما واضطرَّت كثيرين منهم إلى الجلاء عن البلاد فجلا أهل بابل العظيمة وغيرها من مدن العراق إلى أرض الجزيرة وعمَّروا راسن وكالح ونينوى وغيرها من المدن الآشورية ، وجلا كثيرون آخرون معظمهم من أهل البدو إلى جزيرة العرب موطن أسلافهم الأقدمين ونزلوا الحجاز ونجد وأرض سبأ وعمان .
وكانت لغتهم قد استقلت وتمايزت عن القحطانية التي فارقها أجدادهم الأولون في اليمن ثم ما لبثوا أن استولوا على ملك القحطانيين وضيقوا عليهم في يمنهم كما كان النماردة قد ضيقوا عليهم في جوار بابل فهاجر جماعة كبيرة منهم إلى الحبشة ، وكان هاجر قبلها أو أثناءها جماعة أخرى إلى الأمهرة والشطوط المقابلة من أفريقيا فكان منهم هناك الأمهرية والحبشية ثم هاجرت جوال أخرى من العمالقة والعاديين إلى الشام وشطوط المتوسط إما رأسًا من العراق هربًا من النماردة أو من البلاد العربية بقصد التجارة والاستعمار والأرجح أن كان الأمران معًا .
ومن هؤلاء المهاجرين كان العبرانيون وأمم الشام من الكنعانيين والفينيقيين .
وعليه تكون العبرانية الفينيقية والعربية شعبتين من الفرع العادي ، والحميرية والحبشية من الفرع القحطاني .
هذا ما تدل عليه التقاليد وما وصلنا إليه من شذرات التواريخ ، وأظن أن الأبحاث الفيلولوجية لا تنافيه إن لم تطابقه .
ومعرفتي القليلة بالعبرانية والسريانية تسوغ لي بعض التسويغ أن أقول : إن العبرانية أقرب إلى العربية مما هي إلى السريانية .
ولو لم يكن بينهما من المقاربة إلا أن في كلتيهما أداة للتعريف ( ها ) في العبرانية و ( آ ) في العربية فوقف عند العرب مع الحروف القمرية على اللام بدلاً من المدّ وأدغم أي حرف المد بالحروف الشمسية - لكفى ذلك شبهًا في أن يجعل اللغتين صِنوين من فرع واحد .
وكذلك أقول : إن الآرامية ويدل فيها على التعريف بالوقوف على الألف ( أي حرف المد ) ينبغي أن تكون صنوًا لتلك التي يدل فيها على التعريف بالوقوف على حرف الغنة أي ( النون أو الميم ) فإن هذين الحرفين أعني حرف المد وحرف الغنة يبدل أحدهما بالآخر .
وفي العربية ما يدل عليه ويسمى تنوين الغنة ومعناه الوقوف على حرف الغنة بدلاً من الوقوف على حرف العلة .
وأظن أن الحميرية ( وهي التي سموها السبئية ) هي التي رأوها وفيها هذا الضرب من الدلالة على التعريف أعني الوقوف على حرف الغنة ( أي النون ) فالأولى من ثم أن تقرن بالسريانية وتجعل صنوًا لها .
لكن هنالك من المشابهة بين العربية والعبرانية في الإضافة ما يؤيد المشابهة الحاصلة من حرف التعريف ويدعمها فإن طريقة الإضافة في هاتين اللغتين أعني العربية والعبرانية واحدة .
وكذلك هي في السريانية والحميرية ( أو التي سموها السبئية ) قريبة الشبه جدًّا إن لم تكن واحدةً .
ومما يزيد المشابهة بين العربية والعبرانية طريق استعمال الفعل فإن الماضي والمضارع يوضع أحدهما موضع الآخر كثيرًا في كلتيهما ، كما يظهر ذلك لمن تأمل وهو عارف باللغتين .
ويقل اعتمادها على الصفة وإقامتها مقام الفعل كما هو الشائع أو الكثير في السريانية .
ومن التهجم أن أقول : إن السريانية في هذا تشابه الحميرية نظرًا لقلة ما وقفت عليه من هذه اللغة ولكني أوجه أنظار الباحثين إلى هذا الأمر .
وهناك مشابهات أخرى بين العربية والعبرانية في الضمائر وحروف المضارعة مما لو جمعت كلها معًا لرجح بها جانب الكِّفة من الوجهة الفيلولوجية كما رجح من الوجهة التاريخية ، أي أن العربية والعبرانية صنوان من جذم واحد .
إن كنت وصلت في طريقة بحثي هذا إلى الحقيقة أو ما يقاربها أو إلى ما يدل على الوجهة التي هي فيها فحسبي ذلك .
وإلا فيكفيني أني نبهت إلى أهمية مقارنة البحث التاريخي بالبحث الفيلولوجي ، ولعل الحقيقة أقرب أن تكون في الجانب الذي يتفقان فيه أو على الأقل في الجانب الذي لا يعارض فيه أحدهما الآخر أو ينافيه .
واسمحوا لي أن أختم بتقديم مزيد تشكراتي لرئيسنا الفاضل الدكتور هورد بلس الذي دعاني إلى درس هذا الموضوع أولاً ولكم على ما أوليتموني من المجاملة وحسن الإصغاء ثانيًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهـ .

________________________
(1) أعني بالقحطانيين هذا الفرع الذي كان يتكلم بالقحطانية السريانية والحميرية التي خلفتها .
(2) وأعني بالعاديين الذين كانوا يتكلمون بالعربية تسمية بأشهر قبائلهم عاد .
(3) من أكبر الفروع العدنانية قيس عيلان ، وقيل في عيلان هذا : إنه عبد القيس وقيل : فرس له ، ولكنني أرجح أن عيلان تحريف عيلام ، وعيلام بلاد شرقي رأس خليج فارس وهي خوزستان أو قسم من خوزستان ، وخوزستان تركيب فارسي يعني به بلاد خوز ، وخوز وكوش أحدهما محرف عن الآخر، وكوش وقيس كذلك في الأرجح ، وعليه فقيس عيلان نعني به كوش عيلام أي أضيفوا إلى المكان الذي جاءوا منه وهو ليس ببعيد .
(4) لا يبعد أن يكون غزوهم الهند غزو تجارة ومهاجرة أكثر منه غزو قهر وتغلب .
(5) كانت البلاد تسمى باسم الشخص أو الشخص يسمى باسم البلاد وعليه فكوش هذا إما تسمى باسم البلاد كوش أو البلاد تسمت به فيكون أصل النماردة من كوش أو خوز وتعرف اليوم بالأهواز أو خوزستان وهي بلاد عيلام القديمة أيضًا .
(6) أرض سبأ على ما يظهر من الهمذاني هي بلاد عاد ؛ لأنها الفلاة التي يشرع عليها بيحان ومأرب و الجوف ونجران و الهجيرة همداني وجه 27 وصف جزيرة العرب .
(7) وفي الصحاح مَذْحِج مثال مسجد أبو قبيلة من العرب وهو مذحج بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ .
(8) فمن أراد حضرموت من نجران والجوف جوف همدان ومأرب فمخرجه العبر .
همداني وجه 84 .
(9) إذا كان يعتمد على إشارات اللغة البعيدة فأرجح أن اسم سبأ جعل لقبًا لهذه الأمة التاجرة لأن معنى ( سبأ ) تاجر أو تجارة وأن الحبشة ومن جاورهم من البلدان لقبوهم بهذا اللقب وفقًا لما عرفوه عنهم .
فإن هذا الأصل أي ( سبأ ) يفيد في اللغة الحبشية معنى التجارة على ما سمعت ولا يزال مألوفًا بهذا الاستعمال ، أما في لغتنا العربية فقد خرج عن هذا المألوف وبقي فيه ما يدل على سابق استعماله في قولهم سبأ الخمر وسباها .
وفي السباء بمعني بياع الخمر وفي السبأة بمعني السفر البعيد الذي كان تقتضيه تجارة العاديين .
وفي السبأ بمعني العود يحمله السيل من بلد إلى بلد .
وشاع هذا الاستعمال حتى أطلق على بلادهم الأصلية فعرفت به أخيرًا عند الحبشة والقحطانيين من أهل اليمن.
(10) همداني وجه 101.
(11) أرجح غيمان على ما في وصف جزيرة العرب .
(*) النماردة ملوك كوشيون من كوش أو خوز وهي بلاد خوزستان الآن وكانت لغتهم الآرامية كما يظهر فإن نمروذ أو نمروذو مصغر نمر في اللغة الآرامية وأرجح أنهم جاءوا من بلاد العرب من اليمن عن طريق البحرين عبروا الخليج الفارسي من هناك ثم لما قويت شوكتهم غزوا بابل وطردوا من كان سبقهم إلى هناك فذهب بعضهم شمالاً إلى بلاد آشور وذهب آخرون جنوبًا إلى الحجاز ونجد والأحقاف وهي بلاد سبأ كما مرت بنا الإشارة إلى ذلك .