حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
العلاقة بين القرآن والتلمود- د. نبيل فياض - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79) +---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25) +---- الموضوع: العلاقة بين القرآن والتلمود- د. نبيل فياض (/showthread.php?tid=9017) |
العلاقة بين القرآن والتلمود- د. نبيل فياض - Gkhawam - 09-19-2007 نبيـل فيـاض مما لا شك فيه إن معرفة المسلمين باللاهوت عموماً، واللاهوت اليهودي بشكل خاص، أوهى من أن تذكر. لذلك لا مجال للدهشة من استغراب المسلمين الاستنكاري للإشارات المتواترة يهوديّاً إلى هذا النوع من التطابق غير العادي بين نصوص القرآن وكثير مما يقابلها من نصوص التلمود. - دون أن ننسى الموقف الإسلامي التقليدي اللاعقلاني بعدائيّته من التلمود والتراث اليهودي ما بعد التوراتي عموماً. مع ذلك، فالواقع العيني يقول، إن العلاقة بين القرآن والتراث الإسلامي ما بعد القرآني، خاصة التفاسير وما يسمى بالصحاح، من ناحية، والتلمود، من ناحية أخرى، أوضح من أن تنكر. وحده جهل المسلمين " المدقع " بهذا العمل الموسوعي الضخم، أي التلمود، هو سبب غيابهم عن حقيقة العلاقة القويّة تلك. والحق يقال، لم نهتم كثيراً بالجانب التشريعي - الهالاخي، ضمن عملنا في الدين المقارن اليهودي الإسلامي؛ وكان لذلك أسبابه؛ منها أن الشرائع تتنافر عموماً مع إحساسنا الفطري بالحياة، كما أن المقارنات الهالاخيّة الشرائعيّة مغطاة كثيراً من قبل باحثين كثر، منهم على سبيل المثال لا الحصر، شاخت؛ من هنا، فقد كرّسنا كثيراً من الوقت والجهد لمسألة العلاقة بين الميثولوجيّات القرآنيّة وما يسمى بالعبريّة أغاداه أو هاغاداه، بمعنى قصة أو أسطورة. لا ريب أن الباحثين اليهود الألمان، خاصة وقت انتشار المذهب الإصلاحي في ألمانيا، قبل الكارثة النازيّة، كانوا طلائع العاملين على العلاقة بين الأساطير الإسلاميّة والأغادوت العبرانيّة. من أوائل هؤلاء، كان الحاخام الإصلاحي البارز، أبراهام غايغر، صاحب الكتاب الهام للغاية، ماذا أخذ محمد عن اليهوديّة. ليس الكتاب بالتفصيلي في تناوله للمسألة، رغم عنوانه الموحي بالشموليّة، لكنه استثنائي جدّاً في إطاره الزماني. وقد أعيدت طباعته من جديد في ألمانيا، بمقدّمة هامة جديدة. في الإطار ذاته كانت جهود الباحث البارز يوسف هوروفيتس [ترجمنا له عملاً حمل عنوان، رحلة محمد السماويّة ]. لكن الأبرز في هذا المجال، أي العلاقة بين القرآن وأساطير اليهود، خاصة تلك غير التوراتيّة، كان عمل الباحث هاينريش شباير، الحكايا الكتابيّة في القرآن. العمل، برأينا، في غاية التميّز، إضافة إلى أنه مكتوب بألمانيّة بسيطة، مع نصوص عبريّة ويونانيّة ولاتينيّة وعربيّة. وإذا ما أخذنا هذا النص الضخم، الذي ترجمنا معظمه ونشرناه، في إطاره الزماني مع أخذنا بعين الاعتبار لضعف الإمكانيّات البحثيّة آنذاك، يمكننا القول دون مبالغة إن ما بذله شباير من جهد في المقارنة القرآنيّة الأغاديّة لا يمكن غير الوقوف أمامه بإجلال غير مسبوق. مع ذلك، فما نشرناه من عمل شباير الضخم، ضمن سلسلتنا علم الدين المقارن الممنوعة في سوريّا [ قال لي المدير السابق لما يسمى بمكتب الإعلام القطري - هذا اسمه على ما أذكر - إن نشر هكذا أعمال يثبت دون ريب أن القرآن مأخوذ عن التلمود، الأمر الذي يمكنه أن يهز الوجدان الجمعي العربي... قل لي ولو كذباً، كلاماً ناعماً ]، لم نتوقف فيه عند فعل الترجمة فقط، بل أضفنا إليه من عندنا أشياء كثيرة ما بعد شبايريّة، أغنت برأينا النص الأصلي كثيراً. من تلك النصوص غير السهلة، نقدّم بعض مقتطفات، حاولنا ما بوسعنا تبسيطها، فالمقالة غير الكتاب. مع ملاحظة أننا أخذنا أيضاً نصوصاً غير أغاديّة. وهنا سنتوقف فقط عند أساطير خلق العالم والعائلة الأولى بين القرآن والنصوص التي سبقته. وحين يتطابق نصّان أسطوريّان لا عقلانيّان، فإن الأحدث أخذ قطعاً عن الأقدم. لقد أثبتنا في عملنا الأخير حول النبي المفترض للأديان الثلاث، إبراهيم، أن هذا الشخص كائن أسطوري بالمطلق. بل إن التناقضات حوله في العهد القديم - موجود أساساً في التكوين - أوضح من أن تتجاهل. ويشاركنا هذا الاعتقاد كوكبة من الباحثين العلمانيين الإسرائيليين، الذين قال أحدهم عن موسى، بنوع من التعزية الذاتية التي لا طائل منها: موسى مسألة أسطرة تاريخ، لا تاريخ أسطورة. مع الإشارة إلى هذا القول صدر عن المثقف العالمي الإسرائيلي، مارتن بوبر. فإذا كان الباحثون الإسرائيليّون يئسوا من اللعب في الحقل الموسوي، فكم بالحري أن يستسلموا في المنطقة الإبراهيميّة. ونحن في مقاربتنا لقصص الكتاب المقدّس، خاصّة سفر التكوين، نهتدي بنبراس المعلّم نيتشه، الذي قال بنبوئيّة لا يشق لها غبار قبل أكثر من مئة عام: ما الذي يهمّني من تناقضات « التقليد »؟ كيف يمكن لخرافات القديسين أن تدعى « تقليداً » بأيّة حال! إن قصص القديسين هي أكثر أنواع الأدب غموضاً في الوجود: وتطبيق إجراءات علميّة عليها حين لا توجد وثائق أخرى هو بالنسبة لي خطأ مبدأي - مجرّد كسل مثقف... من ناحية أخرى، فقد وضح لدينا، بما لا يقبل الشك، أن العلاقة بين الأساطير القرآنيّة وحكايا الحاخاميم ما بعد الكتابيّة، خاصّة في أساطير إبراهيم المزعوم، أوضح من أن تغطيها الأكف. ففي مجمل الأساطير القرآنيّة المتعلّقة بإبراهيم، مثل حرقه وإنقاذ الإله له، أو تحطيمه الأوثان وطلبه من الوثنيين أن يسألوا كبير الأوثان عمن حطّم االباقين، نجد أن التوراة، التي يعتقد المسلمون أنها كتاب مقدّس وبالتالي لا ضير برأيهم أن يكون ثمة تطابق بينها وبين القرآن، مستثناة بالكامل: التطابق هنا مع بعض التراث الحاخامي ما بعد التوراتي، خاصة سفر معاسه أبراهام. - كيف يمكن أن نفهم هذا؟ في البدء لا بد من التسليم جدلاً بأن معلوماتنا شبه نادرة حول شكل اليهوديّة زمن النبي محمد. لدينا معلومة بسيطة تقول إن يهود الحجاز في ذلك الوقت كانت لغتهم المتداولة هي العربيّة، دون أن ينفي ذلك وجود من يجيد بينهم العبريّة من أجل قراءة النصوص المقدّسة وبالتالي تعليمها. كذلك هنالك في التراث الإسلامي ما يثبت بوضوح وجود أكاديميات لتعليم الدين اليهودي في المدينة، ونقصد بذلك بيت ها مدراش، أو بيت المدراس. بالمقابل، في التراث الإسلامي ذاته ثمة نصوص أوردناها بمجملها في كتابنا المقبل، كمشة بدو، تظهر دون لبس أن النبي محمد وبعض صحابته كانوا يرتادون بيت المدراس، وإن كانت معلوماتنا في تواتر ذلك غير محددة. وربما أن سبب هذا التطابق المذهل بين نصوص قرآنيّة وبعض التراث الحاخامي ما بعد التوراتي هو أن تداول هذا التراث بين اليهود كان باللغة العربيّة، وبالتالي كان للنبي فرصة سماعه وفهمه في بيت المدراس، في حين أن التوراة كانت مقصورة لقداستها المفرطة آنذاك على الناطقين بالعبريّة. - دون أن ننسى هنا الإشارة إلى عدم الدقة المحمديّة في نقل ما سمعه من اليهود من أخبار الأولين، مثل دمجه بين مريم أخت موسى وهارون وابنة عمران، ومريم أم المسيح؛ أو نقله هامان إلى زمن فرعون؛ أو مزامنته بين موسى والسامري في خلط مريع بين سفري هوشع والخروج... إلخ!!! بالمقابل، ثمة إشارات قرآنيّة أيضاً إلى محاولات اليهود بيع آيات لمحمد، أو إسماعهم إياه لآيات مغلوطة. الآن نقدّم بضع أمثلة على هذا التطابق، مع الوعد بأن نقدّم تباعاً أمثلة أخرى: خلق السماء: لقد أثبت العلم الحديث أن المعتقدات القديمة حول السماء وخلقها، لا علاقة لها بالواقع - أقلّه لأن السماء غير موجودة. وما هذا اللون المتكاثف غير نوع من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. مع ذلك، فبحسب تعاليم القرآن (15: 6) (2مك)، جمّل الله السماء بمهارة بالغة: "ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيّناها للناظرين". قارن: (37: 6) (2مك): ["إنّا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب"]؛ (67: 5) (2مك): ["ولقد زينا السماء بمصابيح"]؛ (79: 29) (1مك): ["وأخرج ضحاها"]؛ بالمقابل، نجد في أيوب (26: 13)، الإشارة إلى الأجرام السماوية كزينة للسماء:["بنفسه كنس السموات"]؛ وفي سيراخ أيضاً (43: 9): "مجد النجوم بهاء السماء، وهي زينة نيّرة من عُلَى الرب". وفي (85: 1) (1مك)؛ يقال: ["والسماء ذات البروج"]. وتحت كلمة "بروج"، يمكن أن نتلمّس صورة النجوم في دائرة البروج Zodiakus. لقد جاءت الكلمة من purgoz purkes , burgus، التي لا بد أنها تشير إلى أبواب المعبد القديمة عند البابليين، والتي تظهر في وقت لاحق بمعنى كواكب. في هذا السياق، لا بد أن نذكر عموس أيضاً (9: 6):["الباني في السماء علياته"]. في القرآن يطلق على السماء أيضاً اسم "سبع طرائق" (23: 17) (2مك). قارن: قض (5: 20): ["من السماء قاتلت الكواكب، ومن مدارها قاتلت سيسرا"] ومز (19: 2): ["السموات تحدّث بمجد الله، والجلد يخبر بما صنعت يداه"] أيضاً.وفي بيراخوت (85 ب)، يقدّم لنا المصطلح التلمودي:[سبيلي درقيع] معنى مشابهاً. لقد رفع الله السماء بغير عمد. أنظر: (13: 2) (3مك): "رفع السموات بغير عمد...". في ذلك يقول أيوب (26: 11):["أعمدة السماء"]. كذلك فالسامريون يصفون خلق السموات بطريقة مشابه : شميه اسقف بلا عموديم ["سُقفت السماء بلا أعمدة"]. ويقدّم أفراهاط، في الترتيلة 14، تعاليماً مشابهة. قارن أيضاً: حاغيغاه (12 ب)، حيث بالإشارة إلى أيوب (8: 6): ["ويزعزع الأرض من مكانها، فترتجف أعمدتها"]، تجري هنالك مناقشة تفيد أن الأرض تستريح على أعمدة. وربما أُسيء فهم هذا النوع من النظريات. السماء لا تسقط على الأرض فالله يمسكها (22: 65) (1مك): "ويمسك السماء أن تقع على الأرض". لقد رفع الله سقفها (79: 28) (1مك): "رفع سمكها ووسّعها" (51: 47) (1مك): "وإنّا لموسّعون". وتصفها (21: 32) (1مك) بأنها "سقفاً محفوظاً"، أما في (50: 6) (2مك) فتوصف بأنها "مالها من فروج". الأنوار في السماء ونظامها الآية (10: 5) (3مك): "وهو الذي جعل لكم الشمس ضياء والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب (حساب الزمن)". قارن (71: 16) (2مك)، حيث يقال: "جعل الشمس سراجاً". أنظر أيضاً: (78: 12 ـ 13) (1مك): "وبنينا فوقكم سبعاً شداداً. وجعلنا سراجاً وهاجاً". قارن أيضاً: الآيتين (6: 96 ـ 97) (3مك): "وجعل.. الشمس والقمر حسباناً، ذلك تقدير العزيز العليم. وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر...". في تك (1: 16): ["فصنع الله النيّرين العظيمين. النيّر الأكبر لحكم النهار، والنيّر الأصغر لحكم الليل"]، ثمة فرق بين وصف نور الشمس ووصف نور القمر، حيث يتم الحديث عن "النيّر الأكبر" للشمس، و"النيّر الأصغر" للقمر. لكن الشمس في القرآن لا توصف فقط "بالضياء"،بل سراج (سرغا) أيضاً، بعكس القمر الذي هو "نور" ليس إلا. لذلك فهي تمضي لأماكن استقرارها (36: 38): "تجري لمستقر لها". قارن بهذا الصدد: مز (104: 19): ["صنع القمر للأوقات، والشمس عرفت غروبها"]، وجا (1: 5): ["والشمس تشرق والشمس تغرب، ثم تسرع إلى مكانها ومنه تطلع"]. أمّا القمر فقد قُدّر منازل (36: 39 ـ 40)، "حتى عاد كالعرجون القديم"، "لتعلموا عدد السنين والحساب (حساب الزمن)". ثمة مواضع لا حصر لها في الكتابين المقدّسين اليهودي والمسيحي والتي تتحدث عن نظام أنوار السماء. فمثلاً،في تك(1: 4)،تعرف بأنها ["علامات للمواسم والأيام والسنين"]. قارن أيضاً: "مزامير سليمان"، (18: 10 ـ 12): "كبير وعظيم إلهنا، الذي يقيم في الأعالي، الذي ينظم الأنوار في مساراتها لحساب الزمن، سنة تأتي وسنة تذهب، ولا تحيد عن طريقها الذي أمرت به لها. في الخوف من الله تبدّل نهاراً بنهار، منذ خلقها الله، وإلى الأبد. وما أخطأت، منذ أن خلقها الله، منذ الزمن الأزلي لم تحد عن دربها، إلا إذا أعطى الله الأمر لعبيده" أنظر أيضاً: تكوين راباه (6: 1): "لماذا خُلِق القمر؟ لأجل مواعيد الأعياد. ليقدّس حسابكم لبدايات الأقمار والسنوات". وفي شبّات (75 آ)، يعتبر من الخطأ، أن لا يُجرى حساب الزمن وفق دورات الأجرام السماوية. أما أفراهاط، فيقول في الترتيلة الثالثة والعشرين: "الشمس تنير من كلمتك، وبحسب إرادتك تدبر كامل خلقك. القمر يتبدّل بطريقة رائعة، فأنت أقمته من أجل تقسيم الزمن. أنوارك قسمتها إلى أعياد، وهي تزين كل الخلائق". وفي إحدى ملاحم الخلق المكتشفة في إحدى لقى نينوى، يقال: "هو يجعل القمر الجديد يشع، يخضع له الليل، يجعله يعرف كجسد الليل، يجعل الأيام معروفة، وشهرياً يغطيه باستمرار بتيجانه الملكية، قائلاً: حين تشرق عند بدايات الأشهر على الأرض، عليك أن تأمر الأبواق، كي تجعل أيام السنة معروفة" الخ. ويلفت نظرنا نيلسن إلى أنه في علم الفلك البابلي، تسمى دورة النجوم "سيراً" (ألكتو) والمجري "درباً" (حرّانو) ومستقراتها "مانزازو" أو "شوبتو". كذلك نجد هنالك أيضاً "منزلتو" = منازل. النهار والليل الآية (17: 12): "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم لتعلموا عدد السنين والحساب (حساب الزمن) وكل شيء فصّلناه تفصيلاً". قارن (25: 47) (2مك): ["وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً"]؛ (28: 73) (3مك): ["جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله"]؛ (6: 96) (3مك): ["وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً"]. تذكّرنا بداية الآية المستشهد بها آنفاً قليلاً بالجملة الختامية في أيام الخلق الكتابية: "كان مساء، وكان صباح". لكن الوظيفة التي تضفى على "الأنوار" في السماء، بحسب التكوين (1: 14): ["وقال الله: لتكن نيرات في جَلَد السماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون علامات للمواسم والأيام والسنين"]، أي، لجعل حساب الزمن ممكناً، تأخذ بحسبانها هنا النهار والليل، بيد أن القرآن يضفي هذه الوظيفة على "أنوار" السماء أيضاً (أنظر 10: 5) (3مك): ["هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب"]؛ (78: 13) (1مك): ["وجعلنا سراجاً وهاجاً"]. لكن الليل والنهار مقرر لهما، أن يتناوبا أبد الدهر (25: 62) (2مك): "جعل الليل والنهار خلفةً". أنظر أيضاً: (2: 164). يسبح اشعيا بحمد الله (45: 7) بوصفه خالقاً للنور والظلمة: ["أنا مبدع النور وخالق الظلام"]. قارن أيضاً: مز (104: 19): ["صنع القمر للأوقات، والشمس عرفت غروبها"]؛ مز (136: 8 ـ 9): [الشمس لحكم النهار.. والقمر والكواكب لحكم الليل"]؛ أي (38: 12): ["أنت في أيامكَ أمرت الصبح، وعرّفت الفجر مكانه"]. وتقدّم الليتورجيا اليهودية من جديد هذه الأفكار بوضوح في صلاة المغرب: " هو الذي يجعل النهار يمرّ ويأتي بالليل، يولج النور دون انقطاع في الظلام والظلام في النور ويفرّق بين النهار والليل ". لكن مصدّر هذه العبارة في الصلاة هو بيراخوت ب 11. لكن الليل، بحسب القرآن، مخلوق للراحة والنهار للبصر: " وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً " ( 10:67 ). وفي عروبين يقال: " لم يخلق الله الليل إلا من أجل السكينة " ( 65 آ ). الأشهر: في القرآن، ثمة رغبة بالقول، إن الله حدّد عدد الشهور عند الخلق: " إن عدّة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب " ( 9:3 ) ( مد ). بالمقابل، نجد أن المدراش يعرف أيضاً الرأي القائل، إن الله حدد عدد الشهور عند خلق العالم: " حين اختار الله عالمه، حدّد بدايات الشهور والسنوات " ( خروج راباه، 15:12 ). قارن أيضاً: أخنوخ السلافي، 78. تسخير الله الأرض للبشر الآية (31: 20) (3مك): "ألم ترَ أن الله سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض". قارن: (22: 65): ["ألم ترَ أن الله سخر لكم ما في الأرض"]؛ (45: 12) (3مك): ["وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض"]. وهنا لا بد من المقارنة مع تك (1: 28): ["وباركهم الله وقال لهم: انموا واكثروا واملأوا الأرض واخضعوها"]، ومع مز (9): ["الإنسان.. على صنع يديك ولّيته، وكل شيء تحت قدميه جعلته..."]. نهاية الخلق. العرش الإلهي العرش الإلهي مذكور في اش (6: 1): ["رأيت السيد جالساً على عرش"]؛ حز (1: 26): ["في هيئة عرش، وعلى هيئة العرش"]؛ حز (10: 1): ["كمنظر هيئة عرش"]، وفي مواضع أخرى من العهد القديم. أما في مز (11: 4): ["الرب في السماء عرشه"] ومز (103: 19): ["الرب أقرّ عرشه في السماء"]، فيقدّم العرش باعتباره موجوداً في السماء. لكننا في حاغيغاه (12 ب) نجده في السماء العليا حيث يعتبر المظهر الإلهي المكثف. وفي حين أنه، في التلمود، يُخْلق هذا العرش قبل خلق العالم (نيداريم (39 ب)؛ بساحيم (54 آ))، وذلك للتعريف بأنه كان موجوداً قبل الخلق وأثناء الخلق، نجد العرش الإلهي في القرآن فوق الماء. أنظر (11: 7) (مد): "وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام، وكان عرشه على الماء، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً". وهكذا يبدو أن القرآن يفترض وجوداً للعرش السماوي سابقاً لخلق العالم Prëexistenz. تعلّمنا آبوت أيضاً (5: 1) أن الله امتلك بالخلق إمكانية فحص العالم المعنوي عينياً. " بعشرة أقوال خلق العالم. وماذا نتعلّم من هذا؟ ألم يكن ممكناً خلقه بقول واحد؟ لمعاقبة المجرمين الذين يفسدون العالم المخلوق في عشرة أقوال، ولمكافأة الأخيار الذين يحافظون على العالم المخلوق في عشرة أقوال ليس إلا". يشير هيرشفيلد، إلى أن تك (1: 2): ["وروح الله يرفرف على وجه الماء"] وأن مز (104: 3) ["الباني عليائه على المياه"] يعكسان صدى كون العرش الإلهي موجوداً على الماء. مع ذلك، لابد أن إحدى الحكايات قالت، إن العرش الإلهي المذكور آنفاً كان موجوداً فعلاً على المياه أثناء عمل الخلق. وهكذا، يفسّر راشي تك (1: 2) ، فيقول ."عرش العظمة يقف في الفضاء ويتعلّق على المياه عبر نَفَس الإله". كذلك فإن بركة ح. اليعيزر، الفصل الرابع، تجعل العرش الإلهي معلقاً في الفضاء :"معلّق فوق". إذن: ربما يكون هذا العرض تطويراً لتكوين راباه (2: 6). أو ربما يكون ثمة تأثر بالآيتين من زكريا (14: 8 ـ 9) حيث أسيء فهمهما: ["ويكون في ذلك اليوم أن مياهاً حية تخرج من أورشليم، نصفها إلى بحر الشرق ونصفها إلى بحر الغرب، وذلك صيفاً وشتاءً.ويكون الرب ملكاً على الأرض كلّها"]. لكن عمل الخلق الذي استغرق ستة أيام لم ينهك الله. أنظر: (50: 38): "ولقد خلقنا السماوات والأرض في ستة أيام وما مسّنا من لغوب". قارن: (46: 33): [أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن"] و(50: 15) ["أفعيينا بالخلق الأول"]. كذلك نجد في الهاغاداه تصوّر عمل الخلق الذي لا يُتْعب. أنظر: تكوين راباه (12: 10): " قال ح. بركيا باسم ح. يهودا بن ح. سيمون: بلا تعب ولا كد، خلق الله عالمه". لكن خروج راباه (13: 1)، يفصح عن هذا الرأي بوضوح أكثر : "قال الله: تبدو (أيها الخلق) صعباً في أعين الناس، فهم يعتقدون أنك كلفتني الكثير من الجهد، لكن ذلك كان دون تعب، كما هو مكتوب في اش (40: 28) ["لا يتعب ولا يعيي"]". في الآية (50: 38): ["وما مسّنا من لغوب"]، يبدو وكأن القرآن يطعن بمفهوم السبت اليهودي، ويرفض التصوّر القائل، إن الله استراح، كما هو وارد في تك (2: 2): ["واستراح (الله) في اليوم السابع من كلّ عمله"]. من ناحية أخرى، فالقرآن في (16: 124): ["جُعل السبت على الذين اختلفوا فيه"]، يرفض السبت ذاته. لكن غولدتسيهر يرى في الظروف التي أحاطت بالموقف من مفهوم السبت اليهودي، "مثالاً على أثر كامن لأفكار فارسية". فالبارسيون يقدّمون تعاليماً تتحدث عن ست أحقاب خلق، لكنهم لا يعرفون لعمل الخلق عن نهاية يُستراح فيها ويحاربون بالتالي مفهوم السبت اليهودي. لكن غولدتسيهر ذاته يقدّم رأيا آخر يقول، إن هذه "الوثيقة الهجومية" للفرس بمواقفها المعادية للكتاب المقدس ظهرت لأول مرة في وقت متأخر. مع ذلك فآباء الكنيسة كانوا معادين بشكل صريح للرأي اليهودي القائل، إن الله استراح بعد انتهاء عمل الخلق؛ من هؤلاء، مثلاً، افرام السرياني، الذي يقول: "من أي عمل استراح الله؟ لأنه إذا كانت خليقة اليوم الأول، باستثناء النور، الذي أُخْرِج عبر الكلمة، خُلِقت عبر إشارة، وكل ما أُخْرج بعد ذلك، خلق عبر الكلمة أيضاً، كيف أوجب على الإنسان أن يؤمن إذن، أن الله طلب الراحة، ما دمنا نحن (البشر)، لا يمكن أن ندعى متعبين، لأننا نخرج خلال يوم بأكمله كلمة واحدة... تبعاً لذلك فالله لم يبارك اليوم السابع ولم يقدسه، باعتباره اليوم الذي وجد فيه الراحة؛ أنه لا يخضع لحكم التعب ولا العناء". قارن أيضاً: افراهاط. الترتيلة (13): "هل علينا أن نقول إذن، إن الله استراح في اليوم السابع؟ لكن اسمعوا، أريد أن أعلمكم أن الله لم يتعب أثناء العمل في هذه الأيام الستة وهو بالتالي لم يسترح في اليوم السابع، لأنه لم يتعب. معاذ الله أن نقول، إن الله تَعب.." أما افرام السرياني فيرى أن الإنسان لا يستطيع أن ينسب التعب لله، ويدلّل على ذلك بآيات من الكتاب المقدس، مثل مز (121: 4): ["ها أنا حارس إسرائيل، لا يغفو ولا ينام"]. كذلك فإن اغسطينوس، "في مدينه الله"، (11: 8)، يجادل بإسهاب رافضاً الرأي اليهودي القائل إن الله استراح في اليوم السابع. قارن أيضاً، الكتاب ذاته (11: 31 وما بعد). تبعاً لذلك، فالقرآن حين يذكر عدم قابلية الله للتعب أثناء الخلق، يلتقي مع تصوّر آخر معاد للراي الاعتقادي اليهودي المتعلّق بإله يستريح، وهو تصوّر أقرب إلى التأثير المسيحي منه إلى الفارسي. لكن بعد انتهاء الخلق، يجلس الله على العرش الإلهي، ومن عليه يتدبّر الأمر (mamra = مامرا). أنظر (10: 3): "إن ربّكم الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر". قارن (57: 4): ["هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش"]. لكن الآية التالية (13: 2) (3مك) أكثر وضوحاً: "ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمى، يدبّر الأمر...". قارن: (20: 4 ـ 6) (2مك): ["تنزيلاً ممن خلق الأرض والسموات العلى. الرحمن على العرش استوى. له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى"]؛ (32: 4 ـ 5) (3مك): ["الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش... يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدّون"]. وفي (22: 47) يُسمّى هذا اليوم الذي مقداره ألف سنة "يوماً عند ربّك". أما (70: 3 ـ 4) (1مك) ["من الله ذي المعارج. تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة"] فتتحدّث عن "المعارج"، حيث تعرج الملائكة والروح إلى الله، في يوم مقداره 50000 سنة مما نعدّ. ووفقاً للرأي اليهودي، فإن الله استوى على العرش الإلهي، بعد انتهاء الخلق. ونجد هذا الراي، الذي يشير إليه غولدتسهير أيضاً، في ليتورجيا السبت اليهودية: "في اليوم السابع ارتفع الله وجلس على عرش عزّته". الرأي ذاته معبّر عنه بطريقة أوضح، نجده في مدراش أكثر حداثة: قال ح. يهودا باسم راب: لم يجلس الله على عرش عزته حتى حلّ السبت، عندئذ ارتفع وجلس على عرشه". بعد هذا العرض، دعونا نأخذ أحد البراهين من الأدب المسيحي. يقول: "اخنوخ السلافي" على سبيل المثال: "وأنا [الله] جعلت لنفسي عرشاً وجلست عليه". أما "الأمر" الذي يوجهه الله وهو جالس على عرشه، والذي يذهب من السماء إلى الأرض ثم يعرج إلى الله في زمن مقداره يوم، يساوي ألف سنة مما نعد، فهو يعادل دون ريب mamra في الترغوم. لقد حاول غريمه أن يثبت فعلاً، أن أصل "الأمر" من جنوب الجزيرة العربية. قد لا تكون لهذا "الأمر" علاقة بمفهوم "اللوغوس" المسيحي، لأن هذا يُعَبّر عنه في القرآن بتعبير "كلمة الله"، كما أن mamra الترغومية، التي تعبّر عن اللوغوس، ليست مألوفة كثيراً في الأدب اليهودي المتأخر. لكننا لن نتحدث عن مدى معرفة البيئة القرآنية باللوغوس المسيحي من مصادره الأصلية. مع ذلك لا بدّ أن [mamra ممرا] الترغومية كانت معروفة بين اليهود زمن محمّد،حيث كان الترغوم يُقْرأ إلى جانب النص العبراني، كما يشير هورفيتس. في القرآن نجد أيضاً لقبين لله يردان في التلمود، هما شكينا ويقار، وذلك بصيغتي "سكينة" و"وقار": (2: 248): ["فيه سكينة من ربّكم"]؛ (9: 26): ["ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين"]؛ (48: 4): ["هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين"]؛ (48: 18): ["فأنزل السكينة عليهم"]؛ (48: 26) ["فأنزل الله سكينته على رسوله"]؛ (71: 13): ["مالكم لا ترجون لله وقاراً"]. في "حكمة سليمان"، يقال أيضاً، إن اللوغوس يتنزّل من السماء إلى الأرض: (18: 15): ["هجمت كلمتك القديرة من السماء.. في وسط الأرض"]. ويقدّم فيلو معان مشابهة أيضاً، فيما يخص القدرة الإلهية. لكن الإجابة أصعب على السؤال القائل، ما هو مصدر اليوم الذي يساوي ألف سنة، والذي يحتاجه "الأمر"، كي يعرج من السماء إلى الأرض. لقد كشف غايغر وهيرشفيلد أن هذا اليوم الذي يساوي ألف سنة، يتقاطع بأية حال مع الآية في مز (90: 4): ["فإن ألف سنة في عينيك كيوم أمس العابر"]. من ناحية أخرى، يحتاج واحدنا إلى رأي الهاغاداه، من أجل الطريق من الأرض إلى السماء والتي تستغرق 500 سنة. أنظر: بيراخوت الأورشليمية (9، 1، 56 آ)؛ حاغيغاه (13آ)؛ بساحيم (94 آ)؛ وتثنية راباه (7: 7). وذكرى العدد خمسة موجودة فعلاً في القرآن (70: 2 ـ 3): ["من الله ذي المعارج. تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"]، حيث تعرج الملائكة والروح إلى الله في يوم مقداره 50000 سنة. لكن ربما سُمع أيضاً بأن اللوغوس شارك بعمل خلق العالم: يو( 1: 1، 14): ["في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة هو الله. والكلمة صار بشراً، فسكن بيننا، فرأينا مجده، مجداً من لدن الأب لابن وحيد، ملؤه النعمة والحق"] حيث كان واسطة الخلق. قارن: فيلو الذي يسمّي اللوغوس organon ؛ و4 عزرا (6: 38): "وكلمتك أتمّت العمل (الخلق) ". عن العدد 1000 وأهميته في يوم القيامة، يتحدّث أغسطينوس في "مدينة الله" (20: 7 وما بعد). كذلك يُقَدّر زمن حياة العالم بستة آلاف سنة، وهو رقم يتناسب مع أيام الخلق الستة. أنظر: سانهدرين (96 آ) وأفراهاط، الترتيلة الثانية. وربما أن آراء اعتقادية كهذه وأخرى مشابهة أحدثت مجتمعة تصوّر الدرب التي تستغرق ألف سنة والتي يحتاجها اللوغوس للصعود إلى الآلهة. لكن العرش الإلهي محاط بالملائكة الذين يسبّحون بحمد الله. أنظر: (40: 7 ـ 9): "الذين يحملون العرش ومن حوله، يسبّحون بحمد ربهم ويؤمنون به، ويستغفرون للذين آمنوا: ربّنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا وابتغوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم... وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته، وذلك هو الفوز العظيم". إن التصوّر الخاص بالعرش الإلهي، والذي يتحدّث عن إله تحيط به ملائكته يسبّحون بحمده، موجود أيضاً في مواضع كثيرة من الكتابين المقدّسين اليهودي والمسيحي. من تلك المواضع، نذكر بشكل خاص: 1 مل (22: 19): ["رأيت الرب جالساً على عرشه وجميع قوات السماء واقفة لديه على يمينه وشماله"]؛ اش (6: 1 وما بعد): ["رأيت السيد جالساً على عرش عال رفيع، وأذياله تملأ الهيكل. من فوقه سرافون قائمون، ستة أجنحة لكل واحد، بإثنين يستر وجهه وبإثنين يطير. وكان هذا ينادي ذاك، ويقول: قدّوس، قدّوس، قدّوس، رب القوّات، الأرض كلّها مملوءة من مجده"]؛ ورؤ (4: 1 وما بعد): ["على العرش قد جلس واحد.. وحول العرش اربعة حيوانات.. ولكل من الحيوانات الأربعة ستة أجنحة.. لا تنفكّ تقول نهاراً وليلاً: قدوس، قدوس..."]. في حاغيغاه (13 آ)، نرى أن الأوفانيم، السرافين، الملائكة الخدم والعرش الإلهي موجودون في السماء العليا. لكن من المهم أن نعرف أنّ هذا التصوّر كان موجوداً كمدخل إلى الليتورجيا اليهودية، وقد كان مألوفاً بين اليهود زمن محمد. وكالعادة، نجد أيضاً أن الملائكة يستغفرون للمؤمنين. فعلى سبيل المثال، نصادف في "عهد لاوي"، أن "الملائكة يتضرعون للرب كي يسامح الصالحين على آثامهم". ويوضح بوسيت ، أن الحديث عن ميخائيل كشفيع عظيم، موجود غالباً في الكتابين المقدّسين اليهودي والمسيحي. لكن في "سفر طوبيا" يلعب رافائيل دور الشفيع (12: 12، 15): ["فحين كنتَ تصلي أنت وسارة، كنت أنا (رافائيل) أرفع ذكر صلاتكما إلى حضرة مجد الرب، وكذلك حين كنت تدفن الموتى.. أنا رافائيل أحد الملائكة السبعة الواقفين والداخلين في حضرة مجد الرب"]. وفي سفر اليوبيل (30: 2)، تذكر ملائكة الرحمة، الذين يرعون الناس أثناء حياتهم. العرش الإلهي ذاته يُسمّى في القرآن: "العرش العظيم" (9: 129؛ 23: 86؛ 27: 26)، "العرش الكريم" (23: 116)؛ و"العرش المجيد" (85: 15). أمّا في (2: 255) فيُسمّى العرش الإلهي "بالكرسي". الله ذاته يدعى "ذو العرش" (17: 42؛ 40: 15؛ 81: 20؛ 85: 15)، ويدعى أيضاً "رب العرش" (21: 22؛ 23: 86؛ 27: 26؛ 43: 82). في 1 صم (2: 8) واش (22: 23) نصادف تعبير "عرش المجد"]؛ وفي اش (6: 7)، نصادف تعبير "عرش عال رفيع"]. والتعابير ذاتها موجودة أيضاً في الكتابات اليهودية الما بعد كتابية؛ أنظر على سبيل المثال: حاغيغاه (12 ب)، لكنها تمر مرور الكرام في الليتورجيا اليهودية. باطل وبطلاه في الحديث القرآني عن غاية الخلق؛ يقال: ( 38: 27) (2 مك): "وما خلقنا... باطلاً"، بل "بالحق" (30: 8). بالمقابل،تشهد رسالة "شابات" (77 ب) التلموديّة على أن الله لم يخلق شيئاً عبثاً، مستخدمة اللفظ القرآني ذاته تقريباً: (باطلاً = لبطلاه לבטלה )، فتقول:" كل ما خلقه الله في عالمه لم يخلق باطلاً". لقد خُلِقَ العالم بحسب القرآن "إلى أجل مسمى"، حيث "أجل"، التي ترد في القرآن بمعنى "موعد" أو "عهد"، تحمل معنى مشابهاً لعبارات مثل : קץ הימים نهاية الأيام، exitus saeculi: نهاية القرن؛ consumatio dierum: استهلاك الأيام، الخ. (قارن: دانيال 12: 13: ["ستستريح وتقوم لنيل نصيبك في نهاية الأيام"]؛ صعود موسى 1: 18؛ سفر باروخ الأول 27: 15). وفي " عبودا زارا" (61: ب) ترد "קצין" كوصف "لأجل زمني" وفي " بابا مصيعا" (67ب) تأتي بمعنى لحظة زمن محدّدة. أما "קץ " فتشير إلى "نهاية" أو "أجل" بالمعنى الاسكاتولوجي للكلمة، كما في "حبقوق" (2: 3): ["تصبو إلى أجلها ولا تكذب"]؛ دانيال (8: 17): ["إن الرؤيا لوقت المنتهى"]؛ (9: 26): ["وإلى النهاية يكون ما قضي من القتال والتخريب"]؛ (11: 27): ["لأن النهاية في الميعاد"]؛ (35): ["إلى وقت النهاية لأنه يبقى زمان إلى الميعاد"]، (40): ["وفي وقت النهاية"]، على سبيل المثال، وكما في " ميغيلا 3 آ" كنموذج لمواضع كثيرة من التلمود. لقد توقف "حاسبو (محسوب بأشكال مختلفة) الزمن المسياني"):[" מחשבי קצין حساب النهاية"] عن حساباتهم أخيراً ـ جزئياً على الأقل ـ لأن المواعيد التي حسبوها كانت تفوت واحد بعد الآخر (أنظر: سانهدرين 79 ب: כלו כל ההקצין :نهاية كل المجالات"]. ميثة الخلق البابلية في القرآن، نقرأ: "أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً. ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شيء حي" (21: 30) (2 مك). إن ميثة ( أسطورة) الخلق البابلية القديمة التي تتحدّث عن فتق وحش أصلي موجود منذ الأزل، مقحمة أيضاً عند اليهود والمسيحيين. وهذه القصة محفوظة عند اليهود في صيغة باهتة (تكوين راباه 68: 20). كذلك فإن " سفر أخنوخ " المسيحي يلمّح إلى هذه الميثة، حيث يقول "إن صنماً كبيراً للغاية انفجر متحطماً، فتولّد منه كل شيء مرئي". يتحدّث فيلو عن logoz tomeuz ["اللوغوس المنقسم"]، الذي وظيفته استدعاء المتناقضات التي لا حصر لها من مادة العالم الأصلية التي لا شكل لها . هذا اللوغوس ـ بالعربية: أمر = מאמרא مامرا ـ كما تقدّمه الآية (65: 12): ["الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن"]، يشغل وظيفة التنزّل بين السموات السبع والأرضين السبع وهكذا بحيث يتشكّل الخلق. وتذكر "حكمة سليمان" (18: 15)، أن اللوغوس يتنزّل من السماء إلى الأرض: ["هجمت كلمتك القديرة من السماء... في وسط الأرض"]. أما الليتورجيا المندائية فتتحدّث عن فتق في قبّة السماء بوساطة اللوغوس، أدّى إلى فصل النور عن الظلمة، الخير عن الشر، والحياة عن الموت. كما يدّعي سفر "سيبلين" المسيحي أيضاً، أن اللوغوس هو خالق كل شيء. الماء! في القرآن، تنشأ الحيوانات (24: 45): ["خلق كل دابة من الماء"] والبشر (25: 54) ["هو الذي خلق من الماء بشراً"] من الماء، حيث الإشارة من بعيد إلى الآية المذكورة آنفاً والتي تردّ كل كائن حي إلى الماء ("وجعلنا من الماء كل شيء حي"). أما الآيات (7: 57): ["أنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات"]؛ (22: 5): ["وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"]؛ (32: 27): ["أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم"]؛ و(41: 39): ["ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت"] فتظهر بوضوح أن الخلق من الماء هو إشارة إلى تلقيح الأرض بالماء. وبما أن الكائن البشري خُلِق من الماء، فعملية التناسل الطبيعية جاءت أيضاً من الماء، وذلك بحسب (77: 20 ـ 23): ["ألم نخلقكم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدّرنا فنعم القادرون"]. يرى هرشفليد أن مسألة ولادة الحيوانات من الماء تتقاطع، بفهم خاص، مع الآيتين (1: 20 ـ 21) من سفر التكوين: ["وقال الله: لتعجّ الماء عجاً من ذوات أنفس حية، ولتكن طيور تطير فوق الماء، على وجه جلد السماء، فخلق الله الحيتان العظام، وكل متحرّك من كل ذي نفس حية، عجّت به المياه بحسب أصنافه، وكل طائر ذي جناح بحسب أصنافه"]. على كل حال، غالباً ما نجد في الكتابين المقدسين اليهودي والمسيحي تصوراً عن الخلق الأصلي من الماء. فرسالة بطرس الثانية (3: 5)، تجعل الأرض تنشأ عن الماء: ["وأرض خرجت من الماء وقائمة بالماء"]. كذلك فإن فيلو يلمّح إلى هذا التصوّر؛ أما 4 عزرا فتقول موضحة: "هذا ما كان، فالماء الأبكم والفاقد للحياة أثمر مخلوقات ذات أرواح، وذلك بحسب أمرك". وفي شرح أفرام السرياني للتكوين (1: 20) نجد أن السمك، وحوش البحر والتنانين نتجت كلها عن الماء. كذلك فهذا المفسّر الكتابي يشرح هو ذاته (تك 2: 19)، كما يلي: "ثم جُعل معروفاً... أن كل الحيوانات الزاحفة أو التي تدبّ على أربعة والطيور كلها أُنتجت من الماء والأرض". من أجل التوسع في الموضوع، أنظر أيضاً: أغسطينوس، مدينه الله (20: 18):"Latet enim illos hoc volentes, quia cael ierant olim et terra de aqua, et per aquam constiu dei verbo...": ["بمعنى أنه لو يخفى عليهم، أولئك الذين يتوقون إلى ذلك، فهو لأن السماء والأرض خلقتا من الماء وعبر الماء في الأزمنة القديمة، بكلمة الله..."].قارن:التلمود الاورشليمي، حاغيغاهII ، 1، 8 ب: "في البداية كان العالم ماءً في ماء". التعبير ذاته يتكرّر في تك راباه (5: 2)؛ خر راباه (15: 8؛ 50: 1) وعدد راباه (19: 4): "قال بار قبارا: خُلِقت (الطيور) من مواضع ضحلة (الطين) في اليم". قارن: حولين 29 ب. ويذكر براندت تفاصيل أخرى، حيث يتحدّث عن السامبسائيين Sampsäer الذين اعتقدوا أن الماء إله فأعادوا كل الحياة إليه. من ناحية أخرى، فقد خلق الله "المائين الأصليين" أيضاً لأجل البشر؛ أنظر (35: 12): "وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه، وهذا ملح أجاج. ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها". يفصل الماءان عن بعضهما ببرزخ؛ أنظر (25: 53): "وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً". قارن: (27: 61): ["وجعل بين البحرين حاجزاً"]. كذلك فالمزمور (104: 8 ـ 9)، يتحدّث أيضاً عن الحاجز الذي يحجز البحر: ["تعلو [المياه] الجبال وتنزل إلى الأودية، إلى الموضع الذي حدّدت لها. جعلت لها حدّاً لا تجاوزه، فلا تعود تغطي وجه الأرض"]. من ناحية أخرى، يميّز فيلو بين المائين العذب والمالح: "إنه يفصل الماء العذب والقابل للشرب عن ماء البحر، فيحسبه مع الأرض وينظر إليه كجزء من الأرض، لا من البحر (والحقيقة أنه كذلك)، وللأسباب المذكورة آنفاً، تتماسك الأرض عبر الصفات العذبة (للماء) كما لو أنه رباط محكم". كذلك، تقول تعنيت (9ب)، أيضاً:"يُعلِّم: يقول ح. اليعيزر: العالم كلّه يشرب من مياه المحيطات. لأنه يقال: وبخار صعد من الأرض ليسقي كل سطحها وأراضيها (تك 2: 6). فيقول له ح يهوشوا: لكن أليس ماء المحيطات مالحاً؟ فيجيب: أصبح عذباً في السحاب". قارن: جامعة راباه (I: 13)؛ تكوين راباه (13: 9 ـ 10). ويفسّر افرام السرياني تك 1: 2؛ 1: 6؛ 1: 9، بالقول إن الماء الأصلي لم يكن مالحاً، وإن الماء الأعلى عذب، وإن المائين منفصلان كل عن الآخر. لقد قامت حاغايغاه الأورشليمية (II، 1، 17 آ)؛ حاغيغاه (15 آ)، وتك. راباه (2: 6) بتقديم حسابات حول طول الحاجز الذي يفصل المياه العليا عن المياه السفلى وعرضه. وفي تك. راباه (4: 4)، نلاحظ بوضوح أنه لا يمكن اختلاط المائين بعضهما ببعض: "ليسا مختلطين". وبرأي ح. ليفي، (تك. راباه 13: 14)، فإن المياه العليا مذكرة، والدنيا مؤنثة. ومن مدراش أكثر حداثة، هو بركه ح. اليعيزر، الفصل الخامس، نقتبس الفقرة التالية ׃"كل المياه، حين تسير على الأرض، تكون جيدة، مباركة، عذبة ومفيدة للعالم، لكن حين تصبّ في البحر، تصبح ملعونة، تفهة، مرة، وغير مفيدة للعالم". "ثم استوى (الله) إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزيّنا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً" (41: 11 ـ 12) (3مك). قارن (2: 29) (مد): ["ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات"]؛ (23: 17، 86) (2مك): ["ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق"، "رب السموات السبع"]؛ (65: 12) (2مك): ["خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن"]. في (78: 12) (2مك) توصف السماء بأنها "سبعاً شداداً" وفي (23: 17) "سبع طرائق". كذلك فقد خُلِقت السموات واحدة فوق الأخرى: "الذي خلق سبع سموات طباقاً" (67: 3)؛ أنظر أيضاً: (71: 15) (2مك): ["خلق الله سبع سموات طباقاً"]. عن طريق الفرس أو الغنوص ، وصلت الكواكب الإلهية البابلية السبعة، الممثلة رمزياً في أبواب المعبد، إلى اليهود والمسيحيين، كتصوّر لسماوات سبع. وتتقاطع الميثات البابلية مع القرآن في مفهوم السبع سموات طباقاً، الذي يبدو مشابهاً لمفهوم "طوبوقاتي" البابلي. مع ذلك يظهر أن تصوّر السموات السبع وصل إلى اليهود في زمن قديم . فالتلمود يعرفه، لأنه ربما وجد دعماً لهذا التصوّر في مصطلح שמי שמים شمي شميم (سماء السموات أو السماء السابعة)، أو لأنه رأى في المترادفات الكتابية العديدة برهاناً على المعلومة الشعبية القديمة.. من آراء التلمود في هذا السياق، ما تقوله حاغيغاه (12 ب): "قال ح ليفي: توجد سبع (سموات)، وهذه [السموات] هي: فيلون (= فيلوم)، رقعيا، شحقيم، زبول، معون، مكون، عربوت. لا تفيد فيلون في شيء، فهي تدخل في الصباح وتخرج في المساء وتجدّد كل يوم عمل الخلق... في رقعيا تُثبت الشمس، القمر، النجوم، والكواكب... في شحقيم توجد الطواحين التي تطحن المن للأبرار.. في معون توجد مجموعات الملائكة الخدم، الذين يسبّحون بحمد الله في الليل.. في عربوت يوجد الأوفانيم، السرافيم والأرواح المقدسة والملائكة الخدم والعرش الإلهي، أما في عربوت فيجلس الملك القدير الجليل على العرش". قارن: تثنية راباه (2: 23). تكوين الإنسان الأول الآية (32: 9) (3مك): "ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، قليلاً ما تشكرون". قارن: (15: 29) (2مك): ["فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي"]؛ (38: 72) (2مك): ["فإذا سويته ونفخت فيه من روحي"]؛ مشابهة أيضاً (82: 7 ـ 8) (1مك): "الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركّبك". وفي (40: 64) (3مك)، أعطى الله الإنسان شكلاً حسناً: "صوّركم فأحسن صوركم". قارن: (7: 11) (3مك): ["لقد خلقناكم ثم صورناكم"]؛ (64: 3) (مد): ["وصوركم فأحسن صوركم"]. يمكن أن نقارن مع تك (2: 7): ["وجبل الرب الإله الإنسان تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الإنسان نفساً حياً"]. كذلك يخبرنا أيوب (10: 8 ـ 10) عن تكوين الإنسان:["يداك جبلتاني وصورتاني بجملتي، والآن تبتلعني. أذكر أنك قد صوّرتني مثل الطين، فإلى التراب تعيدني. ألم تكن قد صببتني كاللبن الحليب. وجمّدتني كالجبن"]. قارن، أيضاً: سيرا (17: 1): ["خلق الرب الإنسان من الأرض وإليها أعاده"]. أنظر أيضاً جامعة راباه لـ(2: 17):"يقول ح. اسحق بن ماريون: مكتوب: "جبل الرب الإله الإنسان" (تك 2: 7)، لماذا يقال أيضاً: "الذي جبله" (تك 2: 8)؟ هذا يعني أن الله مكوِّن فنان، وهو يبدو وكأنه يتفاخر أمام عالمه ويقول: أنظر إلى خليقتي، التي خلقتها، وإلى الشكل، الذي جبلته". قارن: لاويون راباه (23: 1) وايضاً افرام السرياني: "... جبل بذاته جسد الإنسان بيديه هو ونفخ فيه نَفَساً وجعله يحكم في الجنة.. وأعطاه ثالثاً أيضاً اللغة، العقل والشعور الذين لكائن إلهي". وحده آدم، بعكس المخلوقات الأخرى، التي نشأت عبر كلمة الله (أبوت 5: 1:["بأمرك خُلِق العالم"])، جُبل من قبل الله ذاته:["جزء من البشر الذي خلق بكلتي اليدين"] (أبوت ح. ناتان، النهاية؛ وكتوبوت 5 آ). من آباء الكنيسة يعلّم ذلك ثيوفيلوس ، ومنهم أيضاً أفراهاط، في الترتيلة 11 "عبر كلمة الله كوّنت السماء، وحده آدم جبله بيديه".. آدم يسمّي كل شيء السورة (2: 30 ـ 33) (مد): "وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون". إلى حكاية يهودية مشابهة يشير غايغر. لكنك تستطيع أن تجدها في مواضع كثيرة من الكتابات اليهودية. مع ذلك، فالأكثر توافقاً مع الصيغة القرآنية هي تلك الموجودة في عدد راباه (19: 3): "ماذا كانت حكمته (آدم)؟ أنت تجد، أنه عندما أراد الله خلق الإنسان، استشار الملائكة الخدم. قال لهم: نريد أن نصنع إنساناً على صورتنا (تك 1: 26)! فقالوا له: ما الإنسان حتى تذكره؟ (مز 8: 5). فقال: الإنسان، الذي أريد أن أخلقه، أذكى منكم. ماذا فعل (الله)؟ جمع كل الحيوانات الأليفة وغير الأليفة وكل ما عنده أجنحة وجاء بهم أمامهم (الملائكة) ثم قال: ما أسماء هؤلاء، فلم يعرفوا ذلك. وما إن خلق الإنسان، حتى جاء بهم (الحيوانات) أمامه، وسأله: ما أسماء هؤلاء؟ فقال: هذا نسمّيه الثور، وهذا الأسد، وهذا الحصان، وهذا الحمار، وهذا الجمل، وهذا العقاب. لذلك يقال: هو أطلق عليها أسماءها (تك 2: 20). فقال له (الله) عندئذ: واسمك أنت؟ قال: آدم! ولماذا؟ لأني خلقت من أدمة الأرض. فقال له: وماذا سيكون اسمي؛ قال (آدم): الأزلي. ولماذا؟ لأنك رب كل الخلائق". قارن: تنحوما حقات؛ جامعة راباه 3: 23؛ تكوين راباه 8: 4؛ 17: 5؛ سانهدرين 38 ب. ويبدو وكأن فيلو قد اشار إلى الحكاية: "يقول هكذا، إن الله قاد كلّ الحيوانات إلى آدم، لأنه أراد أن يعرف أية أسماء سيطلق على كل واحد منها، وليس لأنه كان يشك بأنه لا يعرفها ـ فلا شيء مجهول عند الله ـ بل هو يعرف، إنه جعل قوة التفكير في الإنسان بحركة مستقلة ذاتياً، كي لا يشترك في الشر. لقد امتحنه كما يمتحن أستاذ تلميذه، عن طريق إيقاظ النشاط في نفسه وجعله (النشاط) واحداً من وظائفه الضرورية، فيطلق الأسماء بقوته الذاتية، ليست غير صحيحة أو غير مناسبة، بل تلك (الأسماء)، التي تعبّر عن صفات الأشياء بشكل جيد جداً". في "الشرع المقدس المجازي"، يشير فيلو إلى أن موسى يُرجع ظهور الأسماء وبالتالي اللغة إلى الإنسان الأول، في حين يزعم الفلاسفة اليونان، أن الحكماء هم الذين أطلقوا الأسماء على الأشياء. وفي المصدر الذي يستخدمه فيلو كثيراً، Cic. Tusc. I. § 62، يرجع فيثاغورث ظهور الكلام إلى أحدهم، وهو الإنسان الأكثر حكمة. قارن أيضاً: (Quaest. In Gen. I § 20 f). يفترض فيلو من ناحية، أن إطلاق الأسماء يحتاج إلى الحكمة العليا، ومن ناحية أخرى كان آدم أحكم البشر. يعتقد الملائكة، كما في القرآن وتنحوما بحوقوتاي أيضاً، أنه كان باستطاعتهم أن يحلّوا مكان الإنسان الذي لم يكن قد خلق بعد، عند الله.فعلى سؤال الله:"من سيعيش بحسب قوانيني، إذا أنا لن أخلق الإنسان؟" أجابوا:نحن نراعي تعاليمك". كذلك فنحن نجد المقولة القرآنية، بأن آدم سمّى كل شيء (ليس فقط الحيوانات)، "الأسماء كلها"، في نص أقدم في "تنحوما شميني": وهكذا (مثلما فعل مع الحيوانات) سمّى آدم كل شيء". في هذا الصدد، وقفت الملائكة، ب |