حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
أسئلة برسم الإسلام العاقل- د. نبيـل فياض - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79) +---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25) +---- الموضوع: أسئلة برسم الإسلام العاقل- د. نبيـل فياض (/showthread.php?tid=9065) |
أسئلة برسم الإسلام العاقل- د. نبيـل فياض - Gkhawam - 09-16-2007 السؤال الأول هل يوجد « إنسان » في هذا العالم إلاّ ويأمل بأن يعيش بأسلوب حضاري في وطن حضاري؟ لا نعتقد! وهل يوجد « إنسان » في هذا العالم باستطاعته أن يثبت أنّ منظوره الميتافيزيكي هو الأصح، وكل ما عداه خاطئ ولا أساس له؟ الإله، كما يقول لانغه، ربما يكون موجوداً وربما يكون غير موجود، والشيء الوحيد الذي نعرفه عنه هو أننا لا نستطيع الوصول إلى معرفة مادّية محسوسة به؛ وكل تصوّر للإله بالتالي مسألة اجتماعية بيئوية أولاً وأخيراً؛ بمعنى أن من يتربّى في بيئة إسلامية من تيار بعينه، الأرجح أن يتشرّب معتقدات هذا التيار فيدافع عنها في نضجه وكأنها ملكه، مع أن العكس هو الصحيح. وفي أحد أحياء دمشق القديمة على سبيل المثال، فإن أمتاراً قليلة جغرافياً يمكن أن تحدّد المستقبل الديني للمرء؛ فمتران يمكن أن يجعلا المرء يهودياً أو مسيحياً أو مسلماً. لا سبيل، برأينا، لإثبات حقيقة هذا التيار أو ذاك ميتافيزيكياً بأساليب مادية محسوسة؛ قد يكون أحد التيارات أقوى من الآخر بالمعايير الدينية الداخلية، لكن بذرة كل التيارات الدينية، أي الإله، لا يمكن إثباتها مادّياً وبالتالي إثبات حقيقة هذا التصور لها أو ذاك. إذن، إن أبسط حقوق الإنسان هو حق اختيار هذا التصور للإله أو ذاك، باعتبار، كما قلنا، لا توجد دلائل مادية محسوسة على ذلك. والإسلام، بشكله الحالي، يصادر هذا الحق الأبسط على الإنسان. فإذا كان الحق في خيار ميتافيزيكي مصادراً، فكم بالحري أن تكون الخيارات الفيزيكية مصادرة؟ حقوق الإنسان ركن أساسي في الحضارة، فكيف يمكن بناء حضارة دون هذا الركن الأساسي؟ السؤال الثاني: الإسلام ينتشر شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وإن خفت وتيرة هذا الانتشار حالياً بسبب بعض التيارات الإسلامية. بالمقابل، فالأديان الأخرى تعرف انحساراً أساسياً في غير مكان. فكيف يمكن أن نفسّر هذا كله؟ هل الإسلام هو الديانة الأقوى أيديولوجياً في هذا العالم؟ لا! فاعتقادنا، من تجاربنا الخاصة، يقول إن قوة الإسلام لا تكمن في الفكرة لكن في السيف الذي يحمي الفكرة. مثال 1: قبل سنوات، استدعاني أحد أهم المراجع الدينية في الشرق الأوسط للقيام بحوار يكون نواة لعمل فكري هام. وبعد إعدادات مطولة، تم اللقاء الحواري - كما يفترض - والذي انتهى بعد سؤالي الأول مباشرة، بإشارة من ابن ذاك المرجع الديني الهام. المصيبة ليست هنا، أي في إنهاء المرجع الديني للحوار لعجزه عن الإجابة عن أي من تلك الأسئلة، بل في أن ذاك الابن استخدم كل ما لديه من علاقات للإيقاع بي جسدياً، ومنع أعمالي على كافة الصعد. لكن الحقيقة كانت الأقوى. مثال 2: قبل سنوات أيضاً، أنزل مرجع ديني هام كتاباً ضدي ضمنه ألفاظاً لا تليق بأولاد الشوارع، واتهامات تتعارض حتى مع قيمه الدينية الذاتية، مع ذلك، فقد كانت ردّة فعلي بأني زرت الرجل واشتريت 100 نسخة من كتابه وزعتها على معارفي من كل الأديان. بالمقابل، فحين أنزلت كتابي « يوم انحدر الجمل من السقيفة »، لم يترك ذاك المرجع جهة إلا وطرق بابها لمنع الكتاب، الذي لا يعدو كونه تجميعاً تحليلياً لما ورد في أمهات الكتب الإسلامية حول حوادث أعقبت وفاة النبي، وانتهت المسرحية بمنع العمل « رسمياً » وفتح الأبواب أمامه « شعبياً ». مثال 3: مشروعي « الدين المقارن » الذي أدخلته معرض الكتاب في الكويت، والذي لا يعدو كونه دراسات مقارنة لنصوص إسلامية مع مثيلاتها في الأديان الأخرى دون تعليق أو شرح، أقام الدنيا ولم يقعدها في ذاك البلد الذي لا يتوانى جهازه الإعلامي يتشدّق بالحريات والديمقراطية التي تعم الكويت مقارنة بغيرها من الدول، واتهمت الأعمال بالمس بالذات الإلهية، فصودرت مع كتابين آخرين وأعيدت إلى بلد المصدر - بيروت: وحجز كتابين آخرين لي تم إطلاق سراحهما لاحقاً. فهل يستطيع الإسلام أن يصمد مع الحرية الدينية والديمقراطية الثقافية؟ وإذا كان الإسلاميون قادرين حتى الآن على المصادرة والحجز، فماذا باستطاعتهم أن يفعلوا مع هذا التحول السريع للعالم كله إلى قرية إعلامية صغيرة؟ السؤال الثالث: وزعت منظمة اليونسكو عام 1999، كتاباً بعنوان « كل البشر »، موجهاً للأساتذة في المدارس كي يربوا الطفل منذ سن الرابعة على المطالبة بحقوقه واحترام حقوق غيره. بالمقابل، فالتراث الإسلامي ينسب للنبي حديثاً يطالب فيه بضرب الأطفال إذا هم وصلوا إلى سن معينة دون أن يصلّوا. كيف يمكن أن نربي أطفالاً أحراراً، في حين يُطْلب منا ضربهم لأسباب ما ورائية لا علاقة لها بالواقع المعاش؟ وهل يصح الأسلوب الإسلامي لتربية أجيال صالحين لعالمنا الحالي؟ السؤال الرابع: الوحدة: العنوان اللامع الذي يجذب أنظار الإسلاميين كما لا يجذبها أي عنوان آخر! لكن الواقع يقول، إن التعددية هي حقيقة البشر وروحهم. لا يوجد إنسان في هذا العالم نسخة طبق الأصل عن الإنسان الآخر. والإسلام، كالماركسية، يريد أشخاصاً، كالنعجة دوللي، منسوخين عن بعضهم شكلاً وموضوعاً. بالمقابل، ففي الدول المتحضرة الديمقراطية، تعتبر التعددية شيئاً هاماً يغني العقل ومسيرة النمو الإنساني. في فرنسا مثلاً، تعددية آراء وثقافات وأديان وسياسات. وكذلك الحال في أميركا وبريطانيا والسويد... الخ. ولا يوجد على الإطلاق من يتهم المدافعين عن التعددية والهوية الخاصة في تلك البلدان - كالإسلاميين مثلاً - بالعمالة والعمل على إشعال الفتن القومية. في الدول ذات الغالبية الإسلامية التي ترفع رايات الوحدة، هنالك هلع من التعددية، وإذا وجدت تلك التعددية، فلا بد من وجودها بمنظور تابع، كأحكام أهل الذمة على سبيل المثال. لماذا يخشى الإسلاميون التعددية بكافة أشكالها، ويتهمون كل من يدافع عنها بأشنع التهم؟ السؤال الخامس: في بداية التسعينات، كتبنا في أحد أعمالنا عن إمكانية وصول أحد الأحزاب الهندوسية المتطرفة إلى الحكم في الهند، وأشرنا إلى ما يمكن أن تفعله التيارات الإسلامية إذا ما فرضت الهندوسية، ديناً ودولة، على كافة الهنود، باعتبار أن الهندوس هم الغالبية الساحقة. وهذا ما حدث، لكن هذا الحزب لم يفرض الهندوسية حتى الآن على الهند: وإن كان لا نستبعد ذلك. المسلمون في الهند وبريطانيا وفرنسا وغيرها يدافعون عن العلمانية لأنها تحمي حقوقهم كأقليات، لكنهم يرفضونها بحزم ويطلقون بحقها أشنع التهم حين يكونون أغلبية في أية دولة مطالبين بالتالي بتطبيق شريعتهم على كل الناس دون استثناء. كيف يمكن تفسير ومن ثم تبرير هذا الموقف المتناقض من العلمانية؟! السؤال السادس: الرأي الآخر معدوم في الإسلام. على سبيل المثال، حين أراد عمر بن الخطاب وضع الأسس لاختيار خليفة بعده، قال بقتل الذين يرفضون الخليفة الذي اختاره الطرف الذي فيه عبد الرحمن بن عوف. - لماذا يقتلون؟ لا ندري! وحين أراد بعض العرب، بنوع من الاجتهاد، رفض إعطاء الزكاة لأبي بكر، كان السيف هو الإجابة الأولى والأخيرة. وهل يمكن أن ننسى ما حصل في السقيفة ويوم الدار والجمل وصفين وكربلاء والحرة...؟ لماذا لا يعرف الإسلام أولويات الحوار الحضاري، ولماذا نفتقد أدنى وجود للرأي الآخر في التاريخ الإسلامي الرسمي؟ السؤال السابع: سوريا هي بلد التعددية الدينية التي عرفت على مدى تاريخها الطويل المغرق في جذوره الحضارية تعايشاً شبه سلمي بين التيارات كلّها، الأمر الذي افتقدته الدول الأخرى المحيطة باستثناء ما يمكن اعتباره امتداداً لسوريا الطبيعية. سوريا ليست تلك الدول التي لا تعرف غير نمط واحد من الفكر، والذي لا بد من فرضه بقوة هذا السلاح أو ذاك، حفاظاً على المنظومة الاجتماعية من الخلل. لكننا في المدة الأخيرة، ومع تزايد قوة بعض التيارات الإسلامية بتزايد أهمية النفط، صرنا نتلمس محاولات لرفض تلك التعددية الحضارية الهامة المميزة لسوريا عما عداها من دول المنطقة، وإضفاء صبغة بعينها يلعب الإعلام دوراً هاماً جداً في الترويج لها. لماذا هذا الهجوم على التعددية الراسخة الجذور في سوريا؟ ألا يمكن للأطراف المستهدفة من ذاك الهجوم أن تتحول، مع شعورها بفقدان الانتماء القومي الذي يحاول الإعلام تحويله إلى انتماء ديني مذهبي، إلى طابور خامس لا يخدم سوء الأعداء؟ ألا يمكن أن تشكل التجربة اللبنانية درساً باستطاعة الجميع التعلم منه؟ السؤال الثامن: في العالم الإسلامي هذه الأيام، على اختلاف مشاربه وطوائفه وأهوائه، ثمة رغبة طامحة في الحوار: لكن أيّ حوار هذا الذي يريده الإسلاميون؟ حوار على نسق لقاءات أحمد ديدات ويوسف القرضاوي والزنداني وأمثالهم الديماغوجية اللاعقلانية عموماً، والتي لا تفيد إلاّ في شحن عواطف جمهور يفتقد مَلَكة المنطق؟ ربما!!! حوار على نسق ندوات محطات النفط التلفزيونية، المختلفة اللبوس المتساوية المضمون، والذي ينتهي باستمرار بأنّ كل ما في الإسلام على خير ما يرام، وأنه إذا كانت هنالك « هنة » هنا أو هناك، فالسبب حاضر تحت اليد مباشرة: شيطان صغير من نوعية عبد الله بن سبأ سابقاً، والصهيونية والاستعمار والإمبريالية حالياً؟... ربما!!! خارج هذا الإطار، يصبح الحوار، من منظور الإسلاميين، هجوماً « صهيونياً صليبياً متمركساً » (أضافوا مؤخراً مصطلح « علمانياً » رغم أن معظمهم، كالبوطي مثلاً، لا يعرف مدلول المصطلح) على دين الله! باختصار: الإسلاميون يريدون حواراً مع المرآة، ولا بأس من وضع صورة جميلة على تلك المرآة إذا كان وجه المحاور قبيحاً! الإسلاميون، ببساطة، يريدون محاوِراً يقول لهم: « أنتم، كتراث وماض وحاضر ومستقبل، الأعظم - وغيركم لا أحد ». متى يستوعب الإسلاميون أسس الحوار، وكيف يمكن إفهامهم أن الرأي الآخر يعني أن تساهم في خلق حالة جدلية تفضي إلى شكل تنوير عقلاني تقدّمي؟ وما هو أصل عقدة المؤامرة التي تتحكّم بالتفكير الإسلامي عموماً؟ السؤال التاسع: إذا أمسكنا بخارطة العالم، وبدأنا نتأمل دوله من اليمين إلى اليسار، ماذا يمكننا أن نلاحظ؟ في الفيلبين، صراع بين الدولة الكاثوليكية وإسلاميي حركة مورو؛ في أندونيسيا صراع بين الدولة المسلمة وجزيرة تيمور المسيحية التي يطالب سكانها بالاستقلال ثم استقلت؛ في الصين، صراع في المقاطعات الإسلامية بين الدولة الماركسية والسكان المسلمين؛ في الهند صراعات بين الهندوس والمسلمين، خاصة في كشمير؛ في بورما صراع بين الدولة البوذية ومسلمي شرق البلاد؛ في أفغانستان صراع بين الأخوة المجاهدين الذين قضوا بدعم من أميركا على النظام الماركسي في البلد ثم قضوا على البلد ذاته؛ في طاجكستان صراع بين الدولة العلمانية والقوى الإسلامية؛ في كوسوفو صراع بين المسلمين الألبان والصرب الأرثوذكس؛ في الصومال صراعات لا تنتهي بين القوى المتحاربة وكلهم مسلمون؛ في فلسطين صراع دموي بين اليهود والقوى الإسلامية الفلسطينية؛ في الجزائر صراع عنيف بين الدولة العلمانية والقوى الإسلامية؛ في تركيا صراع بين الجيش العلماني والقوى الإسلامية؛ في السودان حرب بين الدولة الإسلامية وسكان الجنوب من المسيحيين البروتستانت والوثنيين؛ في الشيشان، فرنسا، اليمن... والبقية تأتي. إذن، لا توجد معركة هذه الأيام في عالمنا هذا إلا والإسلام أحد طرفيها تقريباً - وأحياناً: الطرفان. فهل كل العالم على خطأ والمسلمون وحدهم على صواب؟ السؤال العاشر: في السودان ومصر وغيرهما من الدول، تعاني الأقليات غير المسلمة من اضطهاد مخيف؛ رغم أن أعداد تلك الأقليات كبيرة ويمكن أن تعادل حجم دولة متوسطة الحجم، ولا أحد يكترث لذلك. بالمقابل، فالإعلام الإسلامي مجيّر كله للدفاع عن حق المسلمين في الفيلبين وكوسوفو بالاستقلال. وإذا كنا نتهم الولايات المتحدة في تعاملها مع دول المنطقة بالكيل بمكيالين؛ أليس كل المسلمين يكيلون بمكيالين في تعاملهم مع قضاياهم وقضايا غيرهم؟ السؤال الحادي عشر: لنفتح ثانية خارطة العالم ونبحث هذه المرة عما يسمّى بأشكال الديمقراطية - ماذا سنجد؟ الأنظمة الشمولية في كافة أرجاء العالم تتهاوى، حتى في دول أفريقيا السوداء التي كان بعض شعوبها حتى زمن قريب من أكلة لحوم البشر، إلا العالم الإسلامي. فباستثناءات نادرة - كالباكستان مثلاً، المهددة على الدوام برمز إسلامي قمعي، كضياء الحق، يضيع الحق وأصحابه - لا مكان هناك للديمقراطية. ويزداد القمع والديكتاتورية مع ازدياد الميل التأسلمي للدولة. مثال آخر هو إسلاميو الإنقاذ (لاحظ التسمية) في الجزائر، الذين راحوا يصرخون في كل الإذاعات التي طالتها أفواههم، حتى قبل أن يصلوا إلى الحكم عن طريق الديمقراطية، بأن الديمقراطية كفر، وأنها إفراز للغرب العلماني الكافر: فالإسلام لا يعترف بالديمقراطية! بمعنى أن الديمقراطية هي الحمار الذي كان سيوصل الإنقاذيين إلى حكم الجزائر، ومن ثم كانوا سيقتلونه، حتى لا يعود بهم إلى حوازتهم وزواياهم وتكاياهم، إذا هم فشلوا! هل الإسلام يتناقض حقاً مع الديمقراطية؟ وهل توجد نماذج من الماضي الإسلامي تحمل سمة الديمقراطية: نماذج فعلية وليست من النمط الذي يروّج له بعضهم الآن، بنوع من التضليل عز نظيره؟ السؤال الثاني عشر: يقولون إن المؤامرات التي تحاك ضد اليمن وأفغانستان والصومال والجزائر ومصر... هي السبب في الصراعات الداخلية بين أبناء شعوب هذه البلدان، والتي تكلّف الكثير، إن على الصعيد البشري أو الاقتصادي. لكن تحليلنا النشوء - ارتقائي، يقول: إن الكائن الذي لا يتكيف مع معطيات عصره الزمانية - المكانية سينقرض، كما انقرضت كائنات غيره فشلت في هذا التكيّف. وعلى مر التاريخ، انقرض الكثير من شعوب العالم، التي اعتُقل تفكيرها وصيرورتها في لحظة زمنية بعينها، وافتقدت بالتالي سمة التكيّف والتبدّل! ما هو أثر الإسلام برأيكم في افتقاد الشعوب الإسلامية لخاصية فهم حركية الزمان المكان وبالتالي افتقاد خاصية فهم التكيّف، الأمر الذي لا بد أن ينتهي حتماً بآلية تدفع نحو حالة انقراض بطيء، راسخ؟ السؤال الثالث عشر: هل الإنسان لخدمة الشرع أم الشرع لخدمة الإنسان؟ هل الفكرة أهم أم صاحب الفكرة؟ الشرع الإسلامي، كالشرع التلمودي تماماً، يرسم مسيرة حياة الإنسان الفرد منذ خروجه من رحم أمّه حتى دخوله حفرة القبر. ويتساوى المسلمون واليهود أيضاً حتى في رسم خطوات ما بعد الموت من ميثولوجيا عذاب القبر اليهودية وما شابه... الفرد المسلم مُسْتلب بتفاصيل الشرع التي تتدخل، كالتلمود بالنسبة لليهودي الأرثوذكسي، في كلّ تفاصيل حياته. ورجال الدين يتولون تحريك خيوط الاستلاب عن طريق مفهومهم المفضّل: الإثم! الإثم = الابتعاد عن إرادة الله؛ وبكلماتنا الأكثر دقة: الإثم = الابتعاد عن إرادة المستفيد من مفهوم إرادة الله - رجل الدين. في لبنان قتل حزب الله أعلاماً فكرية دفاعاً عن الشرع؛ في الجزائر، في مصر، في إيران... في كل دول العالم الإسلامي يصادر العقل والصيرورة تحت رايات شرع عتيق بدوي النكهة والطراز. ما هو رأيكم بدور الشرع في تحجير الفكر الإسلامي؛ وكيف يمكن كسر صدفة الشرع المتحجرة هذه؟ السؤال الرابع عشر: المجتمعات الإسلامية متخلّفة، فقيرة، متعبة، عموماً؛ وحتى حين توجد بلدان إسلامية غنية اقتصادياً، كدول الخليج مثلاً، فإن هذا الغنى لا ينبع عن كونها بلدان مؤسسات راسخة الجذور اقتصادياً، كاليابان، بل إنه غنى لا دخل لتلك الدول فيه: غنى طفرة، غنى مرحلي يمكن أن يزول بسهولة. يلعب التخلف الاجتماعي، المرتكز على أساس ديني، الدور الأبرز في هذا كله. والتزايد السكاني، على سبيل المثال، هو إحدى العقبات الأكبر في وجه أي تقدم اقتصادي. فلو أخذنا إحدى الدول المتقدمة كالسويد، لوجدنا أن عدد سكانها عام 1952 كان حوالي 7000000 نسمة؛ في حين أن عدد سكان هذا البلد، عام 1994، رغم كل الهجرة إليه، لم يزد عن 8700000 نسمة. بالمقابل، فقد ارتفع عدد سكان سوريا خلال الحقبة ذاتها، من 3200000 إلى نحو من 15 مليون نسمة. ويلعب رجال الدين، كمسيطرين فعليين على الشارع، الدور الأبرز في هذا الخلل الاجتماعي، الذي يستغلونه لصالحهم افضل استغلال. بمعنى أن رجال الدين هم بذرة كل مشكل، والذين يطرحون أنفسهم بالمقابل كخشبة خلاص من كل المشاكل. يحرضون الناس على الإنجاب فيخلقون أزمات اقتصادية خانقة ثم يقولون إن سبب الأزمات إبعاد رجال الدين عن السلطة السياسية. إلى متى سيظل رجال الدين يخلقون الأزمات ولا أحد يجرؤ على لمسهم؟ متى سينقلب السحر على الساحر؟ السؤال الخامس عشر: ثمة تعبير شائع في العالم كله هذه الأيام « الإرهاب الإسلامي »! ومؤخراً كان الحديث العنصري حول خلل جيني (وراثي) في الشخصية الإسلامية يجعل الإرهاب قدرها جبرياً. لقد صدر عن بعض الدوائر الاستشراقية في الغرب آراء مفادها أنّ المسلمين مصابون بمرض التخلّف العضال؛ بل إن هنالك من يرفض مقارنة المسلمين بالأفارقة الزنوج أو سكان استراليا الأصليين باعتبار أن الأخيرين قابلون للتحضر، في حين أنه لدى الطرف الأول مناعة « دينية » ضد كل أنواع التحضر. هنالك أيضاً من يعزو ظاهرة « الإرهاب الإسلامي » إلى عوامل اقتصادية، ويضعون الشكل المتداول للدين الإسلامي على رأس قائمة الاتهام. ما هو، بالفعل، سبب ظاهرة « الإرهاب الإسلامي »، وما هو دور ثقافة الجهاد في هذه الظاهرة؟ السؤال السادس عشر: ما سنرويه الآن ليست حكاية خرافية: « نزل الشيخ الوهابي (أو الخميني) من سيارته الألمانية، خضب ذقنه الطويلة بعطر فرنسي، ركب مصعداً أمريكياً، فتح بابه المقفول بأحدث الأقفال اليابانية، دخل إلى مجلسه المفروش بالسجاد البلجيكي، خلع حذاءه الإيطالي، واستبدل دشداشته التايوانية بأخرى صينية نظيفة، أخرج من جيبه نشوقاً هندياً، أدار المكيّف الماليزي، أُحضر له جهاز تسجيل هولندي، يحتوي شريط تسجيل كوري، استدار الشيخ حوله ونظر إلى ساعته السويسرية، وفتح فاه ليقول لمريديه: إياكم يا أبناءي وربطات العنق، فإنها رمز للغرب الكافر »! هل هنالك أكثر من هذا تناقض؟ السؤال السابع عشر: أسبابٌ كثيرة قُدِّمت لتفسير ظاهرة الأزمة الجزائرية: منها ما هو اقتصادي، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو ديني. لكن جوهر الأزمة برأينا يكمن في مسألة « الهوية الحضارية »: ما هي الجزائر؟ الجزائر بلد بلا هوية حضارية. بلد أمازيغي جاءه الغزو العربي الإسلامي، فاختلطت فيه الثقافات دون تأصيل حضاري، لبعد الجزائر عن مركزي الحضارة في الشرق العربي الإسلامي: سوريا ومصر. وتوالت على الجزائر الاحتلالات التي كان آخرها الاحتلال الفرنسي الذي خلق جو ثقافة مرتبطاً به، الأمر الذي أثّر في أعماق قطاع واسع من الشعب الجزائري الذي بات يرى في الفرنسة هوية حضارية يمكن التمسك بها كبديل مقنع. لكن غالبية الشعب، الغالبية الفقيرة، التي كانت بعيدة عن جو التثقيف الفرنسي، والتي لا تمتلك إحساساً بالانتماء القومي العربي لبعدها عن مراكز ذلك كما أسلفنا، لم تجد أمامها سوى الدين هوية تشهرها في وجه القطاع المثقف الفرنسي. والعنف المميّز للطرفين يعكس تماماً فقدان العمق الحضاري عند كليهما. بالمقابل، الحالة السورية معاكسة تماماً للحالة الجزائرية. والتواصل القومي - الحضاري موجود منذ آلاف السنين. فزنوبيا، على سبيل المثال، أرادت أن تخلق مسيحية سورية وفلسفة سورية، فأوكلت المهمة لبولس السمسياطي ولونجينوس الحمصي على الترتيب. كذلك فإن كثيراً من المسيحيين السوريين حاربوا بجانب العرب المسلمين ضد المستعمر البيزنطي. سوريا، ذات الإرث الثقافي المغرق في قوته، امتصت اليهودية والمسيحية والإسلام لتفرز من ثم يهودية سورية ومسيحية سورية وإسلاماً سورياً: وفي اعتقادنا أن كلاً من القرائية والمارونية المونوتيلية والسريانية الأرثوذكسية والنسطورية والتيارات التي في التشيع أو على هامشه، هي تعابير سورية عن فهم لفكر ما. لن ننسى أيضاً أن سوريا قدّمت للعرب أهم مفكريها القوميين في العصر الحالي. بعد هذا كله، نقول: إن سوريا لا تعاني أزمة في هويتها القومية الحضارية - ما السر إذاً في أن يدعو رجال دين بعينهم إلى هويات طائفية مذهبية يعرف الجميع أنها لا تعمل إلا على تفتيت الوطن المكون من طوائف كثيرة؟ السؤال الثامن عشر: في حديث لمستشرق ألماني، قال: إن مشكلة المسلمين هي القرآن، فالقرآن هو سقف تفكير المسلم، بمعنى أن المسلم لا يستطيع تجاوز ذاته لأنه « مكبَّل » بقيود القرآن. وفي حديث عن تطوير اللغة العربية، قال أحد المثقفين العرب: العربية غير قابلة للتغيير أو التطوير لأنها لغة القرآن، والقرآن غير قابل للتغيير أو التطوير. الأدهى من ذلك كله هو بعض علماء المسلمين، الذين يحاولون تلوين آرائهم بشيء من العلمية المزيفة عبر الزعم بأن كل علوم الأرض محتواة في القرآن؛ وكلما ظهر اختراع هنا أو هناك، وجدنا من يفصّل له آية يلصقها به، زاعماً أنه لو وجد بين المسلمين من فهم هذه الآية على حقيقتها، لاستطاع ذلك المسلم التوصل إلى الاختراع محط القصد عوض باحثي الغرب العلمانيين الكفار. إلى أي مدى يحد القرآن من قدرة عقل المسلم على الانطلاق والتحرر؟ السؤال التاسع عشر: قبل سنوات، نشرت إحدى المجلات المصرية الأسبوعية لائحة بالأخطاء النحوية في القرآن، نعتقد أنها مستمدة من كتاب آرثر جفري، مواد من أجل تاريخ القرآن النصّي. من تلك الأخطاء، نذكر: إن هذان... (طه 20: 63). إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون (المائدة 5: 69). إن تاريخ الحجاج الذي نقّط القرآن مليء بالجرائم، ولا يمكن الوثوق به لا كإنسان ولا كمرجع في قضايا الدين؛ كذلك فالسجستاني يذكر في كتاب المصاحف أن هذا الحجاج غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً. لماذا لا يقوم علماء مختصون طاهرو السيرة - لا كالحجاج - بتصليح تلك الأخطاء النحوية الحجاجية الموجودة في القرآن، لإغلاق كل الأبواب أمام متصيدي الأخطاء؟ السؤال العشرون: بحسب الميثولوجيا الكتابية، هنالك امرأتان تحملان اسم مريم: واحدة مذكورة فقط في العهد القديم، وهي مريم أخت موسى وهارون وابنة عمران ويوكابد (عد 26: 59 1 أخ 5: 29؛ قض 11: 34؛ 1صم 18: 6-7؛ مز 68: 26) - نجد لها ذكراً أيضاً في المدراش (خر، ر 26: 1) وفي التلمود (سوتاه 12 آ و3آ؛ آبوت 5: 6)؛ وأخرى مذكورة فقط في العهد الجديد، هي مريم ابنة يواقيم وحنة أم المسيح. بالمقابل، ففي القرآن نجد أن المرأتين قد صارتا مريماً واحدة: فمريم القرآنية هي أم المسيح وهي ابنة عمران وأخت هارون (3: 45؛ 4: 171؛ 5: 17؛ 5: 46؛ 5: 72، 75، 78، 110، 112، 114، 116؛ 9: 31؛ 19: 34؛ 33: 7؛ 66: 12؛ 19: 28). في الوقت ذاته، نجد أن القرآن يجعل أخوي إحدى المريمتين، أي هارون وموسى، متزامنين مع أحد السامريين (20: 85، 78، 95)، مع أن السامرية، كما يفترض، جاءت بعد هارون وموسى بمئات السنين. كيف نفسّر هذا كله؟ السؤال الحادي والعشرون: زينب بنت جحش امرأة عادية جداً في تاريخ العالم، لا يميزها سوى زواجها من النبي وأحاديث عن غيرتها المتبادلة مع عائشة وبياضها ولحمها المكتنز. هذه السيدة ليست زنوبيا ولا الخنساء، ليست كليوباترا ولا سميراميس، بل ليست خديجة ولا فاطمة. مع ذلك، فزينب بنت جحش تحتل حيّزاً مفصلياً في تاريخ الإسلام. فقد تدخل الله شخصياً ثلاث مرات على الأقل في أمور تخصها - كانت كلها عاطفية: المرة الأولى حين رفضت - وأخوها عبد الله - الزواج من زيد بن حارثة باعتبار أنهما من أشراف العرب وزيد هذا مجرد عبد تبناه النبي، فتدخل الله وألزمها بالزواج منه (33: 36)؛ والمرة الثانية حين رآها النبي فضلى وكان جاء كي يزور ابنه بالتبني فوقعت في نفسه، فتدخل الله من جديد يأمر النبي بالزواج منها ونسخ التبني حتى لا يقال إن محمداً تزوج حليلة ابنه (33: 35)؛ والمرة الثالثة، حين أراد النبي الدخول بها، فتابع بعض الثقلاء جلوسهم في الوليمة، فأنزل الحجاب. كيف نفسّر كل ما سبق؟ السؤال الثاني والعشرون: حجاب زينب بنت جحش يجرنا إلى أمور أخرى معاصرة، أكثر حساسية. فقبل سنوات، ثارت ثائرة أصحاب النخوة والحمية في مصر، لأن يوسف شاهين، المخرج الشهير، قدّم فيلماً وثائقياً إلى حد ما، اسمه « مصر منورة بناسها » أظهر فيه شباناً مصريين يبيعون أجسادهم لطالبي متعة من الغرب. والأمر ذاته موجود في تونس بدرجة أكثر وضوحاً، وقد أشير إلى ذلك في الفيلم التونسي الشهير « بزناس ». وعام 1995 جاء أستاذ في علم النفس من سان فرنسيسكو (وهو لوطي أيضاً) إلى إحدى العواصم العربية، التي وضعها دليل سياحي كان معه بأنها «جنة اللوطيين »، وكانت انطباعاته بعد شهرين في تلك العاصمة بأن نسبة اللوطيين فيها أعلى منها في سان فرنسيسكو، أهم عاصمة للواط والسحاق في العالم. ورغم النزاع بين التيار النفساني والتيار الجيني (الصبغي) في تفسير أسباب اللواط والسحاق، فقد رأى هذا الأستاذ أن الفصل بين الجنسين هو أحد الأسباب الرئيسة للواط والسحاق في البلدان الإسلامية؛ وأردف بأن التجربة الجنسية الأولى للمراهق المسلم، المشحون جنسياً بحكم التربية إلى درجة عالية، والذي لا سبيل أمامه للإفراغ بسبب الفصل الجنسي إلا زميله من الجنس ذاته، تترك انطباعاً في ذهنه صعب أن يمحوه الزمن، خاصة وأن مفاهيم كالزنى والإثم وما شابه، المحيطة بالعلاقات بين الجنسين، تترك في نفس الفرد المسلم خوفاً مريعاً من العلاقة مع المرأة. ويزداد الطين بلة مع الصعوبات الاقتصادية التي تحول دون الزواج المبكر. من ناحية أخرى، يضيف هذا الأستاذ الباحث الأميركي بأن التراث الإسلامي لا يبالي كثيراً باللواط. ففي القرآن آيات تحمل معان ملغزة: « يطوف عليهم [في الجنّة] غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون » (52: 24)؛ أو « يطوف عليهم ولدان مخلدون » (56: 17)؛ والسيوطي وغيره يحيطون الشكوك بسلوك عمر بن الخطاب الجنسي؛ كذلك فأخبار الخلفاء وغلمانهم والفقهاء الذين أباحوا لهم اللواط على أساس « ملك اليمين »؛ إضافة إلى الكتابات الكثيرة عن العلاقات الجنسية الشاذة في أوساط الصوفيين. ونحن نسأل: إلى أين سيوصل نظام الفصل الجنسي الإسلامي؟ ألا يعرف الكتّاب الإسلاميون خطورة هذا الفصل وأثره في تحويل بعض عواصمنا إلى مواخير للوطيي أوروبا وسحاقياتها؟ السؤال الثالث والعشرون: السؤال السابق لا بد أن يدفعنا إلى القول باختصار: إذا ساعدت الظروف، وانتشر الإسلام في سان فرنسيسكو على سبيل المثال، ماذا سيفعل بمجموعات اللوطيين والسحاقيات الموجودة هناك، والتي يتجاوز عددها مليوناً ونصف مليون إنسان؟ السؤال الرابع والعشرون: القبيسيات تنظيم نسائي اجتماعي (لا نعرف ما إذا كان سياسياً أم أنه ينتظر الظروف المواتية كي يصبح سياسياً، كما أكّدت الأحداث المشابهة في مصر مثلاً ) إسلامي، ينتشر الآن بقوة ورسوخ وعلنية. لكن هذا التنظيم القوي، بلباسه الخاص (إيشارب أزرق ومعطف من مشتقات الأزرق عموماً، وربما هنالك درجات في الترتيب الهرمي للتنظيم)، وشكله الخارجي الخاص (وجوه قاسية صفراوية السحنة خالية من أي مسحوق تجميلي، حواجب كثة غير مهذبة، حذاء رجالي، أسلوب في المشي والحديث والتعامل يفتقد أدنى درجات الأنوثة) لا يوحي إلا بالسحاقية. والحقيقة أن هذه الجماعة غير سحاقية عموماً. لكن هذا الشكل الموحي بالسحاق لعضوات التنظيم، برأي خبيرة نفسية، إنما يرجع إلى عوامل اجتماعية ذات أساس ديني. كيف؟! تولد الأنثى في العائلة المسلمة المحافظة، لتجد الحجاب مفروضاً عليها منذ الطفولة، الأمر الذي يعتبر بحد ذاته غاية في الخطورة لأنه يخلق وعياً مبستراً سابقاً لأوانه بالقيمة الجنسية للجسد، دون إدراك حقيقي لمعنى ذلك كلّه. وتكبر الأنثى، ويكبر معها تركيز المحيط عليها كجسد ليس إلا، عبر التحريض الشديد على « كنوز » هذا الجسد وخفاياه، الأمر الذي يخلق في لاوعي الأنثى إحساس التشيؤ الجسدي - النفسي. يضاف إلى ذلك هذا الكم الهائل من التراثيات المحقرة للأنوثة، التي تنظر إليها كعبء، لا يمكن تحمله ولا التخلص منه. دون أن ننسى التقسيم التراثي القديم للنساء: زوجات وجوارٍ، حريم وعاهرات، ربّات منازل وحظايا... إذن، لا يوجد في تاريخنا - إلا ما ندر - ظاهرة المرأة التي هي ليست « حريماً » ولا عاهرة. وفي عرفنا، كما يقال، لا تخرج المرأة من بيت زوجها إلا للقبر! هذا الركام المخيف، باعتقادنا، أوصل الجماعة القبيسية إلى رفض كامل للأنوثة، وانتحال ذكورة مزيفة، لأن تلك الأنوثة، بالنسبة لهن، هي التشيؤ بعينه؛ وفي لاوعيهن، هنالك رفض حاسم للتشيؤ. تتطرّف تلك الباحثة « قليلاً » حين تدرس جماعة أخرى منافسة للقبيسيات، تفوح منها أيضاً رائحة الصوفية، يفرض على عضواتها اللباس الأسود بالكامل: لا يمكن أن تعرف صدر المرأة من ظهرها إلا حين تمشي. وتعتبر تلك الباحثة أن السبب الوحيد لانتشار هذا النوع من التحجب الأسود الكامل هو الجنس. فالمرأة التي تعيش في وسط مغرق في تزمته ومحافظته، والتي يخجل زوجها من إرضاء حاجاتها « هي » الجنسية، لأنها حريمه وليست جاريته، تعيش ضغط حاجة جنسية متواصلة، فتحاول إرضاء ذاتها عبر إخلاص مطلق، يأخذ صفات متنوعة، لذكر أبدي تشعر بتملكه لها. وتفسّر الباحثة أيضاً المنديل الأسود المنتشر كثيراً هذه الأيام والذي يركّز على تغطية الفم، ليس بالمعنى الاجتماعي أي أنه إرث من تاريخ البداوة القديم حين كانت المرأة تضطر لتغطية فمها ووجهها حجباً للتراب والرمل والريح وما شابه، بل بالمعنى الجنسي، فالفم في الوجه هو الفتحة الوحيدة التي يمكن للذكر استخدامها. وأخيراً تخلص تلك الباحثة إلى القول إن تلك النوعيّة من النساء وفتيات المجلات العارية وجهان لعملة واحدة: الطرفان يتعاملان مع المرأة كجسد بلا عقل. ما مدى الواقع في كلّ ما أورد سابقاً من تحليلات؟ |