حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
هل القرآن منزل من السماء - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: هل القرآن منزل من السماء (/showthread.php?tid=9207) |
هل القرآن منزل من السماء - arfan - 09-09-2007 هل القرآن منزل من السماء , كيف يتم إثبات ذلك , وماذا يعني الوحي , وكيف نستطيع فهم الآيات القرآنية وفق المفهوم الرباني , وهل البشر يستطيعون فهم ذلك وكيف ؟ إن القرآن يستعمل في عباراته الإنزال والنزول في الكلام الموحى من الله إلى النبي محمد , كقوله : ( نزل به الروح الأمين ) (2) , وقوله : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) (3) , وقوله : ( ونزلناه تنزيلاً ) (4) , فماذا يراد بهذه العبارات , وهل الكلام الموحى به إلى محمد نازل من فوق , أي من جهة عالية إلى جهة سافلة ؟ تمهيداً للجواب على هذا السؤال نقول : إن الجهات التي نعين بها مواقع ما حولنا من الأشياء ليس لها حقيقة ثابتة في الخارج , وإنما هي من الأمور النسبية التي لا تكون إلا بالإضافة إلى غيرها 0 فما علا على رؤوسنا سميناه فوق وتخيلناه عالياً , وما سفل عن أقدامنا سميناه تحت وتصورناه سافلاً , ونحن لو ارتقينا بمرقاة إلى سمك أبعد مما فوق رؤوسنا لصار الفوق تحتاً وانقلب العالي سافلاً وبالعكس لو انحدرنا إلى درك أسفل مما كان تحت أقدامنا لصار التحت فوقاً وانقلب السافل عالياً , وهكذا الأمام والخلف واليمين والشمال , نقول لما استقبلناه أمام ولما استدبرناه خلف , وإذا درنا بوجوهنا إلى ما استدبرناه صار الخلف أماماً والأمام خلفاً فلو أننا استطعنا أن ننقل من عالمنا الأرضي إلى عالم المريخ مثلاً لتبدل وضعنا بالنسبة إليها ووضعها بالنسبة إلينا , وعندئذ ٍ لم يبقَ لنا فيها شمال ولا جنوب ولا شرق ولا غرب , ولرأينا فوقنا الأرض التي كانت تحتنا دائماً وأبداً , فتنقلب الأرض حينئذ ٍ سماءً إلينا ونحن في عالم المريخ وقد قلت في قصيدة " من أين إلى أين " : نحن بني الأرض قد علمنا بأننا من بني السماء لو كنت في المشتري لكانت أرضي سماء بلا امتراء فليس فوق وليس تحـــــــــت ولا اعتلاء لذي اعتـــــــــلاء ولذلك , أي لعدم قدرتنا على الخروج من عالمنا الأرضي , نرى الشمس فوقنا دائماً وأبداً وليس هي في الحقيقة فوقنا ولا تحتنا , وإنما الأرض التي نحن على ظهرها تظهر لنا الشمس في النهار وتحجبها عنا في الليل بسبب حركتها المحورية فليس للشمس طلوع ولا غروب , وليس في الأرض شرق ولا غرب , وإنما هذه أمور تقع ظاهرة بالنسبة إلينا وناشئة من حركة الأرض على محورها ليس إلا فبالنظر إلى هذا تنعدم الجهات وإنما وجودها نسبي لا وجود لها في الحقيقة الجواب قد يلوح لك من تمهيدنا ما نريد أن نقول في الجواب على السؤال المتقدم لقد تعودنا أننا إذا أردنا أن نعظم شيئاً أو أحداً نسبناه إلى العلو ووصفناه بالعالي , وإن كان ذلك الشيء من الأعراض التي لا تقوم ولا تنتقل بنفسها من مكان إلى مكان , وإنما تعودنا ذلك لأننا في حياتنا الفانية نرى العلو عزاً , ونرى العالي عزيزاً لا ينقاد وصعباًً لا ينال والنزول في اللغة العربية يستعمل ضد الصعود , فحصوله يستلزم انتقالاً من جهة عالية إلى جهة سافلة , وبعبارة أخرى من فوق إلى تحت , ولكن قد نستعمله لمجرد التعظيم وإن لم يكن هناك علو ولا سفل , كما قد وصفنا الله بالعالي والمتعالي لمجرد التعظيم , مع أن الله منزه عن أن يكون في جهة دون جهة , ومنزه أن يكون في مكان دون مكان , فتعبير القرآن بالنزول والإنزال في الكلام الموحى به من الله لا يقصد به إلا التعظيم والتشريف جرياً على ما تعوده الناس من نسبتهم الشيء إلى العلو إذاً أرادوا تعظيمه وتشريفه , لأن الله عظيم واجب التعظيم , فإن الآتي منه يستوجب التعظيم أيضاً , فنسب إلى العلو كما نسب الله أيضاً , فعبر عن حصول الوحي بالنزول أو الإنزال وتأييداً لهذا نتكلم عن بعض ما قاله القوم في هذا الباب : إن للقرآن اصطلاحات خاصة في استعمال الكلمات , فقد خرج في كثير من الألفاظ عن معانيها اللغوية إلى معان ٍ أخرى خاصة به كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها , وكذلك النزول والإنزال فقد ورد الإنزال في القرآن على وجه لا يستلزم هبوطاً من علو إلى سفل , إذ جاء استعماله في أمور كائنة في الأرض ولم تهبط من السماء كقوله في سورة الحديد : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) (1) , وفي سورة الأعراف : ( يا بني آدم قد أنزلنا عليك لباساً يواري سوآتكم ) (2) , وفي سورة الزمر : ( وأنزل عليكم من الأنعام ثمانية أزواج ) (3) ولا ريب أن الحديد واللباس والأنعام كلها من الأشياء الكائنة في الأرض , فالإنزال هما بمعنى الخلق , وإنما عبر عن خلقها بالإنزال للتعظيم واعتيد تصور الخالق عالياً للتعليم أيضاً , فاستعمال الإنزال في هذه الأمور قد يكون استعمالاً مجازياً أو هو اصطلاح قرآني خارج عن المعنى اللغوي لغرض من الأغراض البيانية ولا ريب أن العالي إذا أعطى أحداً شيئاً كان عطاؤه إنزالاً إلى المعطي فإذا كان علوه اعتبارياً لا مكانياً كان إنزاله اعتبارياً أيضاً لا حقيقياً وكذلك يقال في قوله في سورة الفتح : ( وهو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ) (1) أي جعلها في قلوبهم , وقوله في الأعراف : ( وأنزلنا عليهم المن والسلوى ) (2) أي رزقناكم المن والسلوى أو أوجدنا لكم المن والسلوى , وقوله في سورة القصص : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) (3) أي لما أعطيتني من خير أو لما يسرت لي وهيأت من خير , إلى غير ذلك من الآيات التي لم يكن عدوله فيها إلى التعبير بالإنزال إلا لتعظيم الله الذي لم تكن هذه المنزلات إلا منه أي بأمره وإرادته فلماذا لا يكون إنزال القرآن من هذا القبيل أيضاً , بأن يكون بمعنى الإلهام , وإنما عبر عنه بالإنزال تعظيماً للملهم , خصوصاً إذا قلنا بأن القرآن هو المعاني لا الألفاظ كما ذهب إليه فريق من علماء الإسلام , حتى أن أبا حنيفة قال بصحة صلاة من قرأ في صلاته القرآن بالفارسية فمعنى قولنا : إن الله أنزل القرآن على النبي محمد أنه ألهم معانيه , ثم عبر النبي عن تلك المعاني بألفاظ عربية وقرأها على الناس ولا ينبغي للمؤمن بالله حق الإيمان إن كان محترماً للعقل ومخلصاً في الإيمان أن يخرج بإنزال القرآن عن حد هذا المعنى , وقد ذهب إليه فريق من علماء دين الإسلام من الذين يحترمون عقولهم ويخلصون لله إيمانهم وأراد الزمخشري في تفسير : ( أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) (4) أن يتأول فقال : جعل ما في الأرض منزلاً من السماء لأنه قضى من السماء وكان فيها (5) , وهو كلام مضحك لأن الزمخشري يتصور أن الله في السماء وأن قضاءه بوجود هذه الأنعام كان في السماء , وما أدري أية سماء يعني في أيها العالم النحرير أما قولك : " قضى " فصحيح , وأما قولك : " في السماء" فلا وأراد بعضهم أن يمخرق فقال : إن الأنعام لا تعيش إلا بالنبات , والنبات لا يقوم إلا بالماء , وقد أنزل الماء فكأنه أنزلها إن هذا الكلام لا يقوله من عنى بالحقائق وإنما هو مخرقة وتمويه فإن قلت َ : إن كان القرآن قد استعمل الإنزال في عباراته استعمالاً مجازياً فما تقوله في قوله : ( أنزلنا من السماء ماءً طهوراً ) (6) , فقد استعمل الإنزال هنا على وجه الحقيقة لا المجاز لأن إنزال الماء من السماء حقيقة , قلتُ : أولاً : إن استعمال البليغ كلمة على وجه المجاز في موضع من كلامه لا يحظر عليه استعمالها على وجه الحقيقة في موضع آخر , وقد قيل لكل مقام مقال , ثانياً : قالوا إن السماء في اللغة هو كل ما علاك فأظلك , فسقف البيت سماء والسحاب سماء , ولكننا في بحثنا هذا لا نريد بالسماء هذا المعنى العام , وإنما نريد بها ما سوى الأرض من الأفلاك العلوية والسحاب وإن سمي سماء ليس من هذه السموات فالماء ليس بنازل من السماء بل هو نازل من السحاب المتكون من بخار الهواء الصاعد من الأرض في الهواء , كما قال في سورة النبأ : ( وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً ) (1) ولم يقل : من السماء والمعصرات هي السحاب التي حان لها أن تعصرها الرياح وتدرها بالمطر , فإن الريح هي التي تدر السحاب كما تقرر في علم الطبيعة , وذلك أن بخار الماء الحاصل من حرارة الهواء يرتفع لخفة في الهواء فيتكون سحاباً متكاثفاً على نسبة معينة من درجة الحرارة , فإذا اختلت تلك النسبة بهبوط درجة الحرارة في الهواء رد الهواء ببرودته ذلك البخار المتكاثف إلى قطرات مائية تسقط على الأرض بحكم الجاذبية , فالهواء باختلاف درجات الحرارة فيه هو الذي يجعل الماء بخاراً , وهو الذي يرفعه على أكتافه سحاباً ثم يدره مطراً ومعلوم أن الكرة الهوائية محيطة بالأرض من جميع جهاتها , وأن هذه الكرة الهوائية هي جزء من الكرة الأرضية ليست بخارجة عنها , فمياه الأمطار ليست بنازلة من السماء التي نزل منها القرآن , بل هي تنزل من السحاب الذي هو في الأرض لأن الكرة الهوائية جزء من الأرض غاية ما هنالك أنها تنزل من مكان إلى مكان آخر في الأرض , وبعبارة أخرى إنها تنتقل من مكان عال في الأرض إلى مكان سافل فيه ومن غرائب الأقوال الدالة على غفلة قائلها ما قاله بعض علماء الإسلام من أن مياه الأمطار تنزل أولاً من السماء إلى السحاب , ثم يلقيها السحاب مطراً على الأرض (2) , كما ذكره الزمخشري عند الكلام على تفسير المعصرات , فسبحان واهب العقول ومعميها لعل الكلام قد خرج بنا عن الصدد , فلنعد إلى ما نحن فيه , إن خلاصة ما قلناه , فيما تقدم , هو أن القرآن عبارة عن المعاني دون الألفاظ , وأن الإنزال معناه الإلهام , وإنما عبر بالإنزال مجازاً لتعظيم المنزل أي الملهم ويؤيد قولنا هذا ما ذكره صاحب الإتقان في كيفية الإنزال قال: قال الأصفهاني في أوائل تفسيره : اتفق أهل السنة والجماعة على أن كلام الله منزل واختلفوا في معنى الإنزال , فمنهم من قال : إنه إظهار القراءة , ومنهم من قال : إن الله ألهم كلامه جبريل وهو ( أي جبريل ) في السماء في عال من المكان , وعلمه قراءته ثم إن جبريل أداه في الأرض وهو يهبط في المكان (3) ولنقف عند هذا الكلام قليلاً لننظر فيه فنقوله : لا ريب أن الفريق الأول القائلين بأن معنى الإنزال إظهار القراءة هم من القائلين بأن القرآن هو المعاني والألفاظ معاً , ولذا أرادوا أن يجعلوا الإنزال بمعنى يشمل الألفاظ أيضاً فقالوا هو إظهار القراءة , فيكون معنى قولنا إن الله انزل القرآن أنه أظهر للناس قراءته وعلى قولهم هذا قد انتفى من الإنزال معنى الهبوط من علو إلى أسفل وهذا هو الذي أرادوا أن يتخلصوا منه بجعلهم الإنزال بمعنى إظهار القراءة ولكن الأرجح الذي تطمئن إليه النفس ويقبله العقل الرجيح ويستسيغه الذوق السليم هو ما ذهب إليه غيرهم من أن القرآن هو المعاني دون الألفاظ , وعندئذ ٍ يكون الإنزال بمعنى الإلهام وأما أهل القول الثاني فهؤلاء أيضاً من القائلين بأن القرآن هو المعاني بالألفاظ معاً , وقد أرادوا أن يحققوا في الإنزال معنى الهبوط من علو إلى سفل فماذا يصنعون , والله تعالى منزه عن المكان , وكيف يهبط كلامه من علو إلى سفل وهو منزه عن الجهات فتخلصاً من هذا جاءوا بجبريل ليجعلوه واسطة لانتقال كلام الله من علو إلى سفل , لأن جبريل كسائر خلق الله ينتقل من مكان إلى مكان , فقالوا " إن الله ألهم كلامه جبريل وهو ( أي جبريل) في السماء من عال من المكان " ولم يكتفوا بالإلهام لأنه لا يشمل الألفاظ فقالوا " وعلمه قراءته" لتكون الألفاظ أيضاً من القرآن , ثم أجروا عملية الانتقال فقالوا " ثم جبريل أداه في الأرض وهو يهبط في المكان " فلله درهم ما أذكاهم وما أقدرهم على تصوير المحال يتبع (1) السيرة الحلبية , 3/ 244 – (2) سورة الشعراء , الآية : 193 – (3) سورة البقرة , الآية : 185 – (4) سورة الإسراء , الآية : 106 – (1) سورة الحديد , الآية : 25 – (2) سورة الأعراف , الآية : 26 – (3) سورة الزمر , الآية : 6 – (1) سورة الفتح , الآية : 4 – (2) سورة الأعراف , الآية : 160 – (3) سورة القصص , الآية : 24 – (4) سورة الزمر , الآية : 6 – (5) الكشاف , تفسير الآية 6 من سورة الزمر 0 – (6) سورة الفرقان , الآية : 48 – (1) سورة النبأ , الآية : 14 – (2) الكشاف , تفسير الآية : 14 من سورة النبأ – (3) الإتقان , 1/ 43 * من كتاب الشخصية المحمدية للكاتب العراقي – معروف الرصافي هل القرآن منزل من السماء - arfan - 09-10-2007 كهيعص ما هو عدد سور القرآن الحقيقي , وهل أسماء السور متقنة , وهل فواتح السور تدل دلالة قطعية على أن محمد كان يعرف الكتابة والقراءة؟ قلنا فيما تقدم : إن آيات القرآن قسمت إلى أقسام مختلفة في الطول والقصر , وسمي كل قسم من هذه الأقسام وجمعها سور 0 وأحسن ما يقال في وجه التسمية هو أن السورة في اللغة تطلق على القطعة المستقلة من البناء , فأطلقت على قطعة من القرآن تشتمل على آيات كثيرة أو قليلة وأقلها ثلاث آيات كسورة الكوثر 0 أما أسماء السور فاضطربت أقوال الرواة في كونها توقيفية أي سميت بتوقيف من النبي , فيكون هو الذي سماها بأسمائها , والذي تطمئن إليه النفس أنها ليست كلها توقيفية , إذ يجوز أن يكون النبي قد ذكر بعضها اتفاقاً لا بقصد التسمية , أو بقصد توقيف الناس على اسمها فسماها باسم أخذه منها , فصار الناس يذكرونها بذلك الاسم , كما يجوز أن يكون الناس قد سموا بعضها بأسماء أخذوها إما من كلمة مذكورة في أولها كسورة الحمد للفاتحة , وسورة الفجر , وسورة الضحى , وسورة الليل , وسورة الكوثر , وسورة المزمل , لأن هذه الكلمات مذكورة في أول السورة , وإما أنهم جعلوا لها اسماً مما اشتملت عليه من القصص والأخبار ومن أسماء الأنبياء المذكورين فيها , فقالوا سورة البقرة لما ذكر فيها من قصة البقرة , وسورة آل عمران لأنها ذكر فيها آل عمران , وسورة المائدة لما ذكر فيها من خبر المائدة 0 وتسمية السورة أمر مباح غير محظور في الدين ولا مخالف لشيء من القرآن ولا من السنة , وإلا فلو أراد النبي أن يسميها ويذكر للناس أسماءها توقيفاً لهم عليها لما اختار لها هذه الأسماء الدالة على بساطة في النظر وسذاجة في المعرفة , فإن تسمية السورة القرآنية إذا أريدت وقصدت يجب على الأقل أن تسمى بأفضل آية ذكرت فيها , فبدلاً من أن تسمى سورة النمل كان يجب أن تسمى بسورة سليمان لما فيها من أخبار سليمان العجيبة , ولما أوتيه من الملك الذي لم يؤته أحد قبله ولا بعده , وبدلاً من أن تسمى سورة البقرة لقصة إسرائيلية ذكرت فيها البقرة كان تسميتها بسورة الكرسي لأن آية الكرسي هي أفضل آية ذكرت في تلك السورة , كما سميت إحدى سور القرآن بسورة النور لأن أفضل آية ذكرت فيها هي : ( الله نور السموات والأرض , مثل نوره كمشكاة (1) 0 أما أنا فلو أردت أن أختار لسورة النور اسماً غير اسمها لقلت سورة " الآداب الاجتماعية " لاشتمالها على ذكر آداب اجتماعية قيمة 0 ومما يدل على أن أسماء السور ليست كلها بتوقيفية كما ذكر صاحب الإتقان (2) قال: أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الأنفال ؟ فقال : تلك سورة بدر (3) 0 فيفهم من هذا أن الناس قد سموها الأنفال لما رأوا في أولها : ( يسألونك عن الأنفال (4) , ولكن ابن عباس سماها بدر لاشتمالها على حكم الأنفال في بدر , وعلى ما جرى يوم بدر 0 وهذه التسمية أحسن وأنسب لتاريخ الإسلام من تسميتها بسورة الأنفال 0 وفي الإتقان عن عكرمة قال : كان المشركون يقولون سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزئون بها , فنزل : ( إنا كفيناك المستهزئين ) (5) , فيفهم من هذا أن التسمية كانت مبعثاً لاستهزاء المشركين 0 ولذا قال صاحب الإتقان , وقد كره بعضهم أن يقال سورة كذا لما رواه الطبراني والبيهقي عن أنس مرفوعاً : لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذا القرآن كله , ولكن قولوا السورة التي تذكر فيها البقرة والتي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله (1) 0 فهذا الحديث ينفي أسماء السور وينكر على الناس ما يقولونه من سورة البقرة وسورة آل عمران وغير ذلك , ويمنعهم من إضافة السورة إلى البقرة أو غيرها , أي يمنعهم من هذه التسمية ويقول لهم : قولوا بل هذه : السورة التي تذكر فيها البقرة , وليس في هذا القول تسمية , وإنما هو تعريف للسورة بذكر ما فيها 0 ولكن ابن الجوزي قد ادعى أن هذا الحديث موضوع (2) , وما أدري لماذا يكون موضوعاً وهو معقول وليس فيه ما يخالف الكتاب ولا السنة 0 ومما يدل على أن أسماء السور ليست كلها بتوقيفية تعدد السماء للسورة الواحدة 0 فقد يكون للسورة اسم واحد , وقد يكون لها اسمان فأكثر 0 وقد عدوا للفاتحة خمساً وعشرين اسماً ذكرها صاحب الإتقان وقال في آخرها : " فهذا ما وقفت عليه من أسمائها " (3) , ولعل هناك ما لم يقف عليه 0 وقد تقدم أن ابن عباس سمى سورة الأنفال بسورة بدر , وفي الإتقان أيضاً : كان خالد بن معدان يسمي سورة البقرة بفسطاط القرآن لعظمها , ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها 0 قال : وفي المستدرك تسميتها سنام القرآن (4) , وهذا لعمري خير من تسميتها بسورة البقرة 0 أما براءة فأخذوا اسمها مما جاء في أولها : ( براءة من الله ورسوله 00 ) (5) فقالوا : براءة أو سورة براءة , وقد سميت التوبة أيضاً أو سورة التوبة لقوله فيها : ( لقد تاب الله على النبي 00) (6) الآية 0 وفي الإتقان أخرج البخاري عن سعيد بن جبير قال: لابن عباس : سورة التوبة , فقال: التوبة ؟ بل هي الفاضحة , ما زالت تنزل ومنهم ومنهم حتى ظننا أن لا يبقى أحد منا إلا ذكر فيها (7) 0 فانظر كيف قال ابن عباس منكراً متعجباً : " التوبة "؟ ثم سماها باسم أخذه مما فيها من ذكر المنافقين , فقال: بل هي الفاضحة 0 قال: وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم , أن رجلاً قال لابن عمر : سورة التوبة , فقال: وأيتهن سورة التوبة ؟ فقال: براءة , فقال: وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ؟ ما كنا ندعوها إلا المقشقشة , أي المبرئة من النفاق 0 وقد سماها المقداد البحوث ( بفتح الباء ) , فعن الإتقان : أخرج الحاكم عن المقداد لأنه قيل له : لوقعدت العام عن الغزو , فقال: أتت علينا البحوث , يعني براءة لأنها بحثت عن قتال المشركين وعن المنافقين ففضحتهم (1) 0 فهذا كله يدل دلالة صريحة على أنهم كانوا يسمونها بأسماء من عندهم مما يرونه مناسباً لما جاء فيها 0 وليس غرضنا هنا استقصاء ما ورد من الأقوال في أسماء السور إذ لا يهمنا ذلك , فسواء عندنا أكان النبي هو الذي سمى سور القرآن بأسمائها , أم كان الناس من المسلمين هم الذين سموها بها , إذ من المباح لهم كما قلنا أنفاً أن يضعوا لسور القرآن أسماء تناسبها مناسبة قريبة أو بعيدة , وليس في ذلك شيء يخالف الدين ولا يصادم الكتاب والسنة 0 إن بعض السور سمي بأسماء أنبياء ذكروا فيها كسورة نوح وسورة هود وسورة إبراهيم وغير ذلك , ولكن من العجيب خلو القرآن من سورة تسمى باسم موسى مع أنه أكثر الأنبياء ذكراً في القرآن , حتى قال بعضهم : كاد القرآن أن يكون كله لموسى , كما في الإتقان , وكذلك خلوه من سورة تسمى باسم آدم مع أن قصة آدم ذكرت في عدة سور من القرآن 0 ولكن صاحب الإتقان قال : رأيت في جمال القراء للسخاوي أو سورة طه تسمى بسورة الكليم , قال: وسماها الهذلي في كامله بسورة موسى , قال : ورأيت في كلام الجعبري أن سورة الصافات تسمى سورة الذبيح , قال: وذلك يحتاج إلى مستند من الأثر (2) 0 أقول : ولا حاجة إلى المستند إذ ليس من المنكر ولا من المحظور تسمية سورة من سور القرآن باسم مأخوذ مما يذكر فيها , وقصة الذبيح مذكورة في الصافات , خصوصاً وقد علمنا أن أسماء السور ليست كلها بتوقيفية وليس في الدين ما يدعو إلى أن تكون توقيفية (3) 0 فواتح السور إن بعض سور القرآن قد افتتحت بحروف من حروف الهجاء نحو " ألم " و"الر" و"حم" و"ص" و"ق" وقد ذهب فريق من العلماء إلى أن هذه الفواتح التي هي من حروف المعجم ليست إلا أسماء تلك السور التي افتتحت بها , فقالوا : سورة " ألم " وسورة "حم" , وسورة "ق" 0 وذهب فريق آخر إلى غير هذا 0 واختلفت الأقوال وتعددت واضطربت حتى قال بعضهم : إن فواتح السور هذه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله (4) 0 وتمهيداً لما نريد أن نذكره هنا نقول : إن حروف المعجم في اللغة العربية تسع وعشرون حرفاً وإن هذه الحروف لها أسماء ومسميات فالباء اسم ومسماه " بَه" والكاف اسم ومسماه " كَه " وقد جعلوا مسمى كل حرف في أول اسمه , فقالوا في اسم بَه الباء وفي اسم تــَه التاء , وهكذا إلى آخر الحروف , إلا الألف فإنهم استعاروا لها الهمزة بدل مسماها لأنها لا تقع إلا ساكنة , والساكن لا يقع في الابتداء , فقالوا في اسمها الألف 0 فالتلفظ بالمسمى من حروف المعجم شيء والتلفظ باسمه شيء آخر , وإلى هذا أشار صاحب الكشاف نقلاً عن سيبويه قال : قال الخليل يوماً يسأل أصحابه : كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي هي " لك" والباء التي في " ضرب" , فقالوا : نقول كاف باء , فقال لهم : إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف , قالوا : فماذا تقول أنت ؟ قال : أقول كه به (1) 0 إذا علمت هذا فاعلم أن الحروف المكتوبة في المصاحف من فواتح السور هي المسميات , ولكن قارئ القرآن إذا قرأها لا يلفظ بمسمياتها بل بأسمائها فيقرأ " الم " هكذا : ألف لام ميم , ذلك الكتاب ولا يقول أه له مه , ويقول قاف والقرآن المجيد , ولا يقول قه والقرآن المجيد 0 هذا , وإليك ملخص ما جاء في الكشاف للزمخشري حول فواتح السور 0 قال: إن السور التي افتتحت بهذه الحروف تسع وعشرون سورة بعدد حروف المعجم , أما الحروف التي جعلت فواتح لهذه السور فكلها أربعة عشر حرفاً وذلك نصف عدد حروف المعجم 0 ومعلوم أن علماء العربية في فن التجويد قسموا حروف المعجم إلى تسعة أقسام , (1) المهموسة , (2) المجهورة , (3) الشديدة , (4) الرخوة , (5) المطبقة , (6) المنفتحة , (7) المستعلية , (8) المنخفضة , (9) حروف القلقة 0 قال: وإذا نظرت في فواتح السور التي هي أربعة عشر حرفاً رأيتها تشتمل من كل قسم من هذه الأقسام التسعة على نصفه 0 ثم إنك إذا استقريت الكلم وتراكيبها رأيت الحروف التي ألغى الله ذكرها من هذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة 0 هذا ملخص ما ذكره الزمخشري في تفسير سورة البقرة , وفيه من الأمور ما يدعو إلى الانتباه والتفكر , منها : جعله السور المنفتحة بالحروف تسعة وعشرين سورة بعدد حروف المعجم , ومنها جعله الحروف المفتحة بها السور نصف حروف المعجم , وإغفاله النصف الآخر فلم يذكر منه حرفاً في فواتح السور , ومنها جعله هذه الحروف المذكورة في فواتح السور مشتملة على النصف من كل قسم من أقسام الحروف التي مر ذكرها , ومنها اختياره الحروف الكاثرة وتركه الحروف المكثورة كما يفهم من قول الزمخشري : " رأيت الحروف التي ألغى الله ذكرها مكثورة بالمذكورة " , ومعنى ذلك أنك إذا تتبعت الكلمات وتراكيبها في اللغة العربية , رأيت الغالب الكثير فيها الحروف الأربعة عشر المذكورة في فواتح السور , ورأيت الحروف الأخرى التي لم تذكر في فواتح السور قليلة بالنسبة إلى تلك , فالحروف المذكورة في فواتح السور كاثرة أي غالبة بالكثرة , والحروف التي لم تذكر مكثورة أي مغلوبة بالقلة , أي بقلة وجودها في تراكيب الكلام بالنسبة إلى الحروف التي ذكرت في فواتح السور 0 وفي هذا ما يدل بصراحة أن افتتاح بعض سور القرآن بهذه الحروف وترك ما سواها لم يكن واقعاً عن طريق المصادفة والاتفاق , بل كان عن قصد في النية وتفكير في العقل , وترتيب في الذهن , وتنسيق في الرمز , وتلميح في الكلام , إذ يبعد كل البعد أن يكون ذلك كله قد حصل صدافاً واتفاقاً 0 فقد أشير بعدد السور المفتحة بالحروف إلى عدد حروف الهجاء في اللغة العربية , كما أشير بهذه الحروف الفواتح إلى أنها الأصل في النطق بالكلام الملفوظ , وأن ما عداها من الحروف تابع لها ومتمم 0 وهذا لا يمكن صدوره من أمي لا يعرف القراءة والكتابة 0 سَلْ أي أمي شئت من الناس , على شرط أن لا يكون ممن جالس المتعلمين وسمع حوارهم وأصغى إلى حديثهم , فقل له : كم عدد الحروف في كلام العرب ؟ فإنه لم يحر إليك جواباً , ثم سله عن اسم من أسماء الحروف فقل له : ما الجيم , وما الميم , وكيف تقول الجيم أو الميم ؟ فإنه لم يحر إليك جواباً , لأن الأمي ينطق بالحرف نفسه ولكنه لا يعرف اسمه 0 إن فواتح السور , كما قلنا آنفاً , لا تلفظ هي نفسها في قراءة القرآن وإنما تلفظ أسماؤها 0 وقد ذكر لك الزمخشري أيضاً في كشافه قال: إن النطق بالحروف أنفسها كانت العرب فيه مستوية الأقدام , الأميون منهم وأهل الكتاب , بخلاف النطق بأساس الحروف فإنه كان مختصاً بمن خط وقرأ وخالط أهل الكتاب وتعلم منهم 0 قال : وكان مستبعداً من الأمي التكلم بها استبعاد الخط والتلاوة , ثم قال : فكان نطق النبي بها مع اشتهار أنه لم يكن ممن اقتبس شيئاً من أهله حاصلاً له من جهة الوحي وشاهداً بصحة نبوته 0 قال : وذلك بمنزلة أن يتكلم بالرطانة من غير أن يسمعها من أحد (1) 0 هذا ما يقوله الزمخشري , أما نحن فنقول : إن فواتح السور تدل دلالة قطعية على أن محمداً كان يعرف القراءة والكتابة , وقد تقدم الكلام على ذلك مفصلاُ فانظره في محله 0 أما كون معرفة النبي للقراءة والكتابة حاصلة له بوحي من الله لا بتعلم من أحد , فتلك مسألة أخرى لسنا في صدد الكلام عليها الآن 0 وآخر ما نذكره في الكلام على فواتح السور ما أخبرني به أحد معارفي من أهل العلم والأدب في بغداد قال : فهمت من حديث جرى لي مع بعضهم أن " كهيعص " كلمة عبرية معناها " هكذا أمر " , قال : فسألت أحد اليهود في بغداد مم يعرفون اللغة العبرية فقلت له : ما معنى " كهيعص " ولفظتها بحروفها لا بأسماء الحروف , فقال لي : معناها " هاكذا أمر " والعامة من اليهود عندنا يقولون " هاكذ" في " هكذا " فإن صح أن" كهيعص " كلمة عبرية وأن معناها هكذا أمر فهو عجيب , وقد سألت أنا أيضاً أحد المتضلعين في اللغة العبرية من يهود بغداد فقال : معناه : " هكذا أشار " , قال : ولكن الهاء من كهيعص تلفظ في النطق كواو وإن كتبت هاء يتبع (1) سورة النور , الآية: 35 – (2) الإتقان , 1/ 52 – (3) الإتقان , 1/54 – (4) سورة الأنفال , الآية : 1 – (5) سورة الحجر , الآية : 95 ؛ الإتقان , 1/ 53 – (1) الإتقان , 1/ 53 – (2) الإتقان , 1/53 – (3) الإتقان , 1/ 53 – 54 – (4) الإتقان , 1/ 54 – (5) سورة التوبة , الآية : 1 – (6) سورة التوبة , الآية : 117 – (7) الإتقان , 1/ 54 – (1) الإتقان , 1/ 54 – (2) الإتقان , 1/ 54 – (3) أنظر الإتقان , 1/ 52 – 57 – (4) أنظر الإتقان , 2/ 105 – 106 – (1) الكشاف , تفسير الآية 1 من سورة البقرة – (1) الكشاف , تفسير الآية 1 من سورة البقرة 0 * من كتاب الشخصية المحمدية للكاتب العراقي – معروف الرصافي 0 هل القرآن منزل من السماء - طريف سردست - 09-12-2007 شكرا عل جهودك (f) هل القرآن منزل من السماء - محطم الخرافات - 09-15-2007 يبدوا انك من هوات القص واللصق |