حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
مقال عن الكتاب لفاتن الحاج - الشرق الاوسط - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+--- الموضوع: مقال عن الكتاب لفاتن الحاج - الشرق الاوسط (/showthread.php?tid=9297)



مقال عن الكتاب لفاتن الحاج - الشرق الاوسط - سيناتور - 09-03-2007

مقال عن الكتاب لفاتن الحاج - الشرق الاوسط

المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية

انطلاقاً من ان مفهوم المجتمع المدني يتعارض مع بنية «المدينة ـ الريف» في المنطقة العربية، يطالعنا الباحث السعودي الدكتور متروك الفالح بدراسة عن «المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية» يوظف فيها منهجاً استقرائياً مقارناً يقوم على اقصاء فكرة المجتمع المدني التي تطورت وترعرعت في احضان المدن الاوروبية بعيداً عن البلدان العربية التي تتداخل فيها المدن مع الريف وقواه وثقافته وتقاليده مع صلة ذلك بالثقافة العربية الاسلامية واثرهـا في فكرة المجتمع العربي.

وفيما تشير الدراسة الى ان التغيرات في البلدان الغربية والاميركية تحديداً تتجه نحو تفعيل مكونات المجتمع المدني واعادة هيكلة ادواره بما يتجاوز الاطر التقليدية السابقة، ترى ان معظم القفزات في تزايد نسبة التحضر في البلدان العربية تتركز بدرجة كبيرة في البلدان العربية النفطية سواء في مشرق الوطن العربي او مغربه كما ان التزايد في التمدن يعود الى تدفق اعداد كبيرة من الريف الى المدن.
فعلى سبيل المثال ان معظم دول الجزيرة العربية ـ يقول الباحث ـ تخفي تريفاً عالياً لمدنها وتخبىء في ثناياها حقيقة ان تلك الكثافة السكانية تضم مجموعات بشرية متنوعة ذات امتدادات غير حضرية حتى وان عاشت في المدينة، وبالتالي فإن ما تم من اصلاحات سياسية في المملكة العربية السعودية وعمان والبحرين والامارات، والانتخابات البلدية الاخيرة في قطر، ومشاركة المرأة فيها، لم يكن نتيجة ضغوط لقوى ما يسمى بالمجتمع المدني وانما اتى من السلطة من فوق.

وبالانتقال الى دول المغرب العربي، يعتقد الكاتب ان التوجه السياسي العام في ليبيا لا يسمح اصلاً بوجود قوى وتنظيمات وخصوصاً حزبية طبقاً لمقولة الزعيم الليبي معمر القذافي في الكتاب الاخضر «من تحزب خان»، على الرغم من وجود بعض التكوينات ذات الصلة بالجماعات المهنية ولكن في اطار الدولة وتوجهها.
كما ان المجتمع المدني الجزائري ـ يضيف الفالح ـ بما في ذلك الاحزاب السياسية التي اخذت تتشكل بعد العام 1990 (اكثر من 70 حزباً) والجمعيات والنقابات الموازية، لم يستطع ان يؤثر في مجريات الامور واتجاهاتها وان يوقف العنف في الجزائر.
ومع ان المغرب خطا شوطاً لا بأس به على طريق التطور الحزبي والسياسي، يطلعنا الباحث على تناقضات صارخة في مسألة وجود وفاعلية المجتمع المدني من عدمهما اذ يقول انه «بقدر ما يستمع المستمع الى الخطيب وهو يحتج غضباً على انتهاك حقوق الانسان يلقى عند الشخص نفسه سلوكاً لا يكون اقل خرقاً لتلك الحقوق واعتداء عليها وكذلك بقدر ما يكون الخطاب النسائي مشحوناً بعواطف الغضب والاسى احتجاجاً على حرمان نصف المجتمع من حقوقه نجد المرأة في نكوص وارتداد الى موقف قرون وسيطة تطالب الرجل بأن يكون المسؤول الاول عن الشؤون التي تتعلق بالانفاق وتحمل المسؤولية الاولى».
وفي ما يخص بلدان وادي النيل، يشدد الكاتب على ان التكوينات المسماة «مدنية» في وسط الامدادات القبلية والمذهبية في السودان لم تكن قادرة وفاعلة تجاه السلطة والمجتمع مقارنة مع التكوينات التقليدية التي كان لها دور في اطار حزبي الامة والاتحادي في تداخلهما مع المهدية والختمية.
ولا تختلف القاهرة عن المدن العربية الاخرى ـ برأي الفالح ـ فالجماهير في مصر غير فاعلة امام هيمنة الدولة وسلطتها وتزايد اتجاهات تهميش الحريات منذ العام 1992 وآخرها اصدار قانون متشدد للصحافة بتمديد قانون رقم 93 لعام 1995 والمقيد اصلاً للحريات، وعدم قدرة الاتحادات المهنية وخصوصاً الصحافية والتنظيمات الحزبية من التأثير في تلك الاتجاهات بتقييدها او منعها.
اما بالنسبة لدول الهلال الخصيب، يلفت الباحث النظر الى ان الاقتلاع والتشرد والبؤس وتحويل الفئات الاجتماعية ذات الحياة المتصلة بالمدن الفلسطينية القديمة الى فئات اجتماعية متريفة لم يثن هذه الاخيرة من ان تلعب دوراً حيوياً في المحافظة على الهوية العربية الفلسطينية والتماس الاجتماعي في الاراضي الفلسطينية لما يعرف بفلسطينيي 1948 وخصوصاً في وجه الاحتلال الصهيوني ومحاولاته المتواصلة لطمس الهوية، وكذلك في سياق هجرة النخبة الفلسطينية المدينية شبه الكاملة.
ويلاحظ الكاتب في هذا الصدد ان المجموعات الاسلامية مثل حماس والتي يشكك في كونها تنتمي الى المجتمع المدني تبدو هي الاكثر فاعلية من تلك الموصوفة بـ«مدنية» في مقاومة الاحتلال.
اما في لبنان، فيعتبر الفالح ان نشاط القوى التقليدية والطائفية ما زال يمثل الفاعلية الاكثر سوءاً في الانتخابات وتحديد نتائجها فيما تبدو التكوينات الموصوفة بـ«المدنية» في حالة من «الغياب المستمر» وعاجزة عن الاضطلاع بالوظائف الديمقراطية ومراقبة الدولة وسلطتها والدفع باتجاهات التسامح.

وفيما استطاع الغرب ـ يخلص الباحث ـ القضاء على الروابط الدينية والعقيدية والاسرية والقبلية التي لم تعد تشكل فاعلية في حركته وعلاقة الفرد بالفرد او الفرد بالجماعة لم تحدث هذه العملية في المنطقة العربية، وان حدث شيء من «الخلخلة»، هنا وهناك، ترافقت مع قوى التحديث.
غير انه صعدت، في المقابل، قطاعات تقليدية اكبر واشمل جاءت كردة فعل لتلك السياسات الموصوفة بالتغريب.

انطلاقاً من ان مفهوم المجتمع المدني يتعارض مع بنية «المدينة ـ الريف» في المنطقة العربية، يطالعنا الباحث السعودي الدكتور متروك الفالح بدراسة عن «المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية» يوظف فيها منهجاً استقرائياً مقارناً يقوم على اقصاء فكرة المجتمع المدني التي تطورت وترعرعت في احضان المدن الاوروبية بعيداً عن البلدان العربية التي تتداخل فيها المدن مع الريف وقواه وثقافته وتقاليده مع صلة ذلك بالثقافة العربية الاسلامية واثرهـا في فكرة المجتمع العربي.

وفيما تشير الدراسة الى ان التغيرات في البلدان الغربية والاميركية تحديداً تتجه نحو تفعيل مكونات المجتمع المدني واعادة هيكلة ادواره بما يتجاوز الاطر التقليدية السابقة، ترى ان معظم القفزات في تزايد نسبة التحضر في البلدان العربية تتركز بدرجة كبيرة في البلدان العربية النفطية سواء في مشرق الوطن العربي او مغربه كما ان التزايد في التمدن يعود الى تدفق اعداد كبيرة من الريف الى المدن.
فعلى سبيل المثال ان معظم دول الجزيرة العربية ـ يقول الباحث ـ تخفي تريفاً عالياً لمدنها وتخبىء في ثناياها حقيقة ان تلك الكثافة السكانية تضم مجموعات بشرية متنوعة ذات امتدادات غير حضرية حتى وان عاشت في المدينة، وبالتالي فإن ما تم من اصلاحات سياسية في المملكة العربية السعودية وعمان والبحرين والامارات، والانتخابات البلدية الاخيرة في قطر، ومشاركة المرأة فيها، لم يكن نتيجة ضغوط لقوى ما يسمى بالمجتمع المدني وانما اتى من السلطة من فوق.

وبالانتقال الى دول المغرب العربي، يعتقد الكاتب ان التوجه السياسي العام في ليبيا لا يسمح اصلاً بوجود قوى وتنظيمات وخصوصاً حزبية طبقاً لمقولة الزعيم الليبي معمر القذافي في الكتاب الاخضر «من تحزب خان»، على الرغم من وجود بعض التكوينات ذات الصلة بالجماعات المهنية ولكن في اطار الدولة وتوجهها.
كما ان المجتمع المدني الجزائري ـ يضيف الفالح ـ بما في ذلك الاحزاب السياسية التي اخذت تتشكل بعد العام 1990 (اكثر من 70 حزباً) والجمعيات والنقابات الموازية، لم يستطع ان يؤثر في مجريات الامور واتجاهاتها وان يوقف العنف في الجزائر.
ومع ان المغرب خطا شوطاً لا بأس به على طريق التطور الحزبي والسياسي، يطلعنا الباحث على تناقضات صارخة في مسألة وجود وفاعلية المجتمع المدني من عدمهما اذ يقول انه «بقدر ما يستمع المستمع الى الخطيب وهو يحتج غضباً على انتهاك حقوق الانسان يلقى عند الشخص نفسه سلوكاً لا يكون اقل خرقاً لتلك الحقوق واعتداء عليها وكذلك بقدر ما يكون الخطاب النسائي مشحوناً بعواطف الغضب والاسى احتجاجاً على حرمان نصف المجتمع من حقوقه نجد المرأة في نكوص وارتداد الى موقف قرون وسيطة تطالب الرجل بأن يكون المسؤول الاول عن الشؤون التي تتعلق بالانفاق وتحمل المسؤولية الاولى».
وفي ما يخص بلدان وادي النيل، يشدد الكاتب على ان التكوينات المسماة «مدنية» في وسط الامدادات القبلية والمذهبية في السودان لم تكن قادرة وفاعلة تجاه السلطة والمجتمع مقارنة مع التكوينات التقليدية التي كان لها دور في اطار حزبي الامة والاتحادي في تداخلهما مع المهدية والختمية.
ولا تختلف القاهرة عن المدن العربية الاخرى ـ برأي الفالح ـ فالجماهير في مصر غير فاعلة امام هيمنة الدولة وسلطتها وتزايد اتجاهات تهميش الحريات منذ العام 1992 وآخرها اصدار قانون متشدد للصحافة بتمديد قانون رقم 93 لعام 1995 والمقيد اصلاً للحريات، وعدم قدرة الاتحادات المهنية وخصوصاً الصحافية والتنظيمات الحزبية من التأثير في تلك الاتجاهات بتقييدها او منعها.
اما بالنسبة لدول الهلال الخصيب، يلفت الباحث النظر الى ان الاقتلاع والتشرد والبؤس وتحويل الفئات الاجتماعية ذات الحياة المتصلة بالمدن الفلسطينية القديمة الى فئات اجتماعية متريفة لم يثن هذه الاخيرة من ان تلعب دوراً حيوياً في المحافظة على الهوية العربية الفلسطينية والتماس الاجتماعي في الاراضي الفلسطينية لما يعرف بفلسطينيي 1948 وخصوصاً في وجه الاحتلال الصهيوني ومحاولاته المتواصلة لطمس الهوية، وكذلك في سياق هجرة النخبة الفلسطينية المدينية شبه الكاملة.
ويلاحظ الكاتب في هذا الصدد ان المجموعات الاسلامية مثل حماس والتي يشكك في كونها تنتمي الى المجتمع المدني تبدو هي الاكثر فاعلية من تلك الموصوفة بـ«مدنية» في مقاومة الاحتلال.
اما في لبنان، فيعتبر الفالح ان نشاط القوى التقليدية والطائفية ما زال يمثل الفاعلية الاكثر سوءاً في الانتخابات وتحديد نتائجها فيما تبدو التكوينات الموصوفة بـ«المدنية» في حالة من «الغياب المستمر» وعاجزة عن الاضطلاع بالوظائف الديمقراطية ومراقبة الدولة وسلطتها والدفع باتجاهات التسامح.

وفيما استطاع الغرب ـ يخلص الباحث ـ القضاء على الروابط الدينية والعقيدية والاسرية والقبلية التي لم تعد تشكل فاعلية في حركته وعلاقة الفرد بالفرد او الفرد بالجماعة لم تحدث هذه العملية في المنطقة العربية، وان حدث شيء من «الخلخلة»، هنا وهناك، ترافقت مع قوى التحديث.
غير انه صعدت، في المقابل، قطاعات تقليدية اكبر واشمل جاءت كردة فعل لتلك السياسات الموصوفة بالتغريب.











المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية

حسن جابر - المستقبل

تعد الدراسة التي انجزها الدكتور متروك الفالح من الميادين البكر غير المطروقة بالصورة عينها من قبل، وان كانت ثمة مقاربات فهي لا تتجاوز الاطلالات العامة والاجمالية. فتناول الحيز الحضري في الاجتماع العربي واعتباره عينة تتكثف فيها الصورة العامة بكافة ابعادها، ومقابلة ذلك بحيز آخر- المجال الريفي- الذي هو الوجه المكمل لواقع الاجتماع السياسي يسمحان للباحث بالعثور على جينات الدينامية الاقتصادية والتنموية والثقافية للمجتمع برمته، الامر الذي يسهل عليه، لاحقا، مهمة فك الشيفرات المرمزة وبالتالي المباشرة في المهمة العلمية التفسيرية.
فوضع المجتمع بمختلف تحيزاته الريفية والمدينية تحت مجهر الفحص والتقصي يعد من المهمات المرهقة، وهو مظنة لعدم التركيز والتشخيص، اما الاستعاضة عن ذلك كله بعينة محدودة، فهي من الالفاتات العلمية الجديرة بالاهتمام. فثمة فرق بين كمية النور التي نسلطها على الدائرة الضيقة وتلك التي نوجهها للواسعة، فامكانية الرؤية والتشخيص والتحديد تضحي اكبر بما لا يقاس.
في المعالجة، لفت انتباه الكاتب النمو غير الطبيعي للمدن في العالم العربي التي شهدت تدفقا، قل نظيره، لامواج النازحين والمهاجرين من الارياف، بحيث تضاعف قاطنو المدن مئات المرات خلال ما يقرب من اربعة عقود (1960- 2000) الامر الذي احدث جملة اختلالات في بنية المدن لم تقتصر على البعد الاقتصادي والعمراني وانما طالت، بصورة اساسية، التكوين الثقافي. فقد ادت الهجرات المكثفة والمستمرة الى قطع سياقات التطور التي كانت تعد بها ارهاصات دينامية الواقع في العقود السابقة.
فالهجرات الريفية لم تقتصر على الزيادة الكمية في عدد القاطنين فحسب، وانما اضافت جملة تكوينات عرقية ومذهبية وثقافية جعلت امكانية تجذر المفاهيم المدنية صعبة وعسيرة، واذا ما طوينا كشحا عن فوضى العمران ونمو الضواحي والاحياء، فان شيئا من المجمعات المغلقة كان يتنامى على حساب الاندماج والتفاعل، الذي يعد شرطا لازما لولادة المجتمع المدني.
ولعل تأخر قيام احزاب سياسية ذات بعد وطني- شمولي، وتباطؤ نمو النقابات فضلا عن صعوبة اختراق قيم الحداثة لنسيج المجتمعات الريفية داخل المدن نفسها، قد جعل من امكانية تبلور مجتمعات مدنية في الاقطار العربية امرا مستعصيا. لقد حمل الوافدون الجدد الى المدن اطرهم العائلية وتقاليدهم القبلية وعصبياتهم المذهبية، فأنشاوا على هديها احياء ومناطق ذات لون واحد تمارس فيما بينها انماطا من العيش لا تختلف كثيرا عما الفوه في اريافهم.
والمؤلف لم يحصر المشكلة بتدفق افواج المهاجرين بل اضاف اليها عوامل اخرى لا تقل اهمية عنها، كبطء عمليات التصنيع والانتاج، فالمجتمعات العربية، رغم المحاولات الحثيثة لمواكبة ركب الدول المصنعة، لم تفلح فيث انجاز ما تصبو اليه، وبالتالي لم تتح للمجتمعات العربية فرصة دمج العمال في اطر نقابية جامعة وهو ما سبقتها اليه الدول الغربية التي يجري الكاتب معها مقارنة غير متكافئة.
لقد وفقت المجتمعات الغربية خلال ما يربو عن القرنين في انجاز مهمة تذويب الفروق بين القيم المدنية والقيم الريفية، لا بل تمكنت الاولى من احداث تبدلات جوهرية في الثانية، فقد سرت القيم الرأسمالية من المدينة باتجاه الاطراف الى حدود طغيان اللون المدني على الريفي فازدانت الارياف بانوار القيم الوافدة من المدن.
ولم ينس الكاتب دور النظم السياسية في العالم العربي التي كانت ولا تزال تحول دون ممارسة الناس حقهم في التعبير يستوي في ذلك السياسي مع النقابي. وقد استعرض في الكتاب، موضوع القراءة، لكثير من المعطيات والوقائع التي تؤكد هذه الحقيقة، فالكثير من الانظمة لا تزال، الى اليوم، لا تسمح لرعاياها بتأسيس احزاب سياسية اونقابات، وهي لا تني ترفع الاسوار والقيود امام الوجودات السياسية، وهذا ما حول حركة التجديد السياسي ومحاولات الاصلاح الى ما يشبه تكسرات الامواج على شواطئ البحار.
وفي محاولة لتكييف القيم المدنية الغربية مع الخصوصيات الثقافية العربية ومسعى المؤلف لتبيئة الليبرالية في الفضاء الاسلامي العام، ولج باب التطويع والتشذيب واحيانا البتر لبعض مطلقات الحرية الغربية. فالمجتمع المدني في الغرب يقف، نظريا، على ارضية فكرية لا تتوافق في بعض تعبيراتها مع معتقدات الشعوب العربية، وهذا يفترض صياغة رؤيا خاصة بالمجتمع العربي تستجيب للمنظومة او تتصالح معها. ويضرب المؤلف، هنا، مثلا عن الحرية الجنسية التي وصلت تداعياتها الى حدود شرعنة كل اشكال العلاقة بين الجنسين وصولا الى اباحة العلاقات المثلية. وقد الجأه ذلك التعارض الى تبني وجهة نظر محمد عابد الجابري الذي اطلق مقولة "الديموقراطية والعقلانية" وهي مقولة تضفي على المفاهيم المطلقة لونا من التقييد لا يضر بجوهر الحرية لكنه في الوقت نفسه لا يدعها فوق الضوابط الاخلاقية.
وما نلاحظه، ايضا، في المعالجة ان الكاتب في سياق مقارنته لواقع تريف المدن في العالم العربي مع تمدن الريف في الغرب لم يول البعد التاريخي التراكمي ما يستحقه من اهتمام، مع العلم ان هذا البعد كفيل وحده في حل اشكالية التريف، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار عراقة التجربة وتأصلها في الغرب وجدتها وحداثتها عندنا، فما نراه، ومن وجهة استشرافية، ان العصبيات القبلية والمذهبية المحمولة إلى المدن على متن المفاهيم التقليدية ستفقد وهجها وعناصر جذبها تدرجيا مع مرور الزمن وبعد الانخراط المتزايد لاجيال المهاجرين في نسيج الاجتماع المديني حيث ستضطرهم المدارس والجامعات وسوق العمل وضرورات العيش الى تخير سبل الاندماج، الى جانب الوعي المتزايد لهذه الاجيال بحقوقها الاساسية الامر الذي سيلجئها – اي الاجيال الجديدة - الى الانتظام بالاطر الحزبية وخوض التجربة السياسية جنبا الى جنب مع ابناء المدن الاصليين، ولن يقف هذا التطور عند هذا الحد وانما سينتقل اشعاع وعي المصالح والحقوق الى الارياف التي ستنخرط بدورها في المصهر الاجتماعي الذي سينتج، حتما، ظاهرة جديدة تماثل الى حدود بعيدة ما شهدته اوروبا والمجتمعات الغربية منذ ما يزيد على القرن.
واخيرا لا يسعنا إلا التنويه بهذا الجهد العلمي الرصين والاثارة الجديدة لمسألة هي غاية في الاهمية، نعني ظاهرة تريف المدن في العالم العربي.