حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
شيخ الأزهر والإصلاح- د. كامل النجار - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58) +--- الموضوع: شيخ الأزهر والإصلاح- د. كامل النجار (/showthread.php?tid=9925) |
شيخ الأزهر والإصلاح- د. كامل النجار - Gkhawam - 07-28-2007 قبل فترة شهدت محافظة بورسعيد المصرية تجمعاً للشباب المسلم من سبع وخمسين دولة إسلامية، نظمته الندوة العالمية لشباب العالم الإسلامي بالقاهرة، وحضر التجمع 250 شاباً استمعوا لخطابٍ من شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي . وندد شيخ الأزهر بالتطرف الفكري واعتبره معوقاً لمسيرة الإصلاح الذي تنشده الأمة الإسلامية. ونحن نؤيد تنديد الشيخ بالتطرف الفكري الذي طغى على سماء الأمة الإسلامية منذ حوالي القرن الثاني عشر الميلادي. ولا مجال للتقدم إلا بنبذ هذا التطرف. وقال شيخ الأزهر إن الإصلاح لن يأتي إلا من خلال تمسك الشباب بتعليم دينهم. ولا شك أن لسان حال الشيخ كان يكرر هنا قول أبي نواس: " وداوني بالتي كانت هي الداء." لأن سبب تحجر العقول وجمود العالم الإسلامي هو إصرار السلف على التمسك بما اعتقدوا أنه الدين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكنهم في الواقع تمسكوا بالقشور وجعلوها شعائر الدين الحقة. وتمشياً مع هذا المنوال فقد حذر شيخ الأزهر الشباب " من الانخداع بالتيار الذي يدعوا إلى اتباع القرآن من دون السنة، لأن ذلك يستهدف هويتهم وعقيدتهم." وأحب هنا أن أدلف بعض الشئ في السنة، التي هي، في رأيي، السبب الرئيسي في الشقاق والخلاف الذي أصاب المسلمين، وفي التخلف الذي ما زلنا نعاني منه. فلو اعتمدنا على القرآن فقط، كما دعت بعض الفُرق المذهبية في بداية الإسلام، لما وصلنا إلى هذه الحالة المذرية. فالسنة هي أقوال وأفعال الرسول (ص) وكذلك أفعال بعض الخلفاء الراشدين ( خاصة الإمام علي بالنسبة للشيعة). ولكن لأن الرسول (ص) كان قد منع أصحابه من كتابة أحاديثه، ولم تكتب الأحاديث إلا بعد مرور خمسين ومائة عامٍ على وفاة الرسول، اختلطت الأحاديث على الذاكرة، خاصة بعد موت الصحابة. وما زاد الطين بلة أن معاوية وأصحابه اشتروا من الرواة دينهم بالذهب فألفوا لهم الأحاديث التي توافق هواهم، وتبعهم في هذا الشيعة الذين ألفوا من الأحاديث ما يُعلي من قدر الإمام علي ويحط من قدر الخلفاء الباقين. ثم مشى العباسيون على نفس الطريق حتى أصبح عدد الأحاديث يفوق مئات الألوف. فمثلاً البخاري جمع حوالي ثلاثمائة ألف حديث ولم يوثق منها غير ألفين أو يزيد قليلاً واعتبر البقية منحولة . وعندما ألف الإمام الجويني كتابه " نهاية المطلب في دراية المذهب" عن الفقه الشافعي، لم يذكر حديثاً واحداً من التي في صحيح البخاري. وكان أبو على الحسن بن زياد اللؤلؤى الكوفي قاضي الكوفة وصاحب أبي حنيفة يقول كتبتُ عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث ولم يخرّجوا له في الكتب الستة لضعفه . و قال الإمام أبو زكريا يحيي بن معين البغدادي الحافظ: " كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث " . وكان الإمام أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث (مليون) . وقال الحافظ ابن عقدة أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكفوي الشيعي أنه يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت. فإذا كان لأهل البيت فقط ثلاثمائة ألف حديث، فكم حديثٍ لغيرهم؟ هذا بالنسبة لأعداد الأحاديث، أما نوعية الأحاديث، حتى التي في الصحيحين، فإن أغلبها يناقض بعضه بعضا ولا يمكن أن تكون قد جاءت من نفس المصدر، وإلا أصبح هذا المصدر غير موثوق به. فلو أخذنا مثلاً العلاج بالكي، نجد في صحيحِ البخارى: عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابن عباس، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، قال: ((الشِّفَاءُ فى ثلاثٍ: شُرْبَةِ عسلٍ، وشَرْطةِ مِحْجَمٍ، وكَيَّةِ نارٍ، وأنا أنْهى أُمَّتى عن الْكَىِّ)). وفي حديث آخر قال: (( وما أحب أن أُكوى )) ولكنا نجد في حديث جابر بن عبد الله، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بعَثَ إلى أُبَىِّ بن كعب طَبيباً، فقَطَعَ له عِرْقاً وكَواه عليه. ولما رُمِي سعدُ بن معاذٍ في أكْحَلِهِ حسَمَهُ النبىُّ صلى الله عليه وسلم، ثم ورِمَت، فحسَمهُ الثانية. و((الحَسْمُ)) هو: الكَىُّ. وفي كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية نجد أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى سعدَ بن مُعاذٍ فى أكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ . وقال أبو عُبيدٍة: وقد أُتِىَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ نُعِتَ له الكَي، فقال: ((اكْوُوهُ وارْضِفُوهُ)). قال أبو عُبيدةَ: الرَّضْفُ: الحجارة تُسخَّنُ، ثم يُكمدُ بها . وفى الترمذى، عن أنسٍ، أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى أسْعَدَ بن زُرَارَةَ من الشَّوْكَةِ. ويقول ابن قيم الجوزية: وصحَّ عنه ( النبي) أنه نهى عن الشُّرب قائماً ، وصحَّ عنه أنه أمر الذى شرب قائماً أن يَسْتَقىءَ ( أي يُدخل أصبعه في حلقة ليتقيأ) وصَحَّ عنه أنه شرب قائماً . وروى البخاري في ((صحيحه)) من حديث ابن عباس ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشُّرب مِنْ فم السِّقاء . وفي جامع الترمذي : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا بإداوة يومَ أُحُد ، فقال : ((اخْنُثْ فَمَ الإدَاوَة)) ، ثُمَّ شَرِبَ منها مِن فَيّهَا. وعندما يتكلم العلماء عن الأمراض والعدوى يدخلون بنا في متاهات من التناقض. فقد روى أبو هريرة أن النبي (ص) قال: " فروا من المجذوم كما تفرون من الأسد ". وتأكيداً لهذا المعنى روى مسلم في صحيحه من حديث جابر أن وفد ثقيف إلى الرسول كان به رجلٌ مجذوم فبعث إليه الرسول وقال له " ارجع فقد بايعناك " ولكن الترمذي يروي لنا عن عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص) أخذ بيد رجلٍ مجذوم فأدخلها معه في القصعة وقال له " كل باسم الله ثقة بالله " وكذلك روى ابن قتيبة في كتاب " اختلاف الحديث" أن الرسول (ص) قال " لا عدوى ولا طيرة" فجاء إليه جماعة من الأعراب وقالوا: إن النُقبة تقع بمشفر البعير فيجرب لذلك الإبل. فقال لهم رسول الله (ص): " لا يُورد ذو عاهة على مُصح " وأما الأحاديث عن الحجامة فالاختلاف فيها يفوق ما في أحاديث الكي. والأمثلة على تناقض الحديث أكثر من أن نسبر غورها في هذا المجال. وبدل أن يُمحص العلماء هذا السيل الجارف من الأحاديث المتناقضة، نجدهم يحتفظون بها ويحاولون الالتفاف حول التناقض بتفاسير لا تُقنع أحداً. فمثلاً يقول ابن قيم الجوزية في مسألة اختلاف الأحاديث في الكي: " وقال ابن قتيبة: الكىُّ جنسانِ: كىُّ الصحيح لئلا يَعتلَّ، فهذا الذى قيل فيه: ((لمْ يتوكلْ مَن اكتوَى))، لأنه يُريد أن يَدفعَ القَدَرَ عن نفسه. والثانى: كىُّ الجرْح إذا نَغِلَ، والعُضوِ إذا قُطعَ، ففى هذا الشفاءُ." فهل سمع أحدكم عن شخص كوى جسمه الصحيح قبل أن يمرض ليرد القدر؟ وكيف عرف هذا الشخص أي عضو يكوي قبل أن يمرض العضو؟ ويستمر ابن قيم الجوزية فيقول: " فقد تضمنتْ أحاديثُ الكي أربعةَ أنواع، أحدُها: فعلُه، والثاني: عدمُ محبته له، والثالث: الثناء على مَن تركه، والرابع: النهى عنه، ولا تَعَارُض بينها بحمدِ الله تعالى." وهناك أحاديث في الصحيحين ربما قبلها المسلون الأوائل غير أننا نجد صعوبة في قبولها لتعارضها مع المنطق. فإذا أخذنا مثلاً ما رواه كعب بن عُجرة عندما أصابه قمل برأسه فأخذوه إلى رسول الله (ص) والقمل مناثر على وجهه، فأمره الرسول بحلق رأسه وإطعام ستة أشخاص أو إهداء شاة أو صوم ثلاثة أيام . فنحن نستطيع أن نفهم حلق الرأس لقلة الماء وعدم تمكن الرجل من غسل رأسه يومياً، ولكن لا نفهم لماذا يصوم ثلاثة أيام أو يُطعم ستة أناس. وفي حديث عن عبد الله بم مسلمة عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر يقول مَن يدعوني فأستجب له، مَن يسألني فأعطيه، من يستغفرني فغفر له؟ وقد ألف ابن تيمية كُتيباً في فتوى نزول الله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل. وطبعاً لا يمكن أن يكون هذا الحديث صحيحاً لأن الثلث الأخير من الليل في مكة أو المدينة ليس هو الثلث الأخير من الليل في أستراليا أو أمريكا. ولو نزل الله إلى السماء الدنيا لمسلمي أمريكا وأستراليا وأفريقيا، فسوف يظل الله في السماء الدنيا إلى قيام الساعة. وحتى المسلمين الأوائل عرفوا أن أهل الحديث يكذبون، فقد قال مسلم: حدثني محمد بن عتاب قال: حدثني عتاب بن محمد بن يحيي عن أبيه قال لم نر الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث. قال ابن أبي عتاب: فلقيت أنا محمد بن يحيي بن سعيد فسألته عنه فقال عن أبيه: لم نر أهل الحديث في شئ أكذب منهم في الحديث. قال مسلم: يقول يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون. ( يعني أنهم يكذبون بالطبيعة دون أن يتعمدوا الكذب) هذا عن الأحاديث التي وردت عن الرسول، أما عن أفعاله فإن الرسول (ص) كان قد فعل أشياء في زمانه لا يجوز لنا أن نفعلها الآن. فهو مثلاً أمر بقتل أناس هجوه وقال " اقتلوهم حتى وإن كانوا متعلقين بأستار الكعبة " فهل هذه سنة يُستحب لنا أن نتبعها ونقتل كل من هجانا؟ وعندما جاء بعض الأعراب إلى المدينة وأصابهم مرض، أرسلهم النبي إلى الصحراء مع بعض إبله وأوصاهم أن يشربوا لبن الإبل وبولها حتى يشفوا. ولما شفوا، قتلوا الراعي وساقوا الإبل، فأرسل الرسول (ص) في طلبهم. ولما جاءوا بهم أمر بقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بسمل أعينهم بالحديد الحار وتركوهم في الشمس حتى ماتوا. فهل نتبع هذه السنة ونسمل أعين كل من نهب بعد أن نقطع أيديهم وأرجلهم؟ وكان النبي إذا رأى شخصاً مصروعاً يتشنج، كان يصيح في أذنه ويقول للشيطان: " أخرج عدو الله، أنا رسول الله " لأنه كان يعتقد أن الصرع سببه أرواح شريرة. فهل نترك الأدوية الحديثة لداء الصرع ونصيح في آذان المرضى ونأمر الشيطان أن يخرج؟ وقال شيخ الأزهر للشباب المسلم: " السُنة هي أيضاً من عند الله ولكنها جاءت في صور معانٍ بينما يؤخذ القرآن بلفظه " وأحب هنا أن أشير إلى ما قاله زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن كتابة الأحاديث، قال: " استأذنا منه صلى الله عليه وسلم (في الكتابة) أي في كتابة أحاديثه (فلم يأذن لنا) . ويقول الطبري إن السبب وراء عدم الإذن لهم بكتابة الأحاديث هو أن الرسول (ص) خشي أن يختلط الحديث بالقرآن إن كتبوا الاثنين. فلو كانت السنة من عند الله، كما يزعم شيخ الأزهر، لماذا منعهم الرسول عن كتابتها حتى يحفظوا هذا الوحي ويمنعوا هذا السيل العارم من الأحاديث الملفقة، كما حدث مع القرآن؟ ولو كانت الأحاديث وحي من الله للرسول (ص)، فهل معنى هذا أن سبب الصرع، كما أوحى الله لرسوله، هو الشيطان؟ وهل بول الإبل علاج للأمراض؟ وأنا لا يخالجني أدنى شك أن السنة هي أقوال وأفعال رسول من البشر ( وما أنا إلا بشرٌ مثلكم يوحى إلي) يخطئ ويصيب، كما نخطئ نحن ونصيب. ولا يمكن أن تكون السنة وحي من الله مع كل هذه التناقضات التي يحاول العلماء أن يلائموا بينها دون أن تكلل مساعيهم بأي حظ من النجاح. وقد حضر هذا التجمع للشباب الإسلامي عدد كبير من المهتمين بالإسلام والسياسة، منهم السيد غازي فخري، المستشار الثقافي الفلسطيني بالقاهرة، الذي طالب العالم الإسلامي بضرورة الإسراع نحو الإصلاح والتقدم والعمل على قطع الطريق أمام المحاولات العابثة التي تستهدف مصير الأمة ووحدتها، محذراً الشباب من الانخداع بهذه المحاولات التي تتخفى وراء شعارات الديمقراطية والإصلاح ومن خلالها تتسلل لفرض سيطرتها عليهم." وللإنكليز مثل يقول: Charity begins at home وترجمتي لهذا المثل هي: الإحسان يبدأ في المنزل. أفما كان الأحرى بالسيد غازي فخري أن يقدم هذه النصيحة للسيد ياسر عرفات حتى يسرع بالإصلاح، خاصةً أن السيد أبا عمار قد سمع نصيحته ولم ينخدع بالشعارات التي تنادي بالديمقراطية. وفي الحقيقة قد سمع كل الرؤساء العرب والمسلمين نصيحته عن الديمقراطية فركلوا مطالب شعوبهم بالديمقراطية بالحذاء. ولكن الشئ الذي يحيّرني هو: ما دام السيد غازي قد حذر الشباب من مغبة الانصياع وراء مطالب الديمقراطية، فأي إصلاح يتحدث عنه عندما يحث الأمة الإسلامية بضرورة الإسراع نحو الإصلاح؟ ومما أثلج صدر السيد غازي، دون شك، هو تأكيد المشتركين في الحوار على ضرورة أن ينبع الإصلاح من داخل الأمة الإسلامية بعيداً عن فرض أي تصورات خارجية. ولا يسعنا هنا إلا أن نسأل الله تعالى أن يلزمنا صبر أيوب أو أكثر منه قليلا، وأن يمد في أعمار المطالبين بالإصلاح عدة مئات من السنين حتى يتسنى لهم رؤية بداية الإصلاح في الأمتين العربية والإسلامية. |