باحث سعودي: الدلمونيون رصدوا الانقلاب الصيفي من معبد مستوطنة سار
كان هناك نوع من الجدال بيني و بين أحد الأخوة العراقيين في بريطانيا يتهم البحارنة أنهم مستشيعين أي أنهم ليسوا بشيعة أصليين ... بينما جذورنا الشيعية ضاربة في الصميم منذ القدم ... و قد رددت عليه بواسطة هذا الموضوع ..
هذا موضوع قرأته في موقع الأبحاث العقائدية و يتناول تاريخ البحرين و إن ركز على الفترة الأسلامية . لأن الحصول على معلومات وافرة عن تاريخ البحرين في ما قبل الميلاد يعتبر شئ صعب و ذلك لتجاهل الحكومة إبراز هذه الفترة .
============================
البحرين
تعريف عام:
اختلفت الآراء حول الدلالة الجغرافية لكلمة ( البحرين ) .
فقال يا قوت في معجم البلدان : ( البحرين اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان ، قيل هي قصبة هجر , وقيل : هجر قصبة البحرين ) .
وقيل : إن البحرين مشتملة على المدن الثلاث : جزيرة أوال و القطيف و الاحساء . ومهما كان الأمر ففي التاريخ الإسلامي كان لفظ البحرين يطلق على الإقليم الممتد من البصرة إلى عمان .
وقد يطلق علي اسم هجر .
أما سبب تسميتها بالبحرين فقيل : لأنها تقع بين البحر من جانب الشرق والبحر من جانب الغرب . فهي واقعة بين بحرين . ويؤيد هذا القول واقعها الجغرافي . وقيل : كلمة البحرين تشير إلى بحر يحيط بالجزر وبحر في جوفها . وذلك لكثرة ينابيعها وعيونها وقيل لوجود بحيرة في قرية من قراها على باب الأحساء .
هذا اسمها المعاصر . أما اسمها القديم فهو ( ندوكي ) وهو أقدم اسم عرفت به مجموعة جزر البحرين . وشوهد هذا الاسم في الرسوم والنقوش السومرية والأكدية , كما لوحظ في ملحمة ( جلجامش ) المشهورة .
وأطلق عليها اليونان أسم : ( أولوس ) ولها اسم آخر في كتاباتهم وهو : ( تيلوس ) وظهر هذا الاسم بعد أن غزا الإسكندر الأكبر أرض بابل و أرسل ثلاث سفن حربية إلى ساحل شبه الجزيرة العربية في الخليج . ووصلت إحدى السفن إلى جزيرة ( تيلوس ) أي : البحرين . وبعد ذلك وجد لها في الكتابة البابلية اسم : ( دلمون ) وتحدثت إحدى الاسطورات السومرية عن أرض دلمون _ البحرين ( ارض دلمون مطهّرة , أرض دلمون نقية ... في دلمون لا ينعق الغراب ولا يفترس الذئب الحمل , ولا يقتل الأسد , لا أحد يقول عيني تؤلمني ولا أحد يقول رأسي يصدعني ... ) .
وفي السنوات الأخيرة تم اكتشاف آثار مهمة تدل على وجود حضارة قديمة تعود إلى الالف الثلاث ق . م وتسمى : حضارة دلمون التي كانت تتوسط طرق التجارة والنقل بين حضارات مصر وبلاد ما بين النهرين والهند .
وورد أسم ( دلمون ) وتحدد موقعها في النصوص المسمارية العراقية القديمة كما جاء في نصوص مدينة ( إيبلا ) قرب حلب التي تعود إلى 2400 - 2300 ق . م ما يؤكد وجود ( دلمون ) كيانا جغرافيا يشتهر بنخيله وتجارته . ويؤكد الباحثون أن حضارة ( دلمون ) نشأت حول الساحل الشرقي للسعودية من جزيرة فيلكة إلى سواحل القطيف والاحساء إلى دولة الإمارات . وهي عبارة عن مجموعة مدن خضعت لسلطة المملكة الدلمونية التي كان مقرها جزر دولة البحرين .
واعتبرت منطقة ( دلمون ) ( أرض الخلود ) لذلك اعتقد السومريون والبابليون والآشوريون أنها مركز لآلهتهم ومقر لتقرير مصير الناس . وبعد مملكة دلمون لم يسجل التاريخ أو تكشف الحفريات أيّ شيء يذكر عن البحرين حتى فجر الإسلام . ويذكر أن الزمخشري يعامل البحرين معاملة المثنى , ولم يقل بهذا الرأي غيرُه .
الموقع والحدود :
تقع البحرين - وهي مجموعة جزر - في منتصف الجانب الغربي من الخليج , بين قطر والمملكة العربية السعودية . على خط عرض ( 26 ) وخط طول ( 51 ) . ويفصلها عن ساحل قطر ( 30 ) كم وعن ساحل المملكة ( 25 ) كم . وموقعها هذا يجعل مناخها حارّاً ورطباً .
إذ يبلغ معدل الحرارة ( 15 ) في شهر كانون الثاني و ( 39 ) درجة في شهر آب . ويمتد الفصل الجاف إلى عدة شهور في السنة . كما ينخفض معدل الأمطار عادةً . ففي شهر كانون الأول 6/5 ملم وفي شهر كانون الثاي 7/5 ملم .
المساحة والنفوس :
البحرين من الدول الصغيرة في العالم . فهي أصغر من إمارة أبو ظبي ( 112 ) مرّة ومن دولة قطر ( 17 ) مرّة ومن دبي ( 7 ) مرات .
أما مساحتها فتبلغ ( 692 ) كم2 وتشمل ( 35 ) جزيرة , كبيرة وصغيرة وأكبر الجزر : ( المنامة ) 562 كم2 ويبلغ طولها ( 48 ) كم وعرضها يتراوح بين ( 13 - 16 ) كم وربما تزاد مساحة الدولة باتباع طريقة تجفيف البحر نتيجة التزايد السكاني والتوسع العمراني .
وقد بلغت نفوس البحرين عام 2000 م ( 000/ 700 ) نسمة من السكان الأصليين ومن الوافدين وهم من الإيرانيين والباكستانيين والهنود و العمانيين . ويبلغ عدد الوافدين ( 240 ) ألفاً . وبلغت نسبة الذكور ( 57% ) ونسبة الإناث ( 43% ) من مجموع السكان . أما المسلمون فعددهم ( 635 ) ألفاً والمسيحيون ( 31 ) ألفاً وباقي الأديان ( 34 ) ألفاً ونسبة الشيعة 75% و 25% هم إخواننا أهل السنة من مجموع المسلمين واما بالنسبة لكل البحرين فان نسبة الشيعة هي 68% من مجموع السكان وذلك حسب المصادر المتوفرة لدى مركز الابحاث العقائدية من الكتب والمقالات ومواقع الانترنت و التقارير الخاصة من المستبصرين والمبلغين في العالم .
وتعتبر البحرين رابع بلد في كثافته السكانية التي بلغت ( 1050 ) شخصاً للكيلومتر المربع بعد سنغافور ومالطا و بنجلادش
الاستقلال ونظام الحكم :
لم نتوغل في تاريخ البحرين السياسي القديم لمعرفة التقلبات السياسية التي مرت بها هذه الدولة ، وإنما نكتفي بتناول تاريخها السياسي الحديث والمعاصر بإيجاز . فنبدأ بالاحتلال البرتغالي لها بعملية غزو انتهت باحتلال جزيرة المنامة سنة 922 هـ - 1517م ولا تزال إلى اليوم في البحرين قلعة من آثارهم .
وقد أثار هذا الاحتلال حفيظة السلطان سليمان القانوني العثماني فأرسل اسطولاً بحريا مؤلفا من سبعين سفينة حربية تحمل أكثر من عشرين ألف محارب لقتال البرتغاليين . وقد أحرزت هذه القوات انتصاراً موضعياً في منطقة البحرين فاستولت على المنامة والقطيف وقطر ثم احتلوا الأحساء سنة 958 هـ فأصبحت القطيف تابعة للاحساء في إدارة الحكم .
وفي سنة 1031 هـ استولى الإيرانيون على جزيرة أوال التي تفردت بعد ذلك باسم ( البحرين ) ثم ملكها في العقد الأول من القرن الثاني عشر : الشيخ الجبري وهو واحد من بقايا آل جبر ملوك الأحساء والقطيف السابقين ثم استردهّا الصفويون ملوك إيران. ولما ضعفت الدولة الصفوية , استقّل بها الشيخ جبارة الهولي . وحين قامت الدولة الأفشارية في إيران عادت إلى الحكم الإيراني سنة 1150هـ في عهد نادر شاه . ثم استولى عليها سنة 1151هـ سيف بن سلطان حاكم مسقط . وفي سنة 1152هـ استرجعها الإيرانيون , وولّوا عليها آل مذكور الذين استقلوا بالحكم .
وقد نشبت بينهم وبين آل خليفة - حكام البحرين الآن - معركة أدت إلى تقهقرهم واستيلاء آل خليفة على البحرين بأجمعها وفي سنة 1212هـ استولى عليها حاكم مسقط سلطان بن أحمد , ثم استرجعها آل خليفة سنة 1224هـ وفي سنة 1225هـ استولى عليها سعود أمير نجد ولكنها عادت لآل خليفة في السنة نفسها .
ولكن برغم موجات الغزو العنيفة والمتتالية التي استنزفت قوى المجتمع البحريني بعد ذلك , إلاّ أن ثورات وانتفاضات تتابعت لأجل الخلاص ، حتى استرجعت المدارس الدينية وقيادتها بعضا من أدوارها السياسية خلال عهد ( آل مذكور ) . بيد أن الموروث العلمي والاجتماعي في الوسط البحريني لم يتأثر سلبا بنتائج الاعتداءات الخارجية الوافدة من بلاد الجزيرة العربية . فقد برزت مدينتان تزعمتا الإدارة التشريعية للبلاد هي ( البلاد القديم ) و ( جد حفص ) وعرف من بين قادتها كل من الشيخ أحمد آل ماجد الجد حفصي و الشيخ علي البلادي وتعمقت خلال تلك الفترة مفاهيم شتى كان في طليعتها التوق الدائم للاستقلال وممارسة الحريات وفق قيم وتشريع الهي . ولم تكن تلك الرغبة في تحقيق النظام العادل في البحرين تعكس الشعور الداخلي لمواكبة التطور الإنساني فحسب .
بقدر ما كانت تعكس الحنين والانشداد الروحي والمعنوي لحياة حرة ومستقرة تصل البلاد ومجتمعها بالمسار التاريخي والاجتماعي الذي كرّسه رسولنا الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) فضلاً عن الشوق إلى نظام قائم على شورى الفقهاء الذي حكم البحرين قبل مجيء آل خليفة إليها .
وفي السنة 1275هـ استجاب آل خليفة إلى رفع العلم العثماني أيام كان مدحت باشا والياً على بغداد . وكانوا اثناء حكمهم يرفعون العلمين الايراني والعثماني فاذا احسوا بضغظ من الإيرانيين لجؤوا إلى الأتراك والعكس بالعكس . وكانت بريطانيا تراقب التذبذب السياسي للبحرين منذ زمن . فأجرت أول اتصال لها بآل خليفة سنة 1235هـ وذلك عن طريق عقد سلسلة من المعاهدات معهم . وفي سنة 1914م . أصبحت البحرين تحت الحماية البريطانية , فسيطر الإنجليز على كلّ شئ فيها . ولكنهم اعلنوا في اواخر الستينات من القرن نفسه انهم سيقلصون وجودهم في منطقة الخليج عموماً ثم انسحبوا من البحرين وأعلن بعد ذلك مباشرة استقلال الدولة في 4/آب/1971م في زمن الشيخ عيسى بن سلمان آخر خليفة الذي منح نفسه لقب أمير والذي توفي يوم 6/3/1999م . وتولّى الحكم ابنه حمد بن عيسى .
نظام الحكم :
بعد أن استتبت الأمور لآل خليفة في البحرين عام 1783م بمساعدة حلفائهم من العتوب واحتلالها وإجبار عاملها نصر بن مذكور على التراجع إلى بوشهر في الساحل الشرقي للخليج , طبقوا نظام المقاطعات القبلية في الحكم . فقسمت البحرين بموجب هذا النظام إلى مقاطعات مختلفة مستقل بعضها عن بعض . وكانت هذه المقاطعات تتسع وتنقبض حسب قوة الشيخ الخليفي المسؤول عنها . إذ أن المقاطعات كانت تمنح إلى إخوان أو أبناء الحاكم في الغالب . ويعرفون ب ( الشيوخ ) .
وكان الشيوخ على رأس الديوان حيث يلتئم رؤساء القبائل المختلفة والقطاعات الزراعية للتشاور يومياً في شؤون البلاد .
والمعروف أن القطاعات الزراعية أكثرها من شجر النخيل وكانت تحت سيطرة مشايخ آل خليفة . أما رؤساء القبائل الأخرى فكانت تسيطر على سلسلة من مراكز الغوص . المهم هو أن نظام المقاطعات أعطى للقبائل حرية التصرف الكامل , كل ضمن مقاطعتها أو مركز عملها الإنتاجي , يلاحظ أن مراكز الغوص كانت تحت سيطرة القبائل العربية السنية في الغالب .
وكان لكل أمير أو شيخ قبلي مجلسه الخاص يحكم بواسطة المقاطعة أو مركز الغوص وكل شيخ كان عضواً في مجلس الأمير أي الشيوخ يمثل مقاطعته أو قبيلته . أما الشيعة والسنة من سكان المدن والريف فكانوا جزءً لا يتجزأ من هذه المقاطعات و أدارتها القبلية . أي لم يكن لهم وضع أدارى أو سياسي خاص معترف به من قبل الحكم القبلي بل هم حالة منصهرة في إطار عام مفروض عليهم .
استمر هذا النمط من الحكم حتى أواسط العشرينيات من القرن العشرين عندما أدخل البريطانيون التنظيم البيروقراطي في أجهزة الحكم . وكانت عادتهم الاهتمام بالإصلاحات الادارية للمناطق التي يستعمرونها وأعدوا لهذه المهمة نخبة كبيرة من الإنجليز مثل : ديكسون وجلوب وهولي وغيرهم ممن يجيد اللغة العربية والحضارة الإسلامية . وكانت البحرين من جملة هذه المناطق . وكان نصيبها من الإصلاح الإداري إلغاء هذه المقاطعات برمتّها وإقامة حكم مركزي موحّد تحت سيطرة أمير البلاد .
ويتسم اليوم نظام الحكم في البحرين بأنه أميري وراثي يتشكل من أمير ينتقل الحكم منه إلى ولده الأكبر ثم إلى اكبر أبناء هذا الابن , وهكذا طبقة بعد طبقة . إلاّ إذا عين الأمير في حياته خلفاً له آخر غير الابن الأكبر . والأمير هو رأس الدولة وذاته مصونة لا تمس ويتولى سلطاته بواسطة وزرائه .
ولم تكن العائلة الحاكمة متماسكة أو متحدة يوما كما أصبحت بعد إدخال التنظيم الإداري إلى البحرين . إذ أن تمركز السلطة وترتيبها على شكل هرمي متسلسل أعطى لآل خليفة القدرة على التحكم بشؤون البلاد بسهولة كبيرة .
لقد غير التنظيم البيروقراطي الوجه الرسمي للحكم , وأدّي إلى تغيير العلاقات بين فئات المجتمع المختلفة . ولم تعد التحالفات القبلية التي كان آل خليفة يعقدونها مع القبائل ذات قيمة بعد قيام النظام الجديد .
أهم الموارد الاقتصاديّة :
أ ـ النفط والغاز الطبيعي :
بدأ اكتشاف النفط في البحرين عام 1928م وتم استخراجه عام 1930م , وتأسست لهذا الغرض شركة نفط البحرين مساهمة مع شركة ( استندارد أويل ) . وبدأ الإنتاج يتزايد حتى وصلت قيمة النفط المصدر عام 1997م ( 5/2 ) مليار دولار .
وليست دولة البحرين عضواً في المنظمة العالمية المصدرة للنفط ( أوبك ) ولكنها عضو في المنظمة العربية المصدرة للنفط ( أوابك ) .
أما الغاز فهو من أهم منابع الطاقة في البحرين وتكثر حقوله في منطقة ( الخوف ) . وينتج منه ( 8 ) مليارات متر مكعب في السنة . ويبلغ الاحتياطي منه ( 263 ) مليار متر مكعب . ومن المتوقع أنه سيلبي حاجة البلاد على مدى ( 60 ) سنة إذا استمر إنتاجه بهذا المعدل . وقد تأسست شركة غاز البحرين سنة 1979م مساهمة مع شركة ( كالتكس ) . ويستهلك منه لتوليد الطاقة الكهربائية 20% ولشركة ( آلبا ) لصناعة الألمنيوم 27% ولمعامل البتروكيمياويات 11% ولمصفاة سترة 9% والباقي لسدّ حاجة المواطنين ولا يصدر منه شيء .
ب ـ الألمنيوم : بدأ إنتاج الألمنيوم في البحرين سنة 1972م بطاقة تشغيل ( 2500 ) وتم إنتاج ( 120 ) ألف طن من الألمنيوم ثم تصاعد إلى ( 225 ) ألف طن سنة 1991م وفي سنة 1995م بلغ سقف الإنتاج ( 460 ) ألف طن . والذي ساعد على بلوغ الإنتاج هذا الحد هو وجود الغاز الطبيعي اللازم لإنتاج وصهر الألمنيوم حتى أصبحت اليوم تقوم بسبك أجزاء من أبدان السيارات وتصدرها إلى أوربا .
صناعات أخرى :
بعد أن علمت البحرين بأن عمر النفط قصير , عمدت الى تنويع مصادر دخلها فاهتمت بصناعة البتروكيمياويات المتطورة وذلك سنة 1979م في جزيرة سترة .
وأنشأت شركة لصناعة الكابلات وأسست شركة لإنتاج ورق الألمنيوم وورق الحديد عام 1986م .
وهناك شركة للدقيق ( 100 ) طن في اليوم وشركة لصناعة الأستيل وهي من الشركات المهمة في البحرين وشركة لصناعة الالبان وشركة لصناعة السبك وثمانية مصانع للمشروبات الغازية وشركة لصناعة الأثاث الخشبية ومعامل للطابوق والانابيب وغيرها .
وهناك الحوض الجاف الذي يقوم بإصلاح السفن المعطوبة وتأمين ما تحتاج حتى تواصل رحلتها . وهذا الحوض يؤمن كثيراً من الواردات للدولة .
وتتميز البحرين بكثرة عدد الصناعات , وتؤدي هذه الميزة إلى جعلها اكثر جذباً لمختلف الأنشطة الاقتصادية .
الزراعة : عرفت البحرين قديما بالجزيرة الخضراء , وذلك لكثرة أشجار النخيل والفاكهة والمحاصيل الزراعية . ولكن تقلصت الأراضي المزروعة إلى حدًّ ما بسبب شحة المياه الجوفية التي تعتمد البحرين عليها بشكل رئيسي . و أصبحت تهدّد مستقبل الزراعة .
دخول الإسلام :
كانت تسكن البحرين في زمن ظهور الإسلام قبائل عربية أصيلة منها قبيلة عبد القيس , وبكر بن وائل , وبنوتميم والمئات من أبناء قبائل الساحل الشرقي . وكانت الديانة المنتشرة فيهم هي : الزرادشتية , واليهودية , والمسيحية . ولكن لما توفي الملك الفارسي ( خسرو برويز ) في السنة السابعة للهجرة , بدأ النبي ( صلى الله عليه وآله ) تحركه باتجاه البحرين يدعوها إلى الإسلام . وكان عليها من قبل الفرس ( منذر بن ساوى ) وهو من عبد القيس ويعتنق المسيحية .
وكان أول كتاب أرسله النبي ( صلى الله عليه وآله ) إليه هو:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى
سلام على من اتبع الهدى , أمّا بعد فإني أدعوك إلى الإسلام فأسلم تسلم , يجعل الله لك ما تحت يديك . واعلم أن نبياً سيظهر إلى منتهى الخف والحافر .
الكتاب الثاني :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى
سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله غيره وأشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً عبده ورسوله .
أما بعد فأني أذكرك الله عز وجل فانه من ينصح فانما ينصح نفسه وأنه من يطيع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني . ومن نصح لهم فقد نصح لي . وان رسلي قد أثنوا عليك خيراً و إني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه . وعفوت من أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك . ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية .
محمد بن عبد الله
الكتاب الثالث :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد النبي رسول الله الى أهل هجر
سليم أنتم فاني أحمد إليكم الله لا إله إلاّ هو . أما بعد فإني أوصيكم بالله وبأنفسكم أن لا تضّلوا بعد إذ هديتم ولا تغووا بعد إذ رشدتم .
أمّا بعد فقد جاءني وفدكم فلم آت إليهم ألاّ ما يسرهم و أني لو جهدت حقي فيكم كلّه أخرجتكم من هجر , فشفعت غائبكم وافظلت على شاهدكم . فاذكروا نعمة الله عليكم . أما بعد قد أتاني الذي صنعتم وأنه من يحسن منكم ولا يحمل عليه ذنب المسيء فإذا جاءكم أمرائي أطيعوهم وانصروهم على أمر الله وفي سبيله فانه من يعمل منكم عملاً صالحاً فلن يضلّ له عند الله ولا عندي .
الكتاب الرابع :
إلى المنذر بن ساوى أمّا بعد :
فان رسلي قد حمدوك وأنك مهما تصلح أصلح إليك وآتيك على عملك وتنصح لله ولرسوله والسلام عليك .
وغير ذلك من الكتب إلى العلاء الحضرمي في البحرين وكانت جميعها تدعو إلى اعتناق الإسلام عقيدة ومنهجاً .
لقد كان أهل البحرين على موعد مع عهد جديد بعد ما أطلّ فجر القرن الأول الهجري بنور الإسلام فقد توجه ( عمرو بن عبد القيس ) إلى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) موفدا من قبل الزعيم البحراني المنذر بن عائذ الذي اشتهر بلقب ( الأشج ) وذلك للاطلاع عن كثب على الدين الجديد والتحقق من علاماته التي وردت في الكتب السماوية ولكن الاشج لم يكن ليطمئنّ على الانعطافة الجديدة لشعب الجزيرة حتى وقف بنفسه على حكومة النبي ( صل الله عليه وآله ) في المدينة المنورة في السنة السابعة للهجرة إذ ترأّس وفداً مكوناً من عشرين رجلاً شقّوا أمواج البحر وساروا أياماً في صحاري الجزيرة حتى التمسوا لقاءً برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي استقبلهم بوحي النبوة قائلاً : ( مرحباً بوفد قوم لاخزايا ولانادمين ) .
فقال الأشج : جئنا سلماً غير حرب ومطيعين غير عاصين فاكتب لنا كتابا يكون في أيدينا .
فسألهم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : ( تبايعونني على أنفسكم وقومكم ؟ ) فقالوا : نعم يا رسول الله إنك لن تزايل الرجل عن شيء أشد عليه من دينه , نبايعك على أنفسنا وترسل معنا من يدعوهم .. فمن اتبع الإسلام كان منا ومن أبي قتلناه .
ثم أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) الأنصار بإكرامهم وحسن وفادتهم وأنزلهم دار ( رملة بنت الحارث ) وبعد عشرة أيام من مرافقتهم للرسول ( صل الله عليه وآله ) والاطلاع على أحكام الدين وتعاليمه , قفلوا راجعين إلى جزيرتهم الخضراء .
وفي السنة الثامنة للهجرة كانت بداية لتحولاتٍ خطيرة رسمت المسار الأمثل للمجتمع البحراني باتجاه العقيدة الموحدة والموقف السياسي السليم الذي نبّأ به الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) خلال مراحل تبليغه الرسالة .
وفي تلك السنة أوفد ( عبد القيس الشريف ) , ( الجارود بن المعلّى العبدي ) ـ الذي عرف ببغضه لعبادة الأصنام على عهد الجاهلية ـ على رأس أربعين رجلاُ كان من بينهم :
( الحكيم بن جبلة العبدي ) الذي عاد مع الوفد إلى البحرين وهو يحمل مبدأ الولاية الثابتة لأمير المؤمنين علي وأهل بيته ( عليهم السلام ) .
وترك الوفد وراءه في المدينة المنورة الجارود العبدي ليحيط إحاطة تفصيلية بالآيات القرآنية وسنة الرسول ( صل الله عليه وآله ) والمسار التاريخي الذي انتهجه النبي وأصحابه الأخيار من الأنصار والمهاجرين , ثم يعود إلى البحرين وأهلها مثقلاً بفيض علم النبوة و الإمامة .
دخول التشيّع :
منذ عودة الجارود ومن بعده الحكيم بن جبلة إلى البحرين قادمين من المدينة التي شاهدوا فيها بأعينهم حكومة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وسياسته وتعلموا منه الشيء الكثير , عرفت البحرين بالاستقرار الديني والاجتماعي والسياسي وبدأت خلايا علم الشريعة تنو وتتوسع إنطلاقاً من المساجد التي انتشرت في مناطق مختلفة من جزيرة البحرين و القطيف و الأحساء . ولم يكن هذا العلم ليخلوا من فضائل أهل البيت ( ع ) والدور العظيم الذي سلكه الإمام علي ( عليه السلام ) بعطاءات الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الذي أحسن إعداده لأيام المحن والبلايا .
وقد أحسن الشهيد ( نور الدين ) في كتابة الموسوم ب ( مجالس المؤمنين ) بقوله : إن ولاية أهل البحرين لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) هي لطف إلهي , إذ قال :
( إن تشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والحسا من قديم الأيام إلى هذه الأيام ظاهر شائع .. ومنشأ ذلك شمول اللطف الإلهي لأهل تلك الديار .. وعلل بأن أبان بن سعيد كان عاملاً عليها مدة في مبدأ الاسلام وهو من الموالين لامير المؤمنين (عليه السلام) ... وصار عاملا عليها عمر بن أبي سلمة ـ وأمه أم سلمة أم المؤمنين رضى الله عنها ـ وهو أيضاً من محبي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فغرسا فيها التشيع ) .
ولكن فترة الهدوء تلك لم تعمّر طويلاً إذ بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم تعرف الجزيرة استقراراً بحكم المتغيرات السياسية التي عصفت بالجزيرة العربية , فضلاً عن ثبات أهل البحرين على مبدأ الولاية لعلي ( عليه السلام ) ودفاعهم دونها . وتبعاً لذلك الموقف المبدئي لأهالي البحرين غابت النعوت الإيجابية المعبرة عن حقيقتهم وشدة اهتمامهم بالعلم والشريعة والتفقه في الدين . وسرعان ما أطلقت عليها نعوت أخرى سلبية . جاءت من وحي الموقف المعادي لأهل البيت ( عليهم السلام ) . ومن بين تلك النعوت : ( جزيرة الردة ) و ( المدينة المرتدة ) وغيرها . ولكن تلك النعوت كانت تحمل في طياتها دلالة واضحة على شدة بأس أهل البحرين وإصرارهم على التمسك بالشريعة وفق منهج وسيرة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) وابن عمه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . كما تدل على ضعف أعداء شعب البحرين في تقويض ولائهم الثابت . وفي عهد عمر بن الخطاب , أدّى عدم استقرار البحرين إلى هجرة أعداد كبيرة من أهلها إلى العراق واستوطنوا المدن الحديثة كالبصرة والكوفة . وارجع عدد من الباحثين تزايد شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) في هاتين المدينتين إلى دور البحرانيين الذين ظهر وجودهم بشكل جلي في أواخر عهد عثمان بن عفان . ولا يخفى على اللبيب أن الاتجاه الأموي بشقيه السفياني و المرواني وكذلك الاتجاه العباسي فيما بعد , كان يرى في البحرين قلعة حصينة من قلاع أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) و أهل بيته , لذلك كانت هدفا لهجماتهم المتعددة التي دمّروا خلالها الجزيرة وقتلوا ألوفاً منها . ولكن الموروث العلمي بقي ببقاء أهلها على ولائهم وتمسكهم بعقيدتهم .
وخلال خلافة الإمامين علي ( عليه السلام ) والحسن ( عليه السلام ) استرجعت جزر البحرين استقرارها السياسي والاجتماعي وتوسعت دور العلم , وانتقل كثير منها خارج المساجد إلى المناطق النائية .
حتى برز الكثير من العلماء والزعماء الكبار , عرف من بينهم : رشيد الهجري , وزيد بن صوحان العبدي وأخوه صعصعة , و سيجان بن زيد بن صوحان , و الاصبغ بن نباته , وأعين بن ضيعة , و الأعور بن بنان التميمي , و جارية بن قدامة وغيرهم .
ونتيجة لتزايد الوعي الديني الذي افرز الولاء اللامحدود لأمير المؤمنين واهل بيته عليهم افضل الصلاة والسلام التحق العديد من ابناء البحرين بإمامهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ليشاركوه في حروبه المعروفة , دفاعاً عن الإسلام بالقضاء على مخلفات الاتجاه السياسي السفياني وما تلاه .
فالجارود العبدي الذي مرّ ذكره آنفاً مارس قدراته الخطابية وعلمه في الشريعة , وتقدم باسداء النصيحة لمخالفي علي ( عليه السلام ) بالعودة وتجاوز سلبيات الماضي ومراعاة الإسلام بعنوانه الأكبر قبل ظهور حالة التشرذم .
بينما استشهد أكثر من ( 500 ) مقاتل بحراني في تلك الحروب التي خاضها علي بن أبي طالب عليهما السلام وأكثرهم من بني عبد القيس وكان منهم الشهيد الحكيم بن جبلة العبدي الذي استشهد في معركة الجمل .
وكان فيها صعصعه بن صوحان أيضاً وكان موفد الإمام إلى البصرة ليفاوض طلحة والزبير وعائشة قبل بدء المعركة وقد قاتل قتال الأبطال عند اشتداد أوزار المعركة وبقي صعصعة مرافقا للإمام ( عليه السلام ) حتى تنفيذ المؤامرة باغتياله وهو في محراب العبادة والذكر على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي .
ولما انتهى الإمام الحسن ( عليه السلام ) وأصحابه من دفن الإمام يوم 21/ رمضان / 40هـ وضع صعصعة إحدى يديه على قلبه وأخذ بالأخرى بعض تراب القبر وضرب به رأسه ثم قال : ( هنيئا لك يا أبا الحسن لقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظم جهادك وظفرت برأيك وربحت تجارتك . فأسأل الله أن يمنّ علينا باقتفائنا أثرك , والعمل بسيرتك , والموالاة لأوليائك , والمعاداة لأعدائك , وأن يحشرنا في زمرة أوليائك فقد نلت ما لم ينله أحد , وأدركت ما لم يدركه أحد , وقمت بدين الله حق القيام حتى أقمت السنن , وأبرت الفتن , واستقام الإسلام وانتظم الإيمان , وان يومك هذا مفتاح كل شرّ , و مغلاق كل خير , ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم , ولكن آثروا الدنيا على الآخرة ) .
ثم بكاه بكاءً مرّاً وأنشد أبياتاً رثاه بها بحضور الإمامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) نؤثر نقلها لما فيها من صدق الولاء :
ومَنْ لي أَنْ أبُثَكَ مالديّا *** ألا مَنْ لي بأُنسِكَ يا أُخيّا
لِذاكَ خطوبُهُ نشراً وطيّا *** طوتْكَ خطوبُ دهرٍ قد توَلّى
شكوتُ إليكَ ما صَنَعَتْ إليّا *** فلو نَشَرَت قُواك لي المنايا
فلم يُغْنِ البكاءُ عليكَ شيّا *** بكَيتُكَ يا عليُّ بِدُرّ عَيني
نَفَضْتُ تُرابَ قَبْرِك مِنْ يَديّا *** كفى حُزنا بدفنِكَ ثمَّ إني
وأنتَ اليومَ أوْعَظُ مِنكَ حَيّا *** وكانتْ في حياتِكَ لي عِظاتٌ
ألا لو أنّ ذلكَ ردَّ شياّ *** فيا أسفي عليكَ وطولُ شَوقي
هذا أنموذج من الشيعة الأوائل الذين أنجبتهم البحرين و جعلتهم فراقد تكشف انحراف الساسة الذين قعدوا لهم كل مقعد لا لذنب سوى أنهم رأوا في علي ( عليه السلام ) المثل الذي يحاكي رسول الله في كل شيء سوى النبوة والوحي . ولمثل هذه المواقف الولائية الصادقة , فرض الأمويون حصاراً خانقاً على أهل البحرين لمنعهم من الالتحاق بحركة الإمام الحسين ( عليه السلام ) التصحيحية , بعد رسالة مسلم بن عقيل له . ولكن الشهيد صعصعة العبدي استطاع هو وأصحابه من اختراق عيون بني أمية والانضمام إلى جيش المختار بن أبى عبيدة الثقفي في الكوفة وقاتلوا معه في معركة ( الجافليق ) حتى استشهدوا جميعاً واليك عزيزي القارئ نموذجاً آخر ضرب أصدق صور البطولة والولاء ذلك هو الشهيد رشيد الهجري أحد أبناء البحرين , الذي تلقى من علوم علي ( عليه السلام ) الشيء الكثير حتى سماه الإمام ( عليه السلام ) ب ( رشيد البلايا ) لما عرف عنه من علم بحوادث الرزايا والبلايا إلى قيام الساعة .
وقد ذكر السيد الخوانساري في موسوعته ( روضات الجنات ) حول الشهيد الهجري :
( أهل البحرين قديمو التشيع .. متصلبون في أمر الدين .
وقد خرج من البحرين من علمائنا جمّ غفير , ورشيد الهجري الذي هو في درجة ميثم التماّر ومن جملة حاملي أسرار امير المؤمنين ) .
وروي عن ابن حيان البجلي عن ( قنوا ) بنت الشهيد الهجري أنها قالت : سمعت من أبي يقول : إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سأله : يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل عليك دعي بني أمية قطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين آخر ذلك إلى الجنة ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة .
قالت قنوا : فو الله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيد الله بن زياد الدعي , فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأبى أن يتبرأ منه . فقال له الدعي : فبأي ميتة قال لك أن تموت ؟ فقال الهجري : أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة فلا أتبرأ منه , فتقطع يدي ورجلي ولساني . فقال : والله لأكذّبنّ قوله . قالت قنوا : فقدموه فقطعت يداه ورجلاه وترك لسانه . فحملت أطراف يديه ورجليه , فقلت : يا أبت هل تجد ألماً أصابك ؟ فقال : لا يا بنيّة إلاً كالزحام بين الناس . فلما احتملناه أخرجناه من القصر .. اجتمع الناس حوله . فقال رشيد : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة . فأرسل إليه الحجّام حتى قطع لسانه , فمات في ليلته .
ولم يكن التشيع فكراً وممارسة مرحلية لدى مؤمني هذا البلد وإنما كان العقيدة التي تتفاعل مع كل الظواهر وترصد جميع حالات الانحراف . ولذا كانت حالة رفض الاستبداد والتسلط ومقارعة الظلم بشتى صوره بارزة وواضحة لدى شيعة البحرين . وتؤكد ذلك مواقفهم المبدئية وتضحياتهم الجسيمة التي افرزها تمسكهم بعرى الدين الإسلامي كما فهمه الرسول الأعظم ( صل الله عليه وآله ) وابن عمه علي ( عليه السلام ) .
ولذلك بقيت البحرين على ولائها لأهل البيت ( عليهم السلام ) فبايعت الإمام الحسن ( عليه السلام ) الذي عينّ زيد بن صوحان العبدي والياً عليها . ولكن معاوية عندما خرق بنود الصلح مع الحسن ( عليه السلام ) وتعرض لأتباع علي ( عليه السلام ) بالقتل والتهجير وهو ما منعه الصلح نصاً رفض أهل البحرين بقيادة زيد العبدي الخضوع لمعاوية لأنهم يرونه طرفا غير شرعي .
شيعة البحرين أيام بني أمية :
حاولت الدولة السفيانية مراراً السيطرة على البحرين لمواقف أهلها التي لا تنسجم والفكر الذي كان بنو أمية يمتازون به . وقد فشلوا في مبتغاهم , وتحولت البحرين في عهدهم إلى معقل للمعارضة , وتوافدت الاتجاهات السياسية المناوئة للسلطة آنذاك من أقطار البلاد الإسلامية إلى جزيرة البحرين الحصينة , التي تحولت سواحلها إلى قلاع وحصون منيعة .
ولكن لما جاء المروانيون بعد مؤتمر الجابية واستلم عبد الملك بن مروان الحكم , أعدّ جيشاً جراراً لاستعادة البحرين . ودخل معركة شرسة ضد أهلها في عام (71هـ ) حيث أباء المئات منهم ودمّر العشرات من حصونها وقلاعها الساحلية ثم توغلت كتائبه إلى قرى وسط الجزيرة وشمالها وأتت على المساجد ودور العلم ودمرتها و أحرقت الكثير من الكتب والمؤلفات في فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ودورهم الفكري .
وقد تقدم زيد بن صوحان معركة الدفاع عن البحرين وقاتل حتى استشهد مع الكثير من علمائها وفقهائها . فتوقفت الحركة العلمية والدينية خلال فترة السيطرة المروانية ثم بدأت تستعيد حيويتها إبّان النهضة التي قام بها الإمام الباقر و الإمام الصادق عليهما السلام .
حيث ألقت بظلالها على جزيرة البحرين بشكل ترافقه التقية والحذر حتى استطاع مسعود بن أبي زينت العبدي وعلي بن محمد طرد كل من الامويين والعباسيين على فترات متباعدة . ولكن ذلك لم يضع نهاية لنوائب الاحتلال والغزو من قبل اخوة مسلمين أو أعداء كافرين . ولهذا نرى أهل البحرين قد اعتزلوا فترة طويلة ـ الاهتمام بشؤون الإدارة السياسية أعقاب المعارك الضارية مع الامويين والاحتلال المرواني لهم .
فضلاً عن أطماع العباسيين في جزيرتهم . ولكنهم تفرغوا لطلب العلم ونشره وتبنّوا الحفاظ على الشريعة تعويضا عن خسائر الماضي , بعيداً عن الصراعات السياسية والشدّ والجذب اللذين كانا ينتابانها .
المصادر :
1: د.محمد الرميحي ـ البحرين مشكلات التغيير السياسي والاجتماعي . ص35 ط الاولى 1976م دار ابن خلدون بيروت لبنان .
2: خضير نعمان العبيدي ـ البحرين من امارات الخليج . ص332 ط الاولى مطبعة المعارف بغداد 1969م.
3: كريم المحروسي ـ البحرين الاصالة ومظاهر التغيير السياسي . ص15 ط الاولى مؤسسة الرافد للنشر والتوزيع لندن.
4: فارس تبريزيان ـ العلامة السيد هاشم البحراني . ط الاولى 1416هـ دار المعروف للطباعة والنشر قم ايران .
5: مؤسسة انطوان جلخ واخوانه ـ اطلس العالم . ص129 ط الاولى 1996م بيروت لبنان .
6: مسعود الخوند ـ الموسوعة التاريخية الجغرافية . ج5 ص82 ط الاولى 12 ـ 1995م مؤسسة هانياد بيروت لبنان .
7: حسن الاميني ـ دائرة المعارف الاسلامية الشيعة . ج5 ص69 ط الخامسة دار التعارف 1997م بيروت لبنان .
مركز الابحاث العقائدية
11 رجب 1425
|