في منتصف الليل يمكن ان نرى شخصا يمشي في الشارع وهو بملابس النوم، حتى ولو كان ذلك في منتصف الشتاء. عيونه مفتوحة ولكن نظرته تبدو فارغة ولاتعبر عن شئ. يمشي كالماكينة ويمكنه ان يتكلم بصوت غريب. على الاغلب تكون نزهته الليلية قصيرة ليعود بعد ذلك الى البيت ليتابع نومه. ولكن من الممكن تماما ان يقوم بمغامرات غير متوقعة، مثل ان يدخل الى منزل الجيران ليستلقي الى جانب زوجة صاحب البيت، او يعود ليبول على جدران بيته او احد البيوت.
في الكثير من الاحيان ليس من الممكن توقع مايمكن ان يقوم به الشخص الذي يمشي بنومه. غالبا يكتفي بالدوران في غرف بيته، ولكنهم يمكن ان يعرضوا انفسهم والاخرين للمخاطر. مثلا، من المشهور ظاهرة خروج الماشي في نومه من النافذة وتعرضه للسقوط من ارتفاعات عالية، لربما لاعتقاده ان النافذة هي باب.
لازال غير معروف لماذا ينهض هذا الانسان في الليل ليبدأ نزهته الليلية. غير انه في السنوات الاخيرة تقدم العلماء خطوات كبيرة على طريق حل هذا اللغز.
علماء النفس كان سابقا يرون ان الماشي في نومه يحقق امانيه عندما يقوم بنزهاته الليلية. بمعنى انهم وضعوا جسمهم في خدمة احلامهم. علماء النوم يعرفون الان ان المشي في النوم لايمكنه ان يحدث عندما يكون المرء النائم في مرحلة الحلم.
النائم ينهض الى نزهته الليلية عندما يكون في مرحلة النوم العميق، الذي لامكان فيه للاحلام. هذه المرحلة تتكرر على النائم مرتين الى ثلاث مرا في الثلث الاول من النوم. عندما يقوم النائم بالتحول من المرحلة العميقة الى مرحلة الاحلام والتي يطلق عليها Rapid Eye Movements, REM اي حركة العين السريعة في فترة الاحلام، يجب على الجسم القيام ببعض التحولات الفيزيائية للجسم. في مرحلة النوم العميق يكون القلب وتواتر التنفس منفخضة، ونشاط الدماغ في اقل حالاته وضغط الدم ونشاط العضلات في ادنى حالاتها. في مرحلة نوم حركة العين السريعة يتغير مستوى نشاط الدماغ والنائم يبدأ يحلم. إذ لم يسيطر على الجسد، يبدأ بالقيام بالنشاطات التي يجري الحلم بها. لذلك يقوم ميكانيزم خاص بالجسم بوضع الجسد في حالة الشلل حتى لايتحرك خلال عملية الحلم.
في فترة الانتقال بين المرحلتين يحدث مشي النائم. هنا يبدو وكأنه يجري تلبك في وظائف الدماغ، لربما ان بعض وظائف الدماغ تبدأ بالنشاط باكرا في حين وظيفة النوم لازالت في مرحلة النوم العميق قبل ان يصبح الجسم مشلولا. لذلك يسبب هذا النشاط في الدماغ حركة الجسم والمشي في النوم
The highest increases of regional cerebral blood flow (>25%) during sleepwalking compared with quiet stage 3 to 4 NREM sleep are found in the anterior cerebellum—ie, vermis (A), and in the posterior cingulate cortex (Brodmann area 23 [Tailarach coordinate x=−4, y=−40, z=31], B). However, in relation to data from normal volunteers during wakefulness (n=24), large areas of frontal and parietal association cortices remain deactivated during sleepwalking, as shown in the corresponding parametric maps (z-threshold=−3). Note the inclusion of the dorsolateral prefrontal cortex ©, mesial frontal cortex (D), and left angular gyrus © within these areas. (figure and caption from Bassetti et. al., 2000)
النشاط في دماغ الماشي في نومه لايشبه نشاط الصاحي او النائم، وانما خليط من الاثنين: الموجات الدماغية تتشابه مع ماموجود عند الصاحي والنائم على السواء. الموجات " الصاحية" تجعله يمشي ويتكلم، في حين ان الموجات " النائمة" تجعله لايتذكر شيئا، ولايعلم ماذا يصنع.
براءة من القتل
نموذج على مايمكن ان يصل اليه خطر الانسان الماشي في نومه نجده في الحادثة التي جرت في كندا عام 1987. Kenneth Parks, وهو شاب له من العمر 27، خرج من منزله وركب سيارته ليقودها مسافة 23 كيلومتر الى منزل اهل زوجته. عندما وصل طعن ام زوجته وابو زوجته، ليصحى على الفور. قاد سيارته على الفور الى اقرب مركز للشرطة وسلم نفسه. قضيته اصبحت شهيرة. الدفاع طلب له البراءة، بإعتبار القتل جرى في نومه.
البروفيسور Richard Broughton, قام بفحصه ليكتشف وضعا شاذا لنشاطات الدماغ. مرحلة النوم العميق كانت تتواتر كثيرا عنده وبالتالي فأن مراحل الانتقال كانت كثيرة. لقد ظهر ان المشي في النوم يأتي اليه عدة مرات. لقد اعتبر مريضا بالمشي اثناء النوم مما جعله بري من جريمة القتل.
سلوك Kenneth Parks اعطى الكثير من التوضيحات. لقد خرج من البيت بدون ان يغلق الباب وبدون ان يربط شرائط حذائه، والاغرب انه توقف عن الطعن فجاءة واتجه مباشرة الى الشرطة، الامر الذي شدد الاعتقاد بأنه لم يكن يدري ماذا يعمل.
هذا النموذج متطرف للغاية، ولااحد يعرف لماذا يختار الماشي في نومه ان يخرج من البيت او يكتفي بالتجول في بيته او يذهب لقتل حماته. Richard Broughton يعتقد ان مايحرك النائم قد يكون التوتر او الالم او حركة من شريكه في الفراش.
ومهما كانت الاسباب، فأنها تطلب ان يكون الشخص المعني مهئ للمشي خلال نومه. هذه الحالة من الممكن ان تكون لها جذور وراثية تخص بعض العوائل. كما ان عوامل اخرى مثل التوتر والاحباط وعدم النوم المنتظم والعمل على شيفتات يمكن ان تزيد إحتمالات ظهور الاعراض. من الممكن ايضا ان يلعب التعب دورا او تعاطي الكحول والمخدرات.
القليل من الناضجين يمشون في نومهم
تقريبا واحد من عشرة من الاشخاص يمشون في نومهم مرة واحدة على الاقل في حياتهم، ولكن ذلك غالبا في الطفولة. الاطفال يقضون فترة طويلة في مرحلة النوم العميق بالمقارنة مع الناضجين، ولذلك فحظهم يكون ايضا اكبر. عندما يبلغ الطفل مرحلة المراهقة يقل وقت مرحلة النوم العميق ليبدأ في التشابه مع نوم الناضجين تدريجيا.
عند الناضجين نجد انه واحد من بين 200 شخصا يمشي في نومه. وبينما يكون مشي الاطفال في نومهم غير خطر، يكون الوضع عند الناضجين اكثر دراماتيكية. في الكثير من البلدان يعفى المصابين بالمشئ اثناء النوم من الخدمة العسكرية.
حتى الان لايعرف العلماء الكثير عن الاسباب، ويعالج المصابين بالجلسات النفسية وتمارين الاسترخاء وادوية ضد الكآبة والسوداوية.
مصادر:
معضلة النوم والاحلام
Sleep Disorders Explained
Sleepwalking
sleepwalking
Why Do People Sleepwalk?