من أسخف مايمكن سماعه .. في هذه الأيام .. في مطلع القرن الحادي والعشرين .. بعد اكتشاف السلسلة الجينية ..وغزو الفضاء .. وبحوث إطالة العمر .. أن نشاهد على الشاشات مجموعات من رجال الدين يتقاسمون هذه الشعوب .. كما كان يتقاسم ورثة شيخ العشيرة قطعان الإبل والأغنام .. ونحن نجلس فاغري الأفواه أمام هذه الشاشات .. بلهاء .. نجتر الصور المقيتة ..والتاريخ
ونفكر في أي من هؤلاء يمسك بمفاتيح الجنة .. ؟
نحن ..لاقيمة لنا ..لارأي .. هم يتقاتلون علينا .. كل يحصي قطيعه ويضع حدودا ً للآخر..هنا ممنوع الاقتراب ..هنا محظور .. هنا ..سنسفك دماء من يقترب أو حتى يصور . والعالم كله يتفرج على هذه السخافات وهذا الانحدار الفكري ..وينظر إلينا .. يراقب ردة فعلنا .. ليفاجأ بأننا نثغو سعداء بهذا أو ذاك الوريث ثم نطأطيء رؤوسنا .. ونتابع الاجترار .. وكأننا من عالم آخر لاعلاقة له بما يحد ث..
السنة خائفون من الشيعة ..الشيعة خائفون من السنة .. هؤلاء يسننون وهؤلاء يشيعون .. وكأن العملية مجرد وضع وسم على ظهر ( الخروف أو الغنمة ) لتصبح من أملاك الآخر . أما نحن فلا رأي لنا .. لاعلاقة لنا بما يحدث .. هم نصبوا من أنفسهم ..أولياء أمر .. أرباب جدد لنا .. آلهة لنا . يقررون عنا .. يفكرون عنا .. هم يقررون علاقتنا بالإله.. وكيف نتواصل معه .. صلاة وصياما وقعودا ً ..وعلى جنوبهم . ونحن علينا أن نسمع ونثغو لهم تأييدا ً . إذا ً كيف يكون الشرك ..قولوا لنا .. ماهذا ..؟ مامعنى كل ماتفعلونه وماتقولونه ..وماترسمونه عنا .. ؟!!!
إنها أسوأ صورة يقوم برسمها رجال الدين عنا .. إنهم يقولون للعالم أنه ممنوع علينا التفكير .. عقولنا معطلة ..مقفولة وهم فقط من يملك المفاتيح .. هذا باختصار معنى مايحدث .
ولكننا نسألهم باسم الإيمان الذي يزعمون الدفاع عنه .. ومن خلال النص المقدس .. من منهم سيحاسب عنا في الآخرة .. من منهم سيحمل أوزارنا .. ألم يقل النص ( ولاتزر وازرة وزر أخرى ) . قولوا لنا هل تم إلغاء هذا النص .. وهل استبدل وأصبحتم أنتم من يحمل الأوزار كلها .. أثبتوا لنا ذلك حتى نفوضكم بكل شيء ..وإلا فابتعدوا عنا .. ابتعدوا قدر ماتستطيعون .
أيها السادة ..نحن لسنا عبيدا ً مملوكين لكم .. نحن لسنا قطعان أغنام تسوقونها حيثما شئتم .. ولن تحاسبوا أمام رب العالمين بدلاً عنا .
أنا سأعبد ماأشاء وبالطريقة التي أشاء .. وأنتم لاعلاقة لكم بي .. الأشرف والأكثر عقلانية ً بينكم له النصيحة .. وأنا حر في قبولها أم لا .. له أن يحاورني .. أن يناقشني .. فإما أن نتوافق وإما أن نختلف وفي كلا الحالتين أنا الوحيد من يتحمل وزر أعماله أمام رب العالمين .. هو لن يفيدني أو يغني عني شيئا ً أمام الله .. عودوا إلى القرآن الكريم الذي بحث في هذه النقطة بالذات ..وقال أنه لاعذر لأحد .. إذا ً من نصب هؤلاء سادة ومالكين لي ولغيري من البشر .. من سمح لهم أن يضعوا حدودا ً لحريتي واختياري .. هؤلاء جميعا ً سنة وشيعة .. أنا المسؤول عن اختياري ..أؤمن هنا وأكفر هناك .. والعكس بالعكس . يتهمون بعضهم البعض بأن هذا يشيع وذاك يسنن وكأنني لاأملك العقل والقدرة على التفكير والتمييز .. اذا أعجب هذا بما عند الآخر أو أعجب الآخر بما عندي .. يهددون بداحس والغبراء .. والضحية في كلا الحالتين .. أنا .. الناس .. الذين لاذنب لهم سوى أنهم يريدون التواصل مع بقية القطعان .. يريدون الحياة .. حياة ً إنسانية خالصة لاحقد فيها ولابغضاء .. يريدون أن يتعاونوا في تحقيق الرفاهية والعيش الحر الكريم .. وهم أساسا ً كانوا يتواصلون .. هناك قرابة دم وعلاقة نسب ..هناك تزاوج متبادل .. وهناك شراكة عمل .. وهناك دفاع عن الوطن بنفس المستوى .. يسقط شهداء من الجميع .. من جميع الأطياف .. سنة وشيعة ومسيحيون .. العدو لايستثني أحدا ً .. أما أنتم يارجال الدين فبدلا ً من أن تمتنوا اللحمة .. تأتون اليوم لترسموا حدودا ً جديدة بيننا .. تقطعون الأواصر الموصولة بحكم الوطن والطبيعة والعلاقة الإنسانية ..وتطور الأخلاق .. تعيدوننا إلى الجاهلية الأولى ..بل إلى الأسوأ .. إلى العصور الغابرة .. إلى إنسان الغابة ..والبقاء للأقوى ..
لماذا أيقظتم كل ذلك الآن .. لماذا في هذه اللحظات المصيرية .. حيث يتصاعد غبار الخيل والفيلة وهم يستهدفوننا بلا تمييز .. يستهدفون أوطاننا كلها .. فإذا لم يتمكنوا .. ينشرون الفتنة ويتركوننا نحرق بعضنا بعضا ً ..وأنتم بفعلتكم هذه لاتمنعون الفتنة .. أنتم تقومون باصطفافات معادية لبعضها البعض .. توزعون العداوات وتجهزوننا لكي نتقابل ونذبح بعضنا البعض .. أنتم وماتفعلونه والله ليس سوى صب الزيت على النار ليتعالى أوارها ..
نرجوكم ابتعدوا عنا .. فنحن أدرى مابنفوسنا وأنتم والله لن تغنوا عنا أمام الله شيئا ً .. أنتم بتقاتلكم هذا .. لايهمكم عدد الأغنام التي تذبح .. فإنني لاأرى فيكم والله ..سوى من بين الأكلة .
نحن لسنا أغناماً تتقاسمونها ولسنا عبيدا ً لكم ..

فكيف يمكنكم أن تفكروا بمنع التواصل بين هذه الآراء أم أنكم تؤكدون أننا لانملك العقول التي تجعلنا قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب .. أعتقد أن هناك الكثير ممن يملكون رؤى ً أكثر صوابية من رؤاكم . أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم ..وعليكم أن تفهموا أن هؤلاء الناس ليسوا قطعانا ً تملكونها ..ولم يختاروكم أو ينصبوكم أولياء ً لأمورها . أنتم لاتخافون علينا .ولايهمكم مصيرنا وماستؤول إليه أحوالنا في الدنيا والآخرة ولايهمكم مستقبل أجيالنا . أنتم تخشون على مصالحكم فقط ومصالح من تحالفونهم من السلاطين والطامحين إلى حكم هذا العالم البائس والمبتلي ...؟!!
يكفيكم كل التشويه الذي قدمتموه للعالم عنا .. اذا ً ابتعدوا عن منطق الوصاية ..وابتعدوا عنا أنتم ومصالحكم الخاصة .لأنكم حقيقة كنتم ومازلتم تقفون خلف كل المصائب التي حلت بهذه الأمة عبر التاريخ .وأنتم من يعرقل تطورها وتقدمها . أنتم من يحول بينها وبين سكة الحضارة السليمة أنتم خلف خسارتها لمثقفيها وعلمائها .. الذين فضلوا العيش في الغرب على الإقامة هنا وخدمة أمتهم . ذلك أنكم ترون بأنفسكم أنكم أنتم العلماء فقط .. علماء الخلافات والتقاتل والتعصب والجهل . ولا تريدون لنا غير ذلك . لأنكم استمرأتم ركوب ظهور هذه الشعوب والتربع عليها . فقط ابتعدوا عنا فنحن أدرى منكم كيف يعبد الله وكيف يحترم الإنسان. لانريد تعصبا ً وتشددا ً ..لانريد أحقادا ً وظلما . لانريد تبعية ً واستعبادا ً لكم ولغيركم . وحسابنا وحسابكم على الله الذي يعلم ماتكن الصدور وماتخفي .