السلام عليكم.
(تستطيع مشكوراً أن تثبت بما لا يقبل الشك أن الله قد اختار اثنا عشر متميزاً لحفظ الدين كما وعدنا؟ نصاً قطعيا ًصريحاً لا ظن فيه و لا حيلة و لا معادلة تفاضلية من الدرجة الرابعة ، لا أحاجي و لا ألطاف الهية ، نص قطعي يقول أن الله قد أمركم باتباع علي و الحسنين و السجاد و الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا و الجواد و الهادي و العسكري و المهدي. نص كهذا كان سيعصم الأمة من الخلاف و الدماء.)
أفهم من طلبك ضرورة أن يكون أمر الله بإتباع الإئمة الإثنى عشر عليهم السلام بآية من الكتاب، لأن آي الكتاب [وحدها] هي أمر الله. فهل هذا صحيح؟
أنا لا أؤمن بأن التشريع هو فقط من القرآن. لأن القرآن نفسه يقودنا إلى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وكذلك {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
وعليه، وضمن هذا السياق، يمكن إثبات لزوم إتباع الأئمة سلام الله عليهم، عن طريق الحديث، الصادر عن الرسول (ص)
أمر آخر .. أن الباري تعالى جعل لنا القصص في كتابه ليس للتسلية وإنما للإعتبار ولنهتدي بها إلى سواء السبيل ، قال تعالى { قَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .. ومن هذا المنطلق يمكن أيضاً إثبات الإمامة قرآنياً، لأن أحوال الانبياء والرسل في القرآن تبين لنا أحوالهم وأحوال أوصيائهم.
وربما لا تخفى عليك استدلالاتنا في هذا المجال ، والتي ترى أنها أحجيات ومعادلات تفاضلية من الدرجة الرابعة :) ، مع أن المعادلات التفاضلية تدخل في حسابت الإشارات الكهربية التي منها نتواصل عبر الإنترنت، وبالرغم من ذلك لا نراها عيانا لا في الأسلاك ولا في الشاشة :) ، ولكننا بالنهاية نؤمن أنها المنطق الذي يتحكم في سيرورتها.
فلماذا نعطّل هذا المبنى في مبحثنا الذي يتعلق بنظام حياتنا ككل، ونقول: لا نريد ألطاف ولا أحجيات؟
قد تقول: ولم لم يأتي سبحانه وتعالى بسياق يتطرق بالإسم إلى أئمتنا سلام الله عليهم؟
الجواب: ان الظاهر من الحكمة الإلهية أن إمكانية التحريف تكون أيسر للظالمين والمسيئين. مثلاً: يمكن لأي كافر بالله ورسوله أن يبدّل هذه الاسماء إلى أخرى ينتفع بها ليلبس على الناس دينهم.
أما بخصوص التميّز فهو يعني في المقام الأول التميّز في عبادة الله، والبصيرة، وإلا فقطعا أينشتاين قدم نظريات خدمت البشرية تميز بها على أقرانه ، لكن هذه الميزة لا تعني أنه أهل لحمل رسالة الله ، ولا أهلا ليكون موكلا بحفظ الدين.
التميّز يعني الصدق، والعلم بالدين، والتنزه عن صغائر المعاصي، والإخلاص لله، والقرب من بيت النبوة، حيث منبع الرسالة.. كلها صفات تتوافر في الائمة الإثنى عشر، بالإضافة غلى الصديقة الزهراء سلام الله عليها، ولم تتوافر في آخرين.
أما عن تفضيل الأئمة عليهم السلام .. فليس بالمفهوم الذي ذكرت .. إذا أن الموازين عند الله وليست عندنا .. وإلا فما الفرق بين سبارتكوس مثلا أو غاندي او سم ممن شئت بالحسين سلام الله عليه في حربهم على الظلم والإستكبار؟ .. ألم يكن الثلاثة قد ضحوا بأنفسهم لغايات نبيلة ؟
إنما الفرق هو أن تضحية الحسين ناشئة عن إخلاص للباري عزّ وجل .. عن بصيرة بالله .. أما تقييم العباد وترتيبهم فليس من اختصاصنا .. وإنما ندرك ذلك بنص من الله .. يبلغنا إياه النبي (ص) .. في سلسلة تمتد إلى الإمام الاخير وهو المهدي عجل الله بظهوره.
ومع ذلك فلا بأس بمقارنة التراث الديني الذي بلغنا عنهم مع ما تركه خصومهم أو غيرهم .. أوالمقارنة بين سيرة واحدهم وسيرة سائر الأعلام في عصرهم.
وإن كنت مهتما فعلا بهذه المقارنة، وكنت تمتلك أدوات التحقيق فلا بأس لو أتحفتني برأيك فيما يعرضه هذا الموقع عن المعصومين الاربعة عشر سلام الله عليهم.
http://www.14masom.com/index.html
الله يحفظكم.