أحد أصدقائي الأعزاء كتب هذه الكلمات وهو في قمة حزنه، وقلبه يعتصر دماً، مودِعاً أحد أقاربه الصغار، الذي اعتاد على اصطحابه في كل مشاويره، والجلوس بجانبه معظم الأوقات.. ذو العشرة أعوام، إثر حادث مروري أليم في "الدوحة" بقطـر.

ولإيماني بأن أصدق الكلمات تسطع من بين قمة المشاعر الإنسانية، والحزينة منها خاصة، فرأيت أن أنقل لكم ما خطه يراعه من كلمات في وداع حبيبه ورفيقه الصغير!!

عجباً لهذا الغلام!!! طفل صغير، ولكنه (ولىٌ كبير)!!! صبىٌ مدهش ومنير!!!

فعجباً لهذا الـ (عبد المنعم الفاتح عبد الخالق فرح).. طفلٌ صغير.. لكننى أجزم بأنه.. من أولياء الله المخفيين!!!

وعجباً لهذا الولد المضىء الذى فُجعنا فيه فجيعة كبرى صباح "يوم العيد"!!!

عجباً لنور وجهه!! عجباً لسماحته!! عجباً لبراءته!!

عجباً لدواخله البيضاء!! ... لسلميته!! ... لأريحيته!! .... وصفاء نفسه!! ... وطيب نفسِه العاطر الرطب!! ... ولهجه الحلو!!!

حينما يستقبلك عبد المنعم "الصغير"، إبن العشر سنوات بمنزلهم الكائن في مدينة "خليفة".. تشعر بأن الذى يستقبلك رجل كبير, وقامة من القامات الشامخه الكبرى.. التي سرعان ماتستحوذ عليك وتحتويك.. ثم تأخذك فى حنو سطوتها المهيمن!!!

وفى غياب أبيه.. يغمرك عبدالمنعم "الكبير"، بفيض كرمه وبشاشته وترحابه.. وتدفقه الماطر الغزير.. فتحس أنك تجلس أمام كنز أو منجم من المحبة!!!

قبل يومين فقط من العيد، جاء إلينا (عبد المنعم الفاتح) بصحبة والديه.. فوجدني أجلس أمام "الكمبيوتر"، وأنا أقرأ موضوع "ندوة أزمة الهوية" لـ (أحمد ضحيه) عن محاضرة لـ (د/ الباقر العفيف)..

وكعادته قال لى: "خلّصت يا عمو؟ عشان أنا عاوز الكمبيوتر."..

فقلت: "أوكى يا عبودى، بس ما تقفل لى الموضوع ده، ممكن تعمل ليه (Minimize)"..

وجلس (عبودى) أمام الكمبيوتر فإذا به يعيد الموضوع من أوله، ويضغط (Home)!!!

قلت: "عبودى، إنت بتعمل فى شنو؟!!"..

فقال: "عاوز أقرا الموضوع ده يا عمو."!!!

فقلت: "لكن الموضوع ده كبير يا عبودى!!!"..

قال: "ما مشكلة يا عمُو"!!!.. فصمت (عمُو)!!

وقرأ عبدالمنعم موضوع "ندوة أزمة الهوية" للدكتور/ الباقر العفيف كاملاً!!.. ثم قال، وبالحرف الواحد: "يا عمو.. الراجل ده بقول فى كلام سمح خالص"!!!

هل كان عبدالمنعم يعلم بأنه مهاجر من زمن "أزمة الهوية"، وحيزها الضيق.. إلى الآفاق الأخرى؟!!.. وإلى ذات النطاقات الأخرى؟!! حيث هوية الهويات!!!

أما عن ذلك (الوحش الكاسر) الذى يمشي بين الناس... تلك "الفاتنة"، السريعة، المريعة، الجذابة، المغرية، القاتلة... "كوليرا العصر"..

تلك التي أصبحت تقتل الناس جهاراً نهاراً.. صباحاً مساءً.. "دون أن تُسأل عما تفعل!!!"..

هي السيارة الملعونة التى خطفت (عبودي) "الجميل الحلو" من بين أيدي الناس!!! فأحالت عيدهم إلى شىء آخر هم لا يفهمونه حتى الآن!!!

ففجع (الفاتح).. وفجعت (هدى)!!

وفُجع الجميع... فى يوم العيد!!!

ألا رحم الله (عبدالمنعم الفاتح)... فإلى العيد الكبير أيها الولي!!!

المكلوم/ مأمون

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	أشر الناس شريف	عادل نايف البعيني	5	1,422	04-01-2007, 12:01 AM آخر رد: عادل نايف البعيني