لماذا تقتبس من امبراطور بيزنطي؟
اروان لاجاديك
انترناشيونال هيرالد تريبيون..
محاولة ترجمة Futurist (سامحوا اخطائي بالترجمه)
نتيجة الصخب العارم الذي اثارته محاضرة الباب بنديكت السادس عشر مؤخرا، ناشد البابا و المتحدث البابوي للفاتيكان الصحافة و النقاد و عامة الناس بان لا يأخذوا تلك الفقرة المثيرة للجدل "خارج سياقها". دعونا اذا نحاول ان نسلط الضوء على ذلك السياق. و لكن ليس السياق النصي لذلك "الاقتباس البالوجسي" المشهور الان، بل السياق الواقعي- التاريخي و الخلفية الثقافية التي تلقي الضوء على اسباب استعانة البابا بهذا النص (سواء اتفق معه ام اختلف) ليقدم فكرته الرئيسية في محاضرته.
انها لمفارقة في افضل الحالات و في اسوائها مثيرة للقلق، أن يلجأ بابا روماني لاقتباس من نص لامبراطور ارثودوكسي قيل منذ 1400 عام عن المسلمين.
لقد ارغم الضغط الاستراتيجي العثماني الامبراطور مانويل الثاني بالوجوس ان يلجأ الى علاقة مهينة مع روما. مع ان روما، بالنسبة لمعظم البيزنطيين انذاك، كانت غريبة عنهم و عدوة لهم.
ما من شك بأن مانويل كان سيصف العنف المستأصل لدى المسيحية الرومانية بما يماثل وصفه للاسلام اذ لم يمضي سوى حوالي 150 عام على الاحتلال العنيف لقسطنطينة من قبل الصليبيين اللاتينيين.
و كذلك فان قسطنطينة كانت محاصرة قبل 1400 عام و سقطت بعد نصف قرن نتيجة الضغط العسكري التركي. انها دلالة مثيرة للقلق ان يختار بينيدكت من بين كل النصوص و الفترات هذه الفترة و هذا النص بالذات.
فبفعله هذا فتح نافذة على انطباعاته عن الاسلام، و هي انطباعات تقع تحت عقلية محاصرة، حصار يعتقد الفاتيكان انه يخسره. و في هذا المجال فأن محاضرة البابا في جامعة رنغسبرغ و ملاحظاته الاخيرة عن تناقص الايمان في الغرب، على العكس من حيوية الاسلام في الشرق، بدأت و كأنها وجهين لعملة واحده.
و السياق النصي لاقتباس بينيدكت ايضا يثير الاشكال. فيتسائل البعض لماذا يختار هذه الفقرات من العصور الوسطى، دون كل المصادر المحتملة ، رغما انها شهادة من الفترة التي تدعى "العصور المظلمة".
في الحقيقة فانه عمل اكثر من ذلك، اذ خصص فقرة من اكثر الفقرات ظلامية عن فترة زمنية شهدت، عدا تلك النقطة، تنامي العقلانية في الاسلام.
ان "نقد الدين الاسلامي" من قبل مانويل الثاني انما يجسد اتجاهات ثقافية ذات جذور تاريخية، ليس باقل من علماء مثل بيتر الحكيم (1094-1156) و توماس اكوينوس (عالم و رجل دين كاثوليكي) (1225-1274) اذ ساهما بمساهمات هامه في هذا الاتجاه. و لكنهما لم يخطئا الاسلام بنفس الحدة التي اعتمدها مانويل الثاني. بل العكس، اذ بدأا من نفس المواقف العقلانية التي اعتقدا ان الاسلام يشاركهم نفس الارضية فيها و على ذلك الاساس، بحثا في ما لو ان العقلانية (Reason) جعلت من الاسلام ام من المسيحية اكثر جاذبية.
في هذا التراشق الثقافي، فان المؤلفين المسيحيين لم يتساءلوا قط عن قدرة المسلمين على دمج العقلانية مع الايمان. بل انهم ادعوا فقط بان منطقهم هو الاكثر قبولا.
كون ان يلجأ البابا الى البحث عن نص من العصور الوسطى مثير للجدل و الحساسية الثقافية، اليس ذلك بدلالة على ان زماننا، و حورانا عبر الاديان و الثقافات، هو "المظلم"؟.
من السهل ان نشرح الاختلاف بين كتابات بيتر الحكيم و توماس اكوينوس من جهة و فقرة مانويل الثاني من جهة اخرى. ففي القرن الثاني عشر و الثالث عشر حين كتب بيتر الحكيم و توماس اكوينوس كانت المسيحية في تنامي. اذ كانت تعيد احتلال او تحتل للمرة الاولى اراضي من دول اسلامية اضعف. ( وخلال ذلك، بالمصادفة، فان العالم المسيحي هو من كان يقوم بمظم القتل و معظم "نشر الدين بالسيف") فقد كانت المسيحية تثق بقوتها بما في ذلك قوتها الثقافية. على العكس تماما عن ما كان يحدث في قسطنطينية عام 1400، حيث صمم مانويل و من سبقه على مواصلة معركة كانوا على يقين من انهم سيخسرونها.
فالاسلام كان يتقدم و الامبراطور كان تحت الحصار و الهيمنة المهينة من قبل المسلمين و المسيحيين الرومان على السواء. لقد كان في حرب لا يوثق فيها بعقلانيته او عقلانية اعدائه.
اذا فالسؤال الحقيقي هو: لماذ احس البابا بتقارب مع امبراطور تحت الحصار، في حرب، يحس بالاهانة و على الجانب الخاسر من التاريخ؟
اننا نأمل بان الغرب في حواره مع العالم المسلم لا يشارك نظرة مانويل بالوجوس القاتمة أو القناعة بان ظروفه التاريخية تتشابه مع ظروفنا. فان نعطي مصداقية لهكذا افكار سيحكم علينا ان نحيل" صراع الحضارات" الى نبوة تحقق نفسها بنفسها.
النص الأصلي هنا:
http://www.iht.com/articles/2006/09/24/opi...inion/edlag.php