هنا القاهرة
سلامة احمد سلامة
الأهرام
16 يوليو
لامفر من الاعتراف بحقيقة مفزعة, هي أن اسرائيل قد بدأت الحرب الرابعة أو الخامسة دون حاجة لإعلان حرب, وانها علي استعداد لشن الهجوم ضد كل الجبهات العربية. ولن يمنعها شيء اذا وجدت انها تحقق أهدافها بذلك مرة واحدة, وتتخلص من أعدائها الذين يقفون في وجه الاحتلال والتوسع الاستعماري, الذي ترسم حدود دولتها الجديدة علي أساسه الآن.
ولم تكن العمليات العسكرية التي قام بها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة, من دك البنية التحتية وفرض الحصار واغتيال وخطف العشرات قبل وبعد أسر جندي واحد من جنود الاحتلال, غير مقدمة لعمليات أوسع نطاقا لتوجيه ضربة قاصمة لحزب الله ولبنان, وجرجرة سوريا الي معركة فاصلة, تحسم من خلالها كل صور المقاومة, وتضع البداية الحقيقية للتعامل مع العالم العربي من منطق فرض الأمر الواقع.. إنها نفس السياسة التي انتهجتها المانيا النازية لغزو أوروبا بإشعال حرب عالمية.
ان الطريقة التي شنت بها اسرائيل هجومها الوحشي علي لبنان, والحصار البري والبحري والجوي, وضرب المرافق العسكرية والمدنية والمطارات وتدمير الطريق بين بيروت ودمشق, يتجاوز بكثير الرد علي عملية حزب الله التي لم تكن غير حلقة في سلسلة طويلة من المناوشات بين الطرفين.
ـ وتبدو اسرائيل مطمئنة الي قدرتها علي السيطرة علي جبهات الحرب التي فتحتها دون ان تخشي المساءلة, سواء من المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة, بل ودون لوم أو عتاب حتي من الدول العربية…
فقد أعلن بوش تأييده لحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها, لأن من حق الشعوب في القرن الحادي والعشرين21 ان تدافع عن نفسها علي حد قوله.. ومن الواضح ان الدول العربية ليست من هذه الشعوب في رأيه, ولهذا السبب استخدمت واشنطن حق الفيتو, وتجاهلت طوال الوقت جرائم اسرائيل, التي اختارت التوقيت الملائم لتوجيه ضربات موجعة لعالم عربي ضعيف منقسم علي نفسه.. لم يعد يمثل شيئا في موازين القوي في الشرق الأوسط, بل لم يعد يمثل شعوبه.
ونحن الآن في العالم العربي بازاء فريقين: فريق تمثله أغلبية صامتة من الحكومات المغلوبة علي أمرها, والتي تعتبر أي شكل من أشكال المقاومة مغامرة غير محسوبة وعملا غير مسئول تتحمل تبعاته الجهة التي تقوم به, مهما كان حجم الاعتداءات والاهانات المتكررة, وهي الحكومات التي رفضت منذ البداية التعامل مع حماس وانحازت الي موقف امريكا واسرائيل. وتري ان عملية حزب الله الاخيرة قد ورطت لبنان في كارثة محققة تتبرأ منها وتدينها.
وفريق آخر, يري ان الاستسلام لجبروت اسرائيل وبطشها ولعمليات الاغتيال والتدمير التي لايأبه المجتمع الدولي لعشرات الضحايا الذين يسقطون بسببها, لن يقود الي السلام ولن يوقف اسرائيل عن عربدتها بل يشجعها ويغريها علي المزيد.
قد تكون المنطقة علي أبواب حرب من جانب واحد, يتحمل مسئوليتها المجتمع الدولي وامريكا علي رأسه. ولن يعفي التاريخ دول الحكومات العربية الصامتة من مسئولية التهاون في حقوقها. غير ان هذا الانهيار لن يمنع الشعوب العربية من الوقوف الي جانب المقاومة ايا كان مصدرها, ومن تأييد الأطراف التي تؤيدها سواء كانت سوريا أو ايران أو حماس أو حزب الله, فالتحالف مع الشيطان أكرم من التحالف مع امريكا والنظم العربية المتخاذلة!
|