إلغاء الكفالة يثير غضب رجال الأعمال
نحذر من التطبيق قبل الدراسة
تحقيق: محمود النشيط
أثـار مقترح إلغاء الكفالة للعمال الأجانب الذي اعلن مؤخرا موجة من الغضب وحالة من الرفض الشديد بين العديد من المعنيين الذين دائما ما ينتقدون الإجراءات البيروقراطية للمؤسسات الحكومية، لاستصدار تأشيرات العمل ومعاناة الدوران بين هذه الوزارة أو تلك، ودفع الرسوم االمرتفعة، إلا أن تأكيدهم ضرورة وجود الكفالة هو مافتح باب استطلاع الآراء ومعرفة وجهات النظر من المعنيين.
وقد استشاط بعض المشاركين غضبا أثناء الحوار معهم تجاه بعض النقاط غير الواضحة نصا وقانونا مما يجعل الفرد لا يعي تماما ماذا تعنيه هذه الفقرة أو تلك المتعلقة بالمقترح حيث ارتأت الغالبية ان هذا المقترح يتعارض مع الكلمات البراقة التي تتغنى بسوق عمل واعد لجميع التجار ورجال الأعمال بمختلف مستوياتهم.
الآراء المشاركة التي جمعت من قطاعات مختلفة حملت جميعها آهات ما بعد تنفيذ القرار ومن يتابع تأوهاتهم يشعر من الوهلة الأولى بأن القرار قد نفذ بالفعل وأن ما يستعرضونه هو نتائج لواقع حقيقي وهم يتعايشون معه بالإحباط ساعة وبالأمل في إلغائه ساعة أخرى.
وإلى أن يحين موعد التطبيق حاولت «أخبار الخليج« ان تسجل بعض هذه الآهات عن قرب لتؤكد أن التجار ورجال الأعمال والمقاولين وغيرهم تنبأوا بالحدث قبل وقوعه.
حاجة السوق..
من الذين شاركوا معنا عبدالجليل العصفور صاحب إدارة عقارات فقال: الدول الأوروبية هي من أكثر الدول تحضرا وتقدما في تنفيذ العديد من القرارات ولاسيما ما يتعلق بالهجرة والجوازات، وتعتبر مسألة الفيزا والكفالة من الأمور الأساسية التي يركز عليها خشية أمور كثيرة. وما هو مستغرب في هذا المقترح أنه لن يكون عونا لمن يعتمدون على العمالة الوافدة التي تعتبر الكفالة أحد الضمانات من الحفاظ على استمرارية العمل من دون إنقاص أي حق من الحقوق.
ويضيف العصفور: بوقفة موضوعية مع السلبيات التي يخلفها العمال الوافدون ودراستها بموضوعية أكثر ستتضح الصورة بشكل أكمل وربما فيها بعض الجوانب التي ستكون حاضرة إذا ما طبق المقترح. فالآن من أجل الحصول على عامل وتحت كفالة صاحبه يتطلب منه دفع الكثير من الرسوم التي تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 300 دينار وهو مبلغ كبير جدا، فما بالك إذا ما صرف وقرر بعدها العامل تركك لأي سبب من الأسباب. إن الوضع الحالي وحاجة السوق تجعلنا ننظر إلى مثل هذه المقترحات بموضوعية أكثر لما لها من أهمية كبيرة تجنبنا الوقوع في ما لا تحمد عقباه. عواقب وخيمة.. أمـا جابر الطويل مدير عام مجموعة الطويل للمقاولات فقال: نحن نعترض على مثل هذه المقترحات، واعتراضنا مبني على عدة أمور أساسية ربما لا يشعر بها إلا الذين يشربون من كأس التعامل مع عمالة وافدة تتطلع إلى ما هو أفضل ولا تهتم بالتزامات أصحاب الأعمال مما يعرضهم إلى خسائر فادحة وكبرى، مع العلم بوجود مثل هذه الأمور منذ سنوات من دون حل. القرار السابق لهذا المقترح والذي يسمح بحرية تحويل الكفالة، كان في بعض جوانبه يحمل شيئا من الموضوعية على الرغم من أن الكثير من التجار ورجال الأعمال يتضررون منه وخاصة أن من يعمل معهم من الوافدين بشكل عام يتعرف بطبيعة عمله على قاعدة كبيرة من المعلومات التي ربما تكون خطرا قد يواجه هذا التاجر أو ذاك إذا تم افشاؤها من أجل بعض الدنانير التي تعطى إليه لتغريه.
وقال الطويل: المتابع لإجراءات جلب هذه العمالة التي تكون تحت كفالة الكفيل فهي ذات مسألة مريرة خاصة بعد أن عرف الكثير من الطرق الملتوية وطرق الابتزاز في ظل شحة بعض الأعمال من المواطنين. وأضـاف الطويل: نحن نتطلع إلى عقد اجتماع موسع تطرح فيه جميع الآراء السلبية منها والإيجابية ومن ثم نقرر حول إن كان القرار صائبا أو غير ذلك تجنبا لخوض غمار حالة جديدة من الفوضى في سوق العمل الذي يطمح الجميع إلى دعمه والارتقاء به لا محاربته وقتل طموح وتطلعات المنتمين إليه. وذلك تفاديا لعواقب وخيمة يمكن أن تدخل أصحاب الأموال من الكفلاء في دوامات جديدة هم في غنى عنها.
منافسة التاجر..
كذلك عبر جميل الصائغ (تاجر) عن امتعاضه الشديد تجاه المقترح وطالب بالنظر إلى ما يسمى بجزئيات المشاكل قبل طرح ما يمكن أن يكون المشكلة الأم، في الوقت الذي يعاني فيه قطاع كبير وهو قطاع التجار زحمة المنافسة التي تقوم بها بعض الوفود التي ربما تكون في منأي عن هذه المشاكل المرتقبة إذا ما نفذ المقترح وتجربة القانون السابق خير دليل على ذلك.
وأضـاف الصائغ: الآن في ظل الوضع القائم والتاجر البحريني يستغيث طلبا للعون والمساعدة في تصحيح أوضاع السوق والمنتمين إليها، بعد أن ملأ التجار الأحرار من دون كفيل (إلا بالاسم) السوق ومطلوب من الجهات المعنية، أن تدرس جيدا مثل هذه المقترحات. الآن المنافسة قائمة وسوف تعزز أكثر وسوف تمتد خسائر صغار التجار إلى الكبار منهم بعد ان يمتلئ القطاع بالعمالة الوافدة والمتحركة بكل حرية من أداء دورها القيادي والبارز في هذه المواقف. غرفة التجارة..
من جانب آخر يرى الدكتور: خالد العوضي صاحب صيدلية الخليج أن هناك جهات معنية لابد أن تكون حاضرة مثل هذه المواقف والنقاشات لما تمثله من أهمية بالغة على جميع المستويات وهي غرفة تجارة وصناعة البحرين، حيث ان الصورة مازالت داكنة مما يعني أن القرار ربما يكون في طريقه للتنفيذ، إلا ان بعض القوانين واللوائح يجب أن تطبق لمصلحة العباد والبلاد. ويضيف العوضي: إذا ما نفذ هذا التوجه في الوقت الراهن فإن الأوضاع سوف تختلف كثيرا، ولن يكون للجهات المعنية بمثل هذه القضايا مكان بعد ان قرر الآخرون خوض التجربة لأجل التجربة لا لمصلحة البلد وتفعيل النمو الاقتصادي من خلال توفير الأجواء اللازمة.
إلى الآن لا أحد يعرف لمصلحة من مثل هذه القرارات التي تحتاج إلى أكثر من متخصص لمراجعتها ودراسة جميع جوانبها في ظل وجود معطيات كثيرة حول الرؤيا المستقبلية إذا ما نفذت مثل هذه المقترحات. الكفالة هي شرا لابد منه في ظل وجود التزامات من أصحاب الأعمال والتجار واتفاقيات بين الناس، ومن يقول ضد ذلك تحت أي مسمى فإنه يستند الى حجج واهية، ومعطيات ومؤشرات الأسواق التي بين الارتفاع والانخفاض ربما تكون لها تبعات أكثر لا أحد يعلم مصيرها إذا ما طبق القرار.
هروب عمالة..
وتساءل جعفر خميس من مقاولات النذير عن مصير العمالة الهاربة وكم سيكون الرقم المضاف إلى القوائم إذا ما طبق هذا القانون الذي يساوي بين العامل البحريني والأجنبي في الكثير من الأشياء مما يوجد حالة من الإحباط بين الناس وهو أمر له تبعات كثيرة على مختلف المستويات. الآن صاحب العمل يدفع عن كل عامل أكثر من 300 دينار، وقد تعتبر الكفالة عند البعض بأنها لا تمثل ضمانة بينما بالنسبة لي هي من الأساسات المهمة.
ويواصل: سوق البحرين صغير ويجب ألا تقاس عليه الأسواق الكبرى التي لا يضرها شيء من إسقاط الكفالة أو حرية التنقل في ظل وجود تسهيلات كبرى مقدمة من قبل الحكومة للمستثمرين والتجار بمختلف مستوياتهم. ويضيف جعفر: نحن نتطلع إلى قرارات تسهل عملية الإجراءات لا مثل هذه القوانين التي لا يعرف الإنسان كيف يصنفها مما يوجد حالة من التساؤل عن أبرز المعايير التي تتبع عند التفكير في مثل هذه المقترحات.
إعادة نظر..
من جانبه قال سامي آل نوح صاحب مؤسسة سامي التجارية إن الكفالة للعمالة الوافدة هي ضمانة في وقت لا ضمان فيه بسبب هروب العمال وحصولهم على امتيازات كثيرة حتى بعد الهروب في الوقت الذي يطالب فيه رب العمل بدفع رسوم إضافية لعودته إلى بلاده، وهذه الأمور أوجدت حالة من التناقض الشديد مع أمور كثيرة يجب أن تكون.
رب العمل وصاحب المشروع يتطلع للارتقاء بعمله من خلال من يعملون معه، إلا أن منح بعض الصلاحيات للعمالة الوافدة بحريتها المطلقة سوف يوجد حالة من الفوضى الجميع في غنى عنها فالكفالة حصانة لصاحب العمل وإسقاطها يعني أن كل صاحب عمل أو مشروع معرض للخسارة، ولا أعتقد أن القوانين التي أسقطت يمكن أن تعوضه عن الخسائر. إضرار بالمواطن.. كذلك شاركت معنا إلهام سلطان سالم الفارس سيدة أعمال برأيها إذ تقول: هذا القرار إذا ما نفذ سيكون مجحفا في حق الكفلاء البحرينيين الذين لا يتوقعون مواجهة ومنافسة مع من كانوا تحت إمرتهم والآن أصبحوا يزاحمونهم في أعمالهم خاصة بعد أن كسبوا خبرة ودراية تامة في مجال العمل.
والقضايا العمالية العالقة في المحاكم كفيلة بقول «لا« لمثل هذه المقترحات التي باتت مرعبة من الآن، وهذا الأمر يدعو إلى دراسة مستوفية يتم من خلالها دراسة جميع جوانب المقترح وتقييم ما جمع من السلبيات والإيجابيات ليكون مرجعا يعتمد على إثره القرار. وهي ترى ان إسقاط الكفالة يعني فتح باب المنافسة غير الشريفة وإيجاد أجواء ذات مشاحنات دائمة، التي ربما تكون فيها الفائدة للجميع. مشيرة الى تطلع الجميع الى دراسة المقترح من جميع جوانبه وأن يتم تحليل جميع النتائج ليتم على إثرها تحديد الموقع بكل قناعة ورضا.
زيادة المشاكل..
ويرى عبدالحميد خليل السريهيدي - رجل أعمال أن إسقاط الكفالة سوف يزيد من حدة المشاكل العمالية القائمة التي تبحث عن حلول منذ سنوات وهي لا تقتصر فقط على أصحاب الأعمال والأموال من التجار بل ان امتدادها حتى إلى الناس البسطاء الذين يتعاملون مع خدم المنازل، فما هو حالهم بعد ان يحصلوا على مثل هذه المميزات التي لا أعتقد أنها تمنح في بلاد تبحث عن الآمان والاستقرار والحد من الجريمة والجريمة المنظمة بمختلف أنواعها، التي قد يقوم بها الأحرار من العمال من دون أن يتمكن أحد من تتبعهم عبر كفيلهم وهو ما يحدث الآن في ظل القانون الحالي.
الجميع ممن يعنيهم القرار يتخوفون على مصالحهم بعد أن وجدوا أن عمالهم لهم الحق في التنقل والبحث عن عمل من دون أي رادع قانوني يحد من مثل هذه التصرفات التي تفتح بابا للخسائر، وبدلا من تهيئة البلاد لتصبح سوق عمل جديد نرى الإحباط قد وصل مداه، الأمر الذي يدل على مدى خطورة المسألة وأهميتها في استقرار ونماء السوق بشكل خاص والبحرين بشكل عام.
خسارة المشاريع..
أمـا سيد حسن الدرازي إداري في مقاولات سيد كاظم الدرازي فقال: لا يملك رجل الأعمال أو التاجر صاحب الأعمال الكثيرة ضمانا لاستمرارية أعماله إلا الكفالة حتى تصبح الأمور جميعها تحت السيطرة، وخاصة ان القرار السابق الذي أجاز للعمال الانتقال بين الكفلاء والاعمال أوجد حالة من المتغيرات المتنوعة التي لم تسلم منها قطاعات كثيرة.
الموضوع يحتاج إلى دراسة متأنية وقرارات حكيمة ليتوافق مع المشاريع المستقبلية التي تتطلب وضعية خاصة للتعامل معها في ظل وجود معطيات كثيرة باتت تقلق أرباب الأعمال خاصة في ظل ندرة العمال لشغل بعض الأعمال المميزة التي اوجدت حالة خاصة لمن يعمل فيها. القرار إلى الآن لم تتضح معالمه وقبل أن نعمل على خسارة المشاريع ذات الاتفاقيات والغرامات في حال التأخير الذي يمكن أن توجده مثل هذه القرارات في أي لحظة، يجب على الجهات المعنية متمثلة في وزارة العمل والهجرة والجوازات أخذ الموضوع بأقصى درجات الأهمية لما فيه خير وصالح الجميع.
مشروع البحرنة...
من جانبها أشـارت هدى جناحي الرئيس التنفيذي لخدمات الشحن الشاملة والمسافرين قائلة: لاشك أن الجميع من ذوي الخبرة والتجربة يشاطروننا الرأي في أن المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية المتسارعة في مجال الإعمال والمنافسة الكبيرة بين الشركات قد أثرت على بعض الموضوعات وخاصة في مجال سوق العمل والذي تأثر بشكل كبير بسبب العولمة حيث زاد نسبة العمالة الأجنبية في دول المنطقة بشكل عام.
وأضافت جناحي: في هذا السياق فأن من الضرورة بمكان مواكبة هذه المتغيرات شريطة أن يتم تسخيرها في خدمة الإعمال بشكل عام وخدمة المواطنين البحرينيين من خلال الاستعانة بالعنصر البحريني وهو الأساس ومن خلال الاستفادة من خبرة بعض الأجانب من ذوي الخبرة والكفاءة في نقل خبرتهم الى البحرينيين، علما بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة مازالت تحتاج الى للعمالة الأجنبية وخاصة مهن السواق والعمال اليدويين لكي يتمكنوا من المنافسة مع الشركات الكبيرة والشركات الأجنبية. وختمت هدى حديثها قائلة: وعليه فأننا ندعم مشروع البحرنة ونرى أن السماح بانتقال العمالة الأجنبية بحرية سوف يؤثر على فرص حصول البحرينيين على وظائف بسبب حرية انتقال العمالة الأجنبية بدون ضوابط ونوصي بالشروع في وضع وبناء إستراتجية بعيدة المدى التي ننشدها جميعا في خدمة وطننا العزيز واضعين نصب أعيننا دعم الرؤية الثاقبة لجلالة الملك المفدى حفظه الله تعالى ورعاه.
حرية مطلقة..
وأخيرا مع إبراهيم العلي صاحب كراج الذي يؤكد أن الغاية المذكورة مع المقترح المنشور فيه عدة أمور غريبة لم نعهد أن نسمع بها كمبررات مثل حقوق الإنسان والحرية المطلقة في العمل، إلا أن إسقاط الكفالة تعني أشياء أخرى لا أحب أن أسبق الأحداث بها لأنها تشاؤمية جدا. الوضع الحالي للعمال وعلى الرغم من وجود الكفالة مقلق جدا، وعليه فإن معطيات ومؤشرات حرية التنقل بين الكفلاء قائمة والمطلوب جهود مشتركة لإعادة النظر في هذا المقترح قبل أن يتحول إلى قانون وتصبح المسألة أكثر تعقيدا وخاصة أن الجميع متفقون على هدف واحد، وهو المحافظة على القوانين وتطويرها للصالح العام، لأن إسقاط الكفالة يعني إسقاط المسئولية.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Articles.a...=163803&Sn=BNEW