عندما ترحلينَ معلنةً نفيرَ الجوع والعطش في روحي
تسرقينَ معكِ العقلَ فأصبحُ مجنوناً ...
وحيداً كقمرٍ في ليلةٍ شتوية ...
حزيناً كقطةِ شارعٍ مشردة ...
بعيداً كنجمٍ في فضاءٍ موحشة ...
عندما ترحلينَ عني وعن ملاذ حنيننا الأول
أرحلُ أنا عن الحجرة التي عرشت بها أرواحنا
لأنها أصبحت بعدكِ وطناً لجنون البردِ الذي يتصاعدُ من أنفاسهِ بخار الوحدة
وتكسوه ستائرُ العتمة ... مخفيةً أثاثها الفوضوي القديم ... الجديد
الذي أدمن وجودنا معاً .
أقول القديم : لأنه أثاثٌ معاصر حفرت عليه أيدي السنين إمضائها
وبصمت على جسدهِ ... أجسادنا كلما ضمتهُ وتوحدت معه .
وأقول الجديد : لأنهُ ظل حتى اليوم يجاري وجودنا , ويعمقُ ارتباطنا بهِ , ويخفي فحوى ألامهِ عنا
لأنهُ يعتقد أن الألم المستتر هو من يشطبُ فلسفة الرحيل التي يكرهها كما كرهنا رحيلكِ عنا .
هذه الحجرة التي تغفو بها الأحلامُ والذكريات وحيدةً تطوقها تراتيل الحزن
من أثاثها الذي لا يسترسل بالبكاء سوى في وقت الوحدة
أحاول دائماً أن أمضي إليها ... أو تمضي هي إليَّ , وكلانا يدركُ تماماً وقع اللقاء في النفوس المتعبة
كلانا يعي الحرارة التي لن يمطرها غيم الانتظار على صدرونا .
أقفُ عل باب ملاذنا الصامت كصمتي الثلجي
أرتبُ توتري... أضبطُ أنفاسيَّ اللاهثة
أدخلُ ... أدخلُ ... أدخلُ ولا أدخل هو تفكيرٌ يبقيني صامتاً مزروعاً في أرضي لا أبرحُ مكاني أبداً .
يخترقني الوجعُ من جميع جوانبي .... أشعرُ بنكهة الغصة المتواصلة لدخولي وحيداً

أفكرُ طويلاً ...

أتمعنُ ملياً ...


يغيبُ الوقتُ عني واسمعُ من جديد نفيرَ الجوع والعطش في روحي

أنتظرُ كثيراً ...

لا تعودين أنتِ

وأنا لا أدخل .


:wr: