وتحوّلت الدمعة إلى فرحة.. الفائزة بجائزة درّة البحرين:
أتوجه بالشكر والامتنان إلى القائمين على المشروع - مكالمة هاتفية (بخفاء) فتحت لأسرتي أبواب السعادة
كتب: محمد الساعي
«ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فرجت وكنتُ أظنها لا تفرج« هذه الحكمة هي أقرب ما يمكن أن توصف به تجربة سهير عبدالله البقيشي، سهير ذات الثمانية عشر ربيعا التي ابتسم لها الحظ أخيرا بعد معاناة طويلة، وظروف صعبة عاشتها وعائلتها، حتى انتهى بهم المطاف بغرفة صغيرة في بيت صديق لهم، لجأوا إليه عندما ضاقت بهم السُبل وتقطّعت بهم الأسباب، ليعيشوا فيها حياة اللاجئين.
فجأة أقبل طارِقُ الفرجِ.. وتبددت غيوم اليأس، تبددت إلى غير رجعة بعد أن فتحت لهم الدنيا أوسع أبوابها، واحتضنتهم رحمة الله بعد أن يأسوا من رحمة البشر، فنقلتهم من حال إلى حال، وأعادت الابتسامة إلى شفاههم.
كل ذلك مقابل مكالمة هاتفية واحدة!! مكالمة أجرتها سهير بالخفاء لبرنامج درة البحرين الذي عرض في شهر رمضان الماضي، مكالمة أخفتها عن والدها الذي لم يكن في هاتفه المحمول رصيد سوى خمسة دنانير استهلكت المكالمة نصفها! لكنها جعلتهم من أصحاب اليخوت، وصدق الله العظيم في قوله: (يرزق من يشاء بغير حساب). فما هي حكاية سهير؟ ولماذا طُردت وعائلتها من بيتهم؟ وكيف شاركت في البرنامج؟ وضع صعب أخبار الخليج زارت عائلة سهير البقيشي في البيت الذي لجأوا إليه بعد طردهم من سكنهم السابق، جلست العائلة البسيطة تسرد قصتها التراجيدية المحزنة.. المفرحة، وجلست سهير بحيائها الأنثوي تحكي حكايتها منذ البداية.
والد سهير كهل متقاعد، يعمل في أعمال يدوية بسيطة، لا يملك وحدة سكنية تأوي أسرته، فكانت بيوت الإيجار هي ملاذه، ومنذ تسع سنوات يعيش في بيت قديم متهالك استأجره بـ 40 دينارا بمدينة الحد.
ولظروفه المادية الصعبة، يحصل على بعض الدعم من جمعية الإصلاح وصندوق الحد الخيري، إلا ان هذه المساعدات لم تسعفه حتى لتوفير قيمة الإيجار، لذلك.. ومنذ عشرة أشهر لم يستطع دفع الإيجار، فتراكمت المبالغ، وفي يوم الاثنين الماضي، وبينما هو عائد من محافظة المحرق التي كان يبحث فيها عمن يجد فيه النخوة ويساعده في إيجاد حل لوضعه، تفاجأ - على حد قوله - برجال الشرطة وهم يبحثون عنه في البيت ويحملون حكما من المحكمة الصغرى المدنية يقضي بطرده وأسرته من المنزل، وبالفعل أخرجوهم من البيت وأغلقوا الباب، وبقي وأسرته في الشارع، في حين ان كل ممتلكاتهم البسيطة وثيابهم وحتى جوازاتهم والكتب الدراسية لسهير وأخواتها بقيت في الداخل وقد مُنعوا من الدخول لأخذها، وما زالت حتى الآن محجوزة في الداخل! ولعل المضحك في الأمر ان لديهم دجاجة صغيرة فوق السطح مازالت حتى الآن هناك لا يستطيعون إخراجها، وكل يوم يذهب الأب ليقذف لها بعض الحبوب عبر جدار السطح! لاجئون!! يقول والد سهير: عندما أخرجنا رجال الشرطة من المنزل وأغلقوا الباب خلفنا، بقينا في حيرة لا ندري أين نذهب، وليس لدينا غير ما نلبسه، فتوجهنا إلى جارنا يوسف المحمود وبقينا عنده عدة ساعات، ثم توجهنا إلى جارة أخرى قبل ان ننتقل إلى بيت صديقنا يوسف سرحان خليفة نايم، الذي استقبلنا هو وزوجته الطيبة بترحاب رغم صعوبة وضعه المادي وصغر مساحة بيته، ومنذ يوم الاثنين الماضي ونحن ضيوف عنده، لكن في الحقيقة كانت الدنيا قد أظلمت في عيني، وأنا أجد نفسي وزجتي وبناتي الثلاث وقد أصبحنا مشردين، لكني لم اغفل لحظة عن الدعاء وطلب الفرج من الله تعالى. مجرد اتصال! يتوقف حديث الأب هنا لنعود إلى سهير التي كان الفرج على يديها، فكيف كان ذلك؟ تقول سهير بخجل: كنت أتابع برنامج درّة البحرين في شهر رمضان الماضي، وكانت أمنيتي ان أشارك فيه ولو لمرة واحدة، وبالفعل اتصلت مع والدتي مرة واحدة، هي الأولى والأخيرة، وكانت على غفلة من والدي، وأجبت على بعض الأسئلة وتركت اسمي ورقم الاتصال، ومن ارتباكي لم يكن الصوت واضحا، ثم نسيت الأمر! وكأن اتصالي هو تحصيل حاصل ولم أكن أتوقع ان يكون هذا الاتصال هو فاتحة الخير. سيارة.. وفيلا.. ويخت بالفعل كان هذا الاتصال هو فاتحة الخير على أسرة سهير، مصداقا لقول الرسول (ص): «الرزق رزقان.. رزق تطلبه ورزق يطلبك«، ففي صباح يوم الثلاثاء الماضي، جاءتهم اتصالات من هيئة الإذاعة والتليفزيون، إلا ان هاتف الأب كان مغلقا، وعندما فتحه وجد فيه رسائل نصية تخبرهم بضرورة الاتصال على هاتف محدد، لكنه لم يعر الموضوع أهمية في البداية وخاصة انه لم يكن يعلم باتصال ابنته بالبرنامج، ومع إصرار زوجته - التي كانت قد حاكت المكالمة مع سهير - اتصل بالرقم المحدد فسألوه عن بعض البيانات والرقم الشخصي لابنته - كون اسمها في التسجيل لم يكن واضحا - ثم اخبروه بأنها فازت بألف دينار في برنامج درة البحرين وأن هناك فرصة للفوز بالجائزة الكبرى.
لم تكن سهير قد عادت حتى تلك اللحظة من المدرسة، ولم تكن تعلم بعد بالخبر الذي ينتظرها بعد ان اعتادت على تلقي الأخبار السيئة في الأيام السابقة، تقول سهير: عندما عدت أخبرني والداي إنني فزت بمبلغ ألف دينار، لكني لم اصدق الأمر، وكنت أقول لنفسي إنها مزحة من أحد، فبادرت بالاتصال على نفس الرقم، وحينها تأكدت بالفعل، وطلبوا منا الحضور مساء الأربعاء للسحب على الجائزة الكبرى وهي سيارة وفيلا ويخت! .. وجاء الفرج تتابع سهير: ذهبنا يوم الأربعاء الماضي إلى مبنى هيئة الإذاعة والتليفزيون، وبعد انتظار بدا لي طويلا، وقلق نال من كل خلجاتي دخلت قاعة الانتظار، ومن المواقف الطريفة التي أتذكرها انه كان إلى جانبي شاب أخبرني ان هناك جائزة بـ 600 ألف دولار، فأخبرته بأنني لا أفكر بها ولا أتوقعها من الأساس، فقال مازحا: إذا ما فزت بها.. هل ستوزعينها علينا؟! أجبته بثقة: نعم!!. لحظات مرت أشبه بالدهر ونحن ننتظر السحب على الجائزة الكبرى، وجرى السحب بالفعل.. وقُرأ الاسم. لحظتها شعرت بمشاعر شتى تتلاطم في أعماقي، تصورت حينا ان من قرأ الاسم قد أخطأ، ثم كذبت أذناي وقلت إنني أحلم، تلفت حولي ابحث عن كرسي اجلس عليه، لكن عبارات التهنئة جعلتني على يقين مما سمعت، وتدريجيا بدأت استوعب الأمر وأعيش الفرحة التي بدأت بها أنسى هموم الأيام الماضية.
كلمة شكر عائلة سهير تعيش منذ إعلان الجائزة فرحة كبيرة، فرحة بالفوز وأخرى بالفرج، وهذا لم ينسهم ان يستغلوا هذه الفرصة لتوجيه شكر خاص لعدة جهات، يقول والد سهير: أولا أشكر الله سبحانه وتعالى الذي أنقذنا من محنتنا وفرّج عنا كربتنا، وثانيا أقدم خالص شكري وامتناني إلى الرئيس التنفيذي لمشروع درة البحرين والى جميع المسئولين في المشروع و إلى كل من كانت له بصمة في هذه الجائزة، فما حدث كان أشبه بالمعجزة أو الحلم.
أما الشكر الخاص والحار فأوجهه إلى الأخ يوسف سرحان وزوجته إيمان الذين استقبلونا في بيتهم المتواضع وفعلوا معنا ما لا يفعله الأخ مع أخيه رغم ضيق بيتهم وصعوبة حالهم، وهذا ما لا يمكن ان اقدره بثمن ولا استطيع شكرهم عليه مهما قلت وفعلت، كما اشكر جاري اللذين استقبلانا في بداية الأمر لولوة الكوس وإسماعيل الريس.
أما سهير فلديها من تشكره أيضا بعد الله تعالى ومسئولي مشروع درة البحرين، وهم أصدقاؤها الذين وقفوا معها عندما واجهت المشاكل مثل سارة عيسى وصديقتها خديجة اللتين كانتا تحضران لها المستلزمات عندما طُردوا من البيت وحُجزت أغراضهم، وكذلك وجيهة الموسى ومريم الكوهجي ومريم علي، وأيضا معلمتها والمشرفة في مدرسة الاستقلال لما وجهاه لها من دعم. يخت.. للبيع ما الذي ستفعله سهير بالجائزة؟ لم يدم تفكيرها طويلا، بل أجابت على الفور: بالطبع سأبيع اليخت، ثم أتدرب على قيادة السيارات حتى يمكنني استخدام السيارة التي وعدونا باستلامها قريبا، أما الفيلا فإننا ننتظر استلامها بعد عام واحد كما أخبرونا.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Articles.a...=157823&Sn=BNEW