حافظ الشيخ صالح

هذا هُو العهد الإمبرياليّ الثلاثيّ اللعين في الوطن العربيّ، وفي إقليم الجزيرة العربية والخليج، يضرب أوتاده ويُمدّد خيامه الـمُتشابكة الظلماء: عهد الإمبرياليّة الأمريكيّة، وعهد الإمبرياليّة الصهيونيّة، وعهد الإمبرياليّة الفارسية/ الصفوية/ السبئية (نسبة إلى المؤسّس الأوّل عبداللّه بن سبأ).

كل هذه الإمبرياليات الثلاث هي مُجمِعة على العداوة لنا، نحن العرب ونحن أكثرية العروبة والإسلام، ولكنّ الأنساق تتعدّد وتتنوّع فيما بينها، فنسُق تكون العداوة فيه واضحة بين الإمبرياليتين الصهيونيّة والأمريكيّة من جهة والإمبريالية الفارسية/ الصفويّة/ السبئية من الجانب الآخر، وتارة تكون المودّة هي النسُق الآخر الحاكم بين الجانبين، ولا غرابة هاهنا ألبتة، فحتى بين الصهاينة وحلفائهم الحميمين الأمريكان تظهر أحياناً ومراراً وتكراراً بعض العُقد والصعوبات، ومَنْ لا يبصر هاهنا، منذ الإطاحة بالرئيس الصامد صدّام حسين، التنسيق بين الأمريكان وبين الفرس/ الصفويين/ السبئيين، في غزو العراق وفي تبديل النظام فيه وإدارة البلاد حتى اليوم، وقبل ذلك في الغزو الأمريكي لأفغانستان، وكيف تواطأ، من غير حاجب ولا حاجز، الفرس/ الصفويون/ السبئيون مع الغزاة الأمريكان، فإنّ عليه في الحالين تطهير عينيه جيّداً من القذى وتنظيف رؤيته من غبشها.

هذه الإمبرياليات الثلاث كل منها مشغولة بتطورات الصحافة والإعلام في هذا الإقليم (وفي الوطن العربي بعامة)، فهي تلاحظ القديم وتتابع الجديد، وفي سفاراتها (ومكاتبها الخفيّة والسريّة) أضابير تفرز فيها الصحافيين والصحافيات، بين صديق لها وعدوّ، بين مُنخذل طريّ العود وبين صامد صمود الصخور، بين قابل للشراء والاكتراء وبين عصي على الشراء والاكتراء، بين قابل للاستمالة والكسب وبين شديد العناد، من جانب هؤلاء الإمبرياليين البدائيين الهمج العلوج.

وكل من هذه الإمبرياليات الثلاث (وهاهنا في هذه الوجهة ونحو هذا الأفق فإنّ الامبرياليتين الأمريكية والصهيونيّة بالذات تتحركان اليوم في الخليج والجزيرة العربية مُتعاونتين في هذا الميدان مُباشرة وكفا بكف) تتطلّع كل منها للإصدارات الجديدة، وتحاول الاستحواذ على سياساتها من صوب أو آخر، من ثغرة أو أخرى، من طريق عميل من الطابور الخامس أو آخر، فلا يُمكن ترك الإصدارات الجديدة في الفضاء هكذا نسياً منسيا، ولا يُمكن إهمالها أو الغفلة عن شأنها ومتابعة تطوراتها مُتابعة دقيقة حميمة نابهة. فإنْ كانت ستكون فضيحة مكشوفة واضحة، مردودها السالب أكثر من مردودها الـمُوجب، وضرها أكبر من نفعها، هو السيطرة على كلّ الجريدة، فلا أقل من تسلل و«تسليل« بعض عناصر الطابور الخامس إلى داخلها، وإلى مقالاتها وأعمدتها، وتركيز أرجل هذا البعض هنالك، برواتب خيالية أحياناً، هي لا تستقيم بتاتاً مع المقام والكفاءة، بأيّ معيار مهنيّ صارم أو سليم، سواء أكان «الطابور الخامس« المعني هاهنا هو طابور خامس الصهاينة والأمريكان أم طابور الفرس/ الصفويين/ السبئيين، فكلاهما بينه وبين الآخر خصومات أو اختلافات (نبصرها الآن في موضوع الملف النووي الإيراني مثلاً) لكنْ كلاهما يكون سعيداً بالتعاون مع الآخر، والتنسيق معه على طرائق مُتنوّعة ميدانيا، عندما نكون نحن العرب، أو المصبّ الرئيس أيْ أكثرية الإسلام والعروبة، هُم الهدف وهُم المطلوبة رؤوسهم، على ما حصل، ولايزال يحصل، نبضةً نبضةً بالضبط، في العراق وفي أفغانستان.

مع تراكم فلانة البحرينيّة (الفاشلة مهنيا فشلاً ذريعاً حتى في أداء ألف باء رسالتها الأمريكية/ الصهيونية)، مع الدكتور فلان المصري، المُتأمرك/ الـمُتصهين، على المستويين الواسعين عربيّاً وعالميّاً، نلاحظ هاهنا أوّل ثغرتين يفتحهما في جدار مطبوعاتٍ طازجةٍ الطابورُ الخامس الأمريكيّ/ الصهيونيّ، بإيعازاتٍ وإملاءاتٍ من «السفارة« الأعظم المعلوم اسمُها، ومعها «المكاتب« التابعة لها ، بل «السراديب« السريّة، أو على الأقل هذه الباقية على سريّتها إلى أجل مجهول وحتى إشعار آخر، يديرها شراذم أقزام من العملاء، من مُواطنين مأمورين، ومن مُواطنين ومن ورائهم علوج آمِرون يسوقونهم إلى حيث يشتهون بفرقعة الكرباج والخيزرانة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=153621&Sn=shkh