تحيه للزميل الكريم ابو عمار (f)
عزيزي ابو عمار ,, كيف لانسان لا يؤمن بالاله ولا بالجنه والنار او اليوم الاخر ان يؤمن بجزء هو الاكثر اغترابا في التفكير الديني
اقتباس:هل يؤمن الملحد بوجود شياطين أو ملائكة؟
لا , طبعا لا يؤمن الملحد بوجود جن او شياطين او ملائكه , والمقصود بالوجود هو الحقيقي الموضوعي الذي يتفارق مع الوجود الذاتي كفكره في الراس يمكن ان تناقش او توصف بشكل استنباطي ولكنها لا تتجسد بشكل موضوعي
اقتباس:وهل يختلف الالحاد من شخص لآخر :يعني أن نجد ملحدا ما يؤمن بالجن وملحد من مدرسة أخرى لا يؤمن وهكذا....
نعم الالحاد يختلف من شخص لاخر في الجزئيات ولكن لا يوجد ملحد يؤمن بالجن او بغيره من الكينونات الفكريه الاستنباطيه التي لا يمكن ان يكون لها وجود موضوعي - بمعنى ان تكون قابله للملاحظه الجماعيه
غير اني اود ان افصل قليلا , بان هناك الكثير من المذاهب والاتجاهات الفكريه العقائديه التي تشترك جميعا في رفض فكرة الجن والشياطين والملائكه رغم انها تتباين فيما بينها حول الاسبقيه المنطقيه في الوجود اهو للماده بمفهومها الفلسفي - وهولاء ملحدون تماما - وانا منهم -ام للفكره بوصفها كينونه غير ماديه - مما يتفرع عن هذه النظره- فلسفه مثاليه بشقيها المثالي والموضوعي
والدين بشكل عام ينتمي الى تفرع الفلسفه المثاليه الذاتيه
وقد اجابك زميلنا الختيار من وجهة نظر مثاليه موضوعيه !
عزيزي ابو عمار
قد يصعب فعلا في مقاله بسيطه شرح الكثير من وجهات النظر حول السؤال الاساسي في الوجود
لكن الاجابه الوحيده في هذا المضمار غير ممكنه لان طبيعة العقل البشري تفترض الثنائيه ولا مجال للتوحد في كلية التجريد المنطقيه
وللتفريق بين نوعين من الوجود في تناول العالم الخارجي المحيط , لا بد لي من التركيز على الوجود الموضوعي للاخر الذي لا يعتمد وجوده علينا , في مقابل الوجود الذاتيفي , اي في العقل الانساني
كلاهما حقيقي ولكن الاول فعلي والاخر خيالي- بمعنى انه مستنبط من التحليق في الفكر دون ان يكون له مصدر خارجي للانعكاس
ثم هناك فارق اخر في تناول الاخر - يتلخص في المصدر المعرفي للتجريد - اهو نتيجة لانعكاس من الخارج ام انه متولد نتيجة لتجريد عقلي
فالكليات التجريديه التي تبدا من التعميم اثناء الانتقال من الوحيد الى الخاص فالعام مثل كليه النبات او الحيوان او الحياه , ثم ما لا تلبث ان تزداد تعقدا وتركيبا مثل كليا ت الزمان والمكان والوجود والعدم والاله - هي كليات استنباطيه تنشا نتيجة للتفكير العاقل بفعل نشاط عضو التفكير الا وهو الدماغ
وطبيعة العمليه التفكيريه ترتكز على التضاد الذي ينشا نتيجة التمايز والوعي بالذات واستقلالها عن الاخر حيث تنشا ( الانا *)
من هنا يكون الوعي محتوما بالمقارنه , نتيجة تعرفه على الاخر وهنا يتموضع التفريق والمقارنه والتوازي
وما دامت الثنائيه بالتضاد هي مرتكز اساسي للوعي فان اي تجريد لا يمكن ان يقابله تضاد يصبح مستعصيا على الوعي كمعرفه وان كان له مكان في العقل كفكره
لكن المدهش في الامر ان الفكره نفسها وان كانت وليدة التفكير فهي تحاول التموضع - اي بمعنى ان تكتسب فعلا
فان كنت تؤمن بالجن فسوف تجدهم حولك ومعاك من خلال التاثير السيكولوجي لحامل الفكره
وان لم تكن مؤمنا بهم فلن تجدهم اطلاقا
وهذا بدوره يدلل على ارتباط الفكره المجرده بصاحبها وتاثيرها عليه
وما ينطبق على الجزئيات الايمانيه من شياطين وملائكه وجن ينسحب ايضا على الكليه التجريديه الاساسيه لمفهوم الاله او المطلق
لكن التفكير العقلاني للتدقيق الوصفي للفكره التجريديه الكليه - الاله - يجبر الفكره نفسها على التنازل عن مطلقيتها ,حيث تنشطر الى كليات تجريديه اقل تعميما
وهنا يبدا التناقض بينها في حالة وصفها ومحاولة وعيها
من هنا يمكن التفريق بين المدارس المختلفه في شرحها لطبيعة العله الاولى- كما تسمى - رغم انه لا توجد عله اولى ولا ما يحزنون الا في التفكير التجريدي الذاتي
لهذا ترى المذاهب الدينيه وغير الدينيه التي ترتكز الى الفلسفه المثاليه الذاتيه تتناحر فيما بينها وتتصارع فكريا في تناقض مستمر للصفات ومحاولات التجسيد للفعل الالهي الجزئي كنتيجة لخروج فكرة التوحد المصمته من اطارها حتى تكون ماده للوعي الذاتي
اتمنى ان اكون قد قدمت شيئا
ودمتم سلامين
تاكهنين