وزارة الخارجية الامريكية تسعى لفتح حوار مع الاخوان الملسمين في مصر



كشفت مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة المصرية القاهرة لصحيفة "الشرق الأوسط" أن وزارة الخارجية الأمريكية أعدت مذكرة تدعو لفتح حوار سياسي مباشر ودائم مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا في مصر، مشيرة إلى أن هذا التوجه يأتي في ضوء الاهتمام الأمريكي بالإصلاح السياسي في مصر، حيث ترى واشنطن أن الإخوان من أكثر الفصائل قوة في الشارع المصري.

ونقلت الصحيفة الأحد 3-4-2005 عن المصادر أن المذكرة نصحت الإدارة الأمريكية بضرورة فتح حوار مباشر مع قيادات الجماعة ودعوتهم لزيارة الولايات المتحدة والتوصل معهم إلى مفاهيم مشتركة لسياسات الإصلاح في مصر وسياسات المنطقة والقضايا الدولية.

ووفق المصادر، فإن المذكرة أوضحت أنه سيكون من الأخطاء التاريخية استبعاد فصيل الإخوان المسلمين أو التعامل معهم بصفة عدو للمصالح الأمريكية، ورأت أنه يجب العمل من الآن على النظر إلى القيادات أو الجماعات الدينية بأسلوب مختلف، وأن الإدارة الأمريكية يجب ألا تسعى إلى التصادم المباشر والعلني مع كل القيادات الدينية؛ لأن من شأن ذلك أن يزيد من حدة العداء ويقوي الرغبة في القيام بعدد من العمليات الإرهابية ضد المصالح الأمريكية، وأنه من الممكن العمل على احتواء هذه التيارات الدينية إذا كان هناك مجال للحوار، وأن يتفهم الدينيون طبيعة السياسة الأمريكية ومفهوم الاستقرار الذي يجب أن يسود في الشرق الأوسط، وأنه يمكن أيضا النقاش مع هذه التيارات الدينية حول مفاهيم التطبيق الديمقراطي وإزالة الشوائب أو الأفكار الجامدة.

وأكدت المذكرة أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من التيارات الدينية مثل الإخوان الذين يحظون بشعبية مهمة في مصر، وأن جلسات الحوار مع قيادات الإخوان يجب أن تكون منتظمة ودائمة، وألا تستمع كثيرا لتحذيرات الحكومة المصرية بعدم التعامل مع هذا التيار.

البعبع للتبرير

ورأت المذكرة أن المحاولات التمهيدية الأولى للحوار مع جماعة الإخوان التي تمت في السنوات الماضية كان لها بعض النتائج الإيجابية، إلا أن ذلك لم يمنع أن هناك بعض المشكلات الأساسية في التوصل إلى الفهم المشترك، وأن تحذيرات الحكومة المصرية لم تكن جادة طوال الوقت، خاصة أن الحكومة تسير ببطء في إجراءات الإصلاح السياسي، وتعمل دائما على تصوير أن هناك "بعبعا" في مصر يسمى تيار الإخوان أو التيار الديني الأكثر تنظيما، وأن الحكومة تسيطر على هذا التيار تماما، إلا أن فائدة هذا "البعبع" هي أنه يبرر للحكومة أن تتدخل في أي انتخابات لتقوم بتزويرها أو الحد من إجراءات ضمانات الشفافية في هذه الانتخابات، وأن الهدف الرئيسي من ذلك هو أن يظل أشخاص الحكومة يتمتعون بنفس المميزات وبذات المناصب القيادية، حيث إن هناك خشية من أن تؤدي الانتخابات الحرة والنزيهة إلى الإتيان بأشخاص غير مرغوبين من الحكومة وهو ما يحد من نطاق الامتيازات والسلطات.

وأكدت المذكرة أن الحكومة المصرية يجب أن تعمل على أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وأن تقبل بهذه النتائج أيا كانت طبيعتها؛ لأنها تعبر عن الإرادة الشعبية.

وحسب المصادر فقد طلبت الخارجية الأمريكية من السفارة الأمريكية بالقاهرة إجراء اتصالات تمهيدية أولية مع بعض قيادات الإخوان في مصر تمهيدا للانتقال إلى فكرة الحوار المنظم. واعتبرت المذكرة أنه بعد التوصل إلى تفاهم مشترك بين الإخوان والإدارة الأمريكية فإنهم سيسعون إلى الضغط على الحكومة المصرية من أجل إطلاق قنوات التعبير الحر أمام قيادات الإخوان، وأن يكون للإخوان دور في الحياة السياسية في مصر مثل أي تيار آخر.

وفي مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نشرتها السبت 26-3-2005، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس: إن سياسة بلادها في الضغط من أجل الديمقراطية عالميا مستمرة، مشيرة إلى أن المخاوف من أن متطرفين إسلاميين قد يصلون إلى السلطة لا تغير شيئا.

وأوضحت رايس أنها لا تعير اهتماما لمخاوف من انتصار الإسلاميين المتشددين وحلولهم مكان الأنظمة القمعية، معربة عن "شعور قوي ومؤكد أن الشرق الأوسط لن يبقى مستقرا في جميع الأحوال". وأضافت أن جذور التطرف هي في "غياب القنوات البديلة للنشاط السياسي".

واعتبرت أن إمكانية التنافس في الانتخابات القادمة في مصر تشكل عنصرا أساسيا من عناصر الديمقراطية، لكنها لفتت إلى أن انتخابات مصر "لن تكون مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التنافسية".

الحوار بشروط

من ناحيته، أعلن النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر الدكتور محمد حبيب في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" أن جماعته لا ترفض الحوار على مطلقه مع الإدارة الأمريكية، ولكن رهن أن يتم عبر وزارة الخارجية المصرية وبحضورها.

وفي رده على ما قالته المذكرة، من أن حوارا تمهيديا تم بين الإدارة الأمريكية والإخوان منذ سنوات قال حبيب: "إن هذا لم يحدث، ولم يكن ثمة حوارات من أي نوع بين الإدارة الأمريكية والإخوان"، مؤكدا أن جماعته ترفض أي ضغوط أو مبادرات إصلاحية تأتي من الخارج، وموقفها ثابت ولن يتغير في هذا الشأن، وأنها لا تعول من بعيد أو قريب على أي تصريحات، وأن أجندة الإصلاح في مصر لا بد أن تكون وطنية.

وحول طلب الخارجية الأمريكية من سفارتها في القاهرة إجراء اتصالات تمهيدية أولية مع بعض قيادات الإخوان تمهيدا لإجراء حوار منظم قال حبيب: "لا نعلم شيئا عن هذا، ولم يتصل بنا أحد، وعلى الجميع أن يعرف أننا لا نتعامل مع السفارة الأمريكية، وأن من يريد أن يتصل بنا فعليه أن يأتي عبر الخارجية المصرية".

وفيما أكدت التقارير من وجهة النظر الأمريكية أن المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من التيارات الدينية مثل الإخوان، قال حبيب: إن الإخوان بصرف النظر عما يقوله الأمريكيون فصيل سياسي له ثقله وامتداده وانتشاره في الساحة المصرية، ومن ثَم فإنه من الأوفق أن يتم حوار لمصلحة مصر ودورها الإقليمي.

وأكد "حبيب" أن الإصلاح في مصر لا يتم إلا من خلال تيار شعبي قوي وعام قادر على استرداد حقوقه وبمشاركة إيجابية من صنع الحياة السياسية، مشيرا إلى أن جماعته لخصت مطالبها في ضرورة إزالة الشروط التعجيزية الواردة في خطاب الرئيس بشأن تعديل المادة 76 التي تمنع أي مواطن من الترشيح أمامه. وقال: نريد أيضا تغيير المادة 77 الخاصة بفترة الرئاسة، وبعض المواد الأخرى المتعلقة بصلاحياته وبمساءلته أمام البرلمان، مع ضرورة أن يتواكب مع ذلك إجراء حزمة من الإصلاح السياسي تتضمن إلغاء حالة الطوارئ وإطلاق الحريات العامة، من حيث إنشاء الأحزاب وإصدار الصحف وإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية الموصومة بسيئة السمعة.

وشدد حبيب على أن جماعته مستعدة للحوار والتواصل مع كافة القوى السياسية والوطنية في مصر بما في ذلك الحزب الحاكم بما يدعم الإصلاح في مصر ويزيل عملية الانسداد السياسي الموجود حاليا في مصر، وبما يؤدي إلى نهضة مصر وتقدمها ورقيها