المذاهب الثمانية هي مذاهب الفقه -لا مذاهب الأصول التي افترقت بالأمة فرقا وطوائف شتى!-، وهي مذاهب تتحد في أصولها العلمية، وتتعدد في أحكامها العملية، وهي المذاهب السنية الأربعة إضافة للمذهب الزيدي (مذهب الإمام الهادي وله أتباعه في اليمن) والمذهب الأباضي (وهو من بقايا مذهب الخوارج وله أتباعه في عمان والجزائر) والمذهب الإمامي (مذهب الشيعة الجعفرية) والمذهب الظاهري (مذهب أبي داود وابن حزم) فهذه المذاهب تختلف يسيرا في الفروع، وتلتقي في قواسم عريضة، بخلاف الحال مع الدروز والعلويين والإسماعيلية وغيرها من الفرق الباطنية فهذه لا تلتقي معنا في أصل ولا فرع -من ناحية دينية لا إنسانية-إلا في يسير من العموميات التي يؤولونها تأويلات باطنية تبعثر نقاط الاختلاف وتجعلها بلا معنى!!
موضوع إمامة المرأة في الصين الذي تشير له الزميلة وميض يتعلق بمصليات النساء، أي انها تؤم النساء لا الرجال، ولعلها لم تنتبه لهذه الفقرة الأخيرة من الرابط الذي تشير إليه: (
مصلى النساء صغير، لكنه يعلب دورا هاما في حياة النساء المحليات، تدرس 5 فتيات على يد "جين مي هوا" يوميا القرآن الكريم والسنة والفقه والشريعة، وتصلي 40 أو 50 مسلمة معها دائما، أعمارهن من بضع عشرة سنة إلى فوق الستين سنة.)
أما موضوع تقدمها لمنصب مساعد الفتيا، فلا اعتراض، بل من حقها أن تستلم منصب المفتي نفسه إن كانت لديها الأهلية لذلك، فما أحد من فقهائنا قال أن هذا المذهب حكر على الرجال، ولعل شأن عائشة فيما كانت تستدركه على كبار الصحابة يؤصل هذه الفتيا بما لا يدع مجالا لتردد
على أنني ها هنا أنبه لأمر هام:
لا تؤدلجوا موضوع (حقوق المرأة) فليست القضية ثورة عمياء، وتعصب لهوس الجندرة الأحمق!
من كانت لديها الأهلية لشغل المناصب العامة، ولم يكن ذلك على حساب وظيفتها الأولى فحيهلا، ومن تنازلت عن هذا الحق لصالح وظيفتها الأولى فهي حرة، بل أكثر حرية ممن تضحي بأنوثتها لمجرد أن تشارك الرجل في وظيفة قد لا تكون هي أو مجتمعها مهيئين لتأدية استحقاقاتها في المرحلة الحالية كما يجب...
الحق ليس واجيا، ومن عجب أنني أرى نسوة يضحين بزواجهن وأمومتهن وحياتهن الأسرية المستقرة في سبيل المنافسة على مثل هذه المهام، تحت ذريعة الحرية، متهمين من لا يصنع صنيعهن بالاستكانة والضعف، بينما يصعب عليهن بمنظار الحرية نفسه أن ينظرن إلى أخواتهن اللائي يعطين إلى الحياة الزوجية والأسرية أولويتهن مضحيات بحقوق ثانوية لا يقدمن من خلالها كثير نفع لمجتمعاتهن وللإنسانية جمعاء!
فبالله عليكم من أحق بالشفقة من الآخر:
من تضحي بحقوق ثانوية (تولي المرأة الرئاسة، مشاركة المرأة في مباريات المصارعة الحرة! تمرد بعض النسوة ومطالبتهن بالتبول واقفا كالرجال في مراحيض عامة! إطلاق القبلات للقريب والبعيد من الرجال بحجة الحرية! استخدام عبارات الذكور الخشنة في الحوارات العامة والخاصة مساواة واستحقاقا!) في سبيل الحفاظ على مملكتها الأولى، دون أن تحرم نفسها من أي من الحقوق الثانوية حيثما شعرت أن فائض وقتها يتسع لها لتفرغ أسري أو ظرف طارئ أو ثقافة مجتمعية مشجعة ودافعة...
أم من تقضي ثلاثين أو أربعين سنة من عمرها مضحية بالزواج والأسرة والسكن النفسي لمجرد هذه الرغبة المهووسة بما تسميه حرية!!؟
هل سيأتي يوما على بعض المهووسين بفوبيا الذكورة، وقميص حقوق المرأة، يستنكرون على ربهم أنه قال:(وما أرسلنا من قبلك إلا رجال نوحي إليهم)؟!
هل سيأتي يوما عليهم يستنكرون انه هو الله سبحانه، فيرون أن ضير التذكير (هو) سهما يستهدف حقوقهن المضطربة؟!
هل سيأتي يوما نرى العقدة النسوية لدى بعض المرضى تحتج على تحمل المرأة وحدها آلام والوحم والحمل والولادة والطمث وسائر الخصوصيات التي تتعلق بالأعراض المستتبعة للمميزات البيولوجية النسوية؟!
هل ستكون أكذوبة (الجندر) هي الحل آنئذ؟!
ولماذا على تلك النسوة اللائي يحسبن أنفسهن كاملات العقل دون أخواتهن! أن يحاكين الرجل في شأنه كله، سمتا وأخلاقا وألفاظا ورياضة ومواهب ووظيفة؟!!
لماذا لا يكون العكس مثلا؟
قلتها مرارا وها أنا أعيدها تكرارا:
إن المطالبة الكاذبة بالمساواة مع الرجل هي إهانة للمرأة والله!
ما الذي في الرجل حتى يكون هو المقياس، وحتى تطلع دائما هي لمحاكاته وتقليده فيه؟
لماذا لا يتطلع هو لتقليدها في شأنعا باسم المساواة؟ أم هو إقرار ضمني منها بضعفها دونه، ونقصها بين يديه، وتفوقه عليها في كل شأن!!!!
لماذا لا تستظل بظلال قوله تعالى: (بما فضل الله به بعضهم على بعض) فترى أن الرجل فضل على المرأة بأمور، وهي قد فضلت عليه بأمور، وأنه لا فضل لأحد منهما على الآخر إلا بقدر ما يقوم بما عليه من واجب، أما تلك اللهجة الاستكثارية النهمة المادية والتي تطالب الآخرين بالحقوق دون أن تفكر للحظة بما عليها من واجبات فهي قيمة رأسمالية دنيئة....
قيمنا تحثنا على أداء الحقوق فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته...
فقهنا يأمرنا بأداء الواجبات، وفي سياق أداء الواجب من كل طرف نحو الآخر تأتي الحقوق سلسة دون حاجة لدوائر حقوقية وقضائية...
لماذا علينا أن نعيش في جمأة الصراع حتى في نطاق الأسرة والمجتمع؟!
صراع مع الله في التعدي على ألوهيته وربوبيته..
وصراع مع البيئة في التعدي على توازنها الطبيعي...
وصراع مع الحياة في التعدي على سننها الفطرية..
وصراع مع الإنسان في التمرد على إنسانيته أو الحط منها والعدوان على حقوقه الآدمية!
أكان علينا أن ننظر لكل شيئ في الوجود من منظار الصدام؟!!!
أين منا منهجية (ادخلوا في السلم كافة) الإسلامية؟
سلم مع النفس فلا فصام ولا ازدواج ولا شوفينية ولا نرجسية...
وسلم مع الكون المسخر لنا بأمر الله فلا صراع من أجل البقاء لأن الله خلق الأرض وقدر فيها أقواتها ففيم نصارع على ما كتبه الله لنا أزلا؟
وسلم مع الإنسان طالما هو يحفظ حدوده الآدمية ولا يبدؤنا بعدوان وأذى..
وسلم مع الوجود الذي برأه الله وسن فيه السنة التس سنها فينا والخلق كلهم عيال الله أحبهم إلى الله أنفعهم لخلقه...
سلم مع الطبيعة، فحتى الشجر والمدر والبهائم آمنة من أن تنالها نيران جيوشنا ولو كنا نخوض أشرس المعارك مع الأعداء...
ويحدثونك عن المرأة وحقوقها، في هذه الحادثة المزعومة، فقل تعالوا نقرأ الحدث من زاوية أخرى:
صلاة الجمعة فريضة مكتوبة على الرجال، فهل لديكم أثارة من علم بأنها واجبة على النساء؟
فإن لم تثبتوا ذلك، فهل من حق من لم تفرض عليه هذه الصلاة أن يتقدم على من فرضت عليه؟
من جانب آخر:
صلاة الجمعة غير مكتوبة على (الذكر)المسافر، فلا يقول أحد بأن من حق مسافر أن يؤم مقيمين فيقصر فيهم صلاته، ولا يقوم هذا فيهم مقام الجمعة بحال، فهل يقول عاقل بأن حق (الذكر)المسافر منتقص لأنه لم يمكن من إمامة قوم كتبت عليهم صلاة لم تكتب عليه؟!!
والحديث ذو شجون
على أن كلامي هذا كله لا يحول دون هذا التعقيب الجميل الذي تفضل فيه الأخ عروة الزمان الباهي حول ذات الموضوع:
"الإمام" أمينة ودود ... أمريكا ... الملحدون ... و أنصار المرأة
واسلموا لود واحترام(f)