«الصقر المحافظ» سفير أميركا لدى الأمم المتحدة
تحذير قوي لإيران وسورية
واشنطن: «الشرق الأوسط»
عين الرئيس الأميركي جورج بوش أمس جون بولتون، أحد أبرز صقور المحافظين الجدد، سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، في مؤتمر صحافي عقدته في وزارة الخارجية امس إنها والرئيس بوش طلبا من بولتون قبول هذا المنصب «لأنه يعرف كيف يتصرف للوصول إلى نتيجة»، ولأنه «دبلوماسي محنك». وكان بولتون، 56 سنة، كلف مسألة نزع السلاح في وزارة الخارجية الأميركية منذ مايو (أيار) 2001، واهتم خصوصا بملف البرنامج النووي الإيراني حيث تتهم واشنطن طهران بالسعي لامتلاك السلاح النووي. وقبل شغله هذا المنصب كان أول نائب رئيس لمعهد «أميركان إنتربرايز» للأبحاث، وتولى قبل ذلك مناصب عدة في الإدارة. وسيخلف جون دانفورث، السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة الذي أعلن استقالته أواخر عام 2004 . [SIZE=5]ويعتقد ان تعيينه في منصب مندوب الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة موجه الى منطقة الشرق الأوسط وخصوصا ضد سورية وضد ايران اللتين تسعى واشنطن لاستصدار قرارات جديدة بشأنهما.

بولتون «قاتل الاتفاقيات» واليد الحديدية للمحافظين الجدد في الإدارة الأميركية
واشنطن: عماد مكي
جون بولتون الذي رشحه الرئيس الاميركي جورج بوش لتولي منصب سفير اميركا لدى الامم المتحدة، واحد من اعمدة المحافظين الجدد في واشنطن ويلقب في اوساط ودهاليز السياسة في واشنطن بأنه «قاتل الاتفاقيات». فمنذ ايامه في وزارة الخارجية والتي عارض تعيينه حينها وزير الخارجية الاميركي كولن باول ظهرت بشكل واضح معاداة بولتون للاتفاقات الدولية وعرف عنه سريعا عدم قدرته على ضبط كلماته النارية، او احيانا اصدارها عن قصد لردع اعداء الولايات المتحدة.
وآخر منصب لبولتون كان نائب الوزير للحد من التسلح والامن الدولي وخاض فيه معارك دولية ضد برنامج السلاح النووي الايراني وضد برنامج كوريا الشمالية النووي، علاوة على لعبه جزءا هاما في مجهودات واشنطن لمنع الانتشار النووي او تسرب اسلحة دمار شامل الى ايدي ارهابيين او دول تسميها اميركا «مارقة».
ويعتبر بولتون الى حد بعيد رجل نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني في الادارة واحد اذرع المحافظين الجدد فلقد عمل قبل تعيينه في الخارجية الاميركية مباشرة كنائب رئيس مركز ابحاث «امريكان انتربرايز انستيتيوت» في واشنطن الذي يعتبر المعقل الفكري للمحافظين الجدد واحد ابرز مراكز الابحاث المؤثرة في الكونغرس الاميركي.
ويرى مراقبون في واشنطن ان قوة بولتون في الخارجية الاميركية وصلت لحد الاعتقاد بانه الرجل القوي الذي يراقب تصرفات جناح الحمائم لحساب المحافظين الجدد. ووضع في الخارجية لموازنة تأثير باول على سياسة اميركا الخارجية. ويعتبر بولتون رجل تشيني في الخارجية الاميركية ليلعب دور الرجل الصلب والمتشدد هناك. ويعتقد ان تعيينه في منصب مندوب الولايات المتحدة في الامم المتحدة موجه الى منطقة الشرق الأوسط وخصوصا ضد سورية وضد ايران اللتين تسعى واشنطن لاستصدار قرارات جديدة بشأنهما.
غير ان كل معارك بولتون لم تكن نصرا له دائما. ففي يوليو 2003 اثناء فترة ما قبل المباحثات السداسية مع كوريا الشمالية، وصف بولتون رئيس كوريا الشمالية بأنه «ديكتاتور طاغية» لبلد فيه الحياة عبارة عن «فترة من كابوس في الجحيم». وادى ذلك بكوريا لان ترد بوصفه «مثل هذه الحثالة الانسانية ومصاص الدماء ليس له الحق في الاشتراك في المحادثات... لقد قررنا عدم اعتباره مسؤولا لدى الولايات المتحدة بعد هذا ولن نتعامل معه». واجبرت الخارجية الاميركية في نهاية المطاف على ارسال بديل لبولتون في تلك المفاوضات.
ومن اشد تصريحاته المثيرة للجدل بالنسبة لموقعه الجديد في الامم المتحدة، هو ما قاله عام 1994 اثناء مناقشة في «جمعية الفيدرالي الجديد» World Federalist Association «ليس هناك شيء اسمه الامم المتحدة». واضاف «لو ان مبنى امين عام الامم المتحدة فقد عشرة طوابق مرة واحدة في نيويورك فان ذلك لن يغير شيئا بالمرة».

جهاد الخازن:صفعة للتحالف

الحياة اللندينية GMT 10:45:00 2005 الأحد 13 مارس
أبعدت الدكتورة كوندوليزا رايس الليكودي المتطرف جون بولتون عن وزارة الخارجية، فعاد سفيراً مرشحاً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بعدما عارض باستمرار المنظمة العالمية ووكالاتها المختصة وكل ما تمثل. وفي حين اعتبر ترشيحه صفعة للتحالف مع الاتحاد الاوروبي، وإهانة للعرب والمسلمين في كل مكان، فإنني اذكر ان بولتون الذي يشبه حيوان البحر “والروس” بشنبه الهابط كشلال، وحجمه المنتفخ، اتهم كوريا الشمالية مرة بأنها “كابوس جهنمي”، وردت عليه بأنه “حثالة”. ولم اتفق مع بولتون او كوريا الشمالية الا في وصفهما احدهما الآخر.

ترشح بولتون سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، يعكس نفوذاً هائلاً للمحافظين الجدد، فمرشحهم عدو معروف للأمم المتحدة، وسفراء الدول الاخرى، بما فيها الدول الحليفة للولايات المتحدة، سيجدون صعوبة في التعامل معه. هو اسرائيلي قبل ان يكون اميركياً وقد لعب دوراً بارزاً سنة 1991 في إلغاء قرار الامم المتحدة مساواة الصهيونية بالعنصرية، وقال انه يعتبر القرار “اكبر وصمة عار على سمعة الامم المتحدة”. اما مخالفة اسرائيل القرارات الدولية بحماية اميركية وفيتو حيث امكن، فهو لا يجدها وصمة. وبلغ من تطرفه في معارضة محكمة جرائم الحرب الدولية انه اعتبر سحب الولايات المتحدة توقيعها على معاهدة المحاكمة “اسعد لحظة في عملي الحكومي”. وهو شن حملة فاشلة لمنع ترشيح الدكتور محمد البرادعي لولاية ثالثة على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحارب قبله الدكتور هانز بليكس عندما لم يجد رئيس فريق التفتيش الدولي اسلحة دمار شامل في العراق.

بولتون متطرف بامتياز، وهو محام تقلب في وظائف حكومية عدة، وعمل دائماً في مراكز بحث محسوبة على المحافظين الجدد مثل اميركان انتربرايز والمعهد اليهودي لشؤون الامن القومي. وكان السناتور اليميني جيسي هيلمز قال عنه يوماً “ان جون بولتون هو ذلك الرجل الذي افضل ان اقف معه في معركة ارمجدون، اذا كان من حظي ان اشهد المعركة الاخيرة بين الخير والشر”. ويقال ان بولتون يؤمن مثله بقدوم ارمجدون. وكان بولتون زار اسرائيل في شباط (فبراير) 2003 لعقد اجتماعات بهدف “وقف انتشار اسلحة الدمار الشامل”، وقابل رئيس الوزراء آرييل شارون ووزير الخارجية في حينه بنيامين نتانياهو. وأصدر بعد ذلك تصريحاً متطرفاً جداً قال فيه ان بعد العراق على الولايات المتحدة ان “تواجه الاخطار من سورية وإيران وكوريا الشمالية”. وطالب بولتون دائماً بضم كوبا وليبيا (قبل استسلامها) الى “محور الشر”، وزعم ان كوبا تطور اسلحة بيولوجية، وتشارك خبراتها مع دول عدوة للولايات المتحدة.

يقول بولتون ان القانون الدولي لا شرعية له لأنه قد يتصادم مع الاحادية الاميركية. وعلى هذا الاساس عارض بشدة تأسيس محكمة جرائم الحرب الدولية، وهو الذي بعث برسالة الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في ايار (مايو) 2002 ترفض أي دور للولايات المتحدة في هذه المحكمة. وكان شارك قبل ذلك في رسالة (ستأتي بتفصيل اكبر في صفحات لاحقة) تحرض بيل كلينتون على مهاجمة العراق. كما ان له مواقف حادة ضد الصين، واعتبره شخصياً عدواً للعرب والمسلمين، واسرائيلياً بالكامل. والآن وقد طردته الدكتورة رايس من الباب يعود من النافذة ليواصل عداءه للأمم المتحدة ووكالاتها ولسورية وايران، والصين وكوبا، وكل بلد لا يقبل سيطرة اميركا عالمياً، وهيمنة اسرائيل في الشرق الاوسط. بصراحة، لا أفهم تعيين هذا المتطرف لدى الأمم المتحدة، فهو سيكون سفير اسرائيل قبل بلاده، وهو بقي على عدائه للأمم المتحدة حتى عندما كان يقبض اجراً منها على عمله مساعداً للوزير السابق جيمس بيكر عندما كلفه الأمين العام كوفي انان ان يمثله في الصحراء الغربية. وعداؤه للصين، مع الاسباب العقائدية، يعود الى تمثيله تايوان بأجر مدفوع للحصول على مقعد في الأمم المتحدة.

لم أكن أتوقع ان يجد الرئيس بوش سفيراً لدى الأمم المتحدة من نوع اندرو يونغ، ولكن رجوت ان يكون السفير من مستوى جون نيغروبونتي الذي عمل بنجاح في الدفاع عن سياسة بلاده خلال ولاية بوش الاولى. غير اننا نجد الآن مخرباً متطرفاً اسرائيلي الهوى في طريقه الى الأمم المتحدة، والمنصب بحاجة الى تثبيت من الكونغرس، الا ان لا مشكلة لبولتون هناك. المشكلة ستكون للعالم كله.