العزيز المشاكس أبداً كحيلان؛
أعتــذر على التأخــر في الـرد عليك قبل كـــل شيء...
حسناً، تهتـم بالقانون؟ أنا أهتم بفلسفتـه؛ إذ أن وظيفتي، وبما أنني أشتغل ضمـن هذا الحقـل –أي الفلسفة- أن أرى إلى الأمـور من حقلي.. ولك أن ترى إليهـا من حقلك، سواء أكان هذا الحقـــل هو القانون أو غيره. أقـــول، لايمكن أن نرى إلى القانـون في سياق الدولة الحديثـة، إلا من خلال فحـص مفهوم الدولة نفســه. والدولة بماهي احتكار لوسـائل العنف –كمايقول ماكس فيبر-، تحتم علينا الحفــر في مسألة أخرى، هي، تاريخيتهـا. وتاريخياً، بالنسبة إلى دولة مثـــل البحرين، أنت تعرف أنها قامت وماتزال –للأسف!- بالمُعاضـدة مع "القبيلة"؛ والقبيـل إنما يتقوّم على"العصبية" و "الغلبة" و"المنعة" و"الرابطة الدموية"، وذلك بحسب ابن خلــدون (مثال آل خليفـة في البحرين أو آل سعود في السعودية.. إلخ!). أما عن القانـون، فهو، حصيلة هذا التضامــن غير الحميد أبداً، بين نظـام حديث للاجتماع كـ"الدولـة" ونظام تقليدي رجعي كـ"القبيلـة". والأمـر في البحرين ليس سـراً، ولعلك شهـدت بأم عينك، حين إقالـة وزير الداخلية السابــق –لا أبقــاه الله!- كيف أنه عُين، بمرسوم ملكي، في اليوم التالي لإقالتـه، نائباً لرئيس مجلس العائلة الحاكمـة. والاعتراض ليس على التعيين نفسـه –كيفهــم، يصطفلــوا!-، إنما على وجود مجلسٍ، آلية التعيين فيه تتم من خـلال "المراسيم الملكيـة"، في الوقت الذي لانكاد نمتلك أدنى تصـورٍ عنه، لا عن مهامه ولا عن صلاحياته. فلا هو مدرجٌ ضمن الهيكـل البيروقراطي للدولـة، ولا، هو، مُشَرّعٌ لـه دستورياً. أسوق هذا المثال، كمؤيـد لاغير، على المقدمة التي ابتدأت بها حديثي. إنني أفهــم القانون، الذي تدافع عنه، ضمن هذا الإطار، هو حصيلة علاقـات القوة المتأتية من ثلاث جهـات، أولاً: الدولـة بماهي احتكار لوسائـل العنف، ثانياً: القبيلة بماهي قائمـة على "الغَلَبة"، وثالثاً علاقـات القوة المُتَحَصّلُ عليها من تحالـف الاثنين. ولكيلا أطيل عليك، أوجهك إلى النظر في كيف أن قانون العقوبات 1976، مثلاً، الذي استندت إليه في الإجـراء الذي اتخذ بحــق "بحرين أونلاين"، قد امتلك اعتباره "غََلََبَـةً"، لا عن توفُّر "إرادة عامـة"، وهذه الأخيرة هي الشرط الأول للحديث عن ديموقراطيـة أو مجتمـع مدني. فأنت تعرف أن هذا القانـون أولاً صدر بمرسـوم أميري في وقت كان المجلس الوطني فيه منحلاً، وأنت تعرف ثانياً أن هذا القانون قد أعطي الاعتبار بإعفــاء الملكُ البرلمانَ الحالي من أحقية مناقشــة المراسيم التي صدرت في وقت غيـاب المجلس الوطني (من 1975 إلى 2002)، وأنت تعـرف ثالثاً أن الدستور الحالي الذي يصـون ذات الملك "العليا" من المـس، هو، دستور غير تعاقــدي (على الأقل هذه وجهة نظر رأي عام واسع، حتى لا أقول أن هنالك إجماعــاً على ذلك، فأبخس الرأي الذي لايرى إلى الأمــور بهذا الشكــل).
فهل تطالبني باحترام القانـون في دولـةٍ، تقوم على "الغلبـة" وعلى "المنعـة"، بدلاً من أن تقوم على "الإرادة العامة"، كماهي عليه كل الدول الآدميـة!؟ سامحـك الله ياعزيزي كحيـــلان.....

قبلة؛
ماهر الزيرة

سأعود لردكم الكريم صديقي ماهر ، لأضع المقابل من الكلام ولنرى أي الفريقين أحق بأن نتبع أهو القانون أم فلسفته..

وإلى أن أعود هنا ، فمن ناحية لا أرى أن وجود اسم "ماكس فيبر" يخيفني كما كان يفعل في السنة الرابعة! على الرغم من سخافة مادة الإدارة العامة كما كنا نراها أنا وزملائي وهي تدرس لنا كطلبة حقوق في سنة التخرج! ، ومن ناحية عدم وجود رابط مهم بين بيروقراطيته التي يتبناها في علم الإدارة العامة وترابط البنيان القانوني وكقانون يرتبط بفلسفته!..

وكما هي العادة ، لا يستطيع القانوني مجاراة الفيلسوف في انتقاء كلماته ، فلغة القانون كما هو معروف لا يمكن استخدامها للتخاطب:kiss:

لك مني أطيب المنى(f)

أخوك كحيلان

:loveya:

ياخي.. ليست ضيافة "ماكس فيبر" هنا لإخافتك في شيء، فهو، في كل الأحوال ليس رجل أمن مجنس!!
وبانتظار ردك.............

الصديق الأستاذ ماهر الزيرة

تحية عربية وبعد

كنت أمزح معك يا رجل بس حلوة (رجل امن مجنس) في الصميم:D

اقتباس:بالنسبة إلى دولة مثـــل البحرين، أنت تعرف أنها قامت وماتزال –للأسف!- بالمُعاضـدة مع "القبيلة"؛ والقبيـل إنما يتقوّم على"العصبية" و "الغلبة" و"المنعة" و"الرابطة الدموية"، وذلك بحسب ابن خلــدون (مثال آل خليفـة في البحرين أو آل سعود في السعودية.. إلخ!).

يا عزيزي هذا علم اجتماع وليس قانون ، فالدولة تقوم (قانوناً) بتوافر عوامل ثلاثة: 1ـ الإقليم 2ـ الشعب 3ـ السلطة السياسية..

ولا يهم بعد ذلك كيف قامت ، فضلاً عن أنها مسألة تاريخية "محل خلاف" ، فالطائفة الشيعية الكريمة في البحرين تقول أنها أصل البلد فقام آل خليفة باحتلالها ، وهذا الكلام منذ 300 عام وهو قول محل نظر واختلاف ليس هذا محله!..

نعم كانت القبيلة وشيخ القبيلة ينطبق عليه هذا الحكم الذي قال به ابن خلدون أما الآن فتجد أن هناك أشخاصاً لا تربطهم بزعيم القبيلة أي علاقة نسب ومع ذلك لهم نفوذ كبير يتفوق على أبناء القبيلة التي ينتسب لها شيخ القبيلة حاكم البلد..

أما المنعة والعصبة ، فهي ليست حاضرة هاهنا ، وكل ما في الأمر هي المصالح التي تربط قبيلة حاكمة بجماعة من الناس..

لديك على سبيل المثال أهل السنة في البحرين قبائل وهولة وغيرهم من الأجناس يرون في آل خليفة امتداداً لهم في أرض البحرين ، ولهذا فهم يوالون النظام الحاكم حتى في الكثير من الغبن الواقع عليهم مع ذلك يقفون في صفه ويناصرونه انتصاراً لأنفسهم وخوفاً من ازدياد نفوذ الطائفة الأخرى على حسابهم كما هو حاصل اليوم!..

أما بخصوص وضع جميع حكام الخليج بقبائلهم في سلة واحدة والقياس عليها ، فهذا قياس مع الفارق ، فلكل بلد خليجي خصوصيته في الحكم فآل سعود اتخذوا من المصاهرة نصيراً لهم مثلاً وآل صباح اتخذوا طريقاً آخر وووو..

اقتباس:أما عن القانـون، فهو، حصيلة هذا التضامــن غير الحميد أبداً، بين نظـام حديث للاجتماع كـ"الدولـة" ونظام تقليدي رجعي كـ"القبيلـة".

ما فهمت؟!..

ما دخل القانون بالتضامن ، والنظام الحديث للاجتماع!..

اقتباس:والاعتراض ليس على التعيين نفسـه –كيفهــم، يصطفلــوا!-، إنما على وجود مجلسٍ، آلية التعيين فيه تتم من خـلال "المراسيم الملكيـة"، في الوقت الذي لانكاد نمتلك أدنى تصـورٍ عنه، لا عن مهامه ولا عن صلاحياته. فلا هو مدرجٌ ضمن الهيكـل البيروقراطي للدولـة، ولا، هو، مُشَرّعٌ لـه دستورياً. أسوق هذا المثال، كمؤيـد لاغير، على المقدمة التي ابتدأت بها حديثي.

يا سيدي وإن قمت بسوق مجلس العائلة الحاكمة كمثال ، فهو مثال في غير محله ، فأنت تحتج بهذا المثال على أساس أنك تجهل عمل إحدى الدوائر في الدولة ، وتحتج ثانياً على عدم تنظيمه في الجهاز الإداري أو التنظيم الإداري (لا البيروقراطي) فهذا المصطلح عبارة عن نظرية في الإدارة العامة ، وليس كتنظيم إداري ـ المهم في كل هذا ـ أن مجلس العائلة الحاكمة أي مواطن خارج العائلة الحاكمة غير مكلف بمعرفة كنهه لأنه لا يعنيه (يمكنك معرفة ذلك من اسمه) ومع ذلك ، فمن المفيد أن تعرف بأن هذا المجلس مفيد جداً حتى للمواطن العادي..

فأنت مثلاً يا سيدي عندما يترتب عليك ضرر من أحد أفراد العائلة الحاكمة نتيجة ظلم أو غبن أو حادث أو مصيبة أو غيرها لا سمح الله ، فإلى أي المحاكم ستتجه؟!..

هذا المجلس من ضمن اختصاصاته (محاكمة) كبار أفراد العائلة الحاكمة ، فحرصاً من الأمير على نزاهة القضاء تجاه هؤلاء الناس وضع من ضمن اختصاصات المجلس هذا الاختصاص..

ثم عن قولك بعدم دستوريته ، فأين المخالفة الدستورية هنا؟! ، هذه دائرة أنشأت لأغراض ارتأها الأمير السابق كما هو الحال بمجالس الأسر الحاكمة في جميع البلدان الملكية (وإن اختلفت الأسماء)..

اقتباس:إنني أفهــم القانون، الذي تدافع عنه، ضمن هذا الإطار، هو حصيلة علاقـات القوة المتأتية من ثلاث جهـات، أولاً: الدولـة بماهي احتكار لوسائـل العنف، ثانياً: القبيلة بماهي قائمـة على "الغَلَبة"، وثالثاً علاقـات القوة المُتَحَصّلُ عليها من تحالـف الاثنين

لابأس هذا رأيك..

ولكن رأيي ، في القانون الذي أدافع عنه ، بأنه حصيلة تشريعات ارتأها المشرع لحماية المجتمع وتنظيم للمصالح الفردية فيه مسترشداً في ذلك بالمصالح الاجتماعية ، وعلى فكرة القانون البحريني ، هو أخ غير توأم للقانون المصري ، باستثناء بعض المواد المضافة..

اقتباس:فهل تطالبني باحترام القانـون في دولـةٍ، تقوم على "الغلبـة" وعلى "المنعـة"، بدلاً من أن تقوم على "الإرادة العامة"، كماهي عليه كل الدول الآدميـة!؟ سامحـك الله ياعزيزي كحيـــلان.....

يا عزيزي القانون يجب أن يحترم ما دام قد صدر محتمياً بالشرعية التي يستمدها من نظام الحكم في البلد ، فالمبدأ هنا هو (الشرعية) لا المنعة ولا القبيلة..

وأخيراً ، دول الخليج العربية بخصوصيتها عن بقية الدول العربية ، يجب أن تبقى على هذا النمط من النظم الملكية ، وبالعوائل الموجودة حالياً ، فالشعوب لازالت غير ناضجة لاستلام زمام الأمور (وجهة نظر)..

تحياتي وقبلاتي:kiss2:

أخوك كحيلان

:loveya:

مرحباً كحيلان ؛
للتو رأيت ردك... لاعلينا...
ليست مداخلتي حديثاً في الأصول، هي أيضاً، لاتحوِّل على كيفية نظر "الشيعة" أو "السنة" إلى آل خليفة. أعوِّلُ على الاجتماع، والعلوم الإنسانية، بعمومها، لأنها بنظري الأكثر قرباً في تفكيك/ وفهم عملية تاريخية مثل "الدولة"، من القانون، ذلك لأن هذا الأخير، كماقلت حصيلة علاقات القوة، وأعني بذلك، إذا ما استعرنا هنا رأي ميشيل فوكو –أرجو ألا يزعجك فوكو هنا، فهو أولاً وأخيراً لوطيّ مُعتبر، وقد مات بالإيدز!- أن القانون، إنما هو حصيلة علاقات "الحرب"، بين الدولة والمجتمع. حيث ينطلق فوكو، وبالضد من المفهوم الهوبزي، من فكرة أن علاقات الحرب لاتقتصر على مرحلة ماقبل الدولة (إذا ماعرفنا مثلاً أن هوبز ينطلق من أن الدولة تقوم على تنازل الأفراد عن جزء من حقهم الطبيعي، تحديداً حق ممارسة العنف، لصالح دولة قوية)، إنما، هي مرحلة لاحقة أيضاً؛ حيث الحرب، هي صفة لازمة للاجتماع، ويحدث (مع وجود الدولة) أن تتحول من صورتها المادية العنيفة، إلى الحرب بواسطة الرموز والتمثلات، الحرب بواسطة الأحداث والهزات المختلفة التي تحدث بين دولة ما ومجتمعها. وبناءً على نتائج هذه الحروب/ الثورات/ التمثلات الرمزية، تقوم القوانين، كأمر واقع؛ فهي محصِّلة لنتائج الحرب، ولعلاقات القوة بين هازم ومهزوم، بين مُهيمِن ومُهيمَن عليه. وذلك طبعاً، لايلغي أهمية وجود قانون، أنا فقط أحاول أشكلة هذا "القانون"، الذي هو –بحسب كلمة قالها رئيس جمعية المحامين عباس هلال للملك غداة شرع في التهيئة لفرض الدستور المنحة- أشبه بثوب"الترزي"/ الحائك، الذي يمكن تضييقه أو توسعته، بحسب مشيئة "الترزي"/ الحائك!!
المنعة/ العصبة غير حاضرة !؟ أكتفي بتحويلك على كتاب فؤاد إسحاق الخوري (القبيلة والدولة في البحرين)، فهو، خير مايمكن أن يجسّرَ لك اللبْس الذي تقع فيه، ضداً على إرادة المنافحة التي تتوسل بها، لتجميل سوأة نظام بطركي/ رجعيّ، هو، أصغر من أن تعده "ديموقراطياً"، هكذا بجرّة قلم.
أما عن "سالفة" مجلس العائلة، فإن الأمرَ أكبرُ ياصديقي من هذا التبرير/ حسن النيّة الذي تسوقه، وما المثال الذي ذكرته (محاكمة أفراد العائلة الخليفية!)، إلا مؤيدٌ لكلامي في مسألة التحالف بين نظامين متناقضين في الاجتماع، القبيلة والدولة؛ وإلا فهل هؤلاء، أعني أفراد العائلة الخليفية، هم، من دمٍ أزرق حتى لايخضعوا لقانون البلد التي يعيشون فيها؛ حتى لايحتكموا إلى محاكمها؛ حتى لاينزلوا عند أمرِ قضائها. أفهم الأمر امتيازاً، لا فائدة للمواطن العاديّ كما ورد في كلامك. وإلا، فاسمح لي أن أطلب منك تعداد إنجازات هذا المجلس - أفاض الله عليه من عدله!-، كم من خليفيٍّ سارقٍ قد قطعت يده!؟ كم من خليفيٍّ مفسدٍ قد أدين ونال حقه من الجزاء!؟
أقول ذلك، نزولاً عند فرضيتك، وإلا فإن لي كلاماً آخر أوسع هنا، أرجو أن تصيبني دعوة منك (وأنت الإسلامي الذي نلت من أركون:D!) بقلة الشغل وسعة البال، حتى أعود وأكمل...
(ملحوظة: عنيتُ بالبيروقراطية التنظيم الدولتيّ، لا أي شيء آخر، فالمفهوم غني، ويتسع.....).
القانون والشرعية!؟ ذلك حديثٌ آخر نذلـّله إن شاء الله في حديثٍ آخر...

لك قبلاتي أيها العزيز؛
ماهر الزيرة
:kiss2: