عالم شيعي عراقي يقف مع عقائد السنة -جواد خالصي
جواد الخالصي إمام الروضة الكاظمية لـ الأهـــــــــرام:
المرجعية الشيعية العليا بدعة مستحدثة لتأميم القرار الشيعي
أجري الحوار في بغداد: محمد الأنور -الاهرام
جواد الخالصي اسم يتردد كثيرا في وسائل الإعلام العربية والعالمية ومعروف بمواقفه ضد الاحتلال الأمريكي للعراق والانتخابات العراقية المقررة في30 يناير الحالي, إضافة إلي تقاربه الشديد مع السنة سواء من الناحية السياسية أو من ناحية الدعوة إلي وحدة إسلامية تنبذ المذهبية في مواجهة الأخطار التي تواجه العراق والأمة العربية الإسلامية.. ولمعرفة هذا الرجل عن قرب والاطلاع علي فكره وآرائه التي اثارت جدلا في الأوساط الشيعية عامة والشيعية العراقية, توجهنا إلي المدرسة الخالصية المجاورة لمرقد الإمام موسي الكاظم شمال غربي بغداد الذي يعتبر الخالصي أحد أبرز أئمته.. وكان لـالأهرام معه هذا الحوار الذي فجر فيه الكثير من الألغام والمفاجآت أيضا.
* هل من الممكن أن تعرفوا القارئ بكم؟
{ أصعب شيء أن يتحدث المرء عن نفسه, ولكن أقول: اسمي محمد جواد الخالصي, والدي اسمه محمد أيضا جدي محمد مهدي ونحن من أسرة من الله عليها بأن تكون من طلبة العلم وأهله, والمشتغلين بقضايا العلم الشرعي ونعتبر أن البشرية لا يمكن أن تستقيم أمورها إلا بالعودة إلي دين الله الذي اختاره لها وهو الإسلام.. أنا الآن أمارس عدة أمور, منها الإشراف علي هذه المدرسة التي اسمها المدرسة الزهراء الخالصية التي أسسها جدي عام1911 وتم تجديدها عدة مرات لأنها كانت تتعرض كل حقبة للتضييق وتنتهك وتسلب ثم تعود من جديد للحياة, وأول مرة كانت بعد الاحتلال البريطاني للعراق وتم نفي جدي ووالدي خارج العراق لسنوات طويلة, الجد نفي إلي الهند ثم عاد إلي إيران وتوفي هناك والوالد بقي في إيران27 سنة منفيا في منافي إيران المختلفة في زمان رضا شاه والد الشاه الإيراني الأخير.. وفي كل هذه الفترات كانت المدرسة تمارس عملها.. المرة الأخيرة كانت قد بدأت في عام1980 حيث استولت الحكومة العراقية علي المدرسة واضطررنا إلي الخروج سنوات طويلة من العراق بلغت23 سنة إلي إيران ولبنان وسوريا وأطروحة أساسية في عملنا أن كل عمل إصلاحي للأمة يجب أن يستند إلي وحدة الأمة وجمع كلمتها حول دين الله واحترام الرسالات والاجتهادات بين الفقهاء, وهذا يجب أن يكون ضمن رسالة واحدة لا أن تقسم الأمة إلي مذاهب وفرق وجماعات.. لهذا مارسنا هذا الدور ـ ومازلنا ـ نمارسه ومعتزين به.
* الشيعة يقولون إنكم سني متشيع والسنة يقولون شيعي متسنن.. ما قولكم؟
{ كلاهما جيد, لأنني أعتقد أن المسلم إذا صار مسلما حقيقيا فإنه سيكون شيعيا وسنيا في الوقت نفسه, باعتبار أن التشيع هو الولاء للرسول الكريم محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ وآل بيته وهذا أمر لا يختلف عليه الناس, والتسنن هو اتباع السنة النبوية وهذا أمر لا يختلف عليه أيضا المسلمون العقلاء من البشر, فنحن في هذه القضية متبعون لنهج آل البيت ولنهج وسنة رسول الله.
* ما هو موقف الشيعة الآن منكم.. وهل واجهتهم مشاكل بسبب آرائكم.. وهل مازلتم تواجهون مشاكل؟
{ في الحقيقة في البدايات جوبهت دعوة المدرسة الخالصية بجفاء واستغلال سلبي من قبل الأعداء, حيث اعتبرت هذه الخطوة الوحدوية, خصوصا تنقية المذهب الشيعي من البدع والخرافات, وأنا لا أقول المذهب, بل الإسلام.. لأن تنقية الإسلام من البدع والخرافات كلفتنا كثيرا من المجابهات الساخنة في الفترات الماضية, ولكن بمرور الوقت أصبحت أطروحات المدرسة الخالصية مقبولة ومعترفا بها في الأوساط الجماهيرية الشيعية بعد بوادر الوعي الحقيقي للإسلام, وأضرب لك مثلا: المدرسة الخالصية كانت الوحيدة التي تصر علي إقامة صلاة الجمعة بينما يرفضها الآخرون من الشيعة في الثلاثينيات والأربعينيات والستينيات أيضا من القرن الماضي.. أما الآن فأصبحت صلاة الجمعة حالة منتشرة في الوسط الشيعي, ونحن في الأذان للصلاة رفضنا الزيادات الواردة فيه بما فيها قول( أشهد أن عليا ولي الله) مع اعتقاد المسلمين كافة بأن عليا ولي الله ولكن ذكر ذلك في الأذان ليس بنص وعندما رفعناه كلفنا هذا أيضا مجابهات ساخنة مع الكثير من الجهلاء, أيضا النظرة الإيجابية لمفاهيم الثورة الحسينية( نسبة إلي الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه) لأن ثورة الحسين ليست بالعزاء والبكاء وهذه الممارسات السيئة( اللطم) بل هي لتعليم درس الثورة والنهوض بالأمة والتمسك بالمبدأ, فهذه الأمور كلفتنا في البدايات ولكن الصحوة الإسلامية أعطت تفسيرا جيدا لأغلبية المثقفين علي الأقل والعلماء بدأوا يرفعون شعارات المدرسة بما فيها الوحدة الإسلامية, والسيد محمد الصدر والد السيد مقتدي الصدر طرح هذه المفاهيم والكثير من الناس يأتون ويقولون لنا نحن أخطأنا فهمكم.. أما الآن فبدأت تثار قضايا ضدنا لأسباب فقهية وشرعية, الشيء المهم الذي جعل هذه الأمور تثار ضدنا الآن هو موقفنا الرافض للاحتلال, فنحن بشكل واضح وقاطع قلنا إن الاحتلال للعراق غاشم وغير شرعي.. الغزو الأمريكي ليس تحريرا وإنما لتنفيذ مخطط كبير في المنطقة, هذا الذي جعلنا نجابه بعض العناصر الشيعية الرسمية التي سارت مع الاحتلال وهي كثيرة ولما فقد هؤلاء الرسميون بعدهم الجماهيري بسبب سيرهم مع المحتلين ووجدت الجماهير أننا نقف موقفا واضحا في مواجهة الاحتلال بدأت حالة تعاطف معنا أرادوا أن يحجموا هذا التعاطف بإثارة الملفات القديمة منها قضية الحوار والتقارب مع السنة.. مع العلم أنهم جميعا متقاربون مع السنة أو إذا كان هؤلاء يتقاربون مع السنة تحت راية الاحتلال.. فلماذا لا يقبلون بتقاربنا معهم تحت راية الإسلام ومن أجل استقلال العراق..؟ هذا رد عليهم.. فهم في حالة فشل ولذلك اضطروا إلي الاستعانة بالمرجعية الدينية لتغطية فشلهم وهي طريقة مفضوحة في الاستغلال, ولكنها انطلت علي البعض في هذه الأيام.. وقد التقيت مع السيد علي السيستاني ووجدته متفهما لأطروحاتنا.
* لكنه يدعم هذه التيارات؟
{ أنا لا أقول يدعم, بل أقول إنهم تمكنوا من تطويقه واستغلاله بشكل سلبي وبالتعاون مع بعض حاشيته, أحاطوا به وجعلوه في تصور واحد واستغلوا اسمه وكذبوا عليه كثيرا, وهذه اللافتات المنتشرة باسم السيد السيستاني كلها كذب في كذب, وهنالك تكذيب رسمي أصدره أكد فيه أنه ليس مع قائمة انتخابية محددة.. وأنا أقول إن السيد السيستاني لا يؤيد الانتخابات بهذه الطريقة, ولكن لا يسمحون له بإبداء رأيه, لأنه قال إن قانون إدارة الدولة قانون باطل ولا يجوز أن يفرض علي الهيئة التي ينتخبها الشعب وفقا لبيان صادر عنه في14 ربيع الثاني1425 هـ بينما المفوضية العليا للانتخابات تشترط أولا موافقة المرشح علي الالتزام بهذا القانون.
وأنا أعتقد أن هناك قوي كثيرة لا تريد للمرجعية أن تسير باتجاه إيجابي, وهذه القوي محيطة به ومسيطرة مع الأسف الشديد وتمنع من صدور الأشياء الإيجابية لتحقيق أهدافها, العناصر التي تعاونت مع الاحتلال وفشلت شعبيا أرادت أن تلتحف بعباءة المرجعية, وأنا أود أن أقول شيئا مهما وهو أننا ليس عندنا في الشيعة مرجعية واحدة وليس عندنا مرجعية عليا, هاتان بدعتان استحدثتا في الخمسينيات لتأميم القرار الشيعي بواسطة الجهات التي استحدثتها في ذلك الوقت( شاه إيران) واليوم تريد أمريكا ومن معها, وقد تحدث عن هذه القضية الشيخ محمد مهدي شمس الدين( لبناني ومن علماء الحوزة في النجف الأشرف وقتها) هو قال: أنا مع مجموعة استحدثناها في النجف, وما يحدث هو تحميل شخصية ربما تكون عاجزة أو معزولة أو محاصرة المسئولية وهذا حدث في السابق في زمن المرجعيات الأخري بعامل السن والشيخوخة وفقدان القدرة علي العمل الذي كان يتحكم فيه مجموعة من الحواشي بعضها كانت ترتبط بنظام صدام وأجهزته المخابراتية, ثم ارتبطت بالبريطانيين, ثم أصبحت جزءا من اللعبة العالمية.
|