عام التراجعات والنكسات وفبراير الانقلاب على الدستور العقدي ونكث العهود

عام جديد يسدل ستاره ومشروع التخريب ماضٍ في طريقه، عام آخر ووسائل التخدير
والتخريب لازالت تحيك الألاعيب تلو الأخرى لتضليل الحقائق وطمسها، وحرف الحركة
السياسية في البلاد، والالتفاف على مطالب الأمة العادلة. فشلت وسائل التخدير وشراء
الذمم، وانتصرت إرادة الناس، وبقيَ على الواقع السياسي أن يستنهض قواه من جديد،
ويُعيد ترتيب مصادر القوة والضعف، ليواجه المرحلة المقبلة بما فيها من نضال حاسم
واستحقاقات مفصلية. وفي هذا الطريق، يستحسن من الجميع أن يقف وقفة مراجعة لخطوط
التراجع منذ الانقلاب على الدستور العقدي في فبراير 2002 وحتى يومنا هذا، ومن
المجدي أن تهيء المعارضة المجال الحيوي الخاص بها بما يُسهم في إنجاح حركة
المعارضة، لاسيما وأنها مقبلة على المؤتمر الدستوري الثاني الذي من المتوقع أن
يواصل الطريق، مؤكدا على ثوابت العمل الوطني تحت عنوان "دستور عقدي لمملكة
دستورية"، وهو العنوان/ الانجاز الذي استطاعت المعارضة أن تخطوه خلال فبراير 2004،
وبرغم الإرباكات الشديدة التي تعرّضت لها المعارضة، وخطط التحريف والإرجاف، إلا
أنها ظلت صامدة على هذا المبدأ، وخسِر جلاوزة النظام ومرتزقته رهان اختطاف المعارضة
والتلاعب بها.

تستعد المعارضة وجماهيرها للمؤتمر الدستوري الثاني في فبراير المقبل، وهي مناسبة
للتنويه مجددا بذكرى النكث بالعهود وخيانة الكلمة، حيث مخالفة الميثاق والتعهدات
والاستهانة برموز المعارضة والتقليل من شأنها، والشروع في فرض دستور الاستبداد
وقوانين أمن الدولة الجديدة. إنّ التأكيد على هذه الحادثة ورمزيتها، مسألة ضرورية
للإشارة إلى طبيعة النظام الاستبدادي الحاكم في البحرين، وهو تذكير أيضاً بأن
الذهنية القبائلية التي اضطهدت شعب البحرين لازالت هي ذاتها لم تتغير في الحكم
الخليفي، مما يفترض أخذ الحيطة الدائمة، وإعداد العدة لكل المحتملات، وألا تذهب بنا
الخدائع إلى حيث التضحية بما تبقى من قيم دينية ومواقف مبدئية وتاريخ نضالي مشرق
تجاه الظلم والظالمين.

منذ الانقلاب على الدستور العقدي والتراجعات لم تتوقف، ومسلسل الانتهاكات أخذ لونا
جديداً عبر التقنيين، فأصبح القمع والقتل والاعتقال والاستبداد كله مقننا وخاضعا
لإرادة الشيخ حمد التي أُحيطت بهالة من القدسية. والخط البياني لمسلسل الأحداث يصبّ
كله في اتجاه التراجع والهبوط، مما يؤكد حقيقتين، الأولى طبيعة دستور الاستبداد
وقوانينه التي تسير على النقيض من مصلحة الناس ومطالبهم الحقة، والثانية عزيمة
الناس وقوة صمودهم ومناعتهم الشديدة ضد الذوبان في مشروع التخريب والاستبداد.

على مستوى المعيشة والتنمية البشرية والبنية الاجتماعية والاقتصادية، لازال
المواطن يعيش غربة الفقر والحرمان في وطنه، وأخطبوط خليفة بن سلمان ما فتيء يفترس
خيرات هذه البلاد ويكنز الثروة في أيدي المتنفذين وكبار رجال العائلة الخليفية. وفي
الوقت الذي يُستنزف المال العام ويزداد السّراقون الكبار وتتكدّس ثرواتهم بلا حسيب
أو رقيب، فإن الحكم "يتعطف" على المواطنين بالفتات وبالوعود دائمة التأجيل، لتظل
المعاناة مؤجلة على الدوام، ويصبح الحرمان من السكن اللائق والعمل المناسب والمعيشة
الكريمة والضمان الاجتماعي للمحرومين؛ سياسة خبيثة يتبعها الحكم لإدامة الفقر
وتوسيع نطاق الإرهاق الداخلي للناس، بما يسلب عنهم العنفوان وثقافة الكرامة والعزة
والصمود، ويجري ذلك بالتزامن مع استصدار القوانين التي تمنح فرصا مغرية لاستثمار
الخليجيين وتملّكهم في البحرين، وتشريع قوانين الإقامة الدائمة للأجانب المتقاعدين
في دول الخليح الأخرى بشروط مالية معينة، وبعد ذلك وقبله يأتي مجلس الشيخ حمد
المسمى بالبرلمان ليتحدث عن تخفيض الرواتب وما شابه ذلك ليزيد الطين بلة، ولتتفاقم
أزمات المعيشة والسكن في البلاد بالتوازي مع أزمات الكرامة والحرية وحقوق المواطنة
الحرة والشريفة. وفي الوقت نفسه، يقر هذا المجلس المشؤوم قرارات الظلم والجور
وآخرها قانون حماية مرتكبي جرائم التعذيب.

العريضة الشعبية التي أقرّها المؤتمر الدستوري الأول ووجهت بعسَف شديد من مرتزقة
الحكم وأزلامه، وجرى التحريض عليها وعلى القائمين عليها، وهُدِّدت جمعيات المعارضة
بالحلّ والإغلاق إنْ هي مضت في طريق العريضة، لتبدأ بعدها سلسلة المعتقلين الذي
أُحتجزوا كرهائن ضد العريضة الدستورية. ثم سرعان ما أعطت السلطة نموذجا آخر على
الغدر وعدم الوفاء بالتعهدات حيث قلبت طاولة الحوار مع الجمعيات الأربع وأنكرت ما
جاء فيه من مداولات ليفشل الحوار قبل أن يبدأ ويأخذ صورته الصحيحة. وفي السياق نفسه
استمر الحكم في إشاعة القمع والتهديدات وتعزيز سياسة الترهيب والترغيب، وكانت حادثة
اعتقال الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة فصلا هاما في الحركة الشعبية والمواجهة
ضد الاستبداد في البحرين، حيث كانت مجالا أظهر فيه الحكم عادته في التدليس والخداع
والتهديد بالقمع الشامل، كما كانت مجالا لإثبات قوّة الواقع الشعبي وحيويته وقدرته
على الإنجاز والتأثير. ولاتزال قضية إغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان شاهدا مستمرا
على غطرسة الحكم الخليفي وحقيقة مشروعه "الإصلاحي".

في المقابل، فإن ملف الشهداء وضحايا التعذيب والهروب المستمر من معالجته على النحو
اللائق، هو عنوان آخر من عناوين التراجع والتضعضع السياسي في البلاد، وفي حين
يُنظّم الأهالي سلسلة من الاعتصامات أمام أماكن عمل الجلادين للتذكير بهذه القضية
الوطنية الكبيرة، فإن الحكم الخليفي يصرّ على تجاهل كل ذلك والإمعان في حماية
الجلادين والقتلة وعدم إنصاف ضحايا التعذيب وتكريم شهداء الوطن الأبرار. ليظل ذلك
شاهد إثبات حقيقي على سوء النظام وطبعه المتعجرف.

إن إلهاء الناس بالتغيير الوزاري القادم والإيهام بما هو أفضل؛ هو محض خداع ولا
يعني الناس كثيرا، لأنّ التغيير الحقيقي يتمثل في تنحية خليفة بن سلمان ومحاكمته
على جرائم العقود الثلاثة الماضية، وتطبيق مبادئ المملكة الدستورية ومقتضياتها، عدا
ذلك فإن كل هذه البهرجات والإشاعات لا تعني سوى السعي لصرف الأنظار عن مواقع
التخريب الكبرى الذي يستهدفها المشروع الخليفي، بما في ذلك تخريب الواقع الثقافي
والبيئي للسكان الأصليين والإمعان في التمييز والإمتيازات الخليفية والإبقاء على
رمز الفساد والخراب في منصبه مسلطا على رقاب العباد وخيرات البلاد.

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك

حركة أحرار البحرين الإسلامية
14 يناير 2005

[B]
في العراق... تحول كبار ساداتكم ومرجعياتكم إلى راقصات يرقصن على الوحدة ونص أمام الغزاة المعتدين بوش ورامسفيلد وباول بعد أن باعوا العراق للغزاة الأمريكان بأرخص من سعر كيلو بصل...

من هنا، يكون في حكم المؤكد بأنه لو طار الشيخ خليفة من حكم البحرين وحل محله حاكم أمريكي من طراز "بريمر الأمريكي"، لرقص ساداتكم أمامه كالجواري وهنأوه وقبلوا أقدامه...

أراد الإمام الحسين أن يعلمكم الرجولة والشهامة، فطرح لكم شعاره التاريخي: "هيهات منا الذلة..." ولكن طبيعتكم أبت إلا أن يكون شعاركم: "الذلة أمام الأمريكان عزة وكرامة..."