من الانتفاضة إلى العمل الفدائي السري

بعد أكثر من أربعين يوما بقليل مرت على غياب القائد الفلسطيني ياسر عرفات تبدو خيوط المرحلة الفلسطينية الجديدة قد أطلت ببواكير ملامحها
ولتحديد هذه الملامح الجديدة لا بد لنا من إعادة ترتيب ملامح الصورة السابقة ( مرحلة عرفات ) على ضوء ما استجد في واقع القضية الفلسطينية
فمن الواضح اليوم أن عرفات كان ثقلا رئيسيا في موازين الصراع الفلسطيني الصهيوني يرتقي لمرتبة تلاقي جميع خيوط وأساليب العمل الوطني الفلسطيني بأبعاده المدنية والعسكرية والسياسية في قيادته التي اتخذت أبعادا متعددة الأثر مدعومة بجملة من الانتصارات التي أنجزتها المقاومة الفلسطينية بأشكالها المتعددة والتي حولت تلك القيادة الفلسطينية إلى ما كان عرفات باستمرار يفاخر به وهو تمتع قيادته الممتدة شعبيا بمفاعيل الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه مهما تعددت مستويات استعداد الآخر للقبول أو الرفض

أما ميدانيا فإن التجربة الفريدة والتي قل نظيرها على مستوى العالم والتي سيعيد المؤرخون السياسيون لها اعتبار الريادة التي مثلتها بقيادة عرفات فهي تلك الحرب الشعبية بكل ما للتعبير من أبعاد حيث كان المخيم في المنافي قاعدة الثوار وجبهتهم إن لزم كما صارت المدن الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو القاعدة وميدان الانتفاضة

إذا هما نقطتين يمكن اعتبارهما أهم سمات المرحلة السابقة

- الرقم الصعب
- الانتفاضة
جديد المرحلة القادمة بخصوص هاتين النقطتين

فكما أسلفت فالرقم الصعب تشكل بفعل الترابط الذي خلقته نوعية القيادة الفلسطينية بين كافة اتجاهات الفعاليات ( المقاومة ) الفلسطينية شمولا للعمل المسلح والعمل الإداري والسياسي المدني
والجديد في هذا الصدد أن فرزا واضحا بدأ يتكشف يفصل فصلا بيًنا بين قوتين رئيستين في حركة الشارع الفلسطيني تدفع بالرقم الصعب إلى الانقسام إلى رقمين متوازيين مرحليا ومترابطين موضوعيا ولكنها على افتراق لاحق
هذين الرقمين هما
- رقم الفعاليات المدنية ( سلطة إدارية ومؤسسات مجتمع مدني و أجهزة تشريع تعتمد القانون المدني )
- رقم المقاومة بامتدادها من المستوى السياسي المدني إلى تنظيمات العمل المسلح والتي بدأت تعيش مرحلة فك ارتباطها المباشر بالرقم الأول

أما الجديد الثاني فهو علائم التبدل في شكل الانتفاضة ونوعيتها من مستوى انتفاضة المدينة والمخيم إلى مستوى انتفاضة الكتائب المسلحة والدوائر الساخنة كالسجون أو البؤر السياسية الأكثر ضيقا و غيرها

بهذا المستوى تبدأ ملامح واقع الحياة الفلسطينية القادمة بالإطلال برأسها

.................