مشروع قانون الإعلام الإلكتروني " بلا طعمة " .. نريده بطعم الوطن
طباعة أرسل لصديق
عبد الله عبد الوهاب - عكس السير
27/ 06/ 2010
لم أفهم تماماً ما معنى كلمة " انفلاش " حين قالها المهندس رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي عطري في سياق رده على سؤال مراسل موقع عكس السير , حين أجابه على سؤال حول واقع الإعلام الإلكتروني في سوريا , حيث قال العطري أن الإعلام الإلكتروني يعاني من حالة " إنفلاش " لكنني أدركت حينها أنه حان وقت " فلشنا " أو أفلشتنا " أو أي مصطلح يقود إلى مصطلح " الإنفلاش " الذي أطلقه السيد العطري .
دعينا بعد تصريح رئيس الوزراء بنحو أسبوعين إلى اجتماع مع وزيري الإعلام والاتصالات ضم عددا من ممثلي وأصحاب المواقع الإلكترونية في سوريا لمناقشة ما أطلقوا عليه " قانون التواصل مع العموم بواسطة الشبكة " و أعطونا " 19 " صفحة , عنونت الصفحة الأولى منها بالعنوان السابق , حيث اتضح لنا فيما بعد أن هذه الصفحات هي نفسها قانون الإعلام الإلكتروني المنتظر , ولسبب معين لم يطلق عليه هذا الاسم , والتي ستقضي على " إنفلاش " الإعلام الإلكتروني , و" تفلشنا " وفق ما أرادوا .
اعترض عدد من الزملاء و أساتذتنا في الإعلام ممن كانوا حاضرين , على محتويات الصفيحات ( نسبة إلى الصفحات الورقات وليس إلى الصفيحة الحمصية ) ودار نقاش حاد بين الحاضرين , وقام أحد الزملاء برمي هذه الوريقات على الأرض , كاعتراض منه على محتواها الذي سيعيدنا إلى العصر الحجري .
استغرب معظم الحاضرين من الرجاء الذي قدمه الوزيران بأن لا يتسرب هذا المشروع إلى الرأي العام , ريثما يتم إغنائه بمقترحات الزملاء , ومحاولة تجنب الرأي العام في القانون أو " مشروع القانون " .
ووعدنا بلقاء في الأسبوع الذي يليه لمناقشة ما جاء في الوريقات , لكن مضى أسبوع , اثنان , الثالث على الأبواب , ولا حس ولا خبر , لذلك نضطر لإيصال رأينا كـ عكس السير من خلال هذه المقالة .
المهم , في اليوم التالي للاجتماع , تسرب " القانون " إلى الإعلام , وكتبت فيه مقالات وتحليلات وآراء , صبت جميعها في خانة توصيفه بقانون " العقوبات " وليس " الإعلام " .
طلب مني بعض الزملاء أن أكتب مقالاً أعبر فيه عن رأيي بهذا " القانون " لسببين , الأول هو أننا الموقع الأكثر زيارة من قبل السوريين , والثاني هو أننا أكثر من عانى من موضوع التوقيفات , ورفع الدعاوى الكيدية من قبل الفاسدين .
تكرر الطلب وكل مرة أرفض , يطلبون وأرفض , وأمام إصرارهم كان لا بد من بيان سبب رفضي الكتابة , فرويت لهم هذه الحكاية :
يحكى أن شاباً عرف بسوء أخلاقه وألفاظه النابية , حتى أنه لا تخلو جملة من كلامه من لفظة نابية أو بذيئة , أردا أهله أن يخطبوا له فتاة بعد أن أصبح في سن الزواج , وفي كل مرة يزورون أحداً لهذه الغاية , كان " يبج " كلمة من العيار الثقيل جداً , فينفر أهل العروس منه , وفي غالب الأحيان كانوا يقومون بطرده .
وبعد أن عجز الأهل , طلبوا منه أن لا يتفوه بأية كلمة ويتظاهر بالخرس , وبالفعل , حددوا موعداً مع فتاة جديدة , وذهبوا إلى منزلها بغاية الخطبة , جلس الشاب دون حراك أو كلمة , وجلس الأهل جميعاً , قدمت الفتاة الشاي , أخذ الشاب الكأس , وضع ثلاث قطع من السكر , نظر إلى الطاولة لم يجد ملعقة لتحريك السكر , فجلس وعاد إلى الوراء .
- اشرب الشاي يا بني
- ( يومئ رأسه للأعلى )
- اشرب يا بني ما بيجوز
- ( يعود ليومئ برأسه )
- ما بيصير يا ابني , اشرب الشاي
- ( ضاق ذرعا بهم , انتفض , وصرخ بوجههم : بشو بدي أحرك الشاي .. بإصبعتي )
فطرد الشاب مع عائلته من منزل الفتاة .
اعتبر أهل الفتاة كلام الشاب فظاً , لكنه في الحقيقة واقعي , فماذا سنكتب عن قانون الإعلام الإلكتروني , ولماذا هذا القانون , وفي هذا الوقت , وبهذه البنود , وتحجيم دوره , وجعل إغلاق موقع مهما كبر شغله , رهين إصبع " مواطن " حتى لو كان بمرتبة وزير بمقابل إلغاء دور القضاء السوري الذي نستند إليه في عملنا .
السيد وزير الإعلام
السيد وزير الاتصالات
ما قدم إلينا لم يكن مشروعاً عصرياً كما أطلق عليه , إنه مشروع يعود بالإعلام إلى العصر الحجري .
إن قانوناً :
- لا يميز بين الأحكام الصادرة بحق الموقع , والأحكام الصادرة بحق العاملين فيه .
- لا يميز جرم اساءة استعمال السلطة .
- يشترط شهادة خبرة ولا يحدد المخول بإعطائها.
- يلزم العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية على الانتساب لاتحاد الصحافيين .
- يمنع الإعلان في المواقع الالكترونية غير المعتمدة , ويفتح الطريق أما المواقع ذات الأجندة السياسية التي قد تكون مدعومة من الخارج .
- يمنع نشر معلومات غير صحيحة أو متناقضة , ولايحدد الجهة التي تتابع وتحدد صحة المعلومات المنشورة .
- يحظر نشر كل ما من شأنه التحريض على ارتكاب الجرائم .. عموميات عموميات
- لا يع طبيعة الإعلام الإلكتروني عندما يتعلق بحقوق المتضررين من النشر .
- يقول إن حق الرد لمن جرى التعرض إليه تصريحاً أو تلميحاً , ما معنى تلميحاً !!!!.
- يمنع التعقيب على الرد , إذا كان يورد حقائق جديدة .
- يقول أن الموقع يحجب حجبا كلياً أو جزئياً دائماً أو مؤقتاً في حالات معينة , دون أن يحدد مدة الحجب وبشكل مخالف للقانون
- يحق فيه لشخص حتى وإن كان وزيراً أن يحجب الموقع , وفي ذلك مخالفة للدستور في الجمهورية العربية السورية , والغاء لدور القضاء .
- يسمح بجرجرة الصحفي وسجنه بناء على ادعاء كيدي دون أن يتسنى له الدفاع عن حقوقه قبل توقيفه
السادة الوزراء
كل ما سبق كان ملاحظات صغيرة , وهناك دراسة قانونية في نهاية المقال توضح تفاصيل أكثر , الأمر الذي يطرح تساؤلا مشروعاً , حول ثقافة ومؤهلات من وضع هذا القانون , وهل له علاقة بالصحافة !! , أو هل دخل الإنترنت يوماً , أو قرأ القانون السوري ؟؟؟ .
لقد وصل الإعلام الإلكتروني السوري إلى سمعة متقدمة على المستوى العربي والإقليمي , والكلام حول حرية الإعلام في سوريا أسهمه في ارتفاع , لماذا تريدون قتل هذا الإنجاز , ولمصلحة من ؟؟ .
أنا أتحدى الدول العربية ذات المال الوفير أن تمتلك قدرة الشباب السوري على صنع إعلام إلكتروني , ( على إمكاناتنا المتواضعة ) بحجم ما صنعنا .
نحن في عكس السير تم تهديدنا بالقتل مرات كثيرة من قبل فاسدين , وتم توقيفنا في السجن نتيجة مكائد اشترك فيها فاسدون , وعانينا , و نأينا بنفسنا إلا أن نحب هذا البلد ونعمل تحت ظل سياسة الدكتور بشار الأسد في تنظيف سوريا من الفاسدين .
قد يكون الأمر أقل من طبيعي بالنسبة لكم , لأنكم تجلسون وراء مكاتبكم , وتكلفون " أرباع مثقفين " بإعداد قانون إعلام يقتل بصيص الأمل في تطور الإعلام السوري وهو الإعلام الإلكتروني , أمام ترهله على مستويات أخرى .
نحن حاربنا في حرب تموز وإبان الاعتداء على غزة , ووقفنا بوجه الحرب الإعلامية اللبنانية التي حرقت الأعلام السورية على شاشاتها وصفحات جرائدها , المواطن السوري علق في عكس السير والمواقع السورية بدل أن يعلق في موقع العربية نت وغيرها , كما تمكنا من جذب القراء العرب إلى عكس السير الذين علقوا بكثافة خلال الحروب , لذلك يا وزير الاتصالات ما من داع لتتكلم حول التعليقات كما تكلمت في الاجتماع .
المواقع السورية باتت تحظى بشهرة عالمية , نتيجة هامش الحرية التي تحرك به الشباب الإعلامي السوري , والذي منحه لنا الفكر المتقد والمنفتح للدكتور بشار الأسد .
السادة الوزراء ومن خلفهم السيد العطري
أدعوكم لقراءة ما تفضل به الدكتور بشار الأسد خلال لقاء له مع صحيفة الخليج في شهر اذار 2009 :
الصحافة الخاصة بدأت في عام 2002 , وعمرها اليوم حوالي ست سنوات , وقد بدأنا ندرس كيف نطور قانون العقوبات نسبة للعمل الصحافي , وفي المقابل لدينا الصحافة الإلكترونية ليس لها ضابط , ومعنى هذا أنك تستطيع القيام بأي عمل وليس من قانون يحاسبك , فنحن في حالة تطوير .
نحن في مرحلة تطوير , والمشكلة أننا في التطوير نفترض أنك إذا امتلكت الفكرة فأنت تمتلك الحل , لا , حتى إذا امتلكت الفكرة فإن الحل في حاجة إلى متطلبات تأخذ وقتاً . نحن نسير , وبكل تأكيد لا نسير بسرعة , ولست من النوع المتسرع .
السيد العطري .. السادة الوزراء
أنتم تعرفون أنني كصحافي إذا اشتغلت في منتدى خليجي , فإن مردودي المادي يتضاعف بمرات عما أتقاضاه في العمل الصحفي الإلكتروني .
لمصلحة من يوضع مثل هذا القانون ؟؟
إن القوانين توضع لضمان حقوق جميع الأطراف و لا توضع بمواجهة طرف واحد .
و أتساءل ما هي الحقوق التي ضمنها هذا المشروع للعاملين في الإعلام الالكتروني فمن الواضح أن جميع بنوده تبتدئ بعبارات: يحظر على ، و يجب على، و يمنع من . فأين هي عبارات : يحق ل .
هناك شباب سوريون يحبون سوريا , ويعملون لأجلها .. دعوهم يعملون .. ويحبون وطنهم..
لا تدعوا أيها المشرعون أننا لا نريد قانونا .. لكننا نريد قانونا فيه " يحق لـ " , كما فيه " يحظر على ، و يجب على، و يمنع " .
عبد الله عبد الوهاب - عكس السير
أنا سمعت أنو كان بدو يحرك السكر بغير شي ..!!!!! وليس بإصبعه ...لهيك قلعوه ....