ليبرمان يدعو لحل القضية الإيرانية أولا والتخلي عن مبدأ الأرض مقابل السلام
نتينياهو: خطاب وزير الخارجية لا يمثلنا
نيويورك: راغدة بهنام
دعت إسرائيل أمس إلى حل القضية الإيرانية قبل حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، في خطوة تزيد من هشاشة مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين المعرضة للانهيار بسبب رفض إسرائيل تمديد فترة تجميد الاستيطان. وربط وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بين القضية الفلسطينية وإيران بشكل مباشر، وقال في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك أمس، إن «إيران يمكنها أن تستمر في الوجود من دون حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي، ولكن المنظمات الإرهابية لا يمكنها أن تستمر في الوجود من دون إيران». وأشار إلى أن «إيران من خلال حروبها البديلة يمكنها أن تحبط أي اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين أو مع لبنان، لذلك عند البحث عن اتفاق دائم مع الفلسطينيين، يجب التعاطي مع الجذور الحقيقية للصراع،
وعلينا أن نفهم أنه أولا يجب حل القضية الإيرانية».
وأضاف: «علينا أولا أن نتعاطى مع جذور المشكلة وليس أعراضها. هناك بالطبع مشكلات أخرى يجب أيضا حلها، وهذا ليس شرطا كافيا، ولكنه مع ذلك أساسي».
وتحدث عن غياب الثقة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، مشيرا إلى ضرورة بناء الثقة أولا قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية العملية من مفاوضات السلام. إلا أنه أضاف أن هذا الأمر قد يتطلب «عقودا»، وقال: «علينا أن نربي جيلا بأكمله يتمتع بالثقة المتبادلة، ولا يتأثر بالتحريض والرسائل المتطرفة. لكي نتوصل إلى اتفاق نهائي، علينا أن نفهم أن العائق الأساسي هو الخلاف بين أمتين، وهذا صحيح في كل مكان، حيث هناك أمتان وديانتان ولغتان تتنافسان على الأرض نفسها..».
ودعا إلى «تبادل أراض مسكونة» في الحل النهائي للسلام، وقال إنه في أماكن أخرى من العالم ذات حالة شبيهة، تم تفادي الصراع «عبر اعتماد فصل فعال». وقال: «المبدأ التوجيهي للحل النهائي يجب أن لا يكون الأرض مقابل السلام،
بل تبادل الأراضي المسكونة.. وأنا لا أتحدث عن تحريك السكان، بل عن تحريك الحدود لكي تعكس الحقيقة الديمغرافية بشكل أدق». وأضاف مستبقا الجدل الذي قد يثيره طرحه هذا: «هذا الطرح أقل جدلا بكثير مما قد يعتقد البعض.. إسرائيل ليست أين نحن، بل من نحن».
ورفض ليبرمان الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء، مقولة أن يكون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هو سبب عدم الاستقرار في المنطقة. وقال: «أكثر من 90 في المائة من الحروب في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، لم تكن نتيجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وليست مرتبطة بإسرائيل بأي شكل من الأشكال، بل كان سببها صراعات بين المسلمين أو الدول العربية. حرب إيران والعرب، حرب الخليج، الحرب بين الشمال والجنوب في اليمن،
اعتداءات حماة في سورية، والحروب في الجزائر ولبنان، هي بعض الأمثلة، واللائحة تطول».
ورفض أيضا «التفسير الثاني الذي يعطى» للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، «وهو أن جذور الأزمة ما يسمى بالاحتلال، والمستوطنات (في الضفة الغربية) والمستوطنين أنفسهم. وتقول هذه المقولة إنه فقط بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة في (الضفة الغربية) وغزة، سيتحقق السلام في المنطقة». وأضاف أن هذه الأراضي كانت طوال 19 عاما بين عامي 1948 و1967، تحت السيطرة العربية، وخلال هذه السنوات «لم يحاول أحد تأسيس دولة فلسطينية». واستشهد باتفاقيات السلام الموقعة مع مصر والأردن على الرغم من وجود المستوطنات.
وتابع يحلل «الحجج المضللة» الأخرى حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ورفض أيضا «الادعاء بأن هذا الصراع يعوق تشكل وجهة دولية موحدة ضد إيران». وقال: «هذا الادعاء ليس فقط خاطئ بل هو غير مسؤول. لأنه يمكن استعمال المنطق نفسه للقول إن الصراع يعوق التصرف تجاه كوريا الشمالية، والقرصنة في الصومال، والأزمة الإنسانية في السودان والتحديات في أفغانستان..». إلا أن بيانا أصدره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، قال إن الخطاب الذي ألقاه ليبرمان في الأمم المتحدة حول تسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمثل موقف حكومة الدولة العبرية.
وبدا أن بيان نتنياهو يشير خصوصا إلى مقاطع من خطاب ليبرمان يدعو فيها إلى «تبادل أراضٍ مع سكانها» كسبيل لحل النزاع، إضافة إلى «اتفاق انتقالي بعيد المدى»، مما يعني استبعاد تسوية نهائية.
وقال البيان الذي صدر في القدس إن «مضمون خطاب وزير الخارجية في الأمم المتحدة لم يتم التنسيق في شأنه مع رئيس الوزراء».
وأضاف أن «المعنيّ بالمفاوضات الدبلوماسية هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأن التدابير المختلفة من أجل السلام سيتم تحديدها فقط حول طاولة المفاوضات، وليس في أي مكان آخر».