خلال متابعتنا لزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والتي تعتبر الأولى من نوعها وتسجل سابقة تاريخية في المنطقة العربية كلها وبالأخص في الأراضي اللبنانية فنجاد ذلك الأسمر الفارسي القادم من بلاد فارس ابن الثورة الإيرانية والذي كان طالبا جامعيا إبان الثورة الإيرانية، ذلك الذي ألقى خلال أربع وعشرين ساعة ثلاثة خطابات متزامنة عدى عن مؤتمر صحفي عقده مع الرئيس اللبناني العميد مشيل سليمان، في حادثة غير مسبوقة لأي زعيم أجنبي يقوم بزيارة رسمية لأي بلد أين كان.


ولأول مرة يزور زعيم أجنبي بنت جبيل ومارون الراس ويقف على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وهذه المنطقة وهي ضمن القرار 1701 تعتبر تحت قوات الـ "يونيفل" بما أنها على الحدود هذا مشهد غير مسبوق أن نشاهد زعيما عربيا في هذه المنطقة المتوترة أصلا فكيف بحضور رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية نجاد والتي تشكل الرعب، لكنه وجه رسالة إلى "إسرائيل" وقال لهم إنكم على موعد لزوال، فلا خيار أمامكم إلا الاستسلام للأمر الواقع والعودة إلى دياركم.


هذه الزيارة التي كانت على عجالة والتي تم استثمار كل دقيقة بل كل ثانية منها بشكل ايجابي لا لشيء لكن من اجل تبيان نقاء صفحة إيران لشعوب المنطقة كاملة، فالكل يعلم أن المنطقة تعاني من "فوبيا إيران" وقد نقلت حكومات المنطقة العربية هذه الـ "فوبيا" إلى شعوبها دون ترتيب مسبق أو تحضير بأن نجاد سوف يزور المنطقة ويحظى بهذه الحفاوة التي لم يسبق لأي زعيم عربي أن حظي بها بعد الرئيس جمال عبد الناصر.

وفي حالة استثنائية أخرى نستطيع ذكرها هي الشعبية التي حظي بها الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات قبيل استشهاده، نعم فبسبب تلك الـ "فوبيا" تابعت كل شعوب المنطقة قبيل حكوماتها هذه الزيارة من علا الفضائيات ليس حبا في إيران ولكن لتعلم من هو نجاد ذلك الذي رسم في مخيلة الشعوب انه قادم لتحقيق الإمارة الإسلامية وولاية الفقيه في المنطقة العربية وهو الذي يشعل الفتن ما بين السنة والشيعة، لكن ما كان مفاجئا للجميع أن نجاد كان بالفعل قد درس المنطقة العربية بشكل جيد وانتقى كلماته في الخطب التي ألقاها بحذر شديد لتلامس مشاعر شعوب المنطقة قبيل عقولهم ليترك بصماته ويرحل ويترك الشعوب في حيرة أن نجاد ما هو إلا قائد متواضع كريم و إنسان يطمح أن يعم الاستقرار في المنطقة العربية كلها ولا مصالح له سوى أن يزورنا ويصافح أيدينا.


نعم لقد لعب حزب الله دورا كبيرا في ذلك، فسواء اتفقنا مع السيد حسن نصر الله أم اختلفنا معه فلا احد ينكر أن السيد يمتلك شعبية واسعة ومحبة خاصة في قلوب المستضعفين من شعوب المنطقة العربية وما أكثرهم في منطقتنا هؤلاء المضطهدين من قبل حكوماتهم اليوم تغلغل نجاد إلى العقول العربية والقلوب ومحبي الحرية والتواقين إليها نعم، انتهت زيارة نجاد للمنطقة لكن آثارها لم تظهر بعد وسوف تظهر خلال الفترة القادمة عندها على الحكومات العربية أن تكون أعدت تكتيكا وإستراتيجية جديدة لشعوبها لأنها لن تقتنع بعد ذلك أن هناك مشروعا أيرانيا فارسيا يهدد المنطقة ويهدد أمنهم الذي هو مهدد بالأصل بسبب الفقر والجوع والاستعمار .

على الحكومات أن تبادر الآن وعلى عجل بمد يد السلام لإيران ومصافحتها عليها أن لا تعيد الخطاء مرتين فلقد أخطأت عندما تركت إيران بعيد الثورة مباشرة ولم تصافحها أما الآن فنجاد كان أذكى فقد أتى بنفسه ووضع الكرة في الملعب العربي هو سدد هدفا بضربة جزاء لا بل كانت ثلاث ضربات مباشرة للمرمى العربي الذي بات قاب قوسين أو أدنى إن لم ينتبه العرب في خطر محدق من طرفين وقوتين تتنافسان عليه القوة التركية والإيرانية، وعليهم أن يدركوا انه يجب مسك العصى من الوسط لا وضعها في الدواليب لأنه يوما ما ستنكسر وتعود عليهم بالضرر الأكبر.


احمدي نجاد ذلك الفارسي الذي ابتداء كلماته الثلاث باللغة العربية وختمها باللغة العربية وتخللها الكلام الفارسي، كان عالما في الجامعة اللبنانية في بيروت ومحللا اقتصاديا وأستاذا يبحث عن حل للازمة الاقتصادية العالمية، كان طالبا ومتواضعا ليصل إلى قلوب شعوب المنطقة قبيل اللبناني، هاهو نجاد يقطع من الكعكة الإيرانية العلمية والاقتصادية ليجعل أول دولة عربية تتذوق حلاوة مذاقها وفي حال نجاحها سوف تتوجه الدول العربية لتتذوقها أيضا، لذا عليهم التوقف الآن والتفكير مليا بأن نصافح اليد الإيرانية التي امتدت لنا.



لكننا اليوم في بنت جبيل شاهدنا رسائل كثيرة فخطاب نجاد الثوري والذي يعتبر خطابا مقاوما بكل المضامين نقل رسائل عدة، قبلة برسائل إسرائيلية منذ أول يوم زار به المنطقة عندما أطلقت البالونات الإسرائيلية فأعادها نسيم لبنان إلى الأراضي الفلسطينية فردة الجماهير اللبنانية في بنت جبيل بإطلاق البالونات التي لامست هواء الأرض المحتلة لتعلن عن استقبال نجاد في ظاهرة البالونات الاستفزازية.

كانت هناك رسائل عده تضمنها الخطاب وهي:


1- تحليق الطائرات اللبنانية لتقديم الحماية اللوجستية لنجاد لكنها انسحبت بعد وصوله حتى لا تثير أي عملية استفزازية مع القوات الحربية الإسرائيلية.

2- منذ بداية الخطاب ابتدأت المروحيات الإسرائيلية تحلق في السماء اللبنانية على مقربة من موقع الخطاب الذي ألقاه الرئيس نجاد.

3- همس احد المقربين من نجاد في أذنه واخبره أن هناك مروحيات إسرائيلية ثم توقف الرئيس نجاد عن كلمته المكتوبة ليوجه كلمه ارتجالية ويعلن أن الصهيونية إلى زوال وأعلن أن لبنان باقية وأن إيران ستكون الى جانب المقاومة وحيا فلسطين وحيا لبنان وحيا إيران.

4- أراح احمدي نجاد الأوساط اللبنانية عندما لم يتخذ من لبنان منبرا لتصعيد ضد "إسرائيل" فكل خطبه كان يتوجه بالتحية إلى كل من مشيل سليمان ونبيه بري والشيخ سعد الحريري. والى المسلمين والمسيحيين ويطالب بالوحدة اللبنانية لأنها أساس القوة الداخلية وأساس النصر.


5- الرئيس نجاد أذهل الكل عندما تحدث أن الشأن الداخلي اللبناني هو شأن لبناني فوضع الراحة في كل الأوساط في الداخل اللبناني وأثبت فشل النظريات والأقاويل التي انطلقت قبل زيارته.


6- توجه برسالة إلى فلسطين وحياها ووعد أن النصر قادم وان فلسطين على موعد مع التحرير والنصر .

احمدي نجاد ختم خطابه في كلمات انهي بها مقالي عندما شاهد الطائرات الحربية الإسرائيلية، ستكون إيران إلى جانبكم أبدا، والصهيونية إلى زوال وأشار بشارة النصر ورفع يده نحو الطائرات الحربية الإسرائيلية التي حلقت على الحدود اللبنانية الفلسطينية وحيا الشخصيات اللبنانية وحيا الجيش اللبناني رسائل تطمين وتهدئه بالحديث عن المقاومة. فطارت البالونات المعبئة بكلمات إيرانية لتحط في الحدود الفلسطينية ونحن بدورنا نقول شكرا لكلامك نجاد. لأن زيارتك حملت التطمين لا القلق ولننتظر آثارها ولنرتقب ردة فعل شعوب المنطقة.

فانتهت الزيارة وودع نجاد المنطقة وختمها بزيارة لأضرحة الشهداء.


سوسن زهدي شاهين
http://www.alalam-news.com/node/304337

اللهم صل على محمد و ال محمد
لاتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار