(10-30-2010, 10:35 PM)neutral كتب: الزميل العزيز بهجت
نظرا للأحداث السياسية منذ أحداث سبتمبر فقد بدأت حملة بقيادة أمريكية ضد مايسمى بالوهابية- طبعا هذه الحملة ليست لوجه الله أو التنوير ولكن بسبب وصول النار التى أشعلوها إلى مضاربهم وهو بالمناسبة الشئ الذى أدخل على قلبى الكثير من السرور والحبور- وحتى لاننساق وراء البغل الأمريكى ونبقى عارفين ساسنا من راسنا فهناك سؤال يدور فى رأسى أعتقد أنه من المهم الإجابة عليه بأمانة وموضوعية. كمقدمة لسؤالى فأنا أبدا لا أقلل من الدور الذى لعبته أموال النفط فى الترويج لهذا الطاعون ولكن هل المشكلة بالفعل فى الوهابية أم أعمق من هذا? حتى يتضح سؤالى ,لو أستعرضنا أراء وفتاوى ومواقف شيوخ ورجال الأزهر فى القرن التاسع عشر وحتى ماقبل ظهور الوهابية على السطح بفعل البترودولار فهل هى بالفعل متعارضة مع أراء وفتاوى ومواقف شيوخ الوهابية أم أنها متشابهة معها لدرجة تصل أحيانا إلى حد التطابق?
نيوترال .
يا صديقي العزيز .
لماذا تعتقد أننا منساقون خلف السياسة الأمريكية ؟، هذا يتكرر منك كثيرآ و لكن المدهش أن المشكلة عكسية تماما ، فهنا في مصر و العالم العربي رفض دائم لكل ماهو أمريكي . شخصيا لا أستخدم المنظار الأمريكي فأرى كل ما يقولونه كبيرآ ،ولا اعكسه فأرى كل ما يقولونه خاطئ .
إنني لا أقارن هنا بين الإسلام المصري الأزهري و الإسلام الوهابي ،و لكني فعلت ذلك في أكثر من موضوع ربما آخرها التخلف المقدس
http://nadyelfikr.com/showthread.php?tid=38511
وهناك شريط آخر هو لا تكرهوا الشيعة !.
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=24308
أكثر من ذلك هناك بعض الردود التي يطرحها الزميل " علي نور الله " بها كليبات لمرجعيات شيعية توضح ذلك بأدق ما يمكن . و لكني أحب ان أستدرك هنا لأقول أن تلك الفروق تكاد تتلاشى حاليا لصالح الفكر الوهابي ،و تلك أيضا قضية وضحتها في شريط " التخلف المقدس " . فالأزهر مخترق كلية ،و التكفير ممارسة مألوفة تماما في مصر تأثرآ بالتكفير الوهابي .
بالطبع سيكون هناك مساحة واسعة من الإتفاق بين الفقه الشافعي الأزهري و بين الفقه الحنبلي الوهابي ، بل بينهما و غيرهما من المذاهب الإسلامية ، بما في ذلك مذاهب شيعية أيضا ، فالجميع يسقي من معين واحد " القرآن و السنة " . الفارق الأساسي ان الشافعية المصرية كانت مسالمة هادئة موالية للدولة ،و لكن الوهابية مثل الفيروس النشط ، عدوانية تكفيرية معادية للدولة ،و تملك الثروة و النزق كي تبددها على التخريب . و لكن هذا كله مبحث يطول جدآ . لدي بالطبع ما أقوله وازعم انه دقيق ، فقد سمعته خلال محاضرات طويلة من الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي عندما كان مفتيا للديار و عرضت موجزا سريعا له في شريط " لا تكرهوا الشيعة " .
و لكني هنا أحب أن أكون محددآ للغاية فلست أفاضل بين الفقه الشافعي و الوهابي ، لأني ببساطة أرفض تطبيق الشريعة الإسلامية كلها بلا تردد ،و لي أكثر من شريط في هذا المجال ، ربما آخرها موضوع " الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=19285
إهتمامي في هذا الشريط منصب على فرعية هامة هي :" الممارسة العملية للقضاء الإسلامي القائم على تطبيق الشريعة " . كما تعلم يثير الإسلاميون قضية تطبيق الشريعة كقضية محورية ، و لهذا لا أكتفي بالرفض النظري و العقلاني ، بل أيضا التطبيقي . هنا لدينا مثال تطبيقي واضح للغاية على تهافت هذا القضاء و بدائيته ، و أريد أن أسمع من الإسلاميين رأيهم في تطبيق " شرع الله " عن طريق " إستنطاق الجن " .
بل أحب أن نرى – كما ترى – أنه لن توجد فروق كبيرة بين تطبيق الشريعة في السعودية " الرائدة " و تطبيقها في مصر و غيرها لو ابتلينا بتلك المحنة القاتلة .
الدول العربية – يا صديقي - مختلفة جدا في مجال التشريع ، نتيجة أن بعضها تأثر بالاستعمار الغربي مثل مصر و سوريا و العراق ، و البعض كان بعيدا عن هذا التأثر مثل السعودية و شمال اليمن .إنني أدعو المثقفين في المجتمعات التي تبنت الأنظمة القانونية الحديثة ، إلى رفض دعوة تطبيق الشريعة ، بل وحتى إلى تبنى دعوة إيجابية بعلمنة كاملة للقوانين بما في ذلك قوانين الأحوال الشخصية ،و بالضرورة رفض الدولة الدينية ،و شعار أن الإسلام دين ودولة .
نعم هناك مجتمعات لم تعرف القانون الحديث ( الوضعي ) قط ، و فرض القانون المدني عليها سوف يكون أشبه بفرض الشريعة الإسلامية على الإنجليز ، وهذا كله لا معنى له . فالقانون نتاج و تعبير عن ثقافة محددة ،و ليس مجرد منتج علمي محكوم بقواعد جامدة .و إن آخر ما أفكر فيه أن أصدم الشاب الذي نشأ على تقديس الفكر الوهابي السلفي أو الشيعي الإمامي في معتقداته ،و يمكن لهذا الشاب ببساطة أن يعتبر أنه غير مخاطب بهذا الموضوع كلية .إن النظام السعودي يحقق لشعبه و غيرهم من المقيمين حياة طيبة آمنة ، بل ربما كانت أفضل كثيرا من الحياة في الدول شبه العلمانية كمصر وسوريا ،و لهذا لا أريد أن أفسد حياتهم ، فالعالم يقبل التنوع لو أحسنا التعامل معه .
يجب أن يحترم كل منا ثقافة الآخر و خياراته بدون تدخل سافر أو مقنع ، فلا يتدخل المصري أو السوري في خيارات السلطة السعودية عندما تطبق الفقه الإسلامي الوهابي كقانون لإدارة المجتمع بحجة نشر المدنية و الحضارة ، ولا يتدخل السعوديون في خيارات العرب الآخرين عندما نرفض تطبيق هذه الحدود باسم حمايتهم للإسلام .
إن استغلال حاجة العربي للعمل في دول النفط لفرض معتقد خاص أو إلزامه بتطبيق مذهب محدد ،أو تمويل الحركات الأصولية و الإسلامية تحت مسميات متعددة بهدف ضرب و إحراج الحكومات العربية و دفعها لتطبيق الحدود ، سوف يؤدي إلى تفجر الصراع العربي – العربي من جديد ، كما حدث في الحقبة الناصرية .
و تقبل فائق تقديري و مودتي .