وصف العطري لـ«14 آذار» بـ«الهياكل الكرتونية» يعيد تفجير السجال مع سورية
الجميل لـ «الشرق الأوسط»: سياسة اليد الممدودة لا تنفع مع سورية.. والمطلوب العودة للتشدد في التعاطي معها
بيروت: بولا أسطيح
لم يمر وصف رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري لقوى «14 آذار» بـ«الهياكل الكرتونية» مرور الكرام في لبنان؛ إذ عاد احتدام السجال بين هذه القوى والنظام السوري إلى أوجه، بعدما كان قد تراجع مؤخرا مع مساعي رئيس الحكومة سعد الحريري إلى فتح صفحة جديدة مع سورية ورسم مسار جديد للعلاقات بين البلدين، خاصة بعد حديثه الأخير لـ«الشرق الأوسط» والذي أقر فيه باقتراف أخطاء بحقها في المرحلة الماضية.
وعلى الرغم من أن تيار «المستقبل» الذي يرأسه الحريري يحاول قدر المستطاع تجنب الخوض في نقاشات وسجالات مع المسؤولين السوريين، احتراما لرغبة الحريري وطلبه الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يوتر العلاقة بين البلدين، كما قالت مصادر في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، فإنه في الآونة الأخيرة يبدو أن سورية تتعمد إيصال رسائل لرئيس الحكومة اللبنانية بأنها غير راضية تماما عن مواقفه الأخيرة وتطالبه بالمزيد. ويبقى الحريري «متمسكا بجسور التواصل الجديدة التي بناها مع الرئيس السوري، مفضلا أن تبقى هذه الجسور على ما هي عليه على أن تنهار».
كان رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري قد وصف فريق «14 آذار» بأنه «هيكل كرتوني»، قائلا في مقابلة صحافية أول من أمس: «نحن لا ننظر إلى 14 و15 و16 آذار، فهذه الهياكل كرتونية، بل ننظر إلى الشعب اللبناني وإلى أمن سورية ولبنان والعلاقات الاستراتيجية بين الجانبين». وأضاف: «هذه الأمور كلها أساسية، أما في 14 آذار و15 آذار فمن هؤلاء؟ لقد ظهروا على الساحة كمجموعة لهم وجهات نظر يعبرون عنها كما يشاءون بالطريقة الموجودة، أما سورية فلا تنظر إلى هذه التسميات بعين من الجدية»، مذكرا بأن الرئيس السوري بشار الأسد قال في السابق: «إننا ننظر إلى اللبنانيين من مسافة واحدة، ونحن حريصون على كل شقيق لبناني مؤمن بالعلاقة الوثيقة مع سورية ويعمل على تجسيدها، أما الذي يعمل ضد هذه العلاقة فهذا شأن آخر».
من جهته، ذكر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» اللبنانية سمير جعجع، العطري، بأن «هذه الهياكل الكرتونية هي التي أسقطت نظام الوصاية السورية في لبنان عام 2005 على رأسه، وأدت إلى خروجه من لبنان». وقال جعجع: «يبدو أن العطري لم يتنبه فعلا إلى ما قاله، وتاليا ليس في مصلحته أبدا أن تكون (14 آذار) هياكل كرتونية»، متسائلا: «إذا كانت كذلك فعلا فكيف سيكون حال نظام الوصاية الذي أسقطته؟». وأضاف: «أما حديثه عن العلاقات الثنائية من دولة إلى دولة فكل ما شاهدناه في الأشهر الثمانية الأخيرة، على الرغم من الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، يبين عكس ذلك، واجتماعات سورية معهما يبدو أنها اجتماعات (شاي وتسلية)، بينما الاجتماعات الجدية للإخوان السوريين تعقد مع جماعاتهم في لبنان ومع فرقاء لبنانيين آخرين؛ حيث يمضون ساعات وساعات معهم، والكلام الجدي يكون خلال هذه الاجتماعات وليس خلال الاجتماعات الرسمية».
وأعرب تيار «المستقبل» عن أسفه لأن يصدر عن «رئيس وزراء دولة شقيقة مثل هذا الكلام غير المناسب بحق حركة سياسية شعبية يعتبر تيار المستقبل نفسه جزءا لا يتجزأ منها، خصوصا أنه يشكل تدخلا في شؤون لبنان الداخلية». لم يتأخر نواب تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه الحريري عن الرد على العطري، فاستغرب النائب عقاب صقر «الكلام المؤسف والمعيب» الذي أدلى به رئيس عطري، مشيرا إلى أنه «كلام يخالف أدنى أدبيات التخاطب السياسي والاعتبارات الدبلوماسية التي يفترض أن تحكم خطاب رئيس حكومة سورية تجاه قوى سياسية أساسية وشريحة كبيرة من اللبنانيين».
وقال صقر، في تصريح أمس: «إن هذا الكلام جزء لا يتجزأ من عملية التقويض الممنهج للانطلاقة الجديدة للعلاقة اللبنانية - السورية»، وأضاف: «إن مثل هذا التصريح يجعلنا نتفهم بعض التسريبات الإعلامية وبعض الكلام اللامسؤول والعشوائي الذي يطلقه بعض المسؤولين اللبنانيين الذين يلتقون ربما في سورية شريحة سياسية مثل السيد عطري».
واعتبر النائب زياد القادري أن «العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري وسورية قد تمر بمطبات، وأن هناك متضررين من هذه العلاقة المؤسساتية، كما وصفتها مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان». وأضاف القادري: «لكن قنوات الاتصال مفتوحة، ونحن لدينا مصلحة في حسن سير هذه العلاقة في ظل مصلحة البلدين والدستور اللبناني». وسأل: «هل أعلنت السعودية يوما أن علاقتها مع أي طرف لبناني تحددها علاقة هذا الطرف بآخر لبناني؟ نحن نتمنى أن تكون نظرة سورية قائمة على أن العلاقة مع لبنان ليست مع أشخاص، بل مع دولة، ونحن نريدها أفضل العلاقات ومتمسكون بها حتى النهاية».
وأوضح النائب عاصم عراجي أن «الرئيس الحريري في اجتماعات تيار (المستقبل) يشدد على أفضل العلاقة بين البلدين، وأن تكون علاقة مؤسسات وعلاقة من دولة إلى دولة؛ لأن هناك أمورا مشتركة بين البلدين»، معتبرا أن «التدخل السوري في لبنان لا يتحمله السوريون وحدهم بل يتحمل جزءا منه اللبنانيون أيضا؛ لأنه في السابق كان اللبنانيون يطلبون من السوريين التدخل في أصغر التفاصيل». وأبدى عدم موافقته على «كلام دولة رئيس مجلس الوزراء السوري ناجي العطري؛ لأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبنان».
ردا على العطري : المؤسسات السورية هياكل عظمية
طباعة أرسل لصديق
احمد عياش - النهار اللبنانية
24/ 10/ 2010
لا يتوقع احد ان يثير رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط اذا ما زار دمشق اليوم ما تركه تصريح رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري من لغط في بيروت عندما وصف في حديث الى الزميلة "الرأي" الكويتية قوى 14 آذار بأنها "هياكل كرتونية" للدلالة على هشاشتها وضعفها كما هي حال الورق المقوى (الكرتون)، علماً ان جنبلاط هو من قادة هذه القوى عندما حشدت للمرة الاولى في تاريخ لبنان في 14 آذار 2005، ومن هنا جاء اسمها، اكثرية اللبنانيين في ساحة الحرية مما ادى بعد اسابيع الى انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد وصاية استمرت نحو 35 عاماً. لكن قيام جنبلاط بتغيير مواقفه ومواقعه في المرحلة الاخيرة اغرى على ما يبدو الكثيرين بمن فيهم الرئيس العطري.
سيطول البحث في الجدل حول ما آلت اليه احوال قوى 14 آذار. ولا بد من انتظار الانتخابات النيابية سنة 2013 للتأكد من احوالها اي بعد 3 سنوات وهذا في ذاته وقت طويل في منطقة تغلي بالتغيرات. غير ان هذه القوى استطاعت منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 ان تفوز في عمليتين انتخابيتين متتاليتين بالاكثرية في البرلمان. ولا شيء يمنع ان تكون العملية الثالثة ثابتة في اتجاه اظهارها اكثرية.
لكن ما يجب البحث فيه اليوم هو اقدام مسؤول سوري في اعلى الهرم الرسمي بعد رئيس الجمهورية ونوابه على اطلاق نعوت بحق حركة سياسية في بلد مجاور جداً له تربطه به علاقات ديبلوماسية ويعمل المسؤولون فيه على كل المستويات لتحسينها وتطويرها بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ولو كان المطلوب المعاملة بالمثل، ماذا سيكون رد فعل المسؤولين السوريين اذا ما انبرى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري
الى وصف الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا والتي يعتبرها النظام هناك اساساً لتنوعه السياسي بأنها "هياكل عظمية" باعتبار ان الفاعلية الحقيقية للحكم السوري موجودة خارج هذه الجبهة؟
بالتأكيد لن يقدم الرئيس الحريري على هذا الوصف ليس لأنه يخاف بل لأن طبعه، مثلما كان طبع والده الراحل يتسم بالعفة وفي احلك الظروف. وكان الرئيس رفيق الحريري اذا ما استشاط غضباً رد بالعبارة الشهيرة "هذا الكلام ليس دقيقاً" وكان يقولها بالعامية اللبنانية.
المطلوب وفي مجال العلاقات السوية بين الدول ان يبادر لبنان وعبر سفارته في دمشق الى ابلاغ المسؤولين هناك رسالة احتجاج على طريق تطوير هذا الاحتجاج اذا اقتضى الامر وخصوصاً ان العلاقات بين رئيس حكومة لبنان وحكام سوريا مجمّدة بعد حملات تولتها جماعات دمشق في لبنان بالنيابة عنها
حتى دخل الرئيس العطري على الخط مباشرة مستهدفاً الحركة السياسية التي اوصلت سعد الحريري الى رئاسة الحكومة اللبنانية.
الخلاصة المفيدة من تصريح رئيس الحكومة السورية هي ان الحكم هناك هو من طراز الهياكل الحديد التي انقرض نموذجها في العالم باستثناء ايران وكوريا الشمالية وهي تماثل الهياكل الرومانية الباقية آثارها في لبنان وسائر المنطقة ويتذكر من خلالها العالم ما كانت عليه الامبراطورية الرومانية في سالف العهود.
وبدورها هياكل الحديد اليوم هي تعبير عن بقايا الستار الحديد الذي كان يسوّر الامبراطورية السوفياتية على امتداد معظم القرن العشرين الى ان انهار ولكن بقي تقليد له في بقع ضيقة من الكرة الارضية ومنها سوريا.
والسؤال المطروح اليوم ما هو القاسم المشترك بين رئيس الحكومة السورية ورئيس جمهورية ايران الاسلامية محمود احمدي نجاد؟ الجواب هو ان كليهما يحمل اسماً ثلاثياً ويتجرأ على لبنان وكأنه ارض بور لا صاحب لها
احمد عياش - النهار اللبنانية