السيناريو الذي حدث في تونس لم يكن احد يتصوره وذلك للاعتبارات التالية :
1 * لان العرب بصفة عامة والتونسيين بصفة خاصة لم ترق احتجاجاتهم الى مستوى المطالبة براس النظام.
2 *التعتيم الاعلامي باعتباره صانعا للراي العام لم ينقل الاحداث الحقيقية لدرجة جعلتنا نعتقد انها مجرد احتجاجات اجتماعية عادية انتظرنا انهاءها
3 * لكوننا نعتقد ان الانظمة العربية بما فيها النظام التونسي القديم لا يهمه الاحتجاج بل يكتفي با ين تكون سياساته مظللة من قبل امريكا واتباعها.
ولان السيناريو حدث ولان الاوضاع في شمال افريقيا هي نفسها: فقر مذقع ، اغتناء فاحش لنخب سياسية غير شرعية ،وتدهور في كافة المجالات اقتصادية اجتماعية صحية و...،والاكيد ان الحرية تعتبر شبه مغيبة والعمل السياسي لا علاقة للشعب به خصوصا وان من يمارسه هم مرتزقة للعمل السياسي يستاجرهم النظام لكي يمثلوا المسرحية جيدا...
ولكي تكون مقالتي واضحة وغير مشفرة اعطي بعض الحقائق التي يعايشها كل عربي يعيش في شمال افريقا من المغرب الى ليبيا ومصر مرورا عبر الجزائر وتونس
تـــــــــونس
كانت منطلق الشرارة باحراق البوعزيزي لنفسه ،ولم يذهب موته سدى بل لقد كان سببا في الاطاحة براس النظام مع انه من السابق لاوانه القول ان النظام اظيح بهخصوصا وان الغنوشي اجرى مكالمة مع بن علي طلب فيها هذه الاخير انه يفكر في العودة الى تونس فاجابه بان الامر غير ممكن مثلما انه قد يصبح ممكنا مادام ان الباقين في الحكومة هم من اذناب النظام القديم وهم يريدون افراغ ثورة الياسمين من محتواها الشعبي والسياسي.
الجـــــزائــــر :
نضامها العسكري شبيه بالنظام التونسي فرغم كل الثروات التي يملكها هذا البلد الا ان الشعب لا تشعر بانه شعب يملك النفط والغاز الطبيعي بل ان الاحتجاجات المعتم عليها والتي تقع في منطقة القبائل تعبر عن عمق الجراح وهناك مؤخرا اعلان للقبائل عن الاستقلال او الحكم الذتي عنالجزائر .بوتفليقة راس النظام لا يبدو انه هو من يسير البلاد فالجينيرالات هم من يستفيد من كل الصفقات المشبوهة للاسلحة والتي توهم الشعب الجزائري بان هناك عدو يريد الاجهاز عليه ..هذه الحيلة لم تعد تنطوي على الجزائريين الذين بدات احتجاجاتهم تاخد مسارا مشابها للبوعزيزي فهناك احتجاج احرق على اثره شاب جزائري نفسه لكن هذا الاحتجاج لم ياخد المسار الذي اتخد في تونس .
ألـــــمغـــرب

الاحتجاجات كل يوم تعرفها بلديات المغرب وامام ابواب وزارته وكلها تنذر بان حال حكومة عباس الفاسي المغربية لا ترقى الى مستوى تطلعات الشعب المغربي .فالانشطة التي يتحرك اليها ملك محمد السادس توحي بان الحكومة ليست على ما يرام وان هناك سياستين واحدة يحركها الملك والثانية تعيق العمل وتستفز الشعب خصوصا وان من يقودها هم من احزاب تدعي انها وطنية وهي حزب الاستقلال وحزبي الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للاحرار ....وهنا يمكن ان نطرح السؤال كما يلي:

اليست احزابنا كحكومتنا هي من سيوقع المغرب في ازمات والمتتبع البسيط يدرك دون مبالغة التعاطف الذي يحضى به عاهل البلاد من قبل كل المغاربة صغارا كانوا او كبارا عكس الانطباع الذي يملكه المغاربة عن حكومة عباس الفاسي التي ليست اجتماعية بالبثة فمعها اتخذت الاحتجاجات مستوى مرتفع الحدة كما ان احزابنا ونقاباتنا لم تعد من وظيفة سوى السماح لمرتزقة السياسة ان يتسلقوا سلم الترقي الاجتماعي بابخس الطرق والسماح لهم باختلاس اموال المغاربة دون حسيب او رقيب بل هناك الان تواطؤ مكشوف بين الحكومة وهذه الاحزاب الفاقدة للمصداقية وهذه النقابات المرتشية يتجلى ذلك في حجم الدعم/الرشوة الذي اعطي اليها مع هذه الميزاني والذي هو ظاهرا للتاطير وعلانية فهم لقمة لسد الافواه
ان الاحتجاجات التي عرفها المغرب انطلاقا من سيدي افني والقصر الكبير والعيون وكل الاحتجاجات التي نعاينها يوميا امام البلديات او البرلمان او امام الوزارات ...والتي تقودها عفويا فئات من المعطلين والمقهورين اجتماعيا ومواطنين يعانون قسوة المعاملة في الادارات بسبب الرشوة ومواطنين يرون في كل انتخابات ان ارادتهم تزور لصالح اناس غير شرعيين ...والنموذج ان عباس الفاسي الذي يسير الوزارة الاولى لم يحصل الا على 14000 صوتا في حين ان هناك نواب حصدوا عددا اكبر من ذلك فهناك بعض النواب الذي حصد 21000 صوتا ومع ذلك لم يصبح وزيرا فعلى الاقل شرعيته اكبر من عباس اضافة الى ان عباس زورت الانتخابات لصاله على حساب نواب اخرين ...والذي يقسم ظهير البعير هو هذا الاستهجان بمشاعر المغاربة فعباس هو صاحب فضيحة النجاة التي لن تنسى ابدا كما ان حكومته ليست شرعية مادام ان قرابة 80 في المئة من المغاربة لم يدلوا باصواتهم لصالحها ...اليست هذه مبررات للاحتجاج ...
المغاربة فاطنون لضرورة تحصين المغرب من كل ما يهدد استقراره لكن الحكومة والاحزاب والنقابات هل تملك هذا الحس ام انها تسعى الى الضغط على الضعفاء لكي تقمعهم وتنطلق معهم الشرارة للاحتجاج ؟ هذا السؤال لست املك له جوابا فقط اسالوا قياديي احزابنا ونقابييينا وحكومتنا الموقرة .
ليـبـيــا:
لا نكاد نسمع لليبين صوتا بقدر ما اننا نسمع لقائدهم المفدى ملك الملوك والذي هو معمر القدافي .نظامه ايضا لا يختلف عن النظاميين الجزائري والتونسي فهو ايضا جاء على اثر انقلاب ولم يغير من واقع البلاد السياسي والاقتصادي شيئا يذكر فالشعب الذي يحتل لمرتبة الاولى في شمال افريقيا من حيث تصدير النفط لا تظهر عليه اثار النعمة فالفقرلازال متفشيا بكثرة مثلما ان الامية التي يقتات عليها القدافي لازالت مسيطرة على عموم الشعب الليبي .والذي زاد الطين بلة هو خطاب القدافي الذي كان في الاصل موجها لشعبه لا الى الشعب التونسي عندما قا بان التقارير تقول بان تونس بخير وان هذه الاحتجاجات لا اساس لها من الصحة وانه ينبغي االتوقف لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن بن علي رحل بعدما ادر كان كل وعوده لم تعد لها مصداقية وان 23 سنة التي قضاها في الحكم هي سنوات قضاها في النهب والثراء غير المشروع.
مـــــصــــر:
النظام المصري خذل الناس ايضا فبعد الثورة التي قام بها الضباط الاحرار وتولي رئاسة مصر بعدها جمال عبد الناصر الذي وجه اهتمامه السياسي الى ضرورة العمل على القضاء على اسرائيل التي كانت تحتل صحراء سينا لكنه عندما ادر كان هناك من يخون توجهه السياسي حاول الاستقالة لذلك اعتبره الشعب المصري انداك والان ايضا نقطة مضيئة في تاريخ مصر لكن المسار سيتغير مع انور السادات الذي وضع يده في يد الاسرائلين وستتطور الازمة مع نظام حسني مبارك الذي يعمل على توريث الحكم لابنه جمال مبارك ضدا على ارادة الشعب المصري .
الازمة في مصر تقوق كل تقدير الفقر لم يعد يفرق بين احد المصريو يهاجرون الى ليبيا ودول الخليج ويشتغلون باقل الاثمان لانهم لم يجدوا فرصا للشغل ببلدهم الاكلة التي يفتخر بها الممثلون المصريو والتي هي الفول مدمس هي زاد المصريين الفقراء .البطالة تنخر مصر .حركة كفاية ترفض التوريث .الشباب يدعم البرادعي ضدا على مبارك.السباب يحرق نفسه .والتنبؤ الذي يذهب اليه المحللون السياسيون ان ساعات حكم مبارك قد انتهت وان التغييير قادم لا بد

خـــلاصــــة
الشعوب لا تعيش بالخبز وحدة وانما بالكرامة التي تتجسد في المشاركة الطوعية للسياسة ومن يعتقد ان الخبز وحده كاف فهو واهم .فكل الشعوب التي ذكرتها سالفا هي محتقرة سياسيا.وهذا ما يعمق من احتجاجها لانها تعتبر التغيير لا يتم الا بازهاق ارواح الشهداء