البابليون سبقوا فيثاغورس للرياضيات
معرض بنيويورك للألواح المسمارية
آثار بابلية رياضية في صور وزعها معهد دراسة العالم القديم بنيويورك
شبكة البصرة
يستضيف معهد دراسة العالم القديم في جامعة نيويورك هذا الشهر معرضا فريدا من نوعه تحت عنوان "قبل فيثاغورس: ثقافة الرياضيات البابلية القديمة". ويهدف المعرض إلى تسليط الضوء على إنجازات البابليين في الرياضيات والهندسة.
ويبدو أن علماء حضارة بابل في العراق القديم كانوا قد سبقوا علماء الحضارة الإغريقية فيثاغورس وإقليدس وغيرهما في حل الكثير من المسائل الرياضية النظرية والتطبيقية، وفق ما تظهر الأعمال المعروضة.
ويحتوي المعرض ثلاثة عشر قطعة من الألواح المسمارية التي تعود إلى العصر البابلي الثاني (الألفية الثانية قبل الميلاد) تم انتقاؤها خصيصاً من متاحف الجامعات الأميركية كولومبيا وبنسيلفانيا ويال التي تمتلك مجموعات خاصة بآثار بلاد الرافدين والشرق الأوسط.
وكانت الألواح المعروضة قد اكتشفت في نهايات القرن التاسع عشر حين بدأ علماء الآثار بالعثور على آلاف الألواح التي تعود إلى العصر البابلي (١٧٠٠-١٩٠٠ قبل الميلاد) في العراق، وخصوصاً في مدينة نيبور التي كانت تمثل مركزاً لتدريب الكتاب، إضافة إلى أهميتها كمدينة مقدسة. وتقع آثارها اليوم في محافظة القادسية على بعد ١٧٥ كلم جنوب بغداد.
واكتشف حينها حوالي 900 من ألواح الرياضيات، ولكن بما أن النظام الذي استخدمه البابليون للرمز إلى الأعداد كان يختلف عن النظم المتعارف عليها في القرن العشرين، فلم يكن من السهولة فك رموزه والتعرف على ما تتضمنه الألواح.
اكتشاف متأخر
وفي عشرينيات القرن العشرين، بدأ عالم الحساب والمؤرخ النمساوي أوتو نيوباور (١٨٩٩-١٩٩٠) بمحاولة تصنيف وترجمة ما نقش على هذه الألواح حينما اكتشف بأن المئات منها كانت تقبع في متاحف أوروبا وأميركا دون أن يلتفت إليها أحد.
وبعد عقدين من العمل المتواصل وبمعونة طلابه وزملائه تمكن المؤرخ نيوباور من فك شفرة النظام الحسابي البابلي وبذلك صار بالإمكان فهم مضامين هذه الألواح وتقدير أهميتها.
وكان يمكن لكل هذا أن يصحح النظرة السائدة عن إسهامات الحضارات العراقية القديمة في إرساء دعائم الرياضيات وتسحب البساط من تحت قدمي فيثاغورس وإقليدس وتزعزع مكانتهما في تاريخ الرياضيات والهندسة.
ولكن بالرغم من ذلك، ومع أن الآثار المتعلقة بعلم الحساب التي تم العثور عليها في وادي الرافدين تفوق من حيث العدد ما تم العثور عليه في اليونان، فإن غالبية الدارسين لم يولوا علم الحساب البابلي الاهتمام الذي يستحقه. ويأمل المنظمون أن يسهم هذا المعرض في تغيير ذلك وتركيز المزيد من الاهتمام العلمي على الرياضيات في وادي الرافدين.
اللافت أن النظام الحسابي البابلي كان ستينيا ومنه اشتقت طريقة قياس الوقت التي ما زلنا نعمل بها حتى عصرنا الراهن
معروضات
وتتنوع الألواح المعروضة في أغراضها، فهناك واحد يبرز جدولاً حسابياً، وبعض الألواح كان لأغراض تدريبية يبين فيها الطالب مهارته ويكون عادة بشكل مستطيل ويكون الخط بارعاً ومتناسقاً وغالبا ما ينتهي بخط أفقي طويل يؤشر نهاية النص ويذيل باسم الطالب وتاريخ النقش.
واللافت أن النظام الحسابي البابلي كان ستينيا ومنه اشتقت طريقة قياس الوقت التي ما زلنا نعمل بها حتى عصرنا الراهن.
وكان الكتّاب -وهم شباب ينحدرون من عائلات موسرة- يرثون مهنهم مثل المحاسبة وهندسة البناء ومهن أخرى كانت الرياضيات مهمة فيها. فكانوا يتعلمون ويتدربون بنسخ الرموز وحل المشاكل الرياضية مع أساتذة يشرفون عليهم.
وتضمنت بعض الألواح تمارين رياضية ومعادلات متقدمة ونظرية وأخرى لها علاقة بمشاكل عملية مثل قياس مساحة حقل أو حفر خندق أو تشييد مبنى.
ولعل أكثر الألواح إثارة وأهمية هو ذاك اللوح الذي نقش عليه تخطيط هندسي يثبت بما لا يقبل الشك بأن الكتبة البابليين كانوا على معرفة بنظرية فيثاغورس التي تقول بأن مربع طول الوتر يساوي مجموع مربعي طولي الضلعين المحاذيين للزاوية القائمة قبل قرن من اقتران هذه النظرية باسم فيثاغورس. كما كانوا قد توصلوا إلى طريقة دقيقة لحساب الجذور التربيعية.
http://www.albasrah.net/ar_articles_2010...281210.htm