سوريا شطرنج الحدود وثائقي رائع من قناة العربي
https://www.youtube.com/watch?v=cGyedxXtSUI
هل حدود سوريا نعمة أم نقمة عليها..؟ هذا السؤال ومحاولة الإجابة عليه هو محور الفيلم الوثائقي "سوريا شطرنج الحدود" الذي تبثه العربية اليوم الخميس.
يبدأ الفيلم الذي تقارب مدته نحو الساعة، ويتحدث فيه عدد من السياسيين والمحللين والخبراء، عن دور الحدود في صناعة القرار والاستراتيجية السورية باستعراض سريع لحدود سوريا، منطلقا من قاعدة أساسها أن السوريين يشعرون أنهم دولة محاصرة بدول لا تحبهم أو معادية.
خريطة ملغومة
ويأخذ الفيلم في تفصيل ذلك مع واقع الخريطة السورية ، ففي الشمال تقع تركيا حليفة أمريكا وإلى الشرق يقع العراق الذي تحتله أمريكا وإلي الجنوب لبنان الذي انسحبت منه سوريا كرها والي الجنوب الشرقي تقع إسرائيل التي تحتل منذ اكثر من أربعين عاما جزءا من الأراضي السورية والأردن الذي وقع معاهدة صلح منفرد مع إسرائيل.
وحدود هكذه تجعل من سوريا الضحية والتهديد في ذات الوقت فهي تمثل تهديدا للوجود الأمريكي في العراق، ولكنها ضحية أيضا بسبب النظام الذي يجعل من الشعب ضحية.
ففي سوريا التي تبلغ عدد سكانها 22 مليونا غالبيتهم من السنة والفئة الحاكمة من العلويين، لا يوجد أي نظام سياسي يمكن السماح به سوى الانضمام لحزب البعث، وغير مسموح مطلقا التعرض لعائلة الأسد الحاكمة، ورجال المخابرات منتشرون في كل مكان.
وعن ذلك يقول عبدالخليم خدام نائب الرئيس السوري السابق: "الشعب السوري كان محكوما بنظام شمولي وهذه التجربة أوصلت الشعب للحضيض، وانتجت الفساد وانعدام حرية الرأي."
أما يوسف سلامة الاستاذ في جامعة دمشق فيقول: "لا أحلام للحاضر أو المستقبل ، ولكن العودة للماضي، وهو ما يعزلنا."
هدنة إجبارية مع تركيا
والماضي بالنسبة لسوريا هو قيام دولة إسرائيل والذي جاء بعد عامين من حصول سوريا على استقلالها من الاستعمار الفرنسي وقيام دولة إسرائيل هو ما أثقل سوريا باستقبال اللاجئين الفلسطينيين، وهو الماضي أيضا تمثل في ثلاثة حروب خاضتها سوريا مع إسرائيل وخسرتها جميعا.
وتشكل خسارة الجولان معاناة لأهلها ، ولكنه في نفس الوقت أعطي للنظام فرصة لتجييش الشعب أمام قضية توحده ضد العدو الذي يحتل الأرض.
وإلى الشمال، تقع تركيا التي تحتل لواء اسكندرون السوري، ولكن لأن سوريا لا تستطيع الحرب على جبهتين، تخلت عن الإقليم، مقابل حقوق المياه المتدفقة من تركيا والتي سرعان ما اقامت سدودا حجزت كميات كبيرة من المياه عن سوريا والعراق.
وطعما في الهدنة على الحدود الشمالية تخلت تركيا على اللعبة الرابحة التي كانت تلعبها بمساندة أكراد تركيا، وذلك بعد أن هددت الأخيرة باقتحام حدود سوريا مالم تتوقف عن دعمها للانفصاليين الأكراد.
وفي مقابل تخلى دمشق عن دعم الأكراد تشهد حدودها الشمالية مع تركيا هدوءا ومزايا تتمثل في التبادل التجاري.
لبنان .. ساحة تصفية الحسابات
ينتقل الفيلم لجبهة أخرى لعبت ومازالت دورا كبيرا في القرار والسياسة السورية، ألا وهي الحدود اللبنانية، فمنذ الاستقلال يعتقد لبنانيون أن سوريا لم تعترف أبدا بلبنان كدولة مستقلة، بل تنظر اليها على انها محافظة سورية.
ومع اندلاع الحرب اللبنانية عام 76 تدخلت سوريا تحت غطاء دولي، ولكنها بدلا من إطفاء الحرب زادت من تأجيجها، وبقيت في لبنان 30 عاما ، قبل ان تجبر تحت ضغط داخلي لبناني وخارجي من المجتمع الدولي للانسحاب منه، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والذي اشارت فيه أصابع اتهام لسوريا.
وإن كانت سوريا قد انسحبت من لبنان عسكريا إلا أنها بقيت لاعبا سياسيا فيها عن طريق انصارها وعلى رأسهم حزب الله.
وخارج نطاق الحدود، ولكن لتلاقي المصالح ينضم لاعب جديد لسوريا في لبنان، وهو إيران الراغبة في توسيع نفوذها والوصول لشواطىء المتوسط، ووجدت في نظام الأسد وحزب الله غايتها للتمدد في لبنان، والتسلل للأراضي العربية، مستغلة قضايا المنطقة وعلى رأسها احتلال إسرائيل لأراض عربية.
ومن خلال حزب الله تحاول سوريا أن تضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية إدارة الصراع في لبنان، ومن ناحية أخرى توجيه ضربات لعدوها الأول إسرائيل عن طريق الحزب دون عناء الدخول في مواجهة مباشرة معها، وتريد سوريا وإيران ومعهما حزب الله الحلول محل دول عربية كبرى كمصر والسعودية في التعامل مع قضايا المنطقة.
ويمثل الإحباط وعدم ايجاد حلول للقضية الفلسطينية، منفعة لسوريا وإيران وحزب الله لاستغلال القضية لتوسيع نفوذهم ودورهم في المنطقة.
العدو يأتي من بوابة العراق
وإلى جانب الحدود الجغرافية التي لاتملك سوريا منها فرارا، جاء الاحتلال الأمريكي للعراق ليكون موقعه كالزلزال على دمشق ، فالوجود الأمريكي على الحدود يمثل كابوسا لسوريا ، وأعطى إحساسا بأن لعبة الشطرنج يمكن أن تنتقل لأماكن أخرى، خاصة مع إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عن رغبته في فرض تحول ديمقراطي في الشرق الأوسط ، خشيت معه سوريا أن ينتقل لها من العراق.
ولكن الفشل الأمريكي في العراق، صب لصالح سوريا التي رأت فيه انكسارا للمشروع الأمريكي للتغيير، ومع إيران استغلت سوريا الوضع لتغذية حرب عصابات ضد الوجود الأمريكي في العراق، وبدلا من مجيء الديمقراطية جاء الجهاديون من أتباع بن لادن، والذين تدفقوا من وإلى الحدود السورية لخوض القتال ضد الأمريكيين في العراق.
وإذا كان الوجود الأمريكي قد أضعف نظام الأسد، إلا ان تحالفه مع إيران اعطى له قوة جعلته قادرا على التحدي والتهوين من الخطر الأمريكي، خاصة من الإدراك بأن الإدارة الأمريكية غير راغبة في تغيير النظام في دمشق لأن البديل له هو الإخوان المسلمين، وإن كان البعض من السياسيين لايرى ذلك التصور حقيقيا، وأنه يمكن وجود قوى أخرى غير الإخوان في سوريا تستطيع ان تكون بديلا للنظام