إن فكرة اصلاح العالم كله ، هذه فكرة غير قابلة للتحقيق ، لكن عدم صلاح الكل لا يعني عدم امكانية اصلاح الجزء . فالبشر لا يمكن ان يجمعهم فكر واحد . وهذا ما لم وما لن يحدث في التاريخ كله ، بسبب ثنائية الخير و الشر . والعالم لا يصلح الا بالخير ، والجميع يحب الخير لكن الاكثر يؤثرون المصالح العاجلة والخاصة على الخير العام . حيث الانانية مقدمة على الواجب ، ليس كرها في الواجب بل حبا في المصلحة والمتعة العاجلة . اذا لا يمكن ان يصلح العالم كله ولا المجتمع كله بل ولا حتى الفرد كله . ومن اراد ان يعيش حياة طيبة يستطيع ان يعيشها حتى ولو لم يصلح العالم كله .

اذا النظرة الكلية للمجتمع او العالم التي يصر عليها الفكر المادي يجب ان تتغيّر . فالحياة تحكمها ثنائيات وليس احاديات حتى نرجو ان يتوحد العالم على شيء واحد . ففكرة توحيد المجتمع والعالم هي فكرة مادية ، باعتبار الاصل المادي المشترك كما يتصورون ، حتى ولو جاءت باسم الدين . لان المادي يرى البشر شيئا واحدا متطورا من مادة ، وتلك المادة شيء واحد .

في نظريات التغيير التي تدرس في علوم الإدارة ... التغيير لا يكون شاملا من أولا مرة لكن التغيير يبدأ رويدا رويدا . يعني مثلا .. في عملي السابق كان المكان مليئا بالفساد و الأخطاء الإدارية .... عمليات الإصلاح التي أرادها الزملاء أغلبها باءت بالفشل لأسباب متعددة أهمها أن الشخص الذي يريد أن يصلح هو فاسد أصلا (و هو مش دريان بفساده) . و من الأسباب الأخرى .... الأسلوب في مخاطبة و معالجة الفساد غير مجدية بل و يستمر عليها ..... سبب آخر هو عدم معرفة نقطة بداية الإصلاح ... هل من أعلى الهرم أو قاعدته ؟

موضوع معقد جدا ..... و تطبيقه على مستوى الدول و الأنظمه يزيده تعقيدا .

عموما أؤمن بهذه الآية ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )