جمرة (6)
أيّها الرجل أنتَ مشغول عن عشقي الذي يصدفك مرةً في الحياة من أجل ..... ها أنتَ تكرّس له لحظاتك ووقتك وحبّنا،ها أنت تكون له،ها أنتَ تعيش له! وماذا عن وطنك فيّ؟ ألستُ وطناً لك؟! إذن لا تخسرني وطناً،لا تخنْ نفسك بخيانتي،إنْ تنازلتَ عني وطناً،فأنا لا يمكن أن أتنازل عنكَ عاصمة لوجودي!!
جمرة (7)
من الآن سأبدأ كلّ ما أكتب باسمكَ المقدّس،من غيره يحمل البركات،ويحبل بالخير،ويلد الأمنيات؟!أحبّك اسماً وبداية ونهاية ومآلاً وجنةً وفردوساً وإثماً وخطيئة وطهوراً...
جمرة (8)
عشرون يوماً مرّت وأنت بعيد قريب،أحاول أن أكون امرأة متزنة،أشغل نفسي بكلّ الأعمال،أقوم بكلّ الواجبات،أبتسم للجميع،وأنجز كلّ المهام،ولكنّني أفشل في أن أكون نفسي.من الحكمة أن أقول لك إنّني أتدبّر جيداً مع غيابك،ولكن من الصّدق أن أقول لك إنّني أحترق بعيداً عنك،أكاد أجنّ،روحي تضاءلت حدّ الانكماش،تخفق الدنيا كلّها في أن تعوّضني عن كنزي العملاق عندما تصلني منك رسالة الصباح،أو عندما أسمع منك كلمة أحبّك بلكنتك المثقلة بالرجولة الآسرة،أو عندما تقول لي :تعالي.
لا أساوي شيئاً في غيابك،بعيداً عنك أنا مجرد امرأة لاكها الألم،ولفظها النسيان. متى تعود فأعود؟
جمرة (9)
يوم جديد،بل إنّه جمرة جديدة،والأمطار تحاصرني في الخارج والدّاخل وفي الذّكريات،وجمرة تلو جمرة تحرق أحشائي،وتتجاهل سلطة المطر،وحكمة الابتلال.كلُّ يوم أرسلُ إليك رسالة جديدة محترقة بجمرة الغياب والإحصاء لأزمان خرافية تتغوّل لتبتلع حيرتي وأنفاسي وجغرافيتي.
منذ غبتَ والأرض لا تدور. منذ غبتَ تعطلّت سيرة الأشياء،وتغيّرت دورة الكواكب والمجرّات.منذ غبتَ بتُّ أجهلني وأخافني وأخافكُ. متى تعود؟متى أفتحُ الباب،فأجدك أمامي؟ ولكن لا باب يفصل أحدنا عن الآخر،بل هي المسافات.
متى تأخذني إلى حضنك؟ ولكنّني غاضبة منك.فهل سوف تصالحني كما ينبغي؟متى تهمس في أذنيّ بكلمة : أعشقك؟ ولكن الشيطان استعار أذنيّ ليهمس فيهما بكلّ الهواجس؟ متى تنصرني على أسئلتي وحيرتي وغيابك وتعود؟
جمرة (10)
قل لي من علّمك أن تكون قاسياً إلى هذا الحدّ؟ من لقّنك تراتيل البعاد؟ من عرّفك دروب التّعذيب؟ من عوّدك أن تجفو حبيبتك إلى هذا الحدّ؟ أيّاً كانت الأسباب والأعذار؛فهي لا تغيّر من حقيقة أنّك قاسٍ ومتجبّر تجيد أن تقسو عليّ،وأن تمنعني نزيرك الذي لا يعدو أن يكون سماع صوتك الفردوسي من وقت إلى آخر! إذن أنت بخيل!!!
يالهف قلبي عليّ! هاأنذا أعشق من يعذّبني،ويهجرني،ويقسو عليّ،ويبخل عليّ بتواصله ودفئه! وقلبي لا يملك أن يطير؛فهو عصفور مبلّل بعشقكَ،والسّماء كبيرة وبعيدة،وهو صغير،وحبّك هو طائر العنقاء الذي يملك السّماء الرّحبة الزّرقاء،وأنا لا أطير.
جمرة (11)
هذا الصّباح استيقظتُ،والملك لك في قلبي،استيقظتُ على ملّة حبّي لك،وشهادة أن لا رجل يسري في شرياني إلاّ إيّاك،وتعوّذت بك من شكّي فيك،وكدتُ أسجدُ لك لولا شوكة الشّك التي تخزُ قلبي بلا رحمة أو هوادة منذ أن زرعتها في خاصرتي بغيابك الخرافي!!!
جمرة أخيرة
لن أكتبَ لك بعد اليوم؛فما جدوى أن أُحصي الجمرات،وقد أصبحتْ جميعاً الواحدة تلو الأخرى حريقاً عظيماً شأنه أن يحرق قلبي وقلبك،وينتصر لكلّ الأشياء إلاّ إيّانا!! أن أتوقّف عن الكتابة لك يعني أن الحزن واليأس قتلني،حبّك هو الباقي الوحيد في نفسي...
ارفقْ بي وبأشيائي الصغيرة،ولا تطالبني بما هو فوق طاقتي،لاسيما بتحمّل غيابك،فكيف لي أن أطيق فراقك؟ وأنتَ ضوء العين،وبهجة الروح؟ أما يكفي كلّ الفراق الذي ذقناه قبل أن نلتقي لتطالبني بالمزيد من الفراق والقطيعة...
حبيبي:
كم مرة في العمر يأتي العمر؟ كم مرة في العشق يأتي العشق؟
مرة واحدة يحدث ذلك،وأنت مرّتي في الحياة...وقد أكونُ أنا هذه المرّة الوحيدة في عمرك.
د. سناء الشعلان