ذكرت صحيفة ” فاينانشيال تايمز” البريطانية أن مصر تدفع ثمن فشل المجلس العسكري الحاكم في تأييده للثورة الليبية بخسارة مئات الآلاف من المصريين العاملين هناك لوظائفهم.

ونقلت الصحيفة عن مسئولين بالحكومة الانتقالية في طرابلس أن ليبيا قامت بتشديد القواعد الخاصة بآلاف العمال المصريين الراغبين في العودة إلى وظائفهم القديمة أو العمل في البلد الغنى بالنفط، بينما رفعت القيود عن التونسيين الذين تدفقوا على قطاع الخدمات الليبي.

كما نقلت الصحيفة عن أحد المصريين الذين تجمعوا بالمئات أمام السفارة الليبية في القاهرة للحصول على تأشيرة من أجل العودة إلى أعمالهم القديمة، قوله إنه ذهب إلى ليبيا منذ سبع سنوات، والآن يقولون له أن أوراقه مفقودة، ولا يوجد تأشيرات.

ويقول المسئولون الليبيون أنهم قاموا بتشديد شروط منح تأشيرة الدخول إلى بلادهم لأنهم يشعرون بالقلق من أن بعض المصريين تربطه علاقات بالقبائل التي دعمت نظام القذافي، لكنهم سرا يقولون أيضا إنهم غاضبون من المجلس العسكري في مصر، واتهموه بإيواء موالين لنظام القذافي ومضايقة الثوار الليبيين في المعابر الحدودية والمطارات بينما كانوا يحاولون شق طريقهم إلى شرق ليبيا في العام الماضي.

وتنقل الصحيفة عن يوسف سلبي الذي أصبح شقيقه الأكبر على رجل دين بارز وجزء من النخبة السياسية الجديدة في ليبيا قوله :”لم يساعدوننا – أي المصريين- أثناء الثورة.. والآن هناك بعض الأسماك القديمة الباقية من النظام السابق تختبئ في مصر”، إلا أن المسئولين فى مصر ينكرون هذه الاتهامات ويصرون على أنهم لعبوا دورا رئيسياً في تقديم المساعدات الإنسانية للثوار فى ليبيا، ويقولون أيضا إنهم يتعاونون مع سلطات طرابلس من أجل تقديم حلفاء القذافي الذين يزعمون للعدالة.

وقال أيمن مشرفة، نائب مساعد وزير الخارجية المصري لشئون شمال أفريقيا، إن هؤلاء الأشخاص بعد سقوط النظام في ليبيا دخلوا القاهرة مثل أي ليبيين آخرين، لأن لديهم تأشيرات دخول، موضحا أنه إذا تقدمت الحكومة الليبية بطلب مفصل لترحيلهم، بزعم أنهم مجرمون أو أساءوا استخدام أموال الشعب الليبي، فيجب أن يقدموا ما يدل على ذلك. فهناك عملية دولية في هذا الشأن يجب أن تتم وفقا للقانون الدولي”.

وقال مسئول سابق بوزارة الصحة في مصر، والذي نقل إمدادات إنسانية لليبيا أثناء الثورة، إن المساعدة التي تم تقديمها ليبيا كانت عن طريق أفراد ومنظمات وحتى وزارة الخارجية بدون تعاون أو حتى معرفة من المجلس العسكري، بل إن مسؤولي الأمن وبأمر من المجلس العسكرى قام بمضايقة المصريين الذين حاولوا تقديم المساعدة بشكل منهجى، وكذلك الليبيين الذين كانوا يخرجون أو يدخلون، ولم يهتموا للعلاقات السياسية. ويضيف المسئول السابق الذى رفض الكشف عن هويته خوفا من العقاب، إن الجنرالات فى مصر لم يتخذوا القرار السياسى بتقديم المساعدة أم لا”.

وأوضحت الصحيفة أن قضية العمال المصريين فى ليبيا مهمة للاقتصاد المصرى الذى يعانى منذ اندلاع ثورة 25 يناير، حيث وصلت نسبة البطالة رسميا إلى 12%، وإن كان المحللون يقولون أن الرقم الحقيقى قد يكون أعلى من ذلك بكثير.

ووفقا لأرقام منظمة الهجرة الدولية، فإن هناك حوالى 1.5 مليون مصرى كانوا يعملون فى ليبيا قبل الثورة ويجلبون لبلادهم مليار دولار سنويا. كما كان لليبيا استثمارات فى مصر يقدرها محللون ليبيون وغربيون بـ 10 مليار دولار على الأقل، ويشعر البعض بالقلق من أن المسئولين الجدد فى ليبيا قد يصفون تلك الاستثمارات.
قورينا الجديدة