لقد حرص بشار منذ أن تولى الحكم في سوريا على تقديم نفسه كمفكر و مثقف و صاحب تحليل موضوعي للأمور ,حيث صرح في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط في شهر شباط 2011 أنه معتاد على تخصيص بعض الوقت كل يوم للتأمل والتفكير.وهو أمر يمكن لأي شخص لبيب إذا أمعن النظر الى هيئة بشار الطويلة واليابسة واستمع الى تعليقاته وضحكاته التي يطلقها في خطبه وراقب حركاته فإنه من الصعب عليه أن يعثر على ذلك المثقف ,فقد لوحظ عليه في خطاباته بالذات الطريقة التعليمية والتفاخر أمام مستمعيه من خلال عرض تحليل معمق يظهر فيه العناصر المختلفة للقضية المطروحة, ومحاولة النزول الى جذورها ...ويجب الاعتراف أن الكثيرين ينظرون الى خطابات بشار وتصريحاته على أنها مزعجة,وغامضة بل مجردة ,وتفتقر بشكل خاص الى الحيوية والنكهة الشخصية ويشهد على ذلك الملل والسأم الذي كان يصيب الزعماء العرب في الأجتماعات واللقاءات المشتركة عندما كان يضطرون لسماع خطاب بشاروتحليلاته متقمصاً شحصية الأستاذ وهو يشرح قضية رياضية أو فيزيائية لطلاب أغرار ..لقد كان يشبه القذافي في القاء الترهات والمواضيع المتقطعة وإن كان الأخير يتفوق عليه بطريقة القائه التي كانت تخلق جواً من الضحك والابتسام ..لقد وجد مستمعوا بشار في مرات كثيرة صعوبة كبيرة في النزول الى عمق افكاره ومقاصده...وعلى سبيل المثال عندما سئل بشار في المقابلة التي أعطاها لصحيفة بريطانية في عام 2004 إذا ماكانت سورية تطور سلاحاً غير تقليدي مثلما تتهمها اسرائيل والولايات المتحدة ,أجاب على السؤال بمحاضرة طويلة حول الحق الأخلاقي لسورية في تطوير مثل هذا السلاح وذلك استناداً الى حقيقة أنها موجودة في حالةحرب مع اسرائيل ..وسارعت الصحيفة التي لم يستطع محررها الولوج الى عمق التفسير الذي قدمه بشار بين البعد النظري والبعد العلمي ..الى الاعلان بأن بشار اعترف بأن سورية تطور سلاحاً من هذا القبيل,وتسبب الأمر بإرباكات كبيرة للقيادة السورية ,حتى ان متحدثين رسميين سارعوا إلى تكذيب أن يكون هذا قصد بشار وادعوا أنه لم يتم فهمه كما يجب... وهو نفس الشيء الذي حدث خلال اللقاء الذي أجراه بشار مع تلفزيون أمريكي العام الماضي عن وقائع الثورة السورية...ويبدو أن بعض سوء الفهم بين بشار وبين الإدارة الأمريكية يعود إلى أجوبة له بهذه الروحية والتي كان يقدمها للمسؤولين الأمريكيين.
إن بشار يظن نفسه مثقفاً ومفكراً ألمعياً ليس له نظير في تاريخ البشرية , وقد وطد هذا الشعور لديه الهالة التي يتصورها المستبدون والطغاة لشخوصهم ,والتمجيد والنفاق والثأليه الذي يقدمه له أفراد عصاباته وأزلامه ,والتصفيق والعويل والصياح الذي يقومون به للترهات والتفاهات التي يلقيها , فالمجانين يظنون غيرهم من العقلاء مجانين ,والأغبياء يحسبون أنفسهم عباقرة.