أجور النجوم في مصر
كيف تطورت من الملاليم إلى الملايين؟
هل صدقت مقولة النجم العالمي عمر الشريف والكاتب والمفكّر والمبدع الراحل توفيق الحكيم وأنيس منصور وغيرهم، في لحظة صدق، وهم صادقون دائماً، أنّ الفنانين لا يستحقون الأجور التي يحصلون عليها. فالفنان لا يؤدي عملاً حقيقياً، ومع هذا فهو يتقاضى عنه الملايين. فقد حصل مارلون براندو على عشرة ملايين دولار مقابل عشرة مشاهد فقط في فيلم "العراب".
إن أجور النجوم حديث لا يمل الصحافيون من الكتابة عنه، عاقدين دائماً المقارنات بين أجور النجوم وأجر عالم أو مفكر أو مخترع أو أديب كبير. وكتب توفيق الحكيم أن مجموع ما تقاضاه طوال عمره يقلّ عن أجر ممثل أو ممثلة في أحد أعماله. وقال الكاتب الراحل أنيس منصور إنه وضع 300 كتاب في 60 سنة، كان أجره عنها الألم
في القولون وأرقاً في الليل وضعفاً في النظر، ثم لا شيء إلا الستر. وفى خطبة شهيرة لجمال عبد الناصر، وهو يومئذ زعيم الأمة العربية وبطلها بلا منازع، قال إن دخل المطربة فايزة أحمد أكبر من مجموع دخل جمال عبد الناصر. ومعنى هذا كله أنّ أجور النجوم هي دائماً موضع حسد من الآخرين، والصحافة تنشر ليل نهار أنّ هذا الممثل حصل على ملايين في فيلم استغرق تصويره 10 أسابيع. ويقال دائماً أنّ أجر النجم يستحوذ وحده على 70 % من موازنة إنتاج العمل الفني. ومعنى هذا أن جميع الفنانين وعناصر الإنتاج الأخرى سوف تصرف كلها في حدود 30 % من موازنة العمل. ويتم تداول الأرقام الفلكية بالفعل بين النجوم، فهل يصدق أحد أن ما يحصل عليه أصغر نجم من نجوم الدراما، يسد احتياج ما يقرب من 10 آلاف أسرة بسيطة في السنة، أي ما يعادل 500 جنيه للأسرة الواحدة شهرياً، وإن كان هذا المبلغ عند بعض الأسر يمثل حلماً بالنسبة إليها.
إذا كنا قد ذكرنا هذه المقدمة في البداية، بسبب أجور نجوم الدراما لأنها باتت خيالية، وقد تصل إلى نصف مليار جنيه من حجم الإنتاج الكلي للدراما الذي يصل إلى مليار جنيه، وهذا الرقم يكفي للإنفاق على مدينة بأكملها مدة سنة كاملة.
المشكلة أنه على الرغم من الأزمات المالية المتلاحقة التي تحيط بمصر من كل جانب، يصرّ النجوم، وبالتحديد هذا العام، على تقاضي أجورهم المرتفعة كاملة من دون تقديم أي تنازلات حتى مع شركات القطاع العام. وفي التقرير الآتي تفاصيل أكثر.
عادل إمام زعيم اللائحة
أجور نجوم هذا العام شهدت تفاوتاً كبيراً سواء بين من ينتمون إلى الجيل نفسه أو بين الأجيال المختلفة. هذا الارتفاع سببه عودة نجوم السينما، من أمثال عادل إمام ومحمود عبد العزيز وكريم عبد العزيز وأحمد السقا ومحمد سعد، إلى أحضان الشاشة الصغيرة بعد غياب طويل عنها. وللأسف، إن هؤلاء النجوم يتعاملون مع التلفزيون كما يتعاملون مع شبّاك تذاكر السينما التي يقصدها الجمهور بمحض إرادته، خلافاً للتلفزيون الذي يعتبر خدمة جماهيرية مجانية من الممكن أن تحقق نجاحاً مادياً أو لا تحقق شيئاً. وهذا مرده إلى الإقبال الاعلاني على كل عمل، وإن كان النجوم يعتبرون تعدد القنوات الفضائية واتساع مساحة رقعة العرض سبباً كافياً لوضع شروطهم المادية كما يريدون، بصرف النظر عن الإقبال الاعلاني للمحطة من عدمه، من منطلق أنه يرجع للعرض والطلب، ولكن يظل رهانهم دائماً على حجم الإعلانات التي ستحققها أعمالهم.
الزعيم عادل إمام يتصدّر لائحة الأجور بـ30 مليون جنيه عن مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" على الرغم من المحاولات لتخفيض أجره، إلا أنه أصرّ على الحصول على الأجر كاملاً من دون تخفيض، على الرغم من الهجوم الذي يتعرّض له اسمه وتاريخه بعد تصاريحه في أثناء الثورة، وبعدها ضد الثورة والثوار، وملاحقته القضائية التي يرى الجميع أنها دون وجه حق، وإنما هي حملة ضد الإبداع الفني للقضاء على الفن في مصر.
يحتل المرتبة الثانية الفنان محمود عبد العزيز الذي يحصل على 25 مليون جنيه عن مسلسل "باب الخلق"، يليه في الترتيب محمد سعد بـ20 مليون جنيه عن مسلسل "شمس الأنصارى"، على الرغم من أنه يدخل شريكاً في إنتاج المسلسل الذي يكلف 50 مليون جنيه، ثم كريم عبد العزيز بـ17 مليون عن مسلسل "الهروب"، ويحيى الفخرانى الذي يحصل على 15 مليون جنيه عن مسلسل "الخواجة عبد القادر". ويشاركه في الرقم أحمد السقا عن مسلسل "خطوط حمراء".
في خانة الــ10 ملايين يقف كل من نور الشريف عن مسلسل "عرفه البحر"، ويسرا عن مسلسل "شربات لوز"، وغادة عبد الرازق عن مسلسل "مع سبق الإصرار". ثم يأتي بعد ذلك هاني رمزي الذي يحصل على 6 ملايين عن مسلسل "إبن النظام"، بينما تحصل كل من فيفي عبده ونبيلة عبيد على 5 ملايين جنيه عن الجزء الثاني من مسلسل "كيد النساء"، وليلى علوي عن "نابليون بونابرت"، وسمية الخشاب عن "ميراث الريح" و"جبال الصبر"، وإلهام شاهين عن "قضية معالي الوزيرة"، وأنغام عن مسلسل "في غمضة عين"، وصلاح السعدني عن "الإخوة الأعداء"، وخالد صالح عن "9 جامعة الدول العربية"، وحنان ترك عن "الأخت تريزا".
أما رقم 4 ملايبن جنيه فيحصل عليها كل من مصطفى شعبان عن مسلسل "الزوجة الرابعة"، وأحمد رزق عن مسلسل "الإخوة الأعداء"، ووفاء عامر عن مسلسل "تحية كاريوكا"، وغادة عادل عن "سر علني"، وشريف منير عن "الصفعة"، وداليا البحيرى عن "غمضة عين"، وحسين فهمي عن "حافة الغضب". بينما يتقاضى كل من عبلة كامل عن مسلسل "سلسال الدم" وأشرف عبد الباقي عن "حفيد عز" ومحمود عبد المغني عن "طرف ثالث" 3 ملايين جنيه.
بورصة النجوم العرب
تشهد الدراما المصرية لهذا العام رقماً لم تشهده من قبل في مشاركة النجوم العرب في المسلسلات المصرية. فبورصة النجوم تضم أكثر من 12 ممثلاً وممثلة لأول مرّة، فيقف في صدارة اللائحة هيفا وهبي بـ16 مليون جنيه في مسلسل "مولد وصاحبه غايب"، يليها جمال سليمان من سوريا بـ5 ملايين، عن مسلسل "سيدنا السيد"، وإياد نصّار من الأردن عن كل من مسلسل "سر علني" و"ألف ليلة وليلة"، وتيم الحسن من سوريا عن "الصقر شاهين" بـ4 ملايين. يليهم باسم ياخور من سوريا عن مسلسل "المرافعة"، وهند صبري من تونس، على الرغم من أنها أصبحت بالتبعية والأقدمية محسوبة على المصريين، عن مسلسل "فرتيجو"، وكيندا علّوش من سوريا عن كل من "على كف عفريت" و"الزوجة الرابعة" و"البلطجي"، ورولا سعد من لبنان في "البحر والعطشانة" و"طيري يا طيارة"، بـ3 ملايين. بينما تحصل درّة من تونس عن مسلسل "زي الورد " على مليون جنيه، وتحصل ابنة بلدها فريال يوسف عن "ابن ليل" على 750 ألفاً. وتتقاضى المبلغ نفسه ميس حمدان من الأردن عن "النار والطين".
بعد عرض هذه الأجور، إنّ السؤال الذي يتردد بقوة خارج الوسط الفني، هل يستحق هؤلاء النجوم كل هذه المبالِغ المبالَغ فيها؟ سؤال يوجهه المشاهد العادي والمواطن الكادح إلى المسؤولين عن الإنتاج والقنوات الفضائية.
القاهرة مكتب الشبكة