{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الصاهوب (قصة قصيرة)
رائد قاسم غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 36
الانضمام: Jul 2008
مشاركة: #1
الصاهوب (قصة قصيرة)
الصاهوب (قصة قصيرة)
رائد قاسم
ها قد عادت هذه المرأة مرة أخرى... قدمه اليمنى أصبحت ثقيلة، يشعر بها وهي تتلمس كرشه وثدييه وشعرات جسده، لم يعد يستطيع الحراك.. يديها الساخنتين تداعبان ما بين فخذيه..
- ماذا تريدني مني ؟ ابتعدي عني .
... تحتضنه بشدة، يشعر بأنه مسجون في حفرة ضيقة ولا يستطيع تحريك حتى لسانه.. يحاول الصراخ والانفلات فيسقط مرميا على الأرض وأنفاسه اللاهتة تسابق دقات قلبه المضطربة..
- يا الهي هل هذا حقيقي؟ أم انه مجرد اضطراب نفسي؟ هل أعاني من خلل في هرمونات
دماغي أو ضعف في افرازات غددي ؟ .. تبا لن أكمل نومي على هذا السرير...
يستأذن شقيقه في النوم معه، يتقلب على الفراش ، إلا انه كان مطمئنا بأنها لن تهاجمه ما دام
في الغرفة شخص آخر معه إلا إن حسابه خاطئة... شعر ذهبي فاقع ! عينان شقراوتان ! جمال لامرأة ليست من نساء الدنيا.. طويلة كشجرة نخل باسقة......
- من أنت؟
- أنا صاهوب .
- هل أنت .....
- لا يهم ذلك.
- كيف لا يهم ؟
- المهم باني امرأة وأنت رجل ألا يكفي هذا؟
- ماذا تريدين مني ؟
- الم تفهم بعد ؟
- لا استطيع أن افهم أنت امرأة غريبة عني بل عن كل من حولي.
- الحب هو الحب والرجل هو الرجل والمرأة هي المرأة في كل عالم من هذه العوالم المتلاطمة.
..تقترب منه .. تحاول احتضانه بلهفة ...
- لا ابتعدي عني ، اذهبي بعيدا ...
... يفتح عينيه فيرى شقيقه الأصغر أمامه.
- ماذا دهاك ؟ لماذا كنت تتقلب على الفراش بهذه الصورة المرعبة؟
- أنا !!
- نعم لقد أخفتني.
- لا تقلق لقد كان حلما مزعجا وحسب.
****
في الصباح يذهب إلى جامعته والإعياء واضحا على محياه ، يشرب كوب شاي دافئ في مكتبة الجامعة التي يفضل المكوث فيها كثيرا..
- ما هذه الدقات التي أسمعها بشكل متواصل ؟
- ها أنت هل تسمع دقات عنيفة من هذا الجانب؟
- لا، الأثاث جديد كما ترى والهدوء يعم المكان.
- يبدوا باني متعب قليلا.
يعود إلى بيته ، يستلقي على إحدى كنبات الصالون... يسمع دقات مكثفة من مكتبة التلفزيون..
- أمي أمي .
- ما بك يا بني؟
- اسمع أصوات غريبة متكررة من المكتبة.
- أنا لا اسمع شيئا، ولكن ربما يكون ذلك بفعل هواء التكييف.
... يغمض عينيه قليلا ... يحاول النوم بالرغم من الدقات التي لا تكاد تنقطع ، يشعر بان احد يقترب منه ، لم يعد يستطيع الحراك .. يحس بان احد يضرب رجله اليمنى فيستيقظ مذعورا..
**********
- أذن انت تشعر بان أحدا يطاردك؟
- نعم هذا ما أنا متيقن منه وليس شعور يا دكتور.
- لا يأتي اليقين ألا من خلال برهان مادي قاطع يا بني.
- ولكن يا دكتور لقد أخبرتني عن اسمها في الحلم.
- نعم نعم ، قلت بان اسمها (صاهوب) أليس كذلك؟
- بالضبط.
- هذا ليس دليلا كافيا، أن الدماغ البشري له من الأسرار ما يوازي أسرار الكون ، هذا الاسم قد تكون قد قرأته سابقا وحفظته ذاكرتك ، فظهر لك في حلمك ، أما وجهها وقوامها فأنت منذ صغرك وحتى الان قد شاهدت آلاف الصور ، وسمعت آلاف الأصوات، وقد خزن دماغك الكثير منها ، فركب لك عقلك الباطن إحدى الصور على احد الأصوات ، فظهرت لك في الحلم هذه المرأة الجميلة ذات القوام الممشوق والوجه الجميل والصوت الرقيق.
- ولكن يا دكتور.
- صدقني انت في كامل صحتك ، وشعورك بان امرأة من عالم آخر تطاردك ليس سوى انعكاس لرغبتك الطبيعية في أن تحبك إحدى فتيات الجامعة ، وتلبية لحاجتك بان ترتبط بعلاقة حب مع إحداهن ، وعندما لم تتمكن من إشباعها كبتها مضطرا، مما أذى إلى افتعال عقلك الباطن لامرأة مجهولة تطاردك ، لتعوضك عن فشلك في إقامة علاقة مع الجنس الآخر، هذا كل ما في الأمر.
- لربما يكون كلامك صحيحا يا دكتور .
*******
في المساء وبعد أن يذاكر بعض دروسه، يستلقي على سريره محاولا النوم.. يسمع دقات عنيفة تخرج من مكتبته الصغيرة..يقف في وسط غرفته غاضبا . أصوات دقات أخرى من سريره. من دولاب ثيابه. من الباب.. من الكرسي..من كل مكان...
- ماذا تريدين مني يا بنت النار؟
- لما لا تتجسدين لي ؟ أم انك بظهورك تتحولين إلى أنثى ضعيفة لا حول لها ولا قوة؟
- أقوتك تكمن في تواريك تحت هذا الطيف الأحمر الذي لا أراه ؟
.. يجلس على أريكته، ينظر إلى أنحاء غرفته التي عمها الصمت إلا من أنفاسه، لا يرى بدا من أن ينام، يبقي على احد المصابيح مضاء ويخلد إلى النوم...
.. يرى نفسه في حديقة غناء تتوسطها بحيرة وفي وسطها يشاهد صاهوب واقفة على الماء ، تنظر له ضاحكة ، ثم تغطس في الماء بسرعة هائلة ، يقترب من حافة البحيرة ، يتطلع يمينا وشمالا ويلتفت في كل اتجاه باحثا عنها، وبسرعة البرق تخرج صاهوب من وسط البحيرة لتقف بجانبه...
- هل صدقت الكلام الذي قاله لك طبيبك ثقيل الدم؟!
- هل أنت فعلا حقيقية؟
- وهل الحقيقة فقط ما تراه بعيك، هل ترى الهواء ؟ هل ترى تلك الكائنات التي تملا جسدك وتحيط بك في كل مكان ؟ هل ترى الكهرباء التي تشغل أجهزة منزلك ؟ إن ما لا تراه أكثر بكثير مما تراه وتشعر به.
- ولماذا إذن لا أراك بعيني ؟
- أنت الان تراني بعينك الحقيقية، فعين جسدك ليست سوى اداة للرؤية ليس إلا.
- من أنت وأين أنا ؟ ما أشاهده ليس حقيقة بل مجرد خيال.
- بل حقيقية ولكنكم معاشر البشر تظنون أن الحقائق يجب أن تكون مادة وإلا فهي وهم.
- إذن أنتِ لست من عالمي.
- بل من عالمك، ومن صميم عالمك، كلنا عالم واحد مادمنا على هذه الأرض، ولكنه عالم متعد الأبعاد.
... تقترب منه وتمسك بذراعيه..
- هل تشعر بي الان؟
- اشعر بك كأي شخص يلمس جزء من بدني.
...طاقة كهربائية تسري في جسده .. صعقة كهربائية تزداد قوتها .. يصرع على الأرض ... يصرخ بقوة..
- من أنت ؟ من أنت؟
- أنا صاهوب ... صاهوب يا ابن البشر ..
**********
ما أن يستيقظ من نومه حتى يرتدي ثيابه بسرعة ويذهب إلى مكتبة الجامعة ويبدأ بمراجعة معاجم اللغة... يقضي عدة ساعات من دون الحصول على إجابة على سؤاله، يلمح احد أساتذة اللغة العربية.
- هل لي بدقائق من وقتكم ؟
- تفضل.
- ابحث عن معنى لاسم غير مألوف.
- ما هو؟
- صاهوب!
- صاهوب! اسم نادر .
- هل له معنى؟
- المعنى هو ما نضعه نحن للأسماء، ليس بالضرورة أن يكون لها معنى بحد ذاتها.
****
- لا شك في كونها شيطانه مريدة! .. يقولها الشيخ دو اللحية المنسدلة بكل ثقة ..
- لا لم تصل إلى هذه الدرجة.
- صدقني إنها كذلك، يكفي أنها مخلوقة من النار والنار جزء من الجحيم.
- ولكنها امرأة جميلة ذات صوت عذب.
- لا تخدعك بمظهرها، ليست سوى شيطانه، أظن أن جدها إبليس والعياذ بالله.
- ابليس!
- نعم روح الشر في هذا العالم.
- ولكني اشعر بانجذاب نحوها.
- أحذرك يا بني من ذلك، إنها من النار، وكل مخلوق من النار يتصف بالغضب والبطش والغرور.
- ألا يمكن أن ارتبط بها؟
- لا يمكن ؟ أنت من التراب وهي من النار.
- ولكن النار والهواء والماء والتراب أصل هذا الوجود، وهي مخلوقة من أصل وأنا من أصل فما المشكلة وما هو جوهر التناقض؟
- دعك من هذا يا بني، اتركها وسوف أساعدك على ذلك، (هامسا) إنها ليست منا، إنها منهم ونحن وهم متنافرين ابد الدهر.
***
يعود إلى غرفته، يفكر مليا في كلام الشيخ، يسمع الدقات العنيفة مرة أخرى، يخاطبها بمودة ممزوجة بغضب..
- ماذا تريدين مني ؟ إلى متى هذا المأساة التي أعيشها بسببك ؟ إن كنت تحبينني فاظهري لي وان كنت تريد العبث فانا سوف أتصدى لك. أفهمت؟
... يسود هدوء مفاجئ أرجاء الغرفة، يشعر بشعور غريب لم يألفه من قبل، يحس بثقل في رأسه.. يداه ترتجفان ، عيناه تزيغان، يصرع على الأرض، يصرخ صراخا مجلجلا .. يغمى عليه... يعود إلى وعيه فيرى صاهوب في سقف الغرفة ...
- أنتِ مرة أخرى؟
.. تبتسم ابتسامة حزينة ثم تنزل وتدنوا منه ....
- لقد جئت لودعاك يا ابن التراب.
يصدم من كلامها ..
- مستحيل !
- لم ؟ الم تكن تريد ذلك؟
- بقدر ما احدثِ لي من الم ، بقدر ما أنا شغوف بك وأريدك أن تكوني إلى جانبي إلى الأبد.
- هذا هو المستحيل.
- لما لا ؟ أنا رجل وأنت امرأة.
تضع إحدى يديها على جبينه بينما تنهمر بضع دمعات من عينيها...
- النار والماء والهواء والتراب تجتمع لتكون الحياة فلا حياة من دون اجتماعها، قدرنا أن نجتمع ولكن ليس لنا أن نعيش مع بعضنا البعض.
- كلا يا صاهوب ، أنا لا افهم سوى كونك امرأة وكوني رجل .
... ترتفع إلى سقف الغرفة مرة أخرى..
- وداعا لن أنساك أبدا.
- كلا لا تذهبي يا صاهوب ، أرجوكِ انتظري .
... يستيقظ من صرعته، يجد جبينه ما يزال حارا، يوقن انه لم يكن يحلم، ينظر للسقف فيرى بقعة حمراء داكنة، تدمع عيناه بشدة، يخرج من منزله مهرولا .. يناجيها على أمل أن تستمع لاشواقه، ولكنه يسمع صوتا شجيا يناديه، يرفع رأسه فيراها بعيني بدنه لأول وآخر مرة في حياته... أيها الحبيب عندما يكون هذا الفضاء غاضبا وهواءه لافحا ثم يميل إلى السلام والاطمئنان تذكر أنه كان في ما مضى امرأة أحبتك اسمها صاهبوب.




09-06-2012, 10:53 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عبدالله بن محمد بن ابراهيم غير متصل
عضو اللوبي رقم 3
****

المشاركات: 411
الانضمام: Oct 2010
مشاركة: #2
RE: الصاهوب (قصة قصيرة)
جميل ما كتبت يا صديقي مع انه لا يخل من بعض الهنات. و علما انه لا يجوز لي ان اتدخل في الامر الا انني كنت افضل النهاية على الشكل التالي... يستيقظ من صرعته، يجد جبينه ما يزال حارا، يوقن انه لم يكن يحلم، ينظر للسقف فيرى بقعة حمراء داكنة، تدمع عيناه بشدة،.. يناجيها على أمل أن تستمع لاشواقه، ولكنه يسمع صوتا شجيا يناديه، يرفع رأسه فيراها بعيني بدنه لأول وآخر مرة في حياته... أيها الحبيب عندما يكون هذا الفضاء غاضبا وهواءه لافحا ثم يميل إلى السلام والاطمئنان تذكر أنه كان في ما مضى امرأة أحبتك اسمها صاهوب... يخرج من منزله مهرولا تائها لا يلوي على شيء...
على كل حال كتابتك جميلة و واقعية.
افضل الامنيات و انتظر ما تكتب
09-11-2012, 04:42 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  النفق (قصة قصيرة) رائد قاسم 0 581 12-24-2013, 03:49 PM
آخر رد: رائد قاسم
  اشباح النهار ( قصة قصيرة) رائد قاسم 0 572 12-11-2013, 11:23 AM
آخر رد: رائد قاسم
  شقشقه ( قصة قصيرة) رائد قاسم 0 562 11-14-2013, 11:34 PM
آخر رد: رائد قاسم
  الرؤيا (قصة قصيرة) رائد قاسم 0 644 03-28-2013, 02:48 PM
آخر رد: رائد قاسم
  قصاص قصة قصيرة حمادي بلخشين 0 898 12-02-2012, 01:42 PM
آخر رد: حمادي بلخشين

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS