بقلم: سامح عسكر

فلسفة التحايل

أن تتحايل هو أن تكذب وكلاهما إضمار شئ -سواء فعل أو قول أو اعتقاد -وإظهار آخر، والتحايل فصل من فصول الكذب على النفس والغير، وكلاهما لمنفعة تحصيلية بمجرد كسبها تزول الحاجة إلى الكذب، ومنهم من يظل يتحايل كاستمتاع نتج عن مؤانسة ذلك الفعل فلم يعد يشعر به، بينما رؤية الغير له متغيرة تتجدد بصيرورة الواقع وعليه فمؤانسة المتحايل لديه لا شعورية وعليه فلا عذر له، بينما لاشعورية تلك المؤانسة تتحقق عند المتحايل كدرب من دروب سلوك التحايل على الذات بالكذب عليها حتى إخضاعها لحالة تراكب نفسية معقدة ينتج عنها الخطأين في التفسير أو الرصد.

لذلك لا أؤمن بوجود مشكلة إلا وتتعدد أسبابها وعللها بين طرفيها أو أطرافها، فلا شعورية التحايل تخلق الجهل في نفس العالِم كخلق العيب في المادة، يظل العيب عيباً ما لم تتطهر تلك المادة أو أن يتطهر العالِم من جهله، وأكثر المتحايلين من الجُهّال والسفهاء ولا يرقى لسلوكه العالِم إلا في عدة أحوال منها الانتصار للنفس بحفظ الهيبة والسُمعة، وقد نجد تلك الأعراض في المناظرات المبنية على الإفحام وقليلاً في المبنية على الإقناع، وفي الغالب ما تكون تلك الأعراض غير محسوسة ولا مُتخيّلة فالخيال إدراك بواقي الحِسّ فإذا انعدم الحس انعدم التخيّل، ويمكن إدراكها-عند العالِم- بالعقل، ولكن من أين له ذلك وقد دخل في دوامة صِراع مُحركها الرئيسي هو الروح.

فالثابت أنه لا سيطرة لنا على النفس بمجرد العقل، فجميعنا مِلكٌ لأهوائنا ورغباتنا وعواطفنا، فباستثارة عاطفية واحدة ينزلق العقل من مرتفع العلم إلى هاوية الجهل والعكس صحيح، والإنسان لا يملك من الحب والكُره إلا الميل الفطري والروحاني، فمهما بلغ العلم مبلغه من الرجل قد يعود بمجرد حالة نفسية أو عاطفية، أو أن ينظر لعلومه كأنها تحايل على الحقيقة، ولو أَنسَ ذلك الحال سيتمرد على الحقيقة حتى أنه لا حقيقة لديه ..ومنه يأتي التحايل، فهو في المحصلة يتحايل على نفسه بإنكار واقعه أو أنه يجهل تفسير نوازعه ورغباته بل أفعاله، فتنشأ لديه حقيقة جديدة ينافح عنها دون عقلٍ مُدرك إنما كان مُحركه الأول العاطفة.

طيب

انت سني ولا شيعي

جيد أخي سامح, أعتقد أن هناك آليات دفاعية نفسية "طبيعية" تسمح بالتحايل كأن يزدرد المرء مصيبة وقعت له فيقول أنه يستأهل ذلك
أو بالعكس يقول أن مصيبته بسبب طرف عدواني

لكن أعتقد أنه بمقدار ما يكون المرء سليم ومعافى نفسيا (الصحة النفسية) بمقدار ما يكون أقرب للموضوعية
تحياتي