كنت البارحة امشي في المدنية الرياضية كعادتي واركض .. لاانكر ان الطقس كان باااارد جدا ولكن بمجرد ان ابدأ بالمشي والركض حتى اشعر ااني في عز الصيف بشمسه .. ليرتفع الاندرينالين ويبدأ تأثيره..
كانت تملؤني مشاعر الطفولة و الحب والفرح والنشاط.. كالعادة..
طيلة مشواري الروحي الرياضي الذي اعتدت ان امارسه كطقس من طقوسي اليومية..
وبعد ان انتهيت من ممارسة طقسي الرائع الذي أحب وانا اهمّ
بالخروج والعودة الى البيت وتحديدا لمّا كنت خارجة من باب ا لمدينة الشرقي لفت رجل انتباهي كان رجلا كبيرا في ا لسن يقف وعربته البسيطة البدائية في عزّ البرد ليبيع الترمس والفول النابت .. عيناه تلاحق كل من يمر في الشارع رغم انهم قله فجرت العاده ان الناس كحيوانات الغابة تركض الى وكرها وحضن احبابها في البرد ولاترغب بالخروج كثيرا.. !!
قلت لنفسي: (هاي لقيتي عرباي بتبيع ترمس وفول نبات..(صح مو كتير بتحبيه بس من زماااان ما اكلتيه )؟
((روحي اشتري دوقيه ... رجعي ايام وانتي زغيره مروحه من المدرسة وقرونك الصغار بيركضو وراكي وانت عم تلحقي بياع الترمس والفول والبليليلا وبتنادي عليه: عمو لحضة بدي اشتري لا تبعد مش قادرة اركض وراك الشنطة تقيلة على ضهري..))
بعدها قلت لنفسي بحزم : لا لا انسي ..ما بدي خلص انسي.
ومشيت
و ركبت سيارتي وما ان مشيت خطوتين حتى لفت البائع انتباهي حينها .. قررت ان ارجع واشتري من عنده.
-مرحبا
قلت له.
- اهلين وسهلين يا عمي
رد بلهفة .
سألني؟
تفضلي يا بنتي بدك ترمس ولا فول؟
- اممممممم ترمس ولا فول ما بعرف عمو اقللك اعطيني كيسين ترمس وكيسين فول ...
طبعا كانت تلك اللحظات اللي اسرع من الضوء حيث كان يملأ الترمس والفول النابت بأكياس شفاف صغيرة تكاد ان تذوب من شدّة حراراة الماء الموجود مع الفول حينها قال لي بلهجته البسيطة المحكية قديه غلي الفول
وقديش صار كيلو الترمس الحب؟
وقديش الحياة وتكاليف المعيشة غالية كتير...!!؟
وقديه الطقس بارد والواحد ما بصدق يروح بغّله لو بسيطة عالبيت عند ولاده ومرته .. وآآآاااه يا عمي والله لولا الحياة وووجعها ما طلعت بهيك برد ... ويهمز رأسه ويصمت..
!!!!؟؟!
سرحت بكلامه و سافرت حيث لا اعلم اين مجرد كلمات بسيطة وتنهيدة حارقة في جوّ بارد ستحط بي.. حينها تأملت تجاعيد وجهه حيث كانت كل تجعيدة منها تحكي قصة عمر.. وكل قصة ملأى بحكايا
قلت في نفسي..
" ياه تبّا لهذه الزمن الذي لم يأل جهدا لأن يثبت للجميع انه امهر معلّم في تغيير الوجوه من حال الى حال ولا حتى امهر جراحي التجميل يستطيعون تغيير مفعوله بموادهم ومشارطهم وادواتهم الحديثة....
..
بهذه اللحضات السريعة جدا جدا جدا
قال فجأة:
- بدك ليمون؟
احطلك ليمون يا عمي؟
كسر بسؤاله حاجز الصمت الذي كان سائدا وأعادني بسرعة الى الواقع.
ومشيت وأنا أسمعه يقول بصوت مسموع ( يااااااااه زمان الواحد ما اكل شوكولاته عن جد زي هاي)؟!!!!
هزتني كلمته كثيرا.. شعرت باستغرب .. بحزن.. لم يكن وجهي مصوبّا نحوه بل كنت اهمّ بركوب سيارتي .. شعرت بخليط لا اعرف ما هو من المشاعر
قلت في نفسي (معقول هيك.. انا اصلا انتبهت انه لما اعطيته حبة الشوكولاته تأملها كتير وضل يتفرج عليها..و يقلبها بس فكرته بده يشوف شو نوعها او تاريخ انتهاء صلاحيتها).
ما كنت عارفة انه بيكحل عيونه بمنضرها؟
يا حرام يمكن اول مرة بياكل كت كات..!! هاد ازا اصلا بيعرف يفرق بين انواعها.
وعدت الى منزلي .. واانا ملأى بخليط من كل الاحساسات والمشاعر
في تلك اللحظات اقسم بالله شعرت انني من الاثرياء الى جانب هذا البائع..
ربي لك الحمد كما ينبغي لعظيم وجهك وجلال سلطانك على كل نعمة انعمتها عليّ وعلى عبادك اجمعين..