اللاذقية، الحقيقة (خاص):

تحولت ملتقيات العزاء بشهداء الجيش السوري إلى ما يشبه"منتديات المجتمع المدني" التي عرفتها سوريا بعد وفاة مؤسس النظام حافظ الأسد ، وقبل أن يقود عبد الحليم خدام حملة قرقوشية وهجوما معاكسا ضدها في شباط /فبراير 2001 متهما إياها بأنها" أوكار لعملاء السفارات الأجنبية"! ونظرا لأن الساحل السوري أصبح "مقبرة جماعية" ، على حد تعبير أحد الوجهاء المحليين، لآلاف العسكريين، لم يعد أمام الأهالي المفجوعين خط أحمر يأخذونه بعين الاعتبار حين مناقشة الوضع المزري الذي أوصلهم إليه آل الأسد وخياراتهم الإجرامية التي قادت البلد إلى التهلكة. وطبقا لمصادر محلية مختلفة، فإن النقاش "الجدي جدا" ، وفق تعبير المصادر، بدأ يتطرق على نطاق واسع إلى ما إذا كان يتوجب على أهالي الساحل استضافة بشار الأسد في المنطقة والسماح له بالإقامة فيها "بعد هربه من دمشق"، وفق تعبير أحد هذه المصادر الذي أشار إلى أن هناك تيارا واسعا وسط الأهالي يقول صراحة : "يروح ينقلع ويلجأ لعند يلي باعهم البلد" ، في إشارة إلى المافيات التي سلمها البلد منذ وراثته عرش والده.

مع ذلك، يبقى ما حصل مؤخرا في أحد ملتقيات العزاء في بلدة "بيت ياشوط" في ريف جبلة ، يستحق التأمل لأكثر من سبب.

بيت ياشوط وضواحيها ، التي كانت ، ولا تزال نسبيا، أحد الخزانات الأساسية للكادرات البشرية الأمنية والعسكرية التي اعتمد عليها النظام، أصبحت أكبر"مقبرة جماعية" لشهداء الجيش منذ بداية الأزمة. فقد تجاوز عدد شهدائها المئات، ولا يبزها في ذلك ـ ربما ـ سوى بلدة وادي العيون في ريف مصياف /حماة.

من هذه البلدة ، بيت ياشوط، وضواحيها ( عين الشرقية، عين شقاق ، عين قيطة...)، خرج اللواء محمد الخولي ، مؤسس المخابرات الجوية ، و اللواء المتقاعد علي عباس حيدر ، القائد المزمن للقوات الخاصة على مدى ربع قرن، وعشرات الجنرالات الآخرون في مختلف صنوف الأسلحة.



يختلف الكثيرون بشأن على حيدر ( أبو ياسر)، مثلما يختلفون بشأن رموز مافيا النظام كلهم. إلا أن هناك إجماعا حول نقطتين إيجابيتين يتصف بهما، هي شجاعته ومهنيته العسكرية ، فضلا عن بذاءة لسانه. فالرجل يعتبر بحق "المؤسس والباني الحقيقي للقوات الخاصة" في سوريا ، رغم أنها تأسست قبل ذلك بكثير تحت اسم "المغاوير"، والتي برز دورها فيما عرف تاريخيا بـ"مؤامرة سليم حاطوم". ومن "المغاوير" خرج ضباط لعبوا دورا كبيرا في تاريخ الصراع السياسي في سوريا، لعل أبرزهم ـ فضلا عن حاطوم ـ اللواء فهد الشاعر ، الذي تولى يوما ما المساهمة في قمع حركة مصطفى البرزاني الكردية شمال العراق.

في ملتقى العزاء المشار إليه، وكان الضابط الشهيد من القوات الخاصة ، تنطع أحد الضباط الصغار المرافقين للجثمان للحديث عما يجري في سوريا، فما كان من علي حيدر سوى أن تساءل" هل هذه هي القوات الخاصة التي بنيناها خلال أربعين عاما ؟ معقول تموتوا الشباب يلي ربيناهم وتعبنا عليهم كل هذا التعب بهي الطريقة ،؟ معقول يموتوا متل الدبان!؟ معقول هدول الشباب واجهوا الإسرائيليين بجبل الشيخ والأخوان المسلمين بالتمانينيات يموتوا بالجملة متل البرغش؟". فما كان من الضابط الصغير إلا أن أجابه " والله يا عمي أبو ياسر ، المعلم (قصده بشار الأسد) لا ينام لا ليل ولا نهار من همه على الجيش ، بعدين لا تنسى أنو المسلحين معهم أسلحة حديثة لأول مرة منشوفها "! وعندها انفجر علي حيدر وصرخ بوجهه أمام العشرات من المعزين ومن وجهاء المنطقة ، قائلا " خراي عليك وعلى المعلم تبعك ، ما أجحش منك غيره ، هيك قله عن لساني . الولد بيبقى ولد لو عمّر بلد . أبوه عمل مية مصيبة بالبلد ، لكن كلها بكفة وتوريث ابنه بكفة لحالها . قله لها الجحش يضب شنتياته (حقيبته) ويحل عن طيزنا ، هدول الشباب يلي عم بيموتوا مو مرابعين أجراء) ورثهم عن يلي خلفه منشان يموتهم . قله كمان لها الكر (الحمار) ما ضل عنا محلات نقبر فيها حدا. المقابر كلها تعبّت ( امتلأت) . بس إذا قرر يفطس مندبر له شي جورة ( نؤمن له قبرا ) نرميه فيها "!!

يشار إلى أن علي حيدر، وبعد أن استدعى حافظ الأسد ابنه بشار من لندن على أثر مقتل ابنه باسل في حادث سيارة مدبر على طريق المطار، فهم أن الغاية من استدعائه هي تهيئته لتوريثه ، وكان من أوائل الذين تصدوا لهذا المشروع، فجرت إحالته على التقاعد في العام 1994 بعد وضعه في الإقامة الجبرية 45 يوما . وكان قال كلاما بحق بشار الأسد في أحد الاجتماعات العسكرية العليا لا تقال إلا بحق أبناء الشوارع!

انتهى النقل ..
ويلعن روحك يا حافظ ..

ما يهمنا هي الوثائق التي يسهل موقع نزار نيوف الحصول عليها, الدم السوري يسفك هنا وهناك ومن الطبيعي أن تصدر بعض مظاهر الإحباط والنرفزة وهذا ينطبق على كل من يعاني من الخراب الذي يجري في سوريا