تقصت "زمان الوصل" حقيقة دعم جزء كبير من أهالي أنطاكيا التركية لنظام الأسد، والذي تطور إلى إرسال الرجال للقتال إلى جانب الشبيحة بحسب شهادات موثوقة حصلت عليها الجريدة خلال فرار مراسلها من سوريا إلى اسطنبول عبر أنطاكيا...
وتلقت الجريدة شهادات حول ما يسمى بـ "البشاريين" وهي مجموعة غير معلنة تعمل على دعم النظام السوري من داخل أنطاكيا بالمقاتلين حيناً وبالمعلومات الاستخباراتية عن نشاط الجيش الحر أحياناً، إذ تحول ولاؤها من الهوية التركية إلى الطائفة العلوية التي تجمعها والعائلة الحاكمة في دمشق.
"البشاريون" ليست حركة منظمة، لكنها إطار سياسي وعقائدي تلمسه حتى في حفلات أعراس أهالي أنطاكيا، والتي تتغنى بالأسد الأب والابن... وتردد جملة "نحن مع بشار حتى الموت".
البداية
عَبَرَ مراسل "زمان الوصل" مدينة أنطاكيا في رحلة هروب إلى اسطنبول، لتكون أول كلمة سمعها من سائق السيارة الذي أقله "لا تتحدث شيئاً يتعلق بالمعارضة أو نشاط معارض حتى تعبر لواء الإسكندرون باتجاه أضنة"، تفاجأ المراسل بما سمعه فسأل السائق عن السبب، فهو عملياً قد خرج من سوريا ودخل الأراضي التركية!، وكان الجواب: "كل من تراه في هذه المنطقة هم من شبيحة بشار الأسد!".
ولم يتوقف الأمر على ذلك بل تعداه إلى سؤال سائق تركي كان ينقله من مكان إلى آخر –داخل أنطاكيا-: هل أنت مع بشار؟
فكان جواب المراسل: نعم أنا مع بشار -آخذاً بنصيحة السائق السوري- ليكمل السائق: "كلنا في أنطاكيا بشاريون، كل أغانينا وأعراسنا نمدح فيها بشار الأسد، نحن نرسل أبناءنا للقتال ضد الجهاديين، رئيس الحكومة التركية يريد إزاحة بشار الأسد لأنه علوي، الحكومة التركية تدفع الملايين لتنزع السلطة من بشار الأسد، نحن مع بشار حتى الموت"، ثم أكمل السائق "التركي البشاري": "الحكومة التركية تسمح لكل من يطيل ذقنه بالدخول إلى سوريا لمحاربة الأسد، ونحن لن نسمح بذلك".
ولاء الطائفة
العابر أو الزائر لتركيا سيجد الحالة السورية قبل 2011 هي نفسها الآن في الجنوب الغربي لتركيا، فالعلويون في الجنوب التركي ليسوا مواطنين أتراكاً بما تعنيه الكلمة من معنى! ليس السبب في أن حكومة العدالة والتنمية تحرمهم من حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحسب بعض الإدعاءات، لكن الحقيقة هي "التمرس خلف الطائفة"، فأهل أنطاكيا يوالون النظام في سوريا أكثر من ولائهم للهوية التركية، فالولاء لديهم كما هو الحال في سوريا "ولاء للطائفة وحدها لا غير".
قبل خروج مراسل "زمان الوصل" من الأراضي السورية، رسم له الناشط "أبو عبد الرزاق" في جبل الأكراد بعض صورة أنطاكيا والولاء للنظام السوري، مؤكداً أن علويين من الجنوب التركي يتوجهون إلى شمال سوريا عبر معابر الجيش النظامي للقتال إلى جانب الأسد مدفوعين بفتاوى دينية من شيوخ الطائفة، وتابع: "وقعت جريمة قتل بحق سوريين في أنطاكيا، حيث قام أحد السكان الأصليين من الطائفة العلوية بإطلاق النار على أب وولده الصغير فأرداهم قتلى"، وتابع:" عشرات العائلات السورية غادرت أنطاكيا باتجاه مرسين في الأيام القليلة الماضية، بسبب مضايقة أهل أنطاكيا للمستأجرين السوريين".
ولم يتوقف الأمر على ذلك بل تعداه إلى أن الكثير من شباب التنسيقيات في سوريا كرروا النصيحة بعدم محاولة السفر إلى تركيا مروراً بأنطاكيا، خوفاً عليهم من التعرض للأذى من قبل بعض "المتطرفين" في الجنوب التركي.
كما أن بعض اللاجئين قد أكدوا لـ "زمان الوصل" أن الخوف من المتطرفين الجنوبيين هو السبب الرئيس لعدم خروجهم من المخيمات في المناطق التي يقطنها علويون، وركز البعض على أن الحكومة التركية تحذرهم بين الفينة والأخرى بعدم الاختلاط مع سكان المنطقة الأصلية، خوفاً عليهم من أعمال انتقامية قد تتسبب في إخلال أمنهم واستقرارهم وتضعهم في حالة صراع صعبة الحل.
وتبدو الصورة أوضح لدى المقاتلين في ريف اللاذقية حيث أكدوا أن عمليات تهريب مقاتلي الأسد الأتراك تتم بالتعاون مع أهالي المناطق الحدودية، وهؤلاء المقاتلون هم من القاطنين بين أنطاكيا ولواء إسكندرون.
ولكن أحد أهالي "إسكندرون" أكد لمراسل "زمان الوصل" عدم قبولهم دخول أبنائهم في صراع ضد الجيش الحر في سوريا، مع رفضه لفكرة تدخل الحكومة التركية في الشأن السوري, ولم يخفِ الأخير تأييده لبشار الأسد.
http://www.zaman-alwsl.net/readNews.php?id=31339