رام الله ـ القدس العربي من وليد عوض:طالب الدكتور غازي حمد الناطق السابق باسم حكومة الوحدة الوطنية المقالة امس في حوار مع القدس العربي بضرورة اعادة تقييم عمل المقاومة الفلسطينية واعادة المسار السياسي، ومشددا علي ان المقاومة لن تستطيع تحقيق اهدافها دون غطاء سياسي، كما ان السياسة بدون مقاومة ستكون ضعيفة.
وبعد شهور من الصمت اكد حمد لـ القدس العربي امس في حوار اتسم بالصراحة بانه لم يعد ناطقا باسم حكومة الوحدة الوطنية المقالة برئاسة اسماعيل هنية منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي، وفيما يلي نص الحوار:
دكتور غازي لماذا انت غائب عن الساحة الفلسطينية وكنت من اكثر الوجوه الفلسطينية ظهورا لوسائل الاعلام قبل سيطرة حماس علي غزة منذ منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي؟
انا تركت العمل كناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية.
لماذا؟
الاسباب احتفظ بها لنفسي، ولا اريد ان ادخل في تفاصيل لكن كانت لي ملاحظات ابديتها للاخوة في الحكومة والحركة علي ما حدث في غزة.
منذ متي تركت العمل كناطق باسم الحكومة المقالة التي يترأسها اسماعيل هنية؟
منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي.
كونك اعتزلت العمل كناطق باسم الحكومة المقالة التي كانت تقودها حماس هل اعتزلت كذلك الحركة؟
لا، لم اعتزل حركة حماس، فيوجد لي موقع ومكانة فيها، وانا مقتنع بان حماس لها دور كبير في الساحة الفلسطينية، لكن نحن بحاجة الي اعادة تقييم الامور بشكل موضوعي ودراسة كل المستجدات بواقعية وبعيدا عن المناكفات السياسية.

معالجة الاخطاء بالحركة الاسلامية

تلك الحركة التي انت لم تعتزلها بماذا تطالبها الان؟
ان حركة حماس اصبحت اليوم مسؤولة امام الجمهور ومطلوب منها ان تقدم افضل ما لديها علي كافة المستويات، كون الوضع في قطاع غزة صعبا وقاسيا، فهذا يلقي علي عاتق حماس عبئا ثقيلا، كما ان هناك الكثير من الامور التي تحتاج الي تقييم واعادة ترتيب.
ماذا تقصد بأشياء يجب اعادة ترتيبها؟
علي الحركة ان تقوم بتحسين وتطوير ادائها ومعالجة الاخطاء التي وقعت بها، وتقويم عملها خصوصا في ظل الظروف الراهنة، لان التحديات اصبحت كبيرة امامها. حماس مطلوب منها انضاج رؤيتها السياسية بما يمكنها من الانفتاح علي العالم، دون التنازل عن الثوابت الوطنية،كما انه مطلوب منها ان تستعيد علاقتها بكافة القوي العاملة علي الساحة الفلسطينية وايجاد حالة من التوافق والتعاون.
وماذا تقصد بالانفتاح علي العالم؟
اقصد بان حماس حتي الان محاربة من المجتمع الدولي وتعتبر حركة ارهابية وعليها ان تغير تلك الصورة بتوسيع اتصالاتها مع المجتمع الدولي وتوسيع رؤيتها السياسية دون التنازل عن الثوابت الوطنية التي تم الاجماع عليها بين جميع القوي الفلسطينية.
هل تعني بان علي حماس التنازل عن المقاومة المسلحة والاتجاه نحو المقاومة عبر المفاوضات او ما يسمي بالمقاومة السلمية؟
المقاومة ضد الاحتلال حق مشروع، لكن المعادلة الفلسطينية يجب ان تقوم علي الدمج ما بين المقاومة والسياسة، والازمة التي نعيشها حاليا هي بسبب عدم وجود دمج وتوافق ما بين السياسة والمقاومة.

المقاومة ليست اهم من السياسة

من الذي عليه الخضوع للاخر السياسة ام المقاومة؟
المقاومة يجب ان تخضع للاهداف السياسية، والعمل السياسي يجب ان يكون محكوما بالثوابت الوطنية، لان المقاومة بدون غطاء سياسي صعب ان تحقق اهدافها او اية انجازات عملية، وعلي المقاومة ان تدرك بان العمل السياسي لا يقل اهمية عن المقاومة المسلحة.
هل تطالب باعادة تقييم عمل المقاومة الفلسطينية؟
بالطبع المقاومة ليست منزهة عن الاخطاء، وللاسف ان الفصائل الفلسطينية لم تقم بعملية تقييم جدية وجماعية للمقاومة بحيث يتم تجنب الاخطاء وتطوير الاداء وفق الصالح الوطني. كنت اتمني ان يعاد ترتيب عمل المقاومة منذ انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، لان هناك متغيرا قويا حدث علي الساحة الفلسطينية وهو الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة. لكن مع الاسف نحن ما زلنا نعاني من غياب التقييم الجدي الموضوعي للمقاومة.
ما الذي تفتقده في الساحة الفلسطينية الان؟
ما افتقده هو غياب الرؤية الموحدة في السياسة والمقاومة علي حد سواء، وهذه تخلق اشكالية كبيرة وتجعل الاتجاهات تسير بطريقة متناقضة ومتعارضة. نفتقد ايضا الي العلاقة الوطيدة التي تقوم علي التعاون والاحترام بين القوي والفصائل وهو امر هام جدا يجب الا نتجاهله.
ما الذي جري في قطاع غزة في حزيران الماضي رغم وجود حكومة وحدة وطنية ما بين حركتي فتح وحماس عقب اتفاق مكة الذي رعته السعودية في شهر شباط من العام الماضي؟
لم اكن اتمني ان نصل لما وصلنا اليه، وكنت اتمني استمرار حكومة الوحدة الوطنية، وانا اصبت بخيبة آمل عندما سقطت حكومة الوحدة التي مثلت عنوانا كبيرا للشعب الفلسطيني
ولكن الحكومة سقطت بعد سيطرة حماس بقوة السلاح علي قطاع غزة؟
انا حزين من عملية الاقتتال الداخلي، وانا مقتنع في نهاية المطاف بان حماس غير معنية بالاستئثار بغزة، والواقع الحالي ليس صحيا، الواقع الصحي ان تعود الوحدة الوطنية.
ولكن هناك قيادات في حماس مبسوطة علي الوضع الحالي؟
هناك رؤية اخري داخل الحركة ولا استطيع الادعاء بان كل الحركة تتفق مع مواقفي، وانا لم اكن اتمني ان نصل الي هذه المرحلة.

الخلافات داخل حماس

هل هناك صراع داخلي في حماس، وذلك الصراع هو ما حدا بك لاعتزال العمل في الحكومة المقالة؟
لا شك بان هناك وجهات نظر مختلفة داخل الحركة لكن ذلك لا يعني وجود صراع . لان هناك قيادة تقرر الموقف النهائي.انا سبق ان تحدثت برأيي عن كثير من المواضيع التي تخص الوطن والحركة، وما زلت اؤمن بان حماس حركة عريقة وقوية لكن تحتاج ايضا الي عمليات تقويم وتقييم خصوصا في رؤيتها السياسية وعلاقتها بالقوي والفصائل.
ومن الجدير بالذكر ان غازي حمد من قادة حماس البارزين، وقد وجه رسالة قبل اشهر الي قيادة حركة حماس، اكد فيها بان حماس ارتكبت خطأ استراتيجيا بحسمها العسكري في قطاع غزة والسيطرة عليه بقوة السلاح، وعند سؤاله عن موقفه من سيطرة حماس علي غزة قال حمد: لم اكن اتمني ان نصل الي هذه المرحلة.
دكتور غازي حمد انت كنت من المقربين من رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية، هل فقد هنية فعلا السيطرة علي مسلحي حماس في غزة ولم يكن بمقدوره وقفهم عن قتال الاجهزة الامنية وعناصر حركة فتح؟
الامور خرجت عن سيطرة الجميع، وللحقيقة فان رئيس الوزراء كان سعيدا بحكومة الوحدة الوطنية وآمن دوما باستمرارها، وكان علي علاقة طيبة مع نائبه عزام الاحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي ووزراء فتح.
هل فعلا فقد هنية السيطرة علي مسلحي حماس ومنعهم من السيطرة علي قطاع غزة؟
الاوضاع في الميدان كانت اكبر مما نتصور، السيد هنية عمل باصرار علي وقف الاقتتال ومنع تدهور الامور.
هل كان هناك قرار من حماس بالسيطرة علي غزة؟
لم يكن لدي حماس قرار بالسيطرة علي غزة ولكن الامور فلتت من ايدي جميع الاطراف وتدحرجت كرة النار.
كنت عنوانا لحماس للحديث معك من قبل جهات اسرائيلية هل هناك اتصالات ما بين جهات اسرائيلية وحكومة حماس في غزة؟

الاتصالات مع اسرائيليين

قضية الاتصالات غالبا ما كانت تأتي من الجانب الاسرائيلي غير الرسمي خصوصا من رجال دين واكاديميين، فكان بعضهم يطلب لقاء رئيس الوزراء وبعضهم يتحدث معنا حول الجندي شاليط، الا ان تلك الاتصالات لم تصل مرحلة الاتصال الرسمي.
دكتور غازي ما هو تصورك لآلية العودة للوحدة الوطنية خاصة وان حماس مطالبة بالتراجع عن سيطرتها علي قطاع غزة؟
انا اقول بان لا خيارات كثيرة امامنا، هناك خيار واحد فقط، الحوار الوطني الشامل الذي يضمن عودة الاستقرار والتماسك في الساحة الفلسطينية، انا اطالب الجميع ـ خصوصا حماس وفتح ـ باتخاذ خطوات وقرارات جريئة وحاسمة لانهاء حالة الانقسام وانها المعاناة التي نعيشها في الوطن الفلسطيني. يجب ان يتوقف الاعلام المحرض والاجراءات المخالفة للقانون ويجب ان نعمل علي بناء الثقة حتي نتمكن من تجاوز هذه الازمة.