(1)

سنة 1999، شارك الشاعر الفلسطيني محمود درويش في احتفال في نفس المدرسة التي اختلف إليها صغيراً، في "كفر ياسيف" الجليلية. وقف محمود درويش هناك، وألقى كلمة "مرتبة"، يغلب فيها الشعر على النثر – كالعادة-، جاءت فيها بعض الجمل التي تختصر – عندي - الكثير من تاريخ ومعاناة "عرب 48" (فلسطينيو الداخل) في ظل الدولة العبرية. قال:
( لست هنا لأذكّر أحداً بقصته. بل لنتذكر معاً حكايتنا الجماعية ... أيام كان الطريق أصعب وأوضح. أيام لم تكن الكهرباء قد وصلت إلى هذا البلد، ولم يكن الحكم العسكري المباشر قد رفع قبضته الفولاذية عن أحد، ولم يسلم المدرسّون ولا الطلبة من الملاحقة. أيام لم تكن الوطنية، ولا عكسها، مجرد وجهة نظر. أيام لم نجد كتباً كافية للتعلم. أيام كان "حاييم نحمان بياليك" يطرد "أبا الطيب المتنبي"، و"أحاد هاعام" يطرد "إبن خلدون" من برامج التعليم. أيام كان "بياعر بحديره" ضرورية أكثر من "جحيم دانتي". وأيام كان "يوم الاستقلال" هو المناسبة الوحيدة لزيارة أنقاضنا بلا عذاب. ذكرى تذكّر بنقيضها. أيام كنا صغار السن كبار النفوس والمحن. أيام لم نعرف من هو المسيحي فينا ومن هو المسلم. لم تعتدِ الكنيسة على الجامع، ولم يستفز الجامع الكنيسة. أيام كان "الدين لله والوطن للجميع". وأيام لم نتذكر من سيرة "صلاح الدين" إلا تحريره بلاد الشام والقدس من الصليبيين، ولم يكن في سيرته ما يصلح لإشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
في تلك الأيام، دلتنا "كفر ياسيف" على بوصلة الشمال، على أول الوعي، وعلى أول الطريق، وعلى أولى الخطوات. على السجن الأول، وعلى حرياتنا الصغرى، وعلى طموحاتنا الأولى وخياراتنا الصعبة. وعلى أول الكتابة، وعلى ما يدلنا على أننا جزء من جماعة قومية، أيام كان انتماؤنا لمصلحة الشعب العامة، لا للعائلة أو القبيلة أو الطائفة).

المصدر: مجلة الكرمل، 1999، صفحة 259.
....

تصوروا، محمود درويش يفتقد هذا "الزمن الصعب"، حيث كنا حفنة من "بقايا لاجئين" في أرض انقلبت على سكانها بين ليلة وضحاها، وتركتهم يتشردون في الخيام والصحاري وأنقاض الأزقة المهجورة. محمود درويش يحن - كما يلمح - إلى هذا "الماضي" الدامي القاسي، فهل نتفهم لماذا؟
أعتقد بأن الجواب هو عند "الأنظمة العربية" التي كنا نظنها - وقتها - حليفة لنا ونتأمل أن تحقق للشرق نهضته و"عروبته"، وعند "الإسلام السياسي" (نقيض هذه الأخيرة) الذي ما زال يزني بأوطاننا حتى اليوم - ولعل "جمهورية حماستان الغزاوية" أكبر شاهد على هذا-.

واسلموا لي
العلماني

غالي · 01-11-2008, 01:11 PM

محمود درويش هذا الشاعر المرهف الشفاف.. لطالما أحببت قصائده..
أعتقد أن مفاتيح حنينه لذلك الزمن هي:
- أيام كان الطريق أصعب وأوضح
- أيام كنا صغار السن كبار النفوس والمحن
- أيام لم نعرف من هو المسيحي فينا ومن هو المسلم
فلتحاول إسقاط هذا الكلام على الواقع العربي الحالي

تحياتي
سلام

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	من ثورة الكرامة السورية.. كلمات حرة	the special one	6	4,496	12-05-2011, 07:06 PM آخر رد: the special one
	معنى الاسم الجميل "ليلى"	THE OCEAN	1	1,315	03-14-2010, 05:37 AM آخر رد: حسام يوسف
	ما معنى مقولة "دعه يعمل .... دعه يمر" ؟	حسن سلمان	31	6,995	11-15-2007, 06:43 AM آخر رد: حسام يوسف
	ما معنى أن يكون العربي قومياً في العام 2007؟	فضل	38	5,736	08-24-2007, 09:12 AM آخر رد: فلسطيني كنعاني
	في معنى المقاومة!	Awarfie	1	599	08-08-2007, 04:47 PM آخر رد: Awarfie