و تلك مقالة حديثة :
http://haras.naseej.com/Detail.asp?InNewsItemID=215912
أصبحت إسرائيل دولة نووية ضخمة من بين كل دول العالم التي تمتلك الأسلحة النووية. وأشارت في هذا الصدد مجلة لغينمان دي جودي الفرنسية إلى أن إسرائيل تمتلك أكثر من مئة سلاح نووي تحمل بواسطة صواريخ (جيرشو) أو غواصة إسرائيلية
بواسطة طائرات أمريكية طراز إف 14- 15- 16 كما أنها تمتلك مفاعلين نوويين غير خاضعين لأي تفتيش، ومفاعل ديمونا وهو الأهم بدأ منذ عام 1950م بمساعدة فرنسا وسبق أن اتفقت سبع منظمات ومراكز أبحاث عربية وأفريقية على تنظيم حملة إقليمية ودولية بشأن برنامج إسرائيل النووي، الذي يتردد على نطاق واسع أنه يشمل أسلحة ذرية.
ولعله من المفيد القول بأن المعطيات تشير إلى امتلاك إسرائيل منذ سنوات عديدة، لأسلحة نووية. وتميل معظم هذه المعطيات إلى تقدير حجم ما تملكه إسرائيل بأكثر من مئتي رأس نووي بدأت في إنتاجها منذ الخمسينات بعد بناء مفاعل ديمونا في صحراء النقب.
وفي بداية عام 1994م صنعت إسرائيل قنابل نووية مصغرة بحجم حقيبة السفر، وبذلك فقد أضحت ترسانة إسرائيل النووية تفوق تلك الموجودة في الدول الكبرى كالصين وبريطانيا. ويشير كتاب (النقد المكثف) لمؤلفه "وليم بوروز"، الذي صدر في واشنطن، إلى أن إسرائيل وضعت نظاماً مرادفاً للأسلحة النووية في حال توقفها عن العمل لسبب ما، يعتمد على الأسلحة الكيماوية والجرثومية التي تنتج في إسرائيل، وتفيد المعطيات أيضاً أن إسرائيل أنشأت في شباط عام 1994م قاعدة ضخمة للصواريخ النووية غرب القدس المحتلة، وقد أظهرت الصورة الملتقطة عبر الأقمار الصناعية وجود طائرات حاملة للصواريخ النووية وشبكة طرق واسعة تحت المنطقة.
وحين وصول الرئيس "ريتشارد نيكسون" إلى السلطة كان أول قراراته المتعلقة بالأمن القومي قد نص على إنهاء مسلسل الرقابة السنوية الذي كان يقوم به المفتشون الأمريكيون داخل مفاعل ديمونا. وقد عملت الإدارة الأمريكية، بجهد كبير قام به هنري كيسنجر، على وقف الإجراءات التي كانت الولايات المتحدة تتخذها لتشجيع دول العالم على التوقيع على المعاهدة الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية.
ويذكر كتاب (حقائق وأسرار عن السلاح النووي الإسرائيلي) أن كيسنجر قد أصبح من أشد المؤيدين للقنبلة النووية الإسرائيلية رغم وجوده على رأس مجلس الأمن القومي الأمريكي، ويقول "مورتون هالبيرن" أحد موظفي مجلس الأمن القومي أن كيسنجر كان يعتقد أنه من المفيد نشر الأسلحة النووية في العالم ويكرر دائماً بأنه سيحصل على أسلحة نووية من المفاعل الإسرائيلي، أما "كارلوس فان دورين" الموظف في القسم الرقابة على التسلح في مجلس الأمن القومي فيقول: لقد سمحنا نحن الأمريكيين لإسرائيل بكل بساطة بامتلاك القنبلة النووية.
بداية التصنيع النووي
وإذا عدنا إلى بداية التصنيع النووي لدى إسرائيل وجدنا أن "دافيد بن غوريون" رئيس وزراء إسرائيل الأسبق والمؤسس الأول للصناعة النووية الإسرائيلية اعتمد مبدأ التوسع في رقعة الأمن الإسرائيلي، حيث يرى أن هذا الأمر يجب ألا يقتصر على المنطقة المحيطة بإسرائيل مباشرة بل يجب أن يتعدى ذلك إلى أواسط أفريقيا جنوباً وإلى جنوب الاتحاد السوفييتي السابق شمالاً ومن إيران والباكستان شرقاً إلى أواسط البحر المتوسط غرباً.
ولوضع مثل هذا المبدأ التوسعي موضع التطبيق كان على الحكومات الإسرائيلية إدخال وتطوير الأسلحة النووية أول مرة في منطقة الشرق الأوسط، ووضع الأهداف المحتملة وتحميلها على الخرائط القتالية، كان ذلك في الأعوام الأولى بعد قيام إسرائيل عام 1948م حين اعتمد بن غوريون على الكيميائي الألماني الأصل ايرنست بيرغمان وعلى شمعون بيريز وموشي دايان. واتجهت خطط الثلاثة في بادئ الأمر إلى فرنسا وقدمت فرنسا بالفعل قبيل حرب عام 1956 الكثير من المساعدات لتطوير البرنامج النووي الإسرائيلي.
إن الاستخبارات الأمريكية تمكنت بسرعة فائقة من معرفة أسرار ذلك البناء البيتوني الضخم الذي يقيمه الإسرائيليون وسط الصحراء قرب قرية ديمونا في مطلع العام 1958 وقامت وكالة الاستخبارات الأمريكية بإطلاع البيت البيض رسمياً لكن الرئيس أيزنهاور آثر عدم الإعلان عن هذا السر الخطير الذي سيجعل منطقة الشرق الأوسط تدخل النادي النووي وقد مارس جميع الرؤساء الأمريكيين بعد أيزنهاور نفس السياسة، ومع وصول الرئيس جونسون إلى البيت الأبيض تحول الاهتمام الإسرائيلي من فرنسا إلى الولايات المتحدة للحصول على المباركة لصنع أول قنبلة إسرائيلية وذلك في العام 1965 إذ إن الإسرائيليين اعتبروا جونسون بمثابة الصديق الذي أبدى تفهماً أكبر للمصالح الأمنية الإسرائيلية وأن الرئيس الأمريكي جونسون آثر عدم إشاعة الأخبار المتعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي.
برامج سرية
إن الانتشار النووي أصبح واقعاً مرده ليس فقط إلى ظهور أربع جمهوريات في الاتحاد السوفييتي السابق، لكن أيضاً بسبب ازدياد المخزون النووي الإسرائيلي الذي يؤثر بقوة على أمن البلدان العربية، الأمر الذي سيجعلها تسعى لتأمين مثل هذا السلاح، وإذا لم توافق على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية فإن المنطقة ستعيش حالة من التوتر المتزايد تنذر بالخطر.
وفي تصريحه كشف موردخاي فانونو، التقني النووي الإسرائيلي في محطة ديمونا النووية، عن حقائق سرية حول البرنامج النووي الإسرائيلي الواسع، وقد أدلى بهذه المعلومات من سنوات إلى صحيفة لندن صنداي تايمز كاشفاً بذلك الحقيقة المخفية عن العالم وعن الإسرائيليين والبرلمان الإسرائيلي نفسه، وقد أشار فانونو إلى أن إسرائيل تخزن ما يزيد عن 200 رأس نووي لتصبح سادس أكبر قوة نووية في العالم، وعندما فضح فانونو هذه الحقيقة تم اختطافه قبل أن تنشر المعلومات بأيام وتخديره في روما ونقله إلى إسرائيل بتاريخ 30 أيلول عام 1986 وقد حوكم بسرية مطلقة وصدر بحقه حكم بالسجن 18 عاماً وتم رفض الاستئناف الذي تقدم به للمحكمة العليا عام 1991 وهو مازال في الإقامة الجبرية بعد إطلاق سراحه في إسرائيل ويعاني من تدهور سريع في حالته الصحية. وإن ذلك يكشف مدى خطر امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية، وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ الوسائل الكفيلة بإزالة الأسلحة النووية منها حتى لا تشكل تهديداً للسلم العالمي، فهي مازالت مستمرة في تعنتها لإبراز قوتها العسكرية والاستراتيجية، وعلى الدوام تتلقى كل أشكال الدعم من واشنطن، وقد اطمأنت إلى الدعم الأمريكي اللامحدود وباتت لا تخشى من المجاهرة باستمرار عملياتها العدوانية والاستيطانية كما أنها أخذت تصعد من لهجة الحرب والعدوان وتطلق التهديدات ضد العرب.
حقائق واضحة
ويمكن أن نذكر، في عام 1993 حينما التقى الرئيسان محمد حسني مبارك وحافظ الأسد الإعلاميين المصريين والسوريين في مطار دمشق الدوليو أنه تم التأكيد خلال اللقاء على المنطلق السياسي الذي يتمحور حول تدمير أسلحة الدمار الشامل بدءاً من السلاح النووي ومروراً بالأسلحة الأخرى التي ينطبق عليها تعبير (التدمير الشامل)، وأن سورية ومصر لن توقعا على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية حتى يتم التوصل إلى اتفاق يشمل حظر الأسلحة النووية الإسرائيلية، وللحقيقة فإن رفض سورية التوقيع على معاهدة الأسلحة الكيميائية يندرج ضمن موقف عام ألا وهو إزالة السلاح النووي وجعل منطقتنا العربية خالية من أسلحة الدمار الشامل، فكيف يمكن أن يوقع العرب على اتفاقية للأسلحة الكيميائية وبالتالي تظل الأسلحة النووية بيد إسرائيل؛ وهذا يتطلب تنظيم حملة عالمية واسعة لمواجهة أخطار السلاح النووي الإسرائيلي، ففي تقرير علني لجهاز المخابرات الروسية حول (نشر أسلحة الإبادة بالجملة هو التحدي الجديد بعد الحرب الباردة)، أوضح التقرير أنه ليست هناك معلومات عن وجود أسلحة الدمار الشامل في سورية ومصر، ولا تعتزم مصر امتلاك الأسلحة النووية في المستقبل المنظور ولن تستطيع صنعها في المستقبل، وأن إسرائيل تمتلك الأسلحة النووية بصفة غير رسمية ولديها أيضاً احتياطي من الأسلحة الكيماوية من إنتاجها الخاص، وفي ذلك فإن العالم تنتابه حالات القلق على الاستقرار العام بسبب انتشار أسلحة الدمار الشامل واكتساب النزاعات الإقليمية لطابع جديد أكثر خطورة عن ذي قبل.
ويرى الخبير الفرنسي الجنرال "جان لويس ديفور" أن حل هذه المشكلة ينحصر في ثلاثة بدائل:
أولها أن يمتلك العرب قنبلة نووية،
والثاني تصنيع أسلحة كيماوية تعادل الأسلحة الإسرائيلية النووية،
والثالث التوصل للثقة المتبادلة مثلما كان الحال بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية.
وأمام تزايد البحوث النووية وخاصة في مجالات الطاقة منها للتعويض عن نقص مصادر الطاقة الكلاسيكية (البترول والغاز والفحم) واضطرار العرب لخوض ذلك المجال عاجلاً أو آجلاً وخاصة في ميادين الطاقة السلمية، نجد أن كل العراقيل، لسوء الحظ، توضع في طريقهم، في الوقت الذي يتزايد فيه الخطر النووي الإسرائيلي بدون حدود، وبسبب عدم سماحها لأحد بالتدخل بشؤونها النووية أو مراقبة ماذا يجري لديها وبما أصبح عندها من علماء سوفييت وعلماء يهود مهاجرين إليها من كافة الجهات وتكنولوجيا نووية ووقود لاستخدامات الأسلحة النووية الذي يأتيها تهريباً، في الوقت الذي يتجاهل فيه العالم الغربي كل ما جرى ويجري في إسرائيل التي تحولت إلى ترسانة عسكرية نووية وغير نووية، ونرى هذا العالم يستنفر كل وسائله الإعلامية ضد العرب للتشهير بهم إذا هم استوردوا حتى بندقية صيد، وبالتالي استنفار كل قوى الضغط الصهيونية العالمية لمنع العرب من التعامل مع الطاقة النووية حتى في المجالات السلمية منها.