إن الحديث عن مسألة حقوق الإنسان في بلد يحتفل بمرور نصف قرن على استقلاله في عالم اليوم الذي يشهد تحوّلات كبرى شملت التصوّرات والسياسات، يحيلنا إلى المقاربات التي سادت الثقافة السياسية التي تتداولها كثير من الهيئات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الدولي وهي مقاربات اولت اهتمامها بدرجة اولى ب الجوانب السياسية، أي أنها ركزت على الحقوق المدنية والسياسة للأفراد والجماعات وأهملت بالمقابل كثيرا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
خلال فترة طويلة ، ورغم تنصيص المواثيق والعهود الدولية على شمولية مفهوم حقوق الإنسان بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن الأدبيات التي اعتمدتها عديد الجهات المعنية بمجال حقوق الإنسان أهملت من نضالها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، واختزلت النضال من أجل حقوق الإنسان في الجانب المدني والسياسي.
هذا يتناقض والمفهوم الشامل لحقوق الإنسان الذي ي تجاوز اختزال حقوق الإنسان في الحقوق المدنية والسياسية (مثل حرية التعبير، وحرية التنظيم في أحزاب...) إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (مثل الحق في التنمية، في الشغل، في الصحة). كما يستدعي أيضا عدم المفاضلة بين أي حق من حقوق الإنسان حيث لا معنى مثلا لأن يمارس الفرد حقه في إبداء رأيه والتعبير عنه وهو عاطل عن العمل أو لا تتوفر لديه مقوّمات العيش الكريم، أو أن تهضم حقوق الفرد الشخصية والسياسية بدعوى أن ذلك ضروريا لتقدم المجتمع ونمائه.
وإذ تراجع اليوم بعض الأطراف مواقفها وتؤكد على شمولية مفهوم حقوق الإنسان فإننا في تونس التغيير نجد في ذلك اعتراف ا بصواب شمولية ال مقاربـ ة التـي أرسى دعائمه ـ ا الرئـيس زين العابدين بن علي منذ تحوّل السابع من نوفمبر 1987.
وقد أكدها في الكلمة التي ألقاها بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حين أكد سيادته :
"إنّ حقوق الإنسان في نظرنا، كل لا يتجزأ. وقد اتخذنا من الإجراءات والمبادرات ووضعنا من التشريعات والآليات، ما عزّز مقومات هذه الحقوق سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، وضمن شموليتها لمختلف الميادين.
ونحن فخورون بتجاوب شعبنا مع اختياراتنا وإصلاحاتنا لتحرير الطاقات في مناخ من الحرية والاستقرار، وبروح عالية من التضامن وحب الوطن".
وحين نسمع اليوم أ صوات المناضلين النزهاء في مجال حقوق الإنسان والهيئات الإقليمية والدولية ت ؤكد على أن الحق في التنمية مثلا ليس أقل أهمية من الحق في إبداء الرأي فإننا في الواقع نسمع صوت الرئيس بن علي يعلو على جميع هذه الأصوات بل إننا نجد أن الدعوات اليوم إلى اعتماد المفهوم الشامل لحقوق الإنسان هي في الواقع ليست الا اكتشافا لخصوصية المقاربة التي توختها تونس التغيير منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
فقد أكد الرئيس بن علي في خطاب يوم 12 ماي 1992 "بالنسبة إلينا، لا مجال للمفاضلة بين مختلف حقوق الإنسان بتقديم صنف منها على آخر، فكل الحقوق متماسكة متكاملة، وجهدنا ينصب على ضمان الحق في الغذاء، والعمل وفي الصحة والتعليم والسكن، وفي الضمان الاجتماعي، وفي حماية الطفل والأسرة ودعم المعاقين والفئات الضعيفة، بقدر ما ينصب على ضمان حرية الرأي والتعبير والإعلام وتأمين المساواة بين الناس وعدم التمييز، والحق في التنظيم الجمعياتي والسياسي".
لقد تمكنت تونس بفضل شمولية المقاربة التي توختها في معالجة حقوق الإنسان من النجاح في تحقيق معادلة التنمية والديمقراطية، وهي معادلة عجزت كثير من البلدان على إنجازها، بينما توفقت تونس التغيير إلى تمكين الإنسان التونسي من حقه في النماء وتقاسم عائدات الخيرات، والرقي الاجتماعي من جهة، وبين حقه في المشاركة السياسية، والتنظيم في الأحزاب والجمعيات وإبداء رأيه في القضايا الوطنية، من جهة أخرى.
وإن المتأمل في الإصلاحات التي أدخلها الرئيس بن علي خلال سنوات التغيير ، يلاحظ أن تونس شهدت بالفعل ثورة في مجال تكريس حقوق الإنسان ثقافة وممارسة وهي ثورة امتدت من برامج التعليم إلى القوانين و الدستور الذي نص على احترام حريات الفرد الأساسية، وتجسمت بشكل محسوس في كافة مجالات الحياة.
حماية الحقوق المدنية
أولت تونس عناية متميزة لحماية حقوق الإنسان المدنية فبادرت بإدخال عديد الإصلاحات التي وفرت الأطر القانونية الكفيلة بصيانتها.
فقد صادقت ودون تحفظ على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة وذلك سنة 1988، وتم تبعا لذلك تنقيح المجلة الجنائية بإضافة أحكام تتصل بتعريف جريمة التعذيب.
كما تم إلغاء عقوبة الأشغال الشاقة سنة 1989، وإلغاء التشغيل الإصلاحي والخدمة المدنية سنة 1995، وكذلك تعديل النظام القانوني للإيقاف التحفظي والاحتفاظ بعد إصلاحات أدخلت على مجلة الإجراءات الجزائية في ثلاث منسبات متتالية هي سنة1987 وسنة 1993 وسنة 1999.
ويعتبر قانون 14 ماي 2001 المتعلق بالنظام الخاص بالسجون من ابرز مبادرات الرئيس بن علي لحماية حقوق من زلت بهم القدم إذ يتضمن القانون أحكاما جديدة تكفل حقوق السجين وتحدد واجباته في ضوء المعايير الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء معاملة تضمن لهم كرامتهم وإنسانيتهم.
ودون شك فإن قانون أكتوبر 2002 المتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم يعتبر من أبرز الإصلاحات التشريعية التي ما انفك يعمل على تكريسها الرئيس بن علي حيث أن هذا القانون اقر ولأول مرة إمكانية تعهد الدولة بدفع التعويضات المناسبة لكل من يتعرض إلى الإيقاف التحفظي ولا تثبت إدانته وكذلك بجبر الأضرار لكل من يعاقب بالسجن ثم تحكم المحكمة ببراءته.
ومن المبادرات الإنسانية الرائدة إحالة المؤسسات العقابية وإداراتها إلى وزارة العدل وذلك منذ جانفي 2001 بما يكرس مبدأ الولاية القضائية على تنفيذ العقوبات ويعزز الضمانات القانونية لحماية حقوق السجين نصا وممارسة.
والمقاربة التونسية في مجال السياسة التشريعية الجزائية تعتمد على انسنة نظام العقوبات والحرص على اعادة ادماج الجانحين في المجتمع وحماية الذات البشرية.
ويتنزل في هذا الإطار إرساء نظام العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل لعقوبة السجن وذلك من خلال التنقيحات والإصلاحات التي أدخلت على المجلة الجنائية سنة 1999.
الحق في الحرية والديمقراطية :
بالإضافة إلى الإصلاحات التي كرّست استقلالية القضاء مثل إلغاء محكمة أمن الدولة وخطة الوكيل العام للجمهورية سنة 1987، فان الإصلاحات الدستورية والقانونية التي شملت الحريات الأساسية تبقى من أبرز إنجازات التغيير.
كما أن المتأمل في مسار تكريس الحريات والديمقراطية في تونس يستشف أن ذلك المسار انتهج نسقا تصاعديا بحيث ان كل مبادرة تفضي إلى إنجاز آخر وذلك انسجاما مع ما يشهده المجتمع التونسي من تطور اجتماعي وسياسي.
ان مسألة الديمقراطية بمفهومها الأكثر عقلانية هي مسألة دقيقة ترتبط بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية في المجتمع إذ "ليس هناك نموذج جاهز" للديمقراطية يمكن تطبيقه أو اعتماده في كل مكان وزمان كما أشار ال ى ذلك الرئيس زين العابدين بن علي في حديثه الأخير لجريدة " لوفيغارو " الفرنسية.
ولسنا بحاجة هنا إلى التأكيد على أن استيراد النماذج الجاهزة هو في الواقع حرمان للمجتمع من حرية وإرادة صياغة النموذج الديمقراطي الذي يستجيب لتطلعات أفراده.
ومن البديهي ان التمشي الذي اختاره عهد 7 نوفمبر 1987 في تونس لإرساء الديمقراطية قد جنّب المغامرات والانزلاقات.
واستنادا إلى خصوصيات تاريخ تونس وعراقة حضارتها وتنوع ثقافت ه ا وخصوصيتنا الحضارية أرسى التغيير مقومات البناء الديمقراطي الجديد، و يتمثل صواب المقاربة لهذا البناء في الترابط الخلاق بين مقومات الديمقراطية ومستلزمات التنمية، وبين التصو ّ ر الاستشرافي في الفكر الديمقراطي وخصوصيات الواقع المعاش .
في إطار هذه المقاربة الواعية بان المشاركة في الحياة العامة تندرج ضمن حقوق الإنسان بادر بن علي بإجراء إصلاحات رائدة من بينها القانون الدستوري المؤرخ في 27 أكتوبر1997 وهو قانون تم بمقتضاه التنصيص على دور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين وعلى توسيع مجال الاستفتاء في القضايا المصيرية للبلاد.
كما ان التنقيحات التي ادخلت على الفصل 40 من الدستور باتجاه تكريس تعدد الترشحات لرئاسـة الجمهورية قد كرّسـت إرادة الرئيـس بن علي الصادقة في تعزيز البناء الديمقراطي وتكريس مبادئ التغيير، وبالفعل فقد شهدت تونس ولأول مرة في تاريخها أول انتخابات رئاسية تعددية منذ أكتوبر 1999.
ويندرج في هذا الإطار الإصلاحات المتتالية التي أدخلت على المجلة الانتخابية بهدف تكريس حق المواطن في المشاركة في الحياة العامة في إطار الشفافية الكاملة، ويمكن أن نشير إلى أن التنقيحات التي شهدتها المجلة الانتخابية خلال تنقيحات وتعديلات جويلية 2003 وفرت الضمانات القانونية اللازمة للناخبين ودعمت شفافية العملية الانتخابية في مختلف مراحلها وهي اليوم الإطار القانوني المتكامل الذي عزز المسار الديمقراطي التعددي وجسم الخيار الثابت بتطوير الحياة السياسية ودعم الحريات وتوسيع مجال المشاركة في الحياة العامة وفق مبادئ وأهداف الإصلاح الجوهري للدستور الذي وقع إقراره في 1 جوان 2002.
كما أن المجلة الانتخابية في صيغتها الجديدة مكنت من الارتقاء بعدد المرسمين إلى مستوى تطلعات مكونات المجتمع الى المشاركة الواسعة في الحياة السياسية.
وعملية تسجيل المواطنين على القوائم الانتخابية مسالة جوهرية في كل عملية ديمقراطية والعديد من النضالات من أجل الحقوق المدنية والسياسية في العالم ركزت على هذا الهدف.
وفي تونس تم تسجيل مليون و53 ألف ناخب جديد ضمن القائمات الانتخابية بما يرتقى بنسبة المسجلين من الذين بلغوا السن التي تؤهلهم لحق الانتخاب إلى 80 بالمائة بعد إن كانت هذه النسبة لا تتجاوز 60 في المائة سنة 1999.
ان الحق في الحياة داخل مجتمع تعددي ديمقراطي في تونس التغيير هو حق يجد مكانه مجسدا في برلمان تعددي يجمع تحت قبته ممثلين عن 6 أحزاب سياسية تنشط بحرية كاملة، وتصدر صحفها لتعبر من خلالها عن آرائها ومواقفها، وهي أحزاب يضمن لها القانون التمويل العمومي لعملها السياسي ويضمن لصحفها منحة سنوية قارة.
كما يجد الحق في الحياة التعددية مكانه مجسدا في ما تتوفر عليه تونس اليوم من جمعيات تنامي عددها ليبلغ أكثر من 8500 جمعية تعمل في مختلف المجالات وهي تمثل اليوم رافدا قويا من روافد المجتمع المدني.
لقد اعتمد التغيير في الإصلاح السياسي ودفع التعددية على ما يماثل آليات "التمييز الايجابي" في توسيعه لرقعة تواجد المعارضة والمرأة في الحياة السياسية، وقد كان ذلك بشكل متدرج ابتداء من سنة 1994 التي شهدت لأول مرة دخول نواب عن المعارضة لمجلس النواب وصولا إلى المحطة السياسية لعام 2004 مرورا بسنة 1999 التي شهدت أول انتخابات رئاسية تعددية.
ومن منطلق الجدية وروح المسؤولية وضع التغيير ضوابط وقائية لحماية الديمقراطية من أعدائها، إذ نص القانون الدستوري الصادر في 27 أكتوبر 1997 صراحة على إن الأحزاب السياسية "تساهم في تأطير المواطنين لتنظيم مشاركتهم في الحياة السياسية، وتنظم على أسس ديمقراطية وعليها أن تحترم سيادة الشعب وقيم الجمهورية وحقوق الإنسان والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية".
كما نص القانون على "التزام الأحزاب بنبذ كل أشكال العنف والتطرّف والعنصرية وكل اوجه التمييز".
والدستور التونسي صريح في تصديه لاستغلال حياة التعددية والديمقراطية من قبل المتطرفين حيث ينص الفصل الثامن على انه "لا يجوز لأي حزب أن يستند في مستوى مبادئه وأهدافه أو نشاطه أو برامجه على دين أو لغة أو عنصر أو جنس أو جهة".
وان مثل هذه الإصلاحات الدستورية لتشكل في تونس اليوم حصنا منيعا ضد كل أشكال التطرّف وضد كل من يتوهم انه بإمكانه استغلال الديمقراطية كمدخل لزرع بذور الفتنة والكراهية في المجتمع.
و ب دون شك فان اختيار الرئيس زين العابدين بن علي الرهان على البناء الديمقراطي هو اقتناع بان التنمية الشاملة لا تنجزها غير الطاقات المتحررة من كل أشكال الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا الرهان الجريء هو الذي ارتقى بتونس في حيز زمني قصير من صفّ البلد السائر على طريق النمو إلى منزلة البلد الصاعد والطامح إلى الانضمام ل ركب منظومة الدول المتقدمة.
حقوق الإنسان والإصلاح الجوهري للدستور
إن تونس التي ثابرت و واظبت على تحقيق معدلات نمو سنوية لم تنزل تحت 5 بالمائة هي بكل المقاييس بلد يتقدم بنجاح ساهم في رقيه مجتمع متحرر وتعددي تحكمه دولة القانون والمؤسسات ازدهرت فيه حقوق الإنسان في ظل قياد ة سياسية رشيدة تحظى بشرعية تساندها مختلف شرائح المجتمع وفئاته.
و المفهوم الشامل للديمقراطي ـ ة ولحق ـ وق الإنسان بينه الرئيس زين العابدين بن علي في عديد خطبه من ذلك تأكيده في كلمته بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر 2001 "إن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ لا مفاضلة بين أصنافها ولا تمييز لإحداها على الأخرى لذلك كان الإنسان وما يزال محور اهتماماتنا وغاية إصلاحاتنا سعينا منذ التغيير على صيانة حقوقه وحمايتها وإثرائها باستمرار في جميع الميادين ".
في هذا السياق، يتنزل الإصلاح الجوهري للدستور الذي أعطى دفعا جديدا في اتجاه مزيد تكريس دولة القانون والمؤسسات بما سجل نقلة نوعية في التاريخ السياسي التونسي الحديث تمثلت بالخصوص في تنزيل حقوق الإنسان منزلة خاصة في الدستور الذي أصبح ي تضمن أحكام ا عززت الحصانة الدستورية لهذه الحقوق.
لقد مثل مبدأ احترام حقوق الإنسان خيارا جوهريا للمشروع المجتمعي الذي حرص الرئيس زين العابدين بن علي على تحقيقه لإرساء دعائم جمهورية الغد ، وهي جمهورية لا تقطع مع صفحات الماضي المشرقة بقدر ما تعتز بالحاضر المشرف المؤسس للمستقبل الواعد والمفعم بالطموحات التي يبقى تحقيقها في متناول التونسيين .
فالإصلاح الجوهري للدستور جاء متكاملا وشاملا بما جعل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والجمعيات والمثقفين ومختلف مكونات المجتمع التونسي علاوة على خبراء القانون الدستوري يساندونه باعتباره كرّس المبادئ الأساسية التي جاء بها السابع من نوفمبر والمتمثلة خاصة في شمولية حقوق الإنسان وتكاملها وفي تكريس مبادئ دولة القانون والتعددية وقيم التضامن والتسامح والولاء لتونس وتعزيز المناخ الوفاقي بين كافة القوى للذود عن الوطن ولصيانة ما تنعم به تونس من أمن وأمان واستقرار.
و الإصلاح الجوهري للدستور أولى حقوق الإنسان والحريات منزلة متميزة حيث تضمن إصلاحات تركزت أساسا على توسيع حماية الحياة الخاصة للفرد وتكريس حرمة الاتصالات وحماية المعطيات الشخصية، فقد اقر الفصل الخامس من الدستور بان الجمهورية التونسية تضمن حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتعمل من اجل كرامة الإنسان وتنمية شخصيته.
ويكتسي التنصيص على تكريس حرمة الاتصالات وحماية المعطيات الشخصية أهمية متميّزة في عصر يشهد ثورة اتصالية كبيرة، وهي ثورة واكبتها تونس بكل وعي واقتدار حيث بلغ عدد مستخدمي الانترنيت في تونس حوالي مليون شخص وتم ربط المؤسسات الجامعية والتربوية بالشبكة لتمكين الناشئة من فرص الإبحار والاستفادة مما توفره الانترنيت من معطيات، وقد شجعت المبادرات الرئاسية المتتالية والتي خفّضت من تكلفة الربط بشبكة الانترنيت وفرت للجميع امكانات استعمالها بما شجع التونسيين أينما كانوا على الارتباط بالشبكة وذلك في تعبير جديد عن مفهوم الديمقراطية والمساواة في الحظوظ في عهد التغيير.
وتمثل الحماية التي يمنحها الإصلاح الدستوري للحرمة الشخصية تجسيما جديدا للتمشي التحديثي والمتدرج للتغيير في مجال حقوق الإنسان، فالفرد في فلسفة التغيير له حقوق خاصة به يجب توفيرها وصيانتها بمثل الأهمية التي تصان بها حقوق المجموعة.
كما تضمن نص الدستور الارتقاء بواجب ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتسامح بين الأفراد والفئات والأجيال إلى مستوى الالتزام الجماعي تماشيا مع ما عرفت به تونس عبر تاريخها من تعلق بهذه القيم الحضارية والإنساني ـ ة وتأكي ـ دا للمكانة المتمي ّـ زة التي يوليها الرئيس زين العابدين بن علي للتضامن الوطني الذي بات ميزة بارزة وخاصية معتبرة من خصائص الأنموذج التونسي للتنمية.
الحق في التنمية
توفقت تونس إلى الجمع بين حقوق الإنسان السياسية والمدنية من جهة وحقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من جهة أخرى.
فإلى جانب الرقي بما كان يعرف بمناطق الظل والعناية بفاقدي السند، جعل عهد السابع من نوفمبر من تونس بلدا صاعدا ووجهة استثمارية تستقطب أكثر من 30 00 مؤسسة أجنبية وفرت عشرات الآلاف من مواطن الشغل الجديدة . كما احتل ت تونس المرتبة الأولى في إفريقيا في مجال القدرة التنافسية وتعززت هذه المكانة بإدراج تونس في قائمة الثمانين بلدا الأكثر تقدّما في العالم وتوسّعت قاعدة الطبقة الوسطى لتشمل نحو 80 بالمائة من المجتمع وبلغ مؤمل الحياة عند الولادة 73 عاما منذ سنة 2001 مقابل 67 عاما سنة 1987 ونسبة تمدرس تجاوزت 99 % بالنسبة للأجيال الذين هم في سن السادسة ذكورا وإناثا.
كما تطوّرت مختلف المؤشرات المتصلة برفاهية الحياة ويعود هذا التطوّر إلى الإنجازات العديدة التي سجلت في المناطق الريفية بفضل البرنامج الجهوي للتنمية وصندوق التضامن الوطني والمشاريع الرئاسية وقد ارتقت نسبة التنوير في الوسط غير البلدي من 66 فاصل 3 بالمائة سنة 1994 إلى 95 فاصل 9 حاليا.
وتعمل تونس من خلال المخطط الحالي على بلوغ نسبة ارتباط بخدمات الاتصال (باعتبار كل التكنولوجيات) تفوق 50 بالمائة من السكان وهو المؤشر الذي يرقى الى مستوى النتائج المسجلة باغلب الدول المتقدمة.
وتبرز مثل هذه المؤشرات ان رقعة الرفاه الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي قد توسعت في تونس بشكل كبير، وتزامن ذلك مع توسع قاعدة الطبقة الوسطى حيث أصبحت تمثل ثلثي المجتمع، فالمجتمع التونسي الذي تبلغ نسبة التحضر فيه حوالي 70 بالمئة ينتفع أفراده اليوم بشكل عادل بثمار الخيرات وعائداتها.
ان الوجه الإنساني لسياسة الرئيس يتجلى أيضا عبر الاختيارات الحضارية التي ما فتئ يعمل على تجسيدها على أرض الواقع ذلك أن المتأمل في عناصر الميزان الاقتصادي ومشروع ميزانية الدولة لسنة 2004 يقف على مؤشرات لها دلالاتها حيث اختار الرئيس مزيد الرقي بالدخل الفردي للمواطن التونسي سنة 2004 ليبلغ 3540 دينارا وبلغ 3735 دينار في موفى 2005 . كما تدعمت التحويلات الاجتماعية بعد ان تم تخصيص 50 فاصل 7 بالمائة من مجموع اعتمادات التصرف والتنمية إلى المجالات الاجتماعية في الميزانية العامّة للدولة التونسية وهذه النسبة قد لا نجد نظيرا لها في العالم.
ونجاح المقاربة التنموية في تونس لقي صدى واسعا لدى عديد الهيئات الدولية ولدى الخبراء المشهود لهم بالموضوعية والكفاءة، رجل الاقتصاد الأمريكي جافري ساكس ( احد كبار أساتذة جامعة هارفرد واحد من يعهد إليهم منتدى دافوس الاقتصادي بإعداد تقاريره) قال سنة 2000: " ان تونس التي نجحت في وضع اقتصاد سوق منفتح وعصري رغم الانعدام شبه الكلي للموارد الطبيعية بها، قادرة على الاستفادة من العولمة بفضل اندماجها الناجح في الاقتصاد العالمي وقربها من احد الفضاءات الأكثر ديناميكية في العالم أي الاتحاد الأوروبي وخاصة بفضل سياستها الرامية إلى تأهيل وتكوين مواردها البشرية".
وأضاف " ان اختيارات تونس الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى تحقيق التربية والتعليم إلى كل فئات المجتمع والنهوض بأوضاع المرأة وتكييف الاقتصاد ليساير التطورات العالمية والحفاظ على نسبة نمو مرتفعة مكنتها من الارتقاء ضمن البلدان الصاعدة الأكثر ديناميكية وتبوّء مركز متميز ضمن الفضاء الاقتصادي المتوسطي".
حقوق المراة جزء من حقوق الإنسان
إن إنجازات تونس في مجال حقوق الإنسان شملت مختلف الفئات العمرية من أطفال وشباب وكهول ومسنين، كما شملت مختلف الفئات من معوزين ومحدودي الدخل وطالبي الشغل وعمال وموظفين، على أنـه من
أبرز ما يحق الوقوف عنده هو ما تحقق من مكاسب ثورية في مجال تكريس حرية المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من قوى المجتمع وباعتبار ان حقوقها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.
وإيمانا بحق المرأة الإنساني والاجتماعي في المساهمة والمشاركة في بناء المشروع المجتمعي حرص الرئيس بن علي على دعم حقوق المرأة ضمن إصلاحات وتشريعات رائدة مما مكن من إزالة كل عوامل التمييز ضدها. كما أذن بإحداث الآليات المؤسساتية الكفيلة بتجسيد سياسة التغيير في هذا المجال ومنها بالخصوص وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين والمجلس الوطني للمرأة والأسرة وغير ذلك من الهياكل وهو ما مكن المرأة التونسية اليوم من ممارسة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تمييز في ذلك بينها وبين الرجل.
وتكريسا لمبادئ وقيم هذه المقاربة التي لا تفاضل بين المر أ ة والرجل في ممارسة حقوقهما صادقت تونس على كل الآليات الأممية المتصلة بحقوق الإنسان.
و المؤشرات التي حققتها تونس في هذا المجال هي متميزة سواء بالمقارنة مع البلدان الشبيهة لتونس أو مع الدول المتقدمة .
وبفضل نجاعة سياسة تونس التنموية التي تراهن على اسثمار كل الموارد البشرية أصبحت المرأة تمثل اليوم أكثر من 25 بالمئة من السكان النشيطين كما تمثل المراة 50 بالمئة من الاطار الطبي و50 بالمئة من إطار التدريس وقرابة 40 بالمئة قي التعليم العالي و27 بالمائة من القضاة و31 بالمئة من المحامين كما بلغ عدد المؤسسات التي تديرها المرأة حوالي 10000 مؤسسة.
وفي مجال التعليم ارتفعت نسبة التمدرس في سن السادسة إلى ما يفوق 99 بالمائة ذكورا وإناثا. كما ارتفعت عدد الفتيات المزاولات للتعليم العالي إلى 57 بالمئة من مجموع الطلبة.
وبالإضافة إلى ذلك فان التجربة التونسية في مجال تعزيز حقوق المرأة قد حققت نقلة نوعية بخصوص حضور المرأة في مواقع صنع القرار ومشاركتها في الحياة المدنية والسياسية، فقد ارتفعت نسبة تواجد المرأة في مجلس النواب إلى 22 فاصل 7 بالمائة و بلغت في الحكومة 10 بالمائة وفاقت في المجالس البلدية 26 بالمئة فضلا عن اضطلاعها بعديد المسؤوليات في مختلف المستويات الوزارية والديبلوماسية.
وبلغت نسبة حضور المرأة في اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم)26.4 % .
وقد استاثرت المكانة المتميزة التي تحظى بها المرأة في المشروع المجتمعي التونسي باهتمام عديد الهيئات الإقلييمة والدولية وكذلك الخبراء ورجالات الإعلام، ومن بين الشهادات في هذا المجال تعليق نشره دنيس جميار مدير تحرير مجلة "الاكسبريس" الفرنسية (08 نوفمبر 2001) بعد أسابيع من أحداث 11 سبتمبر 2001 حمّله نقدا ذاتيا يقر فيه بالتقصير في الإلمام بكافة جوانب المقاربة التونسية كما
حمّله اشادة خاصة بتجربة تونس وأنحى فيه المسؤول الصحفي باللا ئمة على زملائه في الساحة الاعلامية الفرنسية لعدم اعترافهم في السابق بان تونس هي "أكثر البلاد العربية تقدما على صعيد الحريات المدنية".
وأضاف يقول:" ان المرأة تحظى في تونس بوضع لا مثيل له في العالم العربي والإسلامي.. وهناك فصل بين الدين والسياسة ونسبة التمدرس فيها تماثل النسبة المسجلة في البلدان الغربية والاقتصاد ينمو بنسبة تقارب 5 بالمئة تقريبا".
الحق في حرية الرأي والتعبير
لقد تعززت حرية الرأي والتعبير بفضل عديد الإجراءات الرائدة من أبرزها :
ـ إحداث المجلس الأعلى للاتصال منذ عام 1989، وهو مجلس مكلف بالخصوص بدراسة واقتراح كل الإجراءات التي من شأنها أن تساهم في وضع سياسة اتصال تهدف إلى تمكين المواطن من الوصول إلى إعلام حر وتعددي.
ـ إدخال اصلاحات على مجلة الصحافة في ثلاث مناسبات (1988 ـ 1993 ـ 2001) باتجاه مزيد دعم الحريات العامة، ومن أبرز ما جاءت به تنقيحات 2001 حذف جريمة ثلب النظام العام، وذلك بالإضافة إلى إجراءات أخرى مثل إلغاء كتابة الدولة للإعلام (9 أكتوبر 1997) وتمكين الصحافيين من تخفيضات خاصة في مجال الارتباط بالانترنيت.
وبفضل الإصلاحات التي شهدها قطاع الاعلام الذي يعكس مستوى حرية الرأي والتعبير، فإن الفضاء الإعلامي التونسي اليوم هو فضاء مفتوح وتعددي حيث تصدر اليوم في تونس أكثر من 210 نشريات ودوريات وطنية، وحوالي 700 نشرية وصحيفة أجنبية، ويوجد بتونس 70 مراسلا أجنبيا معتمدا، هذا بالإضافة إلى 5 محطات إذاعية جهوية، و"قناة7" الوطنية التي تبث عبر الأقمار الصناعية، وقناة موجهة للشباب.
وبإمكان أي مراقب نزيه أن يلاحظ اليوم أن المشهد الإعلامي التونسي هو مشهد متنوع وثري.
وقد تعزز المشهد الإعلامي بفتح القطاع السمعي البصري على القطاع الخاص.
وفي إطار إيمان تونس التغيير بحق المواطن في تنوع المشهد الإعلامي وثرائه اتخذ الرئيس بن علي عديد الإجراءات التي عززت الحياة التعددية في هذا الإطار تتنزل المبادرة المتعلقـة بضبط المنحة السنوية لدعم صحافة الأحزاب السياسية (ا لا مـر المؤرخ في 10 أ فريل (1999 وذلك بهدف مساعدة هذه الأحزاب على إصدار صحفها وإبلاغ صوتها بما يساهم في إثراء المشهد الإعلامي وتنويعه . ويأتي هذا الإجراء ليعزز ما تتمتع به الصحافة عموما من دعم يشمل الورق والإعفاء من الأداء المباشر على المواد التي تدخل في صناعة الصحف.
ولم يكن هذا التنوع والتفتح محض صدفة بل هو نتيجة لإرادة سياسية في دعم الإعلام والإعلاميين وقد أكد الرئيس هذه الإرادة في حديث لصحيفتي "الشروق" و"الصباح" التونسيتين يوم 12 ماي 2001 حين توجه للصحافيين بالقول :
"أقول لكم مرة أخرى وبوضوح لا لبس فيه اكتبوا في كل المواضيع التي ترونها فليس هنالك محرمات إلا ما يمنعه القانون وأخلاق المهنة الصحفية كما أن من مسؤوليات الإعلام المساهمة في تغيير العقليات بما في ذلك لدى بعض المسؤولين الذين عليهم التعود على استساغة النقد وتقبله.
وإذا ما رصد الإعلام أخطاء أو مشاكل فان علاجها لا يتم بمواجهة النقد أو تجاهله فمن وظائف النقد الدفع نحو التقدم بالأشياء. إنني أريد إعلاما في حجم تطلعاتنا الوطنية وفي مستوى نضج الرأي العام التونسي يعكس كفاءة مواردنا البشرية في هذا القطاع وحجم الامكانات والاعتمادات المرصودة له ولم يعد مقبولا أي تبرير مستقبلا في هذا المجال".
لقد آمنت بان الإعلام الحر والتعددي هو حق من حقوق المواطن لذلك حرصت الدولة على توفير الضمانات القانونية لكل العاملين بالقطاع.
آليات حماية حقوق الإنسان
إيمان القيادة السياسية في تونس بحق الإنسان في أن يتمتع بحقوقه كافة، في شموليتها وكونيتها، لم يتوقف عند تكريسها ثقافة وممارسة في الحياة اليومية للأفراد، بل تجاوز ذلك إلى مستوى تركيز جملة من الآليات الناجعة الكفيلة بصيانة حقوق الإنسان وحمايتها.
ف قد حرص الرئيس بن علي طيلة سنوات التغيير على بناء منظومة متكاملة من الآليات الهادفة إلى حماية حقوق الفرد المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبإمكان المراقب النزيه أن يلاحظ اليوم أن ما تتوفر عليه منظومة حقوق الإنسان في تونس من آليات حماية تجنبها أي شكل من أشكال الانتكاس.
ومن بين هذه الآليات يمكن أن نذكر إنشاء "الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية" سنة 1991 التي تضم نخبة من الكفاءات الوطنية وتتولى متابعة موضوع حقوق الإنسان في مختلف المجالات، كما تتولى إعداد تقرير سنوي يعرف ب ـ " التقرير الوطني" تدون فيه كل ملاحظاتها واقتراحاتها وترفعه إلى رئيس الجمهورية .
ومن بين الآليات الأخرى خلايا حقوق الإنسان في الوزارات (وزارة الشؤون الخارجية، وزارة العدل، وزارة الداخلية) .
كما إن إحداث "جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الإنسان" سنة 1993 يعد من المبادرات الرائدة، ومم ّ ا يضفي أهمية متمي ّ زة على الجائزة هو أنها تسند إلى الشخصيات والمنظمات والمؤسسات والهيئات التي تميّزت بإسداء خدمات جليلة في مجال حقوق الإنسان، ودعمها وتطويرها ونشر ثقافتها على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو العالمي، ومنذ إحداثها تمّ إسناد الجائزة إلى مناضلين نزهاء في مجال حقوق الإنسان من تونس ومن خارجها.
وتساهم "اللجنة الوطنية للتربية على حقوق الإنسان" ، التي كرس إحداثها إيمان تونس التغيير بأن حقوق الإنسان هي منظومة من القيم الإنسانية النبيلة التي يتحتم على المجتمع تربية الناشئة عليها، تساهم في نشر قيم حقوق الإنسان في الأوساط المدرسية والتربوية.
ووعيا منها بكونية مبادئ وآليات حقوق الإنسان، حرصت تونس منذ سنة 1993على ادخال المعايير الدولية لحقوق الإنسان في برامج تكوين القضاة والأعوان المكلفين بتنفيذ القوانين.
كما ساهمت التظاهرات الإقليمية والدولية التي احتضنتها تونس في مزيد نشر مبادئ حقوق الإنسان وإشاعة ثقافتها.
ويتنزل في هذا الإطار الملتقى الدولي الأول حول التربية من أجل الديمقراطية الذي نظمته اليونسكو سنة 1992، والندوة العربية حول "التربية في مجال حقوق الإنسان سنة 1993، والندوة المتوسطية حول "بيداغوجية التسامح" سنة 1995، والتي أصدرت "عهد قرطاج للتسامح في منطقة البحر الأبيض المتوسط"، ويعتبر عهد قرطاج للتسامح وثيقة مرجعية تؤسس لميثاق أدبي وإنساني حول القيم المشتركة في حوض المتوسط.
ان هذه المكاسب والانجازات التي تحققت لتونس في ظرف زمني قصير أكد على أبعادها النبيلة الرئيس زين العابديــن بن علي في الكلمة التي ألقاها سيادته يوم 16 ديسمبر في الذكرى الخامسة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
"حرصنا على أن يشمل الإصلاح كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى تحقيق التكامل بينها ووسعنا مجال الحريات الفردية والعامة، وطوّرنا التشريعات بما يرسخ الديمقراطية ويكرّس التعددية في مختلف مؤسسات الجمهورية وطورنا المجلة الانتخابية بما يضمن مزيد الشفافية ويؤمّن أوسع مشاركة ممكنة للمواطنين من خلال اعتماد نظام المراجعة الدائمة للقائمات الانتخابية.
كما شمل الإصلاح تأمين حرمة الفرد، وتحسين ظروف إقامة السجناء، وتطوير برامج تكوينهم وتأهيلهم لإعادة إدماجهم في المجتمع، وفتح الفضاء السمعي البصري أمام إذاعات وتلفزات الخواص، علاوة على ما أذنا به من إجراءات لإثراء المشهد الإعلامي، وتوسيع منابر الحوار وعرض الملفات في وسائل الإعلام، بما يتيح مجال التعبير أمام مختلف الآراء والمواقف".
كما أكد على نجاح تجربة التضامن الوطني وعلى ما أصبحت تحظى به تونس من تقدير في المحافل الدولية:
"وقد راهنا على إذكاء قيم التآزر والتكافل لدى شرائح المجتمع كافة. وأدرجنا التضامن في نص الدستور الجديد قيمة إنسانية ثابتة، وواجبا أخلاقيا ساميا، بما يستبعد مخاطر الإقصاء والتهميش؛ فحققت التجربة التونسية، النجاح والتميّز، وجلبت إليها اهتمام الرأي العام العالمي، وكانت محل تقدير وإكبار في المحافل الدولية".
المقاربة التونسية في مجال حقوق الإنسان تتميز بخصوصيات عدة جعلتها جديرة بالاهتمام على المستوى الإقليمي والدولي من بينها توازنها وشموليتها وحداثتها وتفتحها على القيم الكونية الأخرى.
وقد أكد الرئيس بن علي في خطابه يوم 22 جوان 1993 من أعلى منبر البرلمان الاوروبي في سترازبورغ :
"إننا نؤكد إن حقوق الإنسان إيمان وثقافة وآليات وممارسة يومية نحرص على تكريسها ودعمها. كما إن الديمقراطية سلوك حضاري نابع من التحلي بروح المسؤولية، مبني على مبدإ المساهمة وفق القيم الأخلاقية المتعارف عليها في هذا المجال وان نجاحها مرتبط باحترام القيم الكونية المشتركة مع مراعاة خصوصيات كل بلد وظروفه الذاتية في ما يتعلق بمناهج إدماجها في واقع البلدان وممارستها".
ومن أبرز المبادرات العالمية لتونس هي مقترح الرئيس بن علي إنشاء صندوق عالمي للتضامن الذي صادقت عليه منظمة الأمم المتحدة بالإجماع .
و كل هذه الأبعاد تجعل تجربة تونس في مجال حقوق الإنسان قادرة على تمهيد السبيل لجمهورية الغد في تونس القائمة على الحرية والديمقراطية .
إقرار اممى جديد بجهود تونس في مجال الارتقاء بحقوق الإنسان
تونس 8 سبتمبر 2006 (وات) جاء انتخاب مرشح تونس الاستاذ عبد الفتاح عمر عضوا في لجنة حقوق الانسان التابعة لمنظمة الامم المتحدة، خلال الاجتماع الخامس العشرين للبلدان الاطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المنعقد مؤخرا بنيويورك،اعترافا جديدا من دول العالم بجهود تونس المثابرة في مجال حماية حقوق الانسان والنهوض بها.
ويترجم هذا التتويج المتجدد لتونس تقديرا لصواب مقارباتها التى تستند الى تمسك قيادتها بمبادىء حقوق الانسان الخالدة وقيمهاالكونية، وهو ما بينه الرئيس زين العابدين بن على عندما اكد انه"لم يتم منذ تحول السابع من نوفمبر 7891 الفصل يوما بين مسيرة الحريات وحقوق الانسان ومسيرة التنمية الشاملة وبناء الديمقراطية وترسيخ التعددية في البلاد".
كما ينطوي هذا الاجماع حول تونس على اقرار بنظرتها الشمولية لحقوق الانسان التى جعلها سيادة الرئيس في طليعة المبادئ والاهداف الوطنية لايمانه بان الانسان لا يعتز بانتمائه الى وطنه ولا يشارك في العمل الجماعي ولا يوءمن بالمثل العليا والاهداف الوطنية السامية الا متى كان لرايه وزنا ولحقوقه حرمة ولكرامته مكانة.
وقد اصبحت تونس في ظل هذا التمشي وبفضل ما شهدته من تحولات سياسية نوعية بلد الحقوق والقيم،وبرزت للعالم كبلد للحريات وعلوية القانون والتقدم الديمقراطي المتواصل .
كما تدعم فيهاالعمل التنموي القائم على تعزيز الثقافة الديمقراطية والتعددية السياسية.
وياتي هذا التالق ليعزز الرصيد الكبير من المصداقية الذى تحظى به تونس في المحافل الدولية والذي تجلى في مناسبات عديدة سابقة بما عزز اشعاعها المتنامي في العالم.
فقد تم انتخاب تونس بامتياز عضوا في مجلس حقوق الانسان لمنظمة الامم المتحدة بجنيف في ماي 2006 باحرازها عددا مرتفعا من الاصوات بلغ 171 من 191 صوتا.
كما انتخبت تونس في شهر اوت الماضي في شخص السيد محمد الحبيب الشريف مقررا للجنة الفرعية للخبراء التابعة لمجلس حقوق الانسان لمنظمة الامم المتحدة وذلك خلال اشغال الدورة 85 لهذه الهيئة.
وتترجم هذه النجاحات المتتالية تقديرا لجهود تونس وتثمينا لحرصها على النهوض بحقوق الانسان عبر صيانتها واثرائها باستمرار باعتبارها من مقومات الارتقاء بالحياة السياسية وتعزيز اركان الجمهورية ودعم دولة القانون والموءسسات في تونس.
http://www.akhbar.tn/siassa/index.html